fbpx

جامع الخيرات – الدرس 2

شارك هذا الدرس مع أحبائك

اتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ فِى الْعَقِيدَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَصَبَ لَنَا أَدِلَّةً عَقْلِيَّةً أَنَّهُ لا يُشْبِهُ مَخْلُوقَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، نَصَبَ لَنَا أَدِلَّةً عَقْلِيَّةً عَلَى اسْتِحَالَةِ الْجُلُوسِ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَنْزَلَ ءَايَةً مُحْكَمَةً فِى الْقُرْءَانِ الْكَرِيمِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَىْ تَدُلُّ عَلَى تَنْزِيهِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنِ الْجُلُوسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْبَشَرِ بَلْ كُلِّ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِى سُورَةِ الشُّورَى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾. هَذِهِ الْجُمْلَةُ مَعَ وَجَازَةِ لَفْظِهَا فَمَعْنَاهَا وَاسِعٌ تُنَزِّهُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ كُلِّ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْبَشَرِ. صِفَاتُ الْبَشَرِ نَعْرِفُهَا مِنْ أَنْفُسِنَا، الْجُلُوسُ مِنْ صِفَاتِنَا وَالتَّنَقُّلُ مِنْ أَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ أَوْ مِنْ أَسْفَلَ إِلَى أَعْلَى هَذَا أَيْضًا مِنْ صِفَاتِنَا. كَذَلِكَ اتِّخَاذُ حَيِّزٍ أَىْ مَكَانٍ يُتَحَيَّزُ فِيهِ هَذَا أَيْضًا مِنْ صِفَاتِنَا، كَذَلِكَ التَّغَيُّرُ مِنْ صِفَاتِنَا، كَذَلِكَ التَّأَثُّرُ مِنْ صِفَاتِنَا، كَذَلِكَ الِانْفِعَالُ هَذَا مِنْ صِفَاتِنَا، فَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ كُلِّهَا. فَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ مَعَ السَّلَفِ وَقَالَ ﴿الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [سُورَةَ طَهَ/5] بِمَعْنَى الْجُلُوسِ فَقَدِ افْتَرَى وَكَذَبَ كَذِبًا ظَاهِرًا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ إِنَّ اسْتَوَى هُنَا بِمَعْنَى جَلَسَ. لا يَثْبُتُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِينَ عُرِفُوا بِتَفْسِيرِ الْقُرْءَانِ ذَلِكَ، لا يَثْبُتُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ. أَمَّا أَنْ يَكْذِبَ بَعْضُ الْكَذَّابِينَ مِمَّنْ جَاءَ بَعْدَ الصَّحَابَةِ وَيَنْسُبَ إِلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ فَسَرَّ هَذِهِ الآيَةَ ءَايَةَ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ بِالِاسْتِقْرَارِ أَوِ امْتِلاءِ الْعَرْشِ بِهِ فَهَذَا لَمْ يَرِدْ مِمَّنْ هُوَ مِنَ الثِّقَاتِ الثَّابِتِينَ إِنَّمَا جَاءَ مِنْ طَرِيقٍ يُقَالُ لَهَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ سِلْسِلَةُ الْكَذِبِ. هَذِهِ السِّلْسِلَةُ سِلْسِلَةُ الْكَذِبِ افْتَرَتْ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَتْ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ ﴿الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [سُورَةَ طَهَ/5] اسْتَقَرَّ. هَذَا افْتِرَاءٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. لا يَثْبُتُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ تَفْسِيرُ اسْتِوَاءِ اللَّهِ عَلَى الْعَرْشِ بِالْجُلُوسِ أَوِ الِاسْتِقْرَارِ إِنَّمَا بِمَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْهَمُونَ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ كَانُوا يَفْهَمُونَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ﴿الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ مَعْنًى يَلِيقُ بِاللَّهِ تَعَالَى كَعُلُوِّ الْقَدْرِ. عُلُوُّ الْقَدْرِ هُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ، اللَّهُ تَعَالَى وَصَفَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ فِى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ﴾ الْعَلِىُّ مَعْنَاهُ عَلِىُّ الْقَدْرِ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُسْتَقِرٌّ عَلَى الْعَرْشِ الَّذِى هُوَ مِنَ الْعَالَمِ الْعُلْوِىِّ وَلا عَلَى الْكُرْسِىِّ الَّذِى هُوَ جِرْمٌ عَظِيمٌ تَحْتَ الْعَرْشِ. كُلُّ هَذَا لا يَلِيقُ بِاللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الِاسْتِقْرَارَ وَالْجُلُوسَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الْبَشَرِ فَكُلُّ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْبَشَرِ لا تَلِيقُ بِاللَّهِ تَعَالَى، بَلْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ وَهُوَ الإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِىُّ الَّذِى كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْنِ الثَّالِثِ الْهِجْرِىِّ ثُمَّ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنَ الْقَرْنِ الرَّابِعِ فَتُوُفِّىَ، هَذَا الإِمَامُ الَّذِى هُوَ مِنَ السَّلَفِ قَالَ فِى عَقِيدَتِهِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِى هِىَ مُتَدَاوَلَةٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَنِ إِلَى عَصْرِنَا هَذَا قَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِى الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ اهـ هَذِهِ الْجُمْلَةُ احْفَظُوهَا وَحَفِّظُوهَا أَهَالِيَكُمْ وَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِى الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ اهـ مَعَانِى الْبَشَرِ كَثِيرَةٌ، كُلُّنَا يَعْرِفُ مَعَانِىَ الْبَشَرِ أَىْ صِفَاتِ الْبَشَرِ، كُلُّنَا نَعْرِفُ. الْجُلُوسُ مِنْ صِفَاتِنَا، الْجُلُوسُ لا يَصِحُّ فِى لُغَةِ الْعَرَبِ إِلَّا مِمَّنْ لَهُ نِصْفَانِ نِصْفٌ أَعْلَى وَنِصْفٌ أَسْفَلُ، الإِنْسَانُ هَكَذَا لِذَلِكَ يُوصَفُ بِالْجُلُوسِ وَالْكَلْبُ كَذَلِكَ يُوصَفُ بِالْجُلُوسِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْبَهَائِمِ تُوصَفُ بِالْجُلُوسِ لِأَنَّ لَهَا نِصْفًا أَعْلَى وَنِصْفًا أَسْفَلَ. ثُمَّ الْجُلُوسُ فِى لُغَةِ الْعَرَبِ عِبَارَةٌ عَنِ الْتِقَاءِ الْمَقْعَدَةِ بِالأَرْضِ أَوْ بِالْكُرْسِىِّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، هَذَا مَعْنَى الْجُلُوسِ فَكَيْفَ يُوصَفُ خَالِقُ الْعَالَمِ الَّذِى خَلَقَ الإِنْسَانَ وَصِفَاتِهِ وَخَلَقَ سَائِرَ الأَشْيَاءِ وَصِفَاتِهَا بِالْجُلُوسِ الَّذِى هُوَ تَلاصُقُ جِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا لَهُ نِصْفَانِ نِصْفٌ أَعْلَى وَنِصْفٌ أَسْفَلُ. هَؤُلاءِ كَيْفَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَرَفُوا اللَّهَ تَعَالَى. يُفَسِّرُونَ ﴿الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [سُورَةَ طَهَ/5] بِالْجُلُوسِ ثُمَّ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَرَفُوا اللَّهَ وَأَنَّهُمْ ءَامَنُوا بِهِ. هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الْبَعِيدِ. ثُمَّ هَؤُلاءِ أَنْفُسُهُمْ يُحَرِّفُونَ ءَايَاتٍ قُرْءَانِيَّةً وَرَدَتْ فِى بَيَانِ أَحْوَالِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا فِى الزَّمَنِ الَّذِى كَانَ الْقُرْءَانُ يَنْزِلُ فِيهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْمُشْرِكُونَ مِنْ جُمْلَةِ مَقَالاتِهِمْ أَنْ قَالُوا ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [سُورَةَ الزُّمَر/3] هَؤُلاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ كَانُوا فِى زَمَنِ الرَّسُولِ ﷺ الَّذِينَ كَانُوا مُعَادِينَ لِلرَّسُولِ مُكَذِّبِينَ لَهُ مُؤْذِينَ لَهُ مُسْتَهْزِئِينَ بِهِ كَانُوا يَقُولُونَ هَذِهِ الأَوْثَانُ الَّتِى يَنْهَانَا مُحَمَّدٌ عَنْ عِبَادَتِهَا نَحْنُ لا نَعْبُدُهَا إِلَّا لِتُقَرِّبَنَا إِلَى اللَّهِ، اعْتَرَفُوا بِأَنَّهُمْ يَعْبُدُونَهَا، وَمَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ، مَعْنَى الْعِبَادَةِ نِهَايَةُ التَّذَلُّلِ، كَانُوا يُعَظِّمُونَهَا كَتَعْظِيمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، كَانُوا يَتَذَلَّلُونَ لَهَا نِهَايَةَ التَّذَلُّلِ، هَذَا كَانَ عِبَادَتَهُمْ لَهَا، لِأَوْثَانِهِمْ. هَؤُلاءِ الْمُحَرِّفُونَ لِدِينَ اللَّهِ يَجْعَلُونَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ الَّذِينَ هُمْ مُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﷺ وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ لا أَحَدَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتَذَلَّلَ لَهُ نِهَايَةَ التَّذَلُّلِ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلا يُعَظِّمُونَ أَحَدًا سِوَى اللَّهِ نِهَايَةَ التَّعْظِيمِ، عَنْ هَؤُلاءِ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُونَ أَنْتُمْ مِثْلُ أُولَئِكَ، مِثْلُ أُولَئِكَ عُبَّادِ الأَوْثَانِ الَّذِينَ قَالُوا فِى التَّشَبُّثِ عَلَى عِبَادَةِ الأَوْثَانِ الَّتِى كَانُوا يَعْبُدُونَهَا ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ يَقُولُونَ أَنْتُمْ مِثْلُ أُولَئِكَ، أَحَدُكُمْ عِنْدَمَا يَذْهَبُ لِزِيَارَةِ قَبْرِ الرَّسُولِ ﷺ أَوْ قَبْرِ أَىِّ نَبِىٍّ أَوْ قَبْرِ أَىِّ وَلِىٍّ لِلتَّبَرُّكِ فَقَدْ أَشْرَكَ صَارَ مِثْلَ أُولَئِكَ مَعَ أَنَّ التَّبَرُّكَ بِالرَّسُولِ وَبِآثَارِهِ كَانَ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَهُ حَتَّى إِنَّ الرَّسُولَ ﷺ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَعُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ حَلَقَ رَأْسَهُ بِالْمُوسَى ثُمَّ قَسَمَ شَعَرَهُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَمَا قَسَمَ هَذَا الشَّعَرَ إِلَّا لِيَتَبَرَّكُوا بِهِ فَكَانُوا يَتَبَرَّكُونَ بِهِ فِى حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَغْمِسُونَهُ فِى الْمَاءِ فَيَسْقُونَ هَذَا الْمَاءَ بَعْضَ الْمَرْضَى تَبَرُّكًا بِأَثَرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَهَذَا الأَثَرُ فِى الْبُخَارِىِّ وَغَيْرِهِ. كَانَ أَحَدُهُمْ أَخَذَ شَعْرَةً وَالآخَرُ أَخَذَ شَعْرَتَيْنِ وَخَالِدُ بنُ الْوَلِيدِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَتْ لَهُ قَلَنْسُوَّةٌ وَضَعَ فِى طَيِّهَا شَعَرًا مِنْ نَاصِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَىْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ لَمَّا حَلَقَ ﷺ فِى عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ، الْجِعْرَانَةُ بَعْدَ مَكَّةَ إِلَى جِهَةِ الطَّائِفِ، لَيْسَ حَلَقَهُ فِى الْحَجِّ، لا، هَذَا لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ فِى الْعُمْرَةِ مِنْ ذَلِكَ الشَّعَرِ أَخَذَ خَالِدُ بنُ الْوَلِيدِ شَعَرَ النَّاصِيَةِ أَىْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ فَوَضَعَهُ فِى قَلَنْسُوَتِهِ فَكَانَ ذَاتَ مَرَّةٍ فِى غَزْوَةٍ مِنَ الْغَزَوَاتِ فَقَدَهَا، فَكَانَ يَبْحَثُ عَنْهَا وَيُفَتِّشُ عَنْهَا تَفْتِيشًا شَدِيدًا حَتَّى وَجَدَهَا فَقِيلَ لَهُ لِمَاذَا أَنْتَ تَطْلُبُ هَذِهِ الْقَلَنْسُوَةَ كُلَّ هَذِهِ الطَّلَبِ فَقَالَ إِنِّى وَضَعْتُ فِيهَا مِنْ شَعَرِ نَاصِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمَا حَضَرْتُ وَقْعَةً إِلَّا رُزِقْتُ النُّصْرَةَ كُلَّمَا حَضَرْتُ مَعْرَكَةً انْتَصَرْتُ عَلَى الْكُفَّارِ بِبَرَكَةِ هَذَا الشَّعَرِ شَعَرِ النَّبِىِّ ﷺ [رَوَاهُ الْبَيْهَقِىُّ فِى دَلائِلِ النُّبُوَّةِ وَالْحَاكِمُ فِى الْمُسْتَدْرَكِ]. الصَّحَابَةُ كَانَ مَعْرُوفًا عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَتَبَرَّكُونَ بِآثَارِ النَّبِىِّ ﷺ وَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ ﷺ وَقَعَ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ فِى عَهْدِ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ، تِسْعَةَ أَشْهُرٍ انْقَطَعَ الْمَطَرُ عَنْهُمْ صَارَتْ مَجَاعَةٌ، بَعْضُ أَصْحَابِ الرَّسُولِ ﷺ جَاءَ إِلَى قَبْرِ الرَّسُولِ ﷺ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَسْقِ لِأُمَّتِكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا اهـ هَذِهِ يُقَالُ لَهَا اسْتِغَاثَةٌ وَتَوَسُّلٌ، فَجِىءَ فِى الْمَنَامِ أُتِىَ هَذَا الرَّجُلُ الصَّحَابِىُّ فِى الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ أَقْرِئْ عُمَرَ السَّلامَ وَأَخْبِرْهُ أَنَّهُمْ يُسْقَوْنَ فَذَهَبَ الرَّجُلُ إِلَى عُمَرَ فَقَصَّ عَلَيْهِ رُؤْيَاهُ وَمَاذَا فَعَلَ بِأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى قَبْرِ الرَّسُولِ ﷺ وَتَوَسَّلَ بِهِ [رَوَاهُ الْبَيْهَقِىُّ فِى دَلائِلِ النُّبُوَّةِ]، ثُمَّ سَقَاهُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَتَّى سُمِّىَ ذَلِكَ الْعَامُ عَامَ الْفَتْقِ، مِنْ شِدَّةِ مَا ظَهَرَ مِنَ الأَعْشَابِ سَمِنَتِ الْمَوَاشِى حَتَّى تَفَتَّقَتْ بِالشَّحْمِ لِذَلِكَ سُمِّىَ عَامَ الْفَتْقِ. ثُمَّ هَذَا الْفِعْلُ أَىِ التَّوَسُّلُ بِالنَّبِىِّ ﷺ بِالِاسْتِغَاثَةِ بِهِ مَا نَقَدَهُ مِنْ هَذَا الصَّحَابِىِّ أَىْ مَا عَابَهُ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ عَلَيْهِ، مَا قَالَ لَهُ كَيْفَ تَطْلُبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ تَسْتَغِيثُ وَتَتَوَسَّلُ بِرَسُولِ اللَّهِ وَقَدْ مَاتَ، مَا قَالَ لَهُ عُمَرُ وَلا غَيْرُ عُمَرَ. كُلُّ مَنْ عَلِمَ بِالْقِصَّةِ مَا انْتَقَدَهُ عَلَيْهَا. هَذَا فِعْلُ السَّلَفِ. وَيُوجَدُ غَيْرُ هَذَا مِنَ الْحَادِثَاتِ الَّتِى هِىَ تَوَسُّلٌ بِالنَّبِىِّ ﷺ مِمَّا حَصَلَ لِلصَّحَابَةِ. مَعَ كُلِّ هَذَا هَؤُلاءِ الشَّاذُّونَ مِنْ فَسَادِ قُلُوبِهِمْ يُكَفِّرُونَ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَبَرِّكِينَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالأَوْلِيَاءِ. هَذِهِ الآيَاتُ الَّتِى نَزَلَتْ فِى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الأَوْثَانَ جَعَلُوهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْمُتَبَرِّكِينَ بِالتَّوَسُّلِ بِالأَنْبِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ.