fbpx

4 :كلمات راقية – الحلقة

شارك هذا الدرس مع أحبائك

قصة في تحمّل أذى الناس الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” كان جُرَيْج رجلا عابدا.” جريج أحد الأولياء الصالحين من الأمم السابقة، إما من أمّة عيسى المسيح عليه السلام، وإما من أمة موسى عليه السلام. هذا جريج كان يعمل في التجارة. خسرت تجارته. عندما خسرت تجارته قال:” لأتَّجرنَّ تجارةً لا خسارة فيها.” فبنى صومعة يتعبّد الله تعالى فيها، فصار له شهرة، وصار له سُمعة، حتى ملك البلاد صار جريج عنده إنسان معتقد فيه من الصالحين. فالذي حصل، أن امرأةً فاجرة، بغيّة، زانية، قالت لبعض الفسقة:” أنا أفتنه لكم، أنا أفتن جريجا.” فالذي حصل، أن هذه المرأة ذهبت إلى صومعة من؟ صومعة جريج، وكان رجلا من الصالحين. فوقفت عند باب صومعته، ودعته إلى الزنى، إلى الحرام والعياذ بالله تعالى. جريج في صومعته، لم يتعرض لها، ولم يلتفت إليها، فتركت ذلك وفي طريق عودتها، رأت راعيا يرعى الغنم، فزنت والعياذ بالله. فزنت مع من؟ مع الراعي. ثم بعد مدةٍ، ظهر حملها. فقالت للناس:”هذا الحمل من جريج.” وجريج بريء. جريج بريء. فهل صدقها الناس أو لا؟ عندما وضعت المولود، صدقها بعض الناس فقالوا:”هذا جريج كنّا نعتقد فيه أنه من الصالحين. كيف يفعل بهذه المرأة ما فعل؟” فذهبوا إلى صومعته، هدموا له الصومعة بالفؤوس، ووضعوا في عنقه حبلا، وصاروا يجرّونه. فقال لهم:” أمهلوني حتى أتوضأ وأصلي.” فتوضأ. بعد الوضوء ماذا فعل؟ جاء إلى هذا المولود، جريج من الصالحين، هذا جريج رضي الله عنه، وضع اصبعه في بطن الغلام وقال، جريج قال:”يا غلام، من أبوك؟” فقال المولود، الغلام:” الراعي” أنطقه الله تعالى. وحصلت لجريجٍ هذه الكرامة، لأنه كان كما ذكرنا من الصالحين. عندما رأوا أن المولود نطق وقال عندما سأله جريج “الراعي”، هنا “من أبوك” معناه صورةً، لأنه من زنى. وابن الزنى، لا معصية على هذا المولود، إنما المعصية على الزاني والزانية. عندما رأوا هذه الكرامة من جريج، صار الناس يتمسحون به، متبرّكين بجريج. وقالوا له:” لو أحببت، لبنَيْنا لك الصومعة من ذهب.” فقال جريج رضي الله عنه:” لا، أعيدوها كما كانت من طين.” وهنا دليل أن أولياء الله عزّ وجلّ قلوبهم ليست متعلقة بالدنيا، ولا بالذهب ولا بالمال. إنما قلوبهم معلقة بالآخرة لأن همهم الآخرة. فالذي حصل، أن جريجا عندما كانوا يجرّونه بعد أن وضعوا في عنقه الحبل، رأى نساء مومسات، فتبسم. يقول الواحد:” عجيب! كيف يتبسم عندما رأى نساء مومسات؟ اي زانيات.” لماذا تبسم؟ لأنه تذكر دعوة أمه. كان مرة يصلي، فجاءت أمه، كان يصلي النفل ليس الفرض، فأمه نادته:” يا جريج!” فيقول في قلبه:” صلاتي أو أمي؟” وأمه تناديه:” يا جريج!” يقول:”صلاتي أم أمي؟” “يا جريج!” فأمه ماذا حصل؟ أمه دعت عليه. ماذا قالت أمه؟ قالت أمه:” اللهم لا تُمِتْه حتى تُرِيَه وجوه المومسات. اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات.” فعندما رأى المومسات، تذكر دعوة أمه. هو كان يصلي النفل، ولعلكم أيضًا تعرفون أنه لا يجوز قطع صلاة الفرض، أما قطع النفل، في مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه يجوز قطع صلاة النفل وصيام النفل، لكن ترك ذلك أحسن. على كل حال، ذكرنا هذه القصة في بيان تحمل أذى الناس، وأن الواحد منا لن يسلم من كلام الناس. فقد قيل:”رضا الله غاية لا تُترك، ورضا الناس غاية لا تُدرك، فأدرِك ما لا يُترَك، واترك ما لا يُدرَك. إذا أصلحت ما بينك وبين ربك، فلا تبالي بما وراء ذلك. كن مع الله ولا تبالي.” مع موضوع جديد، في حلقة قادمة بإذن الله تعالى، كونوا معنا، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.