فتح مكة
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم داخل الكعبة، من الأماكن التي ذهب إليها رسول الله الكعبة الشريفة، وصلى في داخلها. بعد أن هاجر النبي عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة عاد إلى مكة فاتحًا وفي هذا قصة عظيمة تدل على رحمة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، إذ هو نبي المرحمة.
كان أبو سفيان بن حرب زعيم مكة من أشدّ أعداء النبي عليه الصلاة والسلام عداوةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يُؤذيه أذًى شديدًا كان يحاربه ويؤذيه ويسبه ويشتمه ويحاول قتله مرارًا وتكرارًا. وكان النبي عليه الصلاة والسلام تزوج بنته وهي مؤمنة واسمها أم حبيبة، وكان رسول الله صلى الله قد عقد صلحًا مع قريشٍ التي يتزعمها ويرأسها أبو سفيان نفسه ولكن قريشًا نقضت هذا العهد، كان أبو سفيان خائفًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، نقض عهد الرسول، نقض عهد النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو نبي الرحمة.
يذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يذهب إلى مكة فاتحًا وكان العباس عم الرسول عليه الصلاة والسلام كان قد أسلم من قريب، فذهب إلى مكة مسرعًا وكلم أبا سفيان بن حرب يدعوه إلى الإسلام، لكن أبا سفيان رفض الإسلام، أخذ العباس أبا سفيان بن حرب وجعله خلفه على الدابة وخرج معه إلى النبي عليه الصلاة والسلام مع المسلمين، فلما دخل أبو سفيان وهو زعيم المشركين زعيم قريش دخل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فضج المسلمون، هذا أبو سفيان عدو رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على النبي عليه الصلاة والسلام فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم أبا سفيان بن حرب وكان من جملة ما قال له: “يا أبا سفيان أما آن لك أن تسلم؟ يا أبا سفيان أما آن أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله”.
فقال أبو سفيان: “بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك” يمدح رحمة الرسول ويمدح حلمه وكرمه ووصاله، لأنه كان من أقربائه من رحِمه، قال أبو سفيان: “بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأوصلك وأكرمك” لكن قال أبا سفيان: “في القلب شيءٌ يا محمد” دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم للإسلام فآمن وكان في ذلك قصة عظيمة، طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من العباس أن يأخذ أبا سفيان إلى مكانٍ يرى فيه جموع المسلمين الغفيرة وهي تدخل إلى مكة أخذه العباس وذهب به إلى ذلك المكان وهو يشاهد المسلمين فدخلت قبيلةٌ، قال أبو سفيان: “يا عباس من هؤلاء”؟ فقال العباس: “هؤلاء قبيلة كذا وكذا”، وكان أبو سفيان لم يعلم بإسلامهم فتعجب أن آمنت تلك القبيلة، ثم دخلت قبيلةٌ ثانية فقال أبو سفيان للعباس: “من هؤلاء يا عباس”؟ فقال هؤلاء قبيلة كذا وكذا آمنوا فتعجب أبو سفيان لكنه قال له: “ما لي ولهم” معناه أهل مكة أعز وأقوى، كلما دخلت قبيلة سأل أبو سفيان العباس ويقول العباس هؤلاء قبيلة كذا وكذا، إلى أن دخل جمعٌ غفير عددٌ كبيرٌ من المسلمين دخلوا مكة المشرفة فقال أبو سفيان: “يا عباس من هؤلاء يا أبا الفضل”؟ فقال أبو الفضل العباس هؤلاء المهاجرون والأنصار يتوسطهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو سفيان: “لا يقدر عليهم أهل مكة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله”.
قال أبو سفيان: “يا أبا الفضل هذه جموع المسلمين قد كثرت إني أرى ملك ابن أخيك -يريد النبي عليه الصلاة والسلام- قد صار عظيمًا” فقال العباس: “يا أبا سفيان إنما هي النبوة” يعني هذه النبوة وليست المُلك فرسول الله صلى الله عليه وسلم نبي رسول متواضع وكان النبي عليه الصلاة والسلام لما دخل مكة المكرمة نادى “من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق باب بيته على نفسه فهو آمن، من دخل المسجد الحرام فهو آمن” فدخل الرسول عليه الصلاة والسلام المسجد الحرام وكان حول الكعبة الأصنام فصار الرسول صلى الله عليه وسلم يكسر هذه الأصنام وكانت ثلاثمائة وستون صنمًا ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} وطلب مفتاح الكعبة فأتي له بمفتاح الكعبة وكان مفتاح الكعبة عند عثمان بن طلحة، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة الشريفة هو وبعض صحابته فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة وكسر الأصنام التي فيها، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطب بالمسلمين. وقفت قريشٌ أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل الواحد منهم نفسه ماذا يفعل رسول الله؟ ماذا يقول لهم نبي الله؟ ماذا يقول لهم حبيب الله؟ هم آذوه وضربوه، هم سبوه وشتموه، هم الذين أخرجوه من مكة، افتروا عليه، قالوا عنه ساحرٌ ومجنون، قالوا كاهنٌ، كانوا يحذرون الناس منه، كانوا يحاولون قتله مرارًا وتكرارًا، والآن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف أمامهم ويقول لهم: “ماذا ترون أنني فاعلٌ بكم”؟ قالوا: “خيرًا أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريم” فقال: “اذهبوا فأنتم الطلقاء” وكان النبي عليه الصلاة والسلام من جملة ما حصل معه أن جاءه أبو سفيان يخبره بشيء، ما الذي أخبره به أبو سفيان؟
جاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بما سمع من سعد بن عبادة، كان سعد بن عبادة قال: “اليوم يوم الملحمة، اليوم أذل الله قريشًا” فجاء أبو سفيان يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال رسول الله قال حبيب الله قال حبيبي قال قائدي قال نبي المرحمة: “كلا، اليوم يوم المرحمة اليوم أعز الله قريشًا” وذلك لأن قريشًا كانت قد دخلت في الإسلام، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} دخلت الجموع الكثيرة بالإسلام، أسلم أهل مكة وفرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، قعد رسول الله في المسجد الحرام، جاء أبو بكرٍ بأبيه بأبي قحافة وكان شيخًا كبيرًا هرمًا يقوده أبو بكر، جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله: “يا أبا بكرٍ لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه” نحن نأتيه لِمَ أتيت بأبيك وهو شيخٌ كبير فقال أبو بكر: “هو أحق أن يأتيك يا
رسول الله” فجلس عند النبي عليه الصلاة والسلام ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: “أسلم يا أبا قحافة” فقال أبو قحافة: “أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك محمدًا رسول الله” فكان أبو بكرٍ فرحًا إذ أسلم أبوه وأسلم كل أولاده رضي الله عنه وأرضاه، وقال علي بن أبي طالب: “يا رسول الله اجعل لنا سدانة الكعبة” أي خدمة الكعبة وذلك لأن مفتاح الكعبة كان في بني عبد الدار وكان بعدهم في بني شيبة، يقال لأولادهم عبدريٌ وشيبيٌ، كان علي بن أبي طالب أراد أن يأخذ سدانة الكعبة أي مفتاح الكعبة ليكون مفتاح الكعبة عنده وعند ذريته لكن الرسول صلى الله عليه الصلاة والسلام أبقاها مع عثمان بن طلحة وجعلها فيهم فهي في نسله إلى اليوم.
دخل رسول الله مكة المكرمة وفرح المسلمين، صارت مكة بلدًا إسلاميًّا يعبد فيه ربنا عز وجل ويوحد فيها الله تبارك وتعالى، طاف المسلمون حول الكعبة، اعتمر المسلمون وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك حجة الوداع. وكانت هذه الحادثة أي دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة في رمضان، وسمي هذا العام بعام الفتح أي عام فتح مكة.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا زيارة مكة والمدينة والتبرك بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن نزور تلك البقاع الطاهرة وأن نرى المواطن التي كان فيها رسول الله في مكة، كان الحبيب هناك كان رسول الله.