مزرعة سلمان الفارسي
وكانت تسمى بمزرعة الفقير أو بالميثب.
أما سلمان الفارسي فهو من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من أجلائهم، أحبه النبي عليه الصلاة والسلام محبة عظيمة فإنه يروى أنه في ذات يوم اختلف المهاجرون والأنصار، المهاجرون يقولون إن سلمان منا والأنصار يقولون سلمان منا فقال عليه الصلاة والسلام: “سلمان منا آل البيت” مع أن سلمان لم يكن من آل البيت حقيقة وإنما أراد الرسول عليه الصلاة والسلام أنه من محبته بسلمان كأنه يكون من آل البيت.
أما سلمان الفارسي فيقال أن اسمه مابة بن بوذخشان وكان فارسيا مجوسيا كان أبوه دهقانا والدهقان هو زعيم المجوس كان أبوه يأمره بأن يشعل النار وأن يأتي له بالحطب وكان المجوس يعبدون هذه النار وكان سلمان الفارسي لا يعجبه عبادة النار لم يكن مقتنعا بما يفعل ولا اقتنع بذلك الدين فأراد أن يبحث عن الدين الصحيح فصار يدور ويدور وينتقل من دين إلى آخر حتى قرأ في الكتب القديمة وسمع من بعض علماء ذلك الزمن بظهور نبي آخر الزمان أي بأنه سيظهر نبي في آخر الزمن صفته كذا وكذا وكذا فأحب سلمان الفارسي أن يدركه وأن يؤمن به ومن جملة ما حصل مع سلمان أن استُرِقَّ أي اتخذ عبدا وهو في الحقيقة حر لم يكن عبدا لكن لما استُعبد سلمان وصاروا يأخذونه من مكان إلى آخر وصل به الأمر إلى بلد فيه نخل كثير يُسمى بيثرب وهو المكان الذي سمي في ما بعد بالمدينة المنورة لأنها نورت وشرفت بدخول أشرف خلق الله إليها أي بدخول نبي الله صلى الله عليه وسلم وكان سلمان قد قرأ في تلك الكتب أن مهاجَر نبي آخر الزمان مكان فيه نخل كثير وكان قد سمع سلمان بظهور نبي في مكة اسمه محمد ولما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة أراد سلمان الفارسي أن يتحقق من هذا الأمر، كان قد قرأ سلمان أن نبي آخر الزمان لا يأكل الصدقة ويأكل الهدية وبين كتفيه خاتم النبوة فأراد أن يتحقق فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووضع بين يديه طعاما وقال: “يا رسول الله هذا صدقة لك” فلم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم وأطعم أصحابه الفقراء فقال سلمان: “هذه واحدة”، ثم جاءه بعد وقت بطعام وقال: “يا رسول الله هذا هدية لك” فأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطعم أصحابه ففطن لها سلمان الفارسي وكانت الثانية، ثم أراد سلمان بعدها أن ينظر إلى خاتم النبوة وهو قطعة لحم ناشئة بين كتفي النبي عليه الصلاة والسلام جميلة جدا جدا جدا وكانت علامة نبي آخر الزمان وكانت مذكورة في الكتب القديمة فأراد سلمان أن ينظر إليها فقام سلمان ومشى خلف النبي عليه الصلاة والسلام يريد أن ينظر إلى ذلك الخاتم فأنزل النبي صلى الله عليه وسلم رداءه فرأى سلمان خاتم النبوة واعتنق دين الإسلام. وكان سلمان الفارسي أحيانا يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم معناه لأنه كان عبدا رقيقا يقوم بخدمة أسياده فكان لا يستطيع دائما أن يكون مع النبي عليه الصلاة والسلام مع أنه كان يحب ذلك فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكاتب أسياده، وما معنى ذلك؟
المكاتبة أو الكتابة عقد يكون بين السيد والعبد، يدفع العبد لسيده مالا فيصير حرا عتيقا، أمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يكاتب أسياده على ثلاثمائة نخلة يعني أن يغرس لهم ثلاثمائة من النخل وأربعين أوقية ذهب، كاتب سلمان الفارسي أسياده فقال النبي عليه الصلاة والسلام لصحابته: “أعينوا أخاكم” فصار الصحابة يأتون سلمان الفارسي بالنخل حتى يغرسه والنخلة الصغيرة تسمى ودية، جمع سلمان الفارسي هذا النخل ولكن طلب منه النبي عليه الصلاة والسلام أن لا يغرسها هو لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد ان يعين سلمان الفارسي وأن يغرسها بيده حضر أشرف خلق الله حضر النبي المتواضع الكريم على ربه حضر
حبيب الله تبارك وتعالى الرجل المبارك حضر الصادق المُصدَق حضر المؤيَّد من عند الله تبارك وتعالى تلك المزرعة جاء إلى مزرعة سلمان وصار يغرس له النخل بيده نخلة نخلة ومن شأن النخل أنه لا يثمر في نفس العام إلا أن هذا النخل أثمر في العام نفسه إلا نخلة واحدة وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها وسأل سلمان الفارسي عن غارسها من الذي غرسها فقال له سلمان: “عمر بن الخطاب يا رسول الله”، فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وغرسها من جديد فأثمرت في ذلك العام، ثم جيء بمال للنبي عليه الصلاة والسلام فأخذه ونادى سلمان الفارسي وأعطاه هذا المال فلما أخذه سلمان وجده قليلا فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: “أعطه أسيادك” فلما وزنه سلمان الفارسي وجده أربعين أوقية كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكاتب أسياده فأعطاهم هذا المال وصار حرا فعتق سلمان الفارسي ببركة النبي محمد عليه الصلاة والسلام فهذه المزرعة فيها بئر حلت فيه بركة النبي عليه الصلاة والسلام وهي مشهورة إلى يومنا بمزرعة سلمان الفارسي وتسمى مزرعة الفقير أو الميثب وفيه بئر معروفة حلت بركة النبي عليه الصلاة والسلام في هذا البئر وهي قريبة من بئر غرس ومن بئر العهن في ذلك الموضع في ذلك المكان في مزرعة سلمان الفارسي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وحيثما حل رسول الله حلت البركة هناك كان الحبيب.