fbpx

9 :كلمات راقية – الحلقة

شارك هذا الدرس مع أحبائك

مر بالعُرف وأعرض عن الجاهلين الحمد لله له النّعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات الله البّر الرحيم والملائكة المقربين على نبينا محمد أشرف المرسلين وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وسلام الله عليهم أجمعين. أما بعد، نكمل الكلام اليوم في الحث على التواضع وقد حصل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن بعض الناس قال له يا ابن الخطاب إنك لا تعدل في القضية ولا تقسم بالسوية فغضب عمر وهم به فقال له ابن أخيه الله تعالى قال “وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ” فهدأ عمر رضي الله عنه ما سلم أحد من ألسن الناس وحصل أيضا لسيدنا أحمد الرفاعي رضي الله عنه أنه كان ذات يوم يمشي مع جمع من مريديه فعلم بذلك يهودي كان يسمع أن السيد أحمد الرفاعي حليم متواضع فأراد أن يمتحنه هل هو كما يصفه الناس أم لا فأتى إليه وقال له يا سيد أنت أفضل أم الكلب أفضل؟ الله أكبر جاءه أمام بعض أتباعه وقال للسيد أحمد الرفاعي الوليَ العالي القدر قال له يا سيد من أفضل أنت أفضل أم الكلب أفضل ماذا فعل السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه فقال له:”إن نجوت على الصراط فأنا أفضل” هو لا شك أن المسلم أفضل عند الله من الكلب لا شك، فأسلم اليهودي وأسلم أهله وكثير من معارفه فلولا أن تواضع معه السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه لم يسلم فلو كان ظهر في وجهه أنه غضب أو أنه كان اكفهرَّ في وجهه أو قال له كلمة شتم ما رغب في الإسلام لكن أعجبه شدة حلمه وتواضعه فاعترف في نفسه أن دين هذا الإنسان صحيح وهو أي السيد أحمد رضي الله عنه كان شديد التواضع يُضرب به المثل في التواضع أحيانا كان يكنس الرواق بنفسه وكان يخرج ليساعد العميان ليوصلهم إلى حيث يريدون بلغ الغاية في التواضع وقد قال بعض العلماء:” إن التواضع من خصال المتّقي وبه التقي إلى المعالم يرتقي” إن التواضع من صفات المتقين وبه التقي أي بالتواضع التقي إلى المعالي إلى الدرجات العلى يرتقي وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم:”من تواضع لله رفعه” من تواضع لله رفعه فالتواضع التواضع من شيم الصالحين ومن التواضع هنا كلام مهم، أن يترك الواحد منا رأيه الذي فيه خير إلى رأي أخيه الذي فيه خير هذا من التواضع أن يترك رأيه الذي فيه خير إلى رأي أخيه الذي فيه خير لأن العمل الجماعي خير من العمل الفرديّ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”ألا أخبركم بأهل الجنة أهل الجنة كل هين لين سهل قريب“. معنى هين متواضع سهل هين في التواضع في التعامل ولين قريب تأكيد لهذا وقال صلى الله عليه وسلم: “لتغفلون عن أفضل العبادة التواضع” أي من أفضل العبادة وليس أفضلها على الإطلاق أكيد، فليلزم أحدنا نفسه أن يتواضع لأخيه لا ننسى التواضع. التكبر صفة ليست جميلة ومذمومة فليلزم أحدنا نفسه أن يتواضع لأخيه لا أن يكون مترفعا عليه فعلينا بمخالفة النفس فإن النفس تحب الترفع والتعالي فالتواضع يؤدي إلى كسب المعالي والدرجات العالية الله يرزقنا المعالي والدرجات العالية، والتواضع له جزء يتبعه وهو الحلم يا سلام الحلم والتواضع، التواضع والحلم مقرونان قال بعض العلماء:”الحلم زين العلم“ومما يروى عن عيسى المسيح عليه السلام أنه قال في صفة علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم “علماء حكماء حلماء” عيسى المسيح عليه السلام قال في علماء أمة محمد كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم علماء حكماء حلماء كأنهم من الفقه أنبياء انظروا إلى العلم كأنهم من الفقه أنبياء معناه علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم هذه صفتهم من كثرة ما يُرزقون من العلم كأنهم أنبياء. الحلم جزء من التواضع فليكن عمل كل منّا الله يرزقنا العمل، مع أخيه فليكن على هذا النحو التواضع والحلم والإغضاء أي المسامحة على الإساءة ليس كما يقول بعض الناس اليوم إذا كان الفلان في المجلس أنا لا أقعد إذا كان فلان يعمل معي أنا لا أعمل إذا كان فلان يكون مترئسا علي أنا لا أريد هذا العمل إيّاك أن تقول هذا بل ينبغي أن يكون المؤمنون متعاملين فيما بينهم على التغاضي والعفو والسماح التغاضي والعفو والسماح لا أن يبقى الأمر في بالك مضي سنون وأنت تقول أنا لا أكلم فلانا ولا أعمل مع فلان لأنه أساء إلي قبل عشرين سنة على سبيل المثال لا، والحلم بالتحلم معناه الحلم يكتسب بذكر أحوال الصالحين ومخالفة النفس الأمور تمشي إلى أحسن معناه الحلم يكتسب والحلم مطلوب مع الناس مع الصالح والطالح لأنه بالحلم قد يلين الغليظ الجاف بعض الناس يكونون شريسين ثم يتعلمون ويتقون فيصيرون حلماء كثير من الأولياء كانوا شرسين كانوا شرسين ثم لما سلكوا طريقة الأولياء تغيروا ولا تنس أيضا أن التواضع يدعو إلى التطاوع الذي يكون متواضعا يكون متطاوعا ما هو التطاوع؟ نأتي إلى التطاوع هو أن يوافق كل واحد منا أخاه وأن لا يترفع عليه ولا يسيء الظن به وإذا خالف رأيه رأي أخيه ماذا يعمل؟ يتهم رأي نفسه ويقول رأي أخي هذا أحسن فينظر فيه فإن تيقن أنه خطأ ينبه أخاه يقول له رأيك خطأ أو يقول له ينبه أخاه على هذا الخطأ فإن تيقن أنه خطأ ينبهه فليلزم أحدنا نفسه أن يتواضع لأخيه لا أن يكون مترفعا عليه رئيسا عليه قائدا له إلى آرائه بعض الناس اليوم يقول إن لم تعمل برأي أنا لا أعمل إما أن تعمل برأي وإما لا أعمل لا ينبغي هذا أبو ذر الغفاري رضي الله عنه هذا الصحابي الجليل كان تقيا وجريئا لكنه كان ضعيفا كان تقيا وجريئا لكنه كان ضعيفا فالرسول صلى الله عليه وسلم ماذا قال لأبي ذر الغفاري يا أبا ذر:”إني أراك ضعيفا فلا تولين على اثنين ولا تولّين على يتيم الرئاسة صعبة الرئاسة صعبة” وقال نبينا صلى الله عليه وسلم في أبي ذر:” يعيش وحيدا ويموت وحيدا ويُبعث يوم القيامة وحيدا” لماذا؟ هو أبو ذر بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام انفرد وكان شديد الزهد كان يقول للناس لماذا تمسكون المال في أيديكم أنفقوه فصار بينه وبين الناس خلاف فذهب إلى بادية بعيدة ومات كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام. ختاما لهذا الموضوع نذكّر بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام:”المؤمن كالجمل الأنف” ما معنى الجمل الأنف؟ الجمل الأنف هذا الذي يكون في أنفه قرح ويوضع فيه حبل إذا قاده طفل ينقاد كما ينقاد للفارس الكبير وهكذا المؤمن ينقاد لإخوانه إلا قيد لمعصية طبعا لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فالترفع على الناس لا ينفع في الدنيا ولا في الآخرة هذه النفس تحب التعالي هذه النفس تحب الترفع إلا من خالفها لوجه الله تبارك وتعالى فالشخص الذي يخالف نفسه يكون متواضعا مع عباد الله التواضع مطلوب حتى مع الزوجة حتى مع الأولاد الصغار حتى مع الأقارب حتى الرجل في البيت إن خدم نفسه وخدم زوجته بدل أن ينتظر خدمتها هذا أفضل يعني الأحسن للرجل المتزوج أن هو في البيت يخدم نفسه بدل أن ينتظر أن زوجته لتخدمه هذا هو الأفضل فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:”استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن لي وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنسانا يا أخيّ من دعائك رسول الله يقول لا تنس يا أخي من دعائك يقول لمن؟ لسيدنا عمر الرسول عليه الصلاة والسلام وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول لعمر بن الخطاب لا تنسنا يا أخي في أو من دعائك فقال عمر كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا وفي رواية الرسول عليه الصلاة والسلام قال:” أشركنا يا أخي في دعائك” رواه أبو داود هكذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم هكذا كان أفضل خلق الله عليه الصلاة والسلام فالذي يوصل إلى التواضع وليكن أحدنا كما فعل الإمام علي رضي الله عنه كان في جيش خالد بن الوليد في حرب الردة كان سيدنا خالد هو قائدهم مع الفارق مع ما بين خالد وسيدنا علي في رفعة القدر الذي لا يتواضع لا يترقى لأن ترك التواضع يكون حاجزا بين الشخص وبين الترقّي ورد أن الإمام عليا رضي الله عنه قبّل يد عمه العباس الإمام علي الذي هو أفضل هذه الأمة بعد أبي بكر وعمر قبّل يد عمه العباس وقال يا عمي ارض عني نسأل الله تعالى حسن العمل وحسن الاتباع إنه على ما يشاء قدير وبعباده لطيف خبير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.