fbpx

هنا كان الحبيب – الحلقة: 7

شارك هذا الدرس مع أحبائك

مسجد الإجابة ويسمى مسجد المباهلة ويسمى مسجد بني معاوية، ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه صلى في هذا المسجد ركعتين فما هو هذا المسجد؟ هناك مسجدان يسميان بهذه التسمية أي بمسجد الإجابة أما الأول فبمكة المكرمة وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام صلى في ذلك الموضع صلاة المغرب فبُني مسجد حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما مسجد الإجابة في المدينة المنورة فهو المشهور، وإنما سمي بمسجد الإجابة أو بمسجد المباهلة أو بمسجد بني معاوية لخصوصية في ذلك، وأما مسجد بني معاوية فذلك يعود لمعاوية بن مالك بن عوف من الأوس وأما سبب تسميته بمسجد المباهلة فذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم باهل أي دعا للملاعنة فيه ومعنى ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه وفد من غير المسلمين يريدون مناظرته ومناقشته ومحاورته في بعض الأمور فجادلهم النبي عليه الصلاة والسلام وحاورهم وأعطاهم الأدلة والحجج والبراهين إلا أنهم رفضوا ذلك ولم يقبلوا الإسلام فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للمباهلة في اليوم التالي في ذلك المسجد أي في مسجد الإجابة ومعنى المباهلة أي الدعوة بنزول اللعنة على الكاذب، قال الله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)} ومعنى ذلك أن يجتمع الخصمان ويسألان، يسألان الله تبارك وتعالى نزول اللعنة على الكاذب منهما، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمباهلة في اليوم التالي فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين لكن لم يرض الطرف الآخر بالمباهلة تمنع ذلك الوفد من الملاعنة خوفا لعلمهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النبي وهو الصادق ولكن تمنعوا عن قبول الدعوة الإسلامية عنادا، وأما عن تسمية هذا المسجد بمسجد الإجابة فورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أقبل من العالية ذات يوم دخل هذا المسجد فصلى فيه ركعتين وصلى معه الناس وقام عليه الصلاة والسلام ودعا طويلا وقال عليه الصلاة والسلام: “سألت ربي ثلاثا، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة” وفي بعض الروايات: “سألت ربي أربعا فأعطاني ثلاثا ومنعني واحدة” وكان هذا في مسجد الإجابة، وما هي هذه الثلاث التي سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: “سألته ألا يكفر أمتي جملة” أي أن لا تكفر الأمة الإسلامية كلها دفعة واحدة، قال: “سألته ألا يكفر أمتي جملة” قال: “فأعطانيها” أي أُعطي الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الطلب قال: “وسألته ألا يرسل عليهم عذابا يستأصلهم” أي ألا ينزل عذابا استئصاليا على الأمة الإسلامية أمة النبي محمد عليه الصلاة والسلام كما كان ينزل على الأمم السابقة كقوم عاد وقوم ثمود وغيرهما قال عليه الصلاة والسلام: “فأعطانيها” قال: “وسألته ألا يجعل بأسهم فيما بينهم فمنعنيها” أي سأل النبي محمد ربه عز وجل ألا يكون بين المسلمين عداوة قال النبي عليه الصلاة والسلام: “فمنعنيها وقال الله يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يُرد” ومعنى ذلك أن مشيئة الله تبارك وتعالى لا تتغير ولا تتبدل لا لدعوة داع ولا لصلاة مصل ولا لصدقة متصدق ولا لبر بار ولا لغير ذلك فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ربه وقال عليه الصلاة والسلام: “ومنعني واحدة” فمشيئة الله تعالى لا تتبدل ولا تتغير، وذلك لأن التغير من علامات الحدوث أي من علامات المخلوق، نحن تتغير مشيئتنا أما الله تبارك وتعالى فلا تتغير مشيئته لأحد، يقول الله تعالى في القرآن الكريم {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَي} وبهذا يُعلم بطلان وفساد ما يقول بعض الناس من أن بعض الأفعال أو بعض الطاعات والعبادات تغير القضاء أو القدر فإن قضاء الله تبارك وتعالى وقدره لا يتغير ألبتة فإن هذا محال لأن هذا يدل على الجهل فالذي يغير مشيئته والذي يغير قضائه وتقديره هو الذي يعتريه الجهل هو الذي يخفى عليه شيء ثم يظهر له شيء وأما الله تبارك وتعالى فعالم الغيب والشهادة لا يخفى عليه شيء أبدا، فمسجد الإجابة مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم يتتبعون المواضع التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كان بعضهم يسأل عن الموضع بخصوصه الذي صلى فيه الرسول في المسجد حتى يصلي فيه وهذا إن دلنا على شيء فإنما يدلنا على استحباب تتبع آثار النبي عليه الصلاة والسلام لتحصيل البركة منها، في مسجد الإجابة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك كان رسول الله هناك كان الحبيب.