fbpx

15 :مقصد الطالبين – الحلقة

شارك هذا الدرس مع أحبائك

مقصد الطالبين لله تعالى الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. وبعد، [94] س: تكلمْ عن صفةِ العلمِ لله. ج: اعلَم أَنَّ عِلْمَ الله قَدِيمٌ أزَليٌّ علم الله ليس كعلم الخلق نحن علمنا حادث مخلوق ويطرأ عليه زيادة ونقصان نعلم بعد جهل ثم أحيانًا يطرأ علينا نسيان ننسى ما كنّا نعلم أما الله فلا يجوز عليه ذلك علمه واحد أزلي أبدي أحاط بكل شىء علما لا تخفى عليه خافية ومن وصف الله بالجهل فقد كفر. كَما أَنَّ ذَاتَه أزَليٌّ، فلَم يزَلْ عالِمًا بذَاتِه وصِفَاتِه وَما يُحْدِثُه من مَخلُوقَاتِه، فَلا يتّصِفُ بعِلْم حَادثٍ لأنَّه لَو جَازَ اتّصَافُه بالحَوادِث لانْتَفَى عَنْهُ القِدمُ لأَنَّ مَا كانَ مَحَلًّا للحَوادِثِ لا بُدَّ أنْ يكُوْنَ حَادِثًا هذه قاعدة افهموها واحفظوها وعلموها غيركم الشىء الذي إذا طرأ عليه صفة حادثة معناه تغير وكل متغير حادث والحادث مخلوق والمخلوق لا يكون ءالهًا. إذا الله تبارك وتعالى لا تطرأ عليه صفة حادثة يعني لا يحدث في ذاته علم لا يحدث في ذاته سمع لا يحدث في ذاته بصر لا يحدث في ذاته كلام. الله لا يوصف بالإنفعال الإنفعال تغير إن قلنا رضى الله معناه إرادته الإنعام إن قلنا غضب الله معناه إرادته الانتقام إن قلنا الله يحب المؤمنين معناه يكرم المؤمنين يدخلهم الجنة يحب الأنبياء يحب الصالحين ليس كصفتنا نحن نحب بمعنى هذا الشعور الذي يكون في القلب نحن نغضب بمعنى هذا الشعور الذي يكون في القلب نحن ننفعل نحن نتغير من حال إلى حال. الخالق سبحانه وتعالى كان في الأزل ولم يزل موجودًا بلا جهة ولا مكان متصفًا بصفاته الأزلية الأبدية لا يحدث في ذات الله صفة لأن حدوث الصفة يسلتزم حدوث الذات. ومن كان حادثًا معناه أنه مخلوق والمخلوق لا يكون إلهًا. [95] س: ما معنى قولِهِ تعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا}؟ ج: قَوْلُهُ تَعَالى: {وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} (سورة الأنفال) ليس مرتبطًا بقوله {الآنَ} فليس المعنى أن الله علم ذلك بعد أن لم يكن عالمًا ومن فهم ذلك المعنى فقد ضلّ ضلالا بعيدًا إنما معنى الآية أن الله خفف عنكم الآن ما كان واجبًا عليكم من مقاتلة واحد من المسلمين لعشرة من الكفار بإيجاب مقاتلة واحد من المسلمين لاثنين من الكفار وذلك لأنه علم بعلمه الأزليّ أن فيكم ضعفًا. فإذًا صفة الله العلم ليست مرتبطة بكلمة الآن الآن خفف الله عنكم يعني بنزول الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم صار حكم التخفيف كان يجب على المسلم في القاتل ضد الكفار أن يثبت في وجه عشرة الله علم بعلمه الأزلي الذي لا يتغير أنه يكون فيهم ضعف فأنزل على الرسول هذه الآية وفيها بنزولها صار الحكم أنه يجب على المسلم أن يثبت في القتال في وجه اثنين من الكفار خفف عنهم ما كان قبل ذلك وهو أن يثبت الواحد من المسلمين في وجه عشرة فإذا الآن خفف الله عنكم أي الآن صار الحكم التخفيف وعلم ليس مرتبط بالآن لأنه علم في الأزل أنه يكون فيكم ضعف سبحانه وتعالى. [96] س: ما معنى قَوْله تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} (سورة محمد) ؟ ليس معناه أن الله ينكشف له شىء لم يكن عالمًا به بعلمه الأزلي لا إنما معنى ذلك الله يبتلي العباد ليظهر ما في استعداد هؤلاء العباد من الطوع والإباء للخلق. ج: مَعْنَاهُ ولَنَبْلُوَنَّكُم حَتَّى نُمَيّزَ أي نُظْهِرَ للخَلقِ مَن يُجَاهِدُ ويَصْبِرُ مِنْ غَيْرِهم وكَانَ الله عَالِمًا قَبْل، كَما نَقَلَ البُخَارِيُّ ذَلِكَ عَنْ أبي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بنِ المُثَنَّى، وَهَذَا شَبِيْهٌ بِقَوْلِه تَعَالى:{لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} (سورة الأنفال). أي ليظهر لكم الخبيث من الطيب وإلا فالله عالم بكل شىء فهنا تنبيه بعض الناس يقولون الله يبتليكم ليرى أتصبرون أم لا انتبهوا الله سبحانه وتعالى عالم بعلمه الأزلي ما يكون من كل عبد ما يكون في استعداد كل عبد لا تخفى عليه خافية لأنه لو لم يكن عالمًا لكان جاهلا والجهل نقص والنقص مستحيل على الله فلا يقال الله ابتلانا لينكشف له ليظهر للخلق ما في استعداد العباد من الطوع والإباء. [97] س: تكلَّم عن صفةِ الحياةِ لله. ج: يَجِبُ لله تَعَالَى الحَيَاةُ، فَهُوَ حَيٌّ لا كالأَحياء إِذ حَيَاتُهُ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ لَيْسَت بِرُوْحٍ وَدَمٍ. والدَّلِيلُ علَى وُجوبِ حَيَاتِه وجُودُ هَذا العَالَمِ، فَلو لم يَكُنْ حَيًّا لَم يُوجَدْ شىءٌ مِنَ العَالَم، لَكِنَّ وُجُودَ العَالَمِ ثَابِتٌ بالحِسّ والضَّرُورَةِ بِلا شك. فيثبت عقلا من ذلك أن الخالق موجود وهذا العالم هو الأجسام الأجرام الكثيفة والأجرام الأجسام اللطيفة الإنسان جسم كثيف يضبط باليد يمسك باليد الروح الريح الجن الملائكة جسم لطيف لا يضبط باليد الله خلق ذلك الله خلق الأجسام اللطيفة الكثيفة وخلق صفاتها اللون الشكل الحلاوة المرارة العفوصة الإنفعال الحركة السكون كل هذا من صفات المخلوقات الله الذي خلق هذه الأجرام الكثيفة واللطيفة وخلق صفاتها لا يجوز أن يكون مثلها فصفات الخلق تليق بهذا الخلق الصفات التي هي تليق بالخلق هذه صفات تليق بالخلق أما الخالق سبحانه وتعالى فلا يجوز أن يكون متصفًا بصفات الخلق لأنه قال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ}. [98] س: تكلَّم عن صفةِ الوحدانيةِ لله. ج: مَعنى الوَحْدانِيّةِ أنَّه لَيْسَ ذَاتًا مُؤَلَّفًا من أَجْزَاءٍ، فَلا يُوْجَدُ ذاتٌ مِثْلُ ذَاتِه ولَيْسَ لغيرهِ صفةٌ كصفتِهِ أو فعلٌ كفعلِهِ وليسَ المُرَادُ بوَحْدَانِيَّتِه وَحْدَانِيَّةَ العَدَدِ إذ الوَاحِدُ في العَدَدِ لَه نِصْفٌ وأَجْزَاءٌ أَيْضًا بَل المُرَادُ أَنَّه لا شبيه لَه. يعني حين نقول الله واحد معناه لا شبيه له لا شريك له لا نظير له أما الواحد من حيث العدد له نصف له أجزاء مركب الله ليس كذلك. وَبُرهَانُ وَحدانِيَّتِه هو أَنَّهُ لا بُدَّ للصَّانِعِ مِن أَن يَكُونَ حَيًّا قَادِرًا عَالِمًا مُرِيدًا مُختَارًا، فَإِذَا ثَبَتَ وَصفُ الصَّانِعِ بِمَا ذَكَرنَاهُ قُلنَا لَوْ كَانَ لِلعَالَم صَانِعَانِ وَجَبَ أَن يَكونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمَا حَيًّا قَادِرًا عَالِمًا مُرِيدًا مُختَارًا وَالمُختَارَانِ يَجُوزُ اختِلافُهُمَا في الاختِيَارِ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُما غَيرُ مُجبَرٍ عَلَى مُوَافَقَةِ الآخَرِ في اختِيَارِه وإلا (يعني إن لم يكن هذا مجبرًا على موافقة الآخر في إختياره) وإلا لكانا مَجبُورَين يعني إن لم يكن له اختيار يكون مجبورًا وإلا لكانا مجبورين والمجبُورُ لا يكونُ إلـهًا، فإِذَا صَحَّ هَذا فَلو أرَاد أحَدُهُما خِلافَ مُرَادِ الآخَرِ في شَىءٍ كأَنْ أَرادَ أحدُهما حَياةَ شخصٍ وأرادَ الآخرُ مَوتَه لَم يَخْلُ مِن أنْ يَتِمَّ مُرادُهُما أوْ لا يَتِمَّ مُرادُهُما أَو يتِمَّ مُرَادُ أَحَدِهِما وَلا يَتِمَّ مرادُ الآخَرِ (هذه الاحتمالات)، وَمُحَالٌ تَمَامُ مُرَادَيْهِما لتَضَادّهِما أي إن أرَادَ أَحَدهُما حَياةَ شخص وأرادَ الآخرُ مَوتَه يَستحيلُ أن يكونَ هَذا الشّخصُ حَيًّا وميّتًا في ءانٍ وَاحِدٍ، وإنْ لم يَتِمَّ مُرَادُهُما فَهُمَا عَاجِزَان والعَاجِزُ لا يكُونُ إِلـهًا، وإِنْ تَمَّ مُرَادُ أحَدِهما ولَم يَتِمَّ مُرَادُ الآخَرِ فَإِنَّ الذي لَم يَتِمَّ مُرَادُهُ عَاجِزٌ وَلا يَكُونُ العَاجِزُ إلـهًا ولا قَدِيمًا لا يكون أزليًا، وهَذِهِ الدّلالة مَعروفَةٌ عِندَ المُوَحّدِين تُسَمَّى بدلالَةِ التَّمَانُعِ، قَالَ تَعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (سورة الأنبياء). معناه أن الله واحد لا شريك له. لأن الإله لأن الله حي قادر مريد مختار ما شاء أن يكون لا بد أن يكون فلو قال شخص بوجود ءالهين وفرض أن هذا أراد شيئًا وهذا أراد خلافه فكيف يتم مراد كل وهذا ضد هذا لا يصح عقلا فإذا قال يتم مراد أحدهما فإذًا الآخر يكون عاجزًا والعاجز لا يكون ءالهًا فإذا لا يتم مراد كل منهما لتضاد مراديهما هذا ضد هذا ولا يتم مراد هذا وذاك لا يتم مراده كيف يكون إلهًا بزعمهم يكون عاجزًا فإذا قال لا هما يتفقان دائمًا فإذًا الاضطرار إلى الإتفاق عجز والعجز محال على الإله فثبت المطلوب وهو أن الله واحد لا شريك. هؤلاء الذين يقولون الملاحدة الذين يقولون أنا لا ديني أنا لا أؤمن بوجود الإله والعياذ بالله ملاحدة هؤلاء نبذوا العقل السليم تركوا البرهان العقلي يعيشون هائمين كما تعيش البهائم يأكلون من رزق الله ويكفرون بالله وهم فيهم دلالة على وجود الخالق لأنهم يتغيرون من حال إلى حال من ضعف إلى قوة ثم من قوة إلى ضعف ثم الموت كل سيموت ويقول هؤلاء والعياذ بالله لا إله أو أنا لست إلهيا أو انا علماني أي أنا ضد الدين أنا لا أؤمن بالدين لا أعتبر الدين يقول أنا حر وبعض الجهلة يقولون هو وشأنه كيف هو وشأنه والله أرسل النبيين ليؤمن بهم ليبلغوا الناس دين الإسلام أمروا الناس بدين الإسلام فيجب على كل مكلف أن يدخل في دين الإسلام إن كان مسلمًا أن يثبت في دين الإسلام إن كان غير مسلم أن يدخل في دين الإسلام وإلا فالعاقبة ما هي النتيجة ما هي العاقبة إن مات كافرًا سيخلد في جهنم بعض الجهال يقولون الدخول في الإسلام بالقوة نظام يضعه بشر قانون يضعه بشر ويرتبون على مخالفته الغرامات والحبس والسجن والإهانة والمحاكمة وهو وضعه بشر إنسان ويستحسنون ذلك وما أنزله الله على النبي ما أنزله الله على الأنبياء وهو دين الإسلام لا يستحسنون أن يُدعى إليه بالقوة. أليس الشخص إذا خالف الأنظمة يغرمونه أحيانًا يحبسونه وهؤلاء يستحسنون ذلك وما أنزله الله تعالى هذا الدعوة إلى هذا الدين فيه مصلحة لهذه البشرية إذا مات على الإيمان سيخلد في الجنة مهما كان مقصرًا في العمل إذا مات على الكفر سيخلد في جهنم مهما كان محسنًا مهما كان متصدقًا مهما كان خلوقًا مهما كان شفيقًا بعباد الله لأنه لا ينفع عمل مع الكفر {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ}. يا وليّ الإسلام وأهله ثبتنا على الإسلام حتى نلقاك به أي حتى نموت على ذلك يا أرحم الراحمين. هللوا وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفروا للمؤمنين والمؤمنات.