fbpx

25 :مقصد الطالبين – الحلقة

شارك هذا الدرس مع أحبائك

مقصد الطالبين لله تعالى الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. وبعد، لله تعالى [166] س: ما تعريفُ المعجزة؟ ج: اعلم أنَّ السَّبيلَ إلى معرفةِ النَّبي المُعجزةُ (كل نبي الله تبارك وتعالى أيده بالمعجزة ليكون ذلك دليلا على صدقه في دعواه وهي أن الله تعالى أرسله لهداية الناس) وهي أمرٌ خارِقٌ للعادةِ يأتي على وَفْقِ دَعْوَى من ادَّعَوا النُّبوة، سَالِمٌ مِنَ المُعَارَضَةِ بالمِثلِ. (يعني لا يستطيع أحد من المعارضين أن يأتي بمثل ما يأتي به النبي) فما كانَ من الأمورِ عجيبًا ولم يكن خارقًا للعادةِ فليس بمعجزةٍ. (إذا كان الأمر غريبًا لكنه ليس خارقًا للعادة لا يسمى معجزة) وكذلكَ ما كانَ خارقًا لكنّه لم يقترن بدعوَى النّبوةِ كالخوارقِ التي تظهرُ على أيدي الأولياءِ أتباعِ الأنبياءِ فإنَّهُ ليسَ بمعجزةٍ بل يُسَمَّى كرامةً. فإذًا ما يظهر من الخوارق على يد النبيّ يسمى معجزة وما يظهر من الخوارق على يد الولي إن كان وليًّا من اتباع عيسى على الإسلام من اتباع موسى على الإسلام من اتباع إبراهيم من اتباع سليمان فهذه تسمى كرامة وأكثر الأولياء من البشر في أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. وكذلك ليسَ من المعجزةِ ما يُستَطاعُ معارضَتُهُ بالمثلِ كالسّحرِ فإنّهُ يُعارَضُ بسِحْرٍ مثلِه. الساحر يعارض الساحر إذا عمل ساحر سحرًا قد يأتي ساحر ويعمل سحرًا كسحره أو أقوى من سحره، سيدنا موسى عليه السلام لما عمل السحرة في ذلك الوقت الذين أرسلهم فرعون السحر عملوا سحر تخييل على النظر ألقوا حبالهم فصار سحر تخييل على النظر الرائي يظن أنها حيات تسعى فأوحى الله إلى موسى عليه السلام أن ألقي بعصاك فالقى عصاه فصارت ثعبانًا حقيقيًا لذلك هؤلاء السحرة تركوا السحر تركوا فرعون ودخلوا في الإسلام نطقوا بالشهادتين. [167] س: اذكر قسمَي المعجزة. ج: المعجزةُ قِسْمَانِ: قسمٌ يقعُ بعدَ اقتراحٍ مِنَ الناسِ على الذي ادَّعَى النّبوةَ. وقسمٌ يقعُ مِن غيرِ اقتراحٍ. فالأَوّلُ نحوُ ناقةِ صالحٍ التي خَرَجَت من الصَّخرةِ. اقترحَ قومُه عليهِ ذلكَ بقولِهم: إن كنتَ نبيًّا مبعُوثًا إلينا لِنُؤمِنَ بكَ فأخرجْ لنا من هذه الصَّخرةِ ناقةً وفصيلَها فأخرجَ لهم ناقةً معَها فصِيلُها (أي ولدها) فاندهَشُوا فآمنوا به. (هنا بعد أن اقترحوا عليه قومه طلبوا منه أن يخرج لهم من الصخرة الصماء ناقة ومعها ولدها فطلب من الله الله تعالى أعطاه ذلك اندهشوا دخلوا في الإسلام) لأنّهُ لو كَانَ كاذبًا في قولِهِ إنَّ الله أرسلَهُ لم يأتِ بهذا الأمرِ العجيبِ الخارقِ للعادةِ الذي لم يَستطع أحدٌ من النَّاسِ أن يعارضَهُ بمثلِ ما أتى به، فَثَبَتَت الحُجَّةُ علَيْهِم. فإذا هذا فيه إثبات الحجة عليهم لأن الإنسان ليس له أن يضيع الدليل العقلي ليس له أن يهدر قيمة البراهن العقلي كما يقول بعض الملاحدة يقول أنا لست إلهيًا يقول أنا لا أؤمن بالإله يقول أنا ملحد يقول الطبيعة هي خلقت الكون هؤلاء كفار ملاحدة هؤلاء أهدروا قيمة البراهن العقلي الله سبحانه وتعالى أعطانا العقل وأمرنا بالتفكر ويتفكرون في خلق السموات والأرض {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ} الرسول لما قرأ هذه الآية قال:”ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها” يجب على كل مكلف أن يعلم دليلا عقليًا على وجود الخالق وهذا أمر سهل يقول أنا وُجدت بعد أن لم أكن وما وجد بعد أن لم يكن لا بد له من موجد. العالم متغير وكل متغير لا بد له من مغير فإذًا العالم لا بد له من خالق أبرزه من العدم إلى الوجود وهذا الخالق وهو الله سبحانه وتعالى لا يجوز أن يكون مُشبهًا لشىء من هذا العالم فلا يجوز وصفه بالجسمية بالحجمية بالكمية ولا بالصورة ولا بالهيئة ولا بالمكان ولا بالجهة ولا بالتغير لأن أقوى علامات الحدوث هي التغير كل متغير حادث وكل حادث يحتاج إلى محدِث والمحتاج إلى غيره لا يكون إلهًا فالإنسان لا يخلق شيئًا والبهائم لا تخلق شيئًا والملائكة لا تخلق شيئًا الخالق هو الله تعالى وحده الذي ترك هذا قال أنا لا أؤمن بالإله قال أنا لا أصدق بوجود الإله هذا يعد مهدرًا لقيمة البراهن العقلي جاء إنسان وهو النبي ادعى النبوة قال أنا أرسلني ربي إليكم أيها الناس ءامنوا بي ثم ظهرت على يده المعجزة ظهر الخارق للعادة الذي هو شىء لا يستطيع أحد أن يعارضه بمثله. كان الرسول عليه الصلاة والسلام في مسير مع بعض الصحابة أقبل إعرابي لم يكن مسلمًا فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أين تريد قال إلى أهلي قال: هل لك إلى خير قال: وما هو قال: تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله قال وما يشهد لك قال: هذه الشجرة أشار الرسول إلى شجرة في شاطئ الوادي في طرف الوادي فأقبلت تخض الأرض خضًا تشق الأرض شقًا قال لها النبي صلى الله عليه وسلم اشهدي أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فشهدت باللسان العربي الفصيح ثلاث مرات أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله. فالأعرابي رأى هذه المعجزة اندهش الله سبحانه وتعالى شاء له الهداية فنطق بالشهادتين ثم قال للرسول إني ذاهب إلى أهلي إن أسلموا أتيتك بهم يعني أنا أدعوهم إلى الإسلام وإن رفضوا إن أبوا تركتهم وأتيت دونهم رجعت دونهم عرف أن هذا هو الحق وأن هذا هو النبي الأمين الصادق أيده الله بالمعجزة من لم يؤمن فعليه وبال ذلك لأن بعض الناس يقول أنا لا أريد أن أؤمن بل بعض الناس يقولون أنا أريد جهنم ولتكن الجنة لكم بعض الناس يقولون أنا أريد أن أكون جاهلا لا أريد أن أكون متعلمًا هؤلاء عندهم عقل لكن ما استعملوا عقلهم كما يجب فهم هالكون وإن ماتوا على ذلك يخلدون هؤلاء الذين رفضوا الإيمان يخلدون في جهنم. ولا يَسَعُهُم إلا الإذعانُ والتَّصديقُ لأنَّ العقلَ يُوجبُ تصدِيقَ من أتَى بمثلِ هذا الأمرِ الذي لا يُسْتَطاعُ معارضَتُهُ بالمثل مِن قِبَلِ المعارضينَ. فمن لم يُذعِنْ وعاندَ يُعَدُّ مُهْدِرًا لقِيمةِ البُرهانِ العقليّ. ( فلا يلومن إلا نفسه) [168] س: اذكر أمثلةً لمعجزاتٍ حَصَلَتْ لأنبياءَ قبلَ سيدِنا محمد صلى الله عليه وسلم. ج: من أمثِلَةِ المعجزاتِ التي حَصَلَتْ لمن قبلَ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عدَمُ تأثيرِ النّار العظيمةِ على إبراهيمَ حيثُ لم تُحْرِقْهُ ولا ثيابَهُ. (هم هؤلاء الذين كفروا بإبراهيم عليه السلام جاءوا بالمنجنيق وأشعلوا نارًا عظيمة كبيرة ثم ألقوه في هذه النار ماذا قال إبراهيم عليه السلام قال:” حسبي الله ونعم الوكيل” معناه الله كافي ما أهمني وهو نعم من أكِل إليه أمري {يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ} لم تحرقه النار ولم تحرق ثيابه وهذا دليل على أن النار ليست خالقه وعلى أن الأسباب لا تخلق الخالق هو الله خالق الأسباب والمسببات التي تُوجد عند وجود السبب هو الله تُوجد عند وجود السبب إن شاء الله هذه النار من شأنها الإحراق من شأنها الحرارة لم تحرقه ولا ثيابه كوني بردًا وسلامًا أي بردًا لا يؤذي على إبراهيم معناه النار لا تخلق لو كانت خالقة لمَ لم تحرق إبراهيم عليه السلام لأنها لا تخلق الخالق هو الله كذلك النعامة تأكل الجمر الأحمر تستمرئ به ولا تتأذى بذلك كذلك هذا الحيوان الذي يسمى السمندل النار لا تعمل في جلده إذا أراد أن يتنظف يدخل النار يحترق الوسخ الذي على جلده وهو لا يحترق ثم كانوا يتخذونه للتنظيف بعد أن يموت هذا السمندل يؤخذ جلده يُنظف به فإذا أرادوا تنظيف جلده رموا جلده في النار فلا تعمل به لا تؤثر به الله قادر على كل شىء الله خالق الأسباب وخالق المسببات. ومنها انقلابُ عَصَا موسَى ثُعبانًا حَقيقيًّا ( ثم السحرة عملوا سحر تخييل على النظر أما هو موسى عليه السلام ألقى العصا أنقلبت ثُعبانًا حقيقيًا) ثم عودُها إلى حالتِها بعدَ أن اعترفَ السحَرةُ الذين أحضرَهُم فِرعونُ لمعارضتِه وأذعَنُوا فآمنوا بالله وكفروا بفرعونَ واعترَفُوا لموسى بأنَّهُ صادِقٌ فيما جَاءَ بهِ. (أنه على الحق أن دين الإسلام هو الحق) ومنها ما ظَهَرَ للمسيحِ عليه السلام (والمسيح عيسى يُسمى المسيح لأنه كان يسيح في الأرض يدور في الأرض لتبليغ الإسلام لتعليم الإسلام حتى إنه لم يتخذ بيتًا عيسى المسيح عليه السلام كان يبيت حيث يدركه المساء كان يلبس الشعر ويأكل من بقول الأرض بلا طبخ تجرد للآخرة عليه الصلاة والسلام فهو عيسى ويسمى المسيح المسيح ابن مريم وقال بعض العلماء المسيح لأنه كان يمسح على بعض المرضى فيتعافون بإذن الله كالأكمى الذي ولد أعمى والأبرص والبرص هو مرض تذهب بسببه دموية الجلد فيبيض مرض مزعج هذا المرض لا يحصل للأنبياء الله عصم حفظ الأنبياء من الأمراض المنفرة فعيسى كان يمسح على هؤلاء المرضى فيتعافون بإذن الله. ومنها ما ظهر للمسيح من إحياءِ الموتَى (أي بإذن الله) وذلك لا يُسْتَطاعُ مُعارضَتُه بالمِثلِ فلم تسْتَطِعِ اليَهودُ الذين كانوا مُولَعِينَ بتكذيبهِ وحَريصينَ على الافتراءِ عليه أن يعارِضُوهُ بالمِثلِ. وقد أتى أيضًا بعجيبَةٍ أخرى عظيمةٍ وهي إبراءُ الأكْمَهِ أي الذي ولد أعمى فلم يستطِعْ أحَدٌ من أهلِ عصرِهِ معارضَتَهُ بالمِثلِ مع تَوفُّرِ الطِبّ في ذلك العصرِ. فذلك دليلٌ على صِدْقِهِ في كلّ ما يُخبِرُ به من وجوبِ عبادَةِ الخالقِ وحدَهُ من غيرِ إشراكٍ بهِ ووجوبِ متابعتِه في الأعمالِ التي يأمُرُهم بها عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين. هللوا وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفروا للمؤمنين والمؤمنات.