مقصد الطالبين
لله تعالى
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
وبعد،
لله تعالى:
س: بَيّنْ عِلَّة عدم صحة حديث الجارية.
ج: يوجد حديث مشهور على ألسنة بعض الناس في مسلم يُسمى حديث الجارية معلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم تنزيه الله عن مشابهة الخلق ولا يُعلم الرسول خلاف ذلك ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم علم أن الدخول في الإسلام يكون بالنطق بالشهادتين وليس بقول الله في السماء فإن طوائف من الكفار مشتركون في قولهم الله في السماء الكافر إذا أراد أن يدخل في الإسلام ينطق بالشهادتين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمّدًا رسول الله ثم الرسول لا يشهد لشخص أنه مسلم لمجرد قوله الله في السماء فهذا الحديث الذي في مسلم ورواه صحابي واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهره يخالف الحديث المتواتر الذي رواه جمع من الصحابة عن رسول الله والحديث المتواتر حجة كالقرءان وهو قوله عليه الصلاة والسلام:”أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنّي محمّدًا رسول الله”. وحديث الجارية ظاهره يوهم أن الرسول شهد للجارية بالإسلام بالإيمان بقولها الله في السماء فهذا ظاهره يعارض الحديث المتواتر فهنا قاعدة جليلة كل حديث خالف نص القرءان ولم يمكن تأويله فهو باطل وكل حديث خالف الحديث المتواتر ولم يمكن تأويله فهو باطل كما أن الحديث إذا كان ركيكًا عُلم أنه باطل أي موضوع الرسول لا يقوله صلى الله عليه وسلم أمّا ما في مسلم من أن رجلاً جاءَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فسألهُ عن جاريةٍ لهُ قال: قلتُ: يا رسولَ الله أفلا أعتِقُها، قال: ائتني بها، فأتاهُ بها فقالَ لها: أينَ الله، قالت: في السماءِ، قال: مَن أنا ، قالت: أنتَ رسولُ الله، قال: أعتِقْها فإنّها مؤمنةٌ. فليسَ بصحيحٍ لأمرينِ: للإضطرابِ لأنّه رُويَ بهذا اللفظ وبلفظِ: مَن رَبُّك، فقالت: الله، وبلفظ: أينَ الله، فأشارت إلى السّماءِ، وبلفظ: أتشهَدينَ أن لا إلـهَ إلا الله، قالت: نعم، قال: أتشهدينَ أنّي رسولُ الله، قالت: نعم.
والأمرُ الثَّاني: أن رواية «أين الله» مخالفةٌ للأصولِ لأنَّ من أصولِ الشريعةِ أن الشخصَ لا يُحكَمُ له بقولِ «الله في السماءِ» بالإسلامِ لأنَّ هذا القولَ مشتَركٌ بين اليهودِ والنّصارَى وغيرِهم وإنّما الأصلُ المعروفُ في شريعةِ الله ما جاءَ في الحديثِ المتواتر: “أمرتُ أن أقاتلَ النّاسَ حتّى يشهَدُوا أن لا إلـهَ إلا الله وأنّي رسولُ الله” رواه خمسة عشرة صاحبيا
ولفظُ روايةِ مالكٍ: أتشهدينَ ، موافقٌ للأصول.
[63] س: ما الجوابُ على مَنْ يعترضُ على تضعيفِ حديثِ الجاريةِ لكونِهِ في صحيحِ مسلم؟
ج: إن قيلَ: كيف تكونُ روايةُ مسلم: أينَ الله، فقالت: في السماءِ، إلى ءاخره مردودةً مع إخراج مسلمٍ لهُ في كتابهِ وكلُّ ما رواهُ مسلمٌ موسومٌ بالصّحّةِ، فالجوابُ: أن عدَدًا من أحاديثِ مسلمٍ ردَّها علماءُ الحديثِ وذكرَها المحدّثونَ في كتبهم كحديث أن الرسولَ قال لرجُلٍ: إنَّ أبي وأبَاكَ في النّار ، وحديث إنه يُعطى كل مسلم يومَ القيامَةِ فِداءً لهُ مِنَ اليهودِ والنصارَى، وكذلكَ حديث أنسٍ: صَليتُ خلفَ رسولِ الله وأبي بكرٍ وعمرَ فكانوا لا يذكرونَ بسم الله الرحمـنِ الرحيمِ. فأمَّا الأولُ ضَعَّفَهُ الحافظُ السيوطيُّ، والثاني رَدَّهُ البخاريُّ، والثالثُ ضَعَّفَهُ الشافعيُّ وعدد من الحفاظ.
يعني ليس كل ما كان في كتاب شُهر بالصحة أو وُسم بالصحة لا بد أن يكون صحيحًا.
يوجد كلام مقطوع ….لأنهم يكونون بذلك أثبتوا له مثلا وهو الكتاب الذي كتب الله فيه:” أن رحمتي سبقت غضبي فوق العرش” فيكونون أثبتوا المماثلة بين الله وبين ذلك الكتاب لأنهم جعلوا الله وذلك الكتاب مستقرين فوق العرش فيكونون كذبوا قول الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ}
المشبهة المجسمة الوهابية مشهور عنهم كلما التقوا بشخص إن كان ليس على عقيدتهم لجره إلى عقيدتهم وهو هذه العقيدة فيها تشبيه هم يعتقدون أن الله بذاته بالسماء أو يقول بعضهم بذاته فوق العرش ماذ يذكرون له حديث مسلم حديث الجارية حتى يعتقد أن الله بذاته على زعمهم في السماء فيذكرون له هذا الحديث وهذا الحديث كما سبق وبينا فيه اضطراب ولا يكون حجة لأمر في العقيدة وظاهره كما قلت يخالف الأصول ويخالف الحديث المتواتر وما خالف الحديث المتواتر وخالف الأصول ولم يمكن تأويله عُلم أنه مردود بذلك فإذًا ليس حجة للمشبهة المجسمة الذين يريدون من الشخص أن يعتقد أن الله يسكن الجهة الفوقانية وإلا فإنهم يعتبرونه ليس مسلمًا فإذا قالوا نحن نأخذ بالآية {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} فيقولون الله إذًا فوق العرش بذاته من أين جاءوا بهذه الكلمة فوق العرش بذاته وهم يقولون نحن نحارب البدعة ولا نقبل بالبدعة وهم جاءوا بأشنع البدع وهي بدعة القول إن الله بذاته فوق العرش أو بذاته في السماء فبقولهم بذاته فوق العرش ساووا بينه وبين الكتاب الذي ورد في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وابن حبان وغيرهما إنه موجود فوق العرش مكتوب فيه “إن رحمتي سبقت غضبي“. أي مظاهر رحمة الله أسبق وجودًا وأكثر من مظاهر الغضب الجنة خلقت قبل النار والملائكة خلقوا قبل الجن والإنس وهم أكثر عددًا من هذه المخلوقات.
فإذًا لا حجة لهم في ذلك الله يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ} معناه الله لا مثل له لا شبيه له لا نظير له هم جعلوا لله مثالا جعلوه مثلا للكتاب الذي فوق العرش ومكتوب فيه إن رحمتي سبقت غضبي وكل ما كذب القرءان هذا القول يكون كفرًا والعياذ بالله كل قول فيه تكذيب للقرءان يكون كفرًا والعياذ بالله.
ثم يوجد حديث أصح من حديث مسلم أصح من حديث مسلم خرجّه مسلم وخرجه البخاري وفيه أن الصحابة كانوا يذكرون الله كانوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام ويرفعون أصواتهم فقال عليه الصلاة والسلام:”اربعوا على أنفسكم (هونوا على أنفسكم لا تجهدوها برفع الصوت) فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا إنما تدعون سميعًا قريبًا هو أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته“. هل يقولون الله بين الشخص الذاكر وبين عنق الراحلة يقولون لا هذا ليس على ظاهره إذًا لمَ تقولون حديث الجارية على ظاهره والرحمن على العرش استوى على زعمكم على ظاهره ءًأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء على زعمكم على ظاهره ماذا تقولون في هذا الحديث الذي هو أصح تقولون الله بين العبد الذاكر وبين عنق الراحلة وماذا تقولون في قوله تعالى:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} يقولون ليس على الظاهر هذه ليست على الظاهر {ءًأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} ليست على الظاهر {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ليست على الظاهر أنتم متحكمون تقولون بالهوى في قلبكم ميل لتشبيه الله بخلقه ولتجسيم فتثبتونه وتأتون ببعض الآيات والأحاديث توردونه في غير محلها لإيقاع الناس في عقيدتكم الفاسدة عقيدة التشبيه قال سيدنا علي:”من زعم أن الله محدود فقد جهل الخالق المعبود”. المحدود ما له كمية كل ما له حجم محدود الله لو كان في السماء لكان محدودًا لو كان على العرش كما يقولون لكان محدودًا كان له كمية لو كان له جهة لو كان له مكان لكان محدودًا والله يقول:{وَكُلُّ شَىْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ} معناه أنا خلقت كل شىء على مقدار مخصوص من الحجم الذي خلق كل شىء على مقدار مخصوص من الحجم لا حجم له بالمرة سبحانه وتعالى فيكونون كذّبوا الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ} ثم على اعتقادهم هذا يلزم أن يكون الله محاذيًا للعرش بقدر العرش أو أوسع منه أو أصغر وكل ما جرى عليه التقدير حادث محتاج إلى من جعله على ذلك المقدار الشىء الذي يكون على العرش العرش جسم إما أن يكون بقدره أو أقل منه أو أوسع منه مساحة فإن كان كذلك يحتاج لمن قدره لمن جعله على هذه المساحة بدل غيرها مما يجوز عليه والمقدَر محتاج إلى من قدره والمحتاج إلى غيره لا يكون ءالهًا فثبت المطلوب وهو أن الله لا كمية له بالمرة ولا يوصف بالجلوس ولا بالقعود ولا بالاستقرار ولا بالكون في مكان ولا بالكون في جهة سبحانه وتعالى.
والعرش لا مناسبة بينه وبين الله كما أنه لا مناسبة بينه وبين شيء من خلقه أي لا مشابهة بين الله وبين العرش ولا مشابهة بين الله وبين شىء من خلقه افهموا ذلك الله خالق كل شىء الذي هو خالق كل شىء لا يشبه شيئًا من خلقه مستحيل عقلا أن يخلق الشىء شبيهاه مستحيل عقلا أن يخلق الشىء مثله فالله خالق كل شىء فإذا لا يشبه شيئًا سبحانه وتعالى مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك أنت تتصور المخلوقات تتصور الجنة تتصور النار تتصور العرش تتصور السماء تتصور الأرض أما الله فليس شيئًا متصورًا ولا يتشرف الله بشىء من خلقه ولا ينتفع بشىء من خلقه المشبهة المجسمة الوهابية يقولون نحن نصف الله بالجهة الفوقانية هذا تعظيم لله هذا تشريف لله على زعمهم المتشرف بالمخلوق مخلوق المتغير مخلوق فإذًا الذي تشرف بمخلوق متغير لأن هذا المخلوق لم يكن في الأزل فإذا كان شىء تشرف به فإذًا هو تغير لأنه بحدوثه بحدوث هذا الشىء الذي تشرف به صار هو متشرفًا به يعني تغيّر والمتغير حادث والحادث لا يكون ءالهًا فمستحيل أن يكون الله متشرفًا بالعرش أو الجهة الفوقانية الجهة الفوقانية والتحتانية واليمين والشمال والأمام والخلف بالنسبة لذات الله على حد سواء لأن الله ليس حجمًا العرش والفرش أسفل المخلوقات بالنسبة إلى ذات الله على حد سواء الله موجود بلا مكان ولا جهة.
س: ما الرد على المشبهة الله قاعد على العرش؟
ج: قول المشبهة الله قاعد على العرش شتم لله لأن القعود من صفة البشر والبهائم والجن والحشرات وكل وصف من صفات المخلوق وصف الله به شتم له الذي يصف الله بصفة من صفات المخلوقين شتم الله سب الله ومن شتم الله كفر.
قال الحافظ الفقيه اللغوي مرتضى الزبيدي خاتمة اللغويين:”من جعل الله تعالى مقدّرًا بمقدار كفر أي لأنه جعله ذا كمية وحجم والحجم والكمية من موجبات الحدوث وهل عرفنا أن الشمس حادثة مخلوقة من جهة العقل إلا لأن لها حجمًا ولو كان لله تعالى حجم لكان مثلا للشمس في الحجمية ولو كان كذلك ما كان يستحق الألوهية كما أن الشمس لا تستحق الألوهية.
س: اذكر كيف يكسر عابد الشمس المشبهة الذي يجعل لله مكانًا؟
ج: لو طالب هؤلاء المشبهة عابد الشمس بدليل عقلي على استحقاق الله الألوهية وعدم استحقاق الشمس الألوهية لم يكن عندهم دليل وغاية ما يستطيعون أن يقولوا قال الله تعالى:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىءٍ} فإن قالوا ذلك لعابد الشمس يقول له عابد الشمس أنا لا أؤمن بكتابكم أعطوني دليلا عقليًا على أن الشمس لا تستحق الألوهية فهنا ينقطعون عابد الشمس يكسر المشبه المجسم الذي يدعي الإسلام عابد الشمس والعياذ بالله يقول إلهي وخالقي ومعبودي الشمس التي هي ظاهرة نراها ونفعها ظاهر للإنس والبهائم والأرض والنبات والماء فيقول المشبه الله قال:{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} أو الله تعالى قال:{أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} فيقول عابد الشمس أنا لا أؤمن بكتابك أعطني دليلًا عقليًا هو المشبه المجسم يقول خالقي وإلهي ومعبودي جسم قاعد على العرش فينقطع عابد الشمس السخيف يقطع المجسم السخيف كلاهما سخيف فلا يوجد فوق العرش شىء حي يسكنه إنما يوجد كتاب فوق العرش مكتوب فيه إن رحمتي سبقت غضبي أي أن مظاهر الرحمة أكثر من مظاهر الغضب الملائكة من مظاهر الرحمة هم أكثر عددًا من قطرات الأمطار وأوراق الأشجار وحبات الرمال والجنة من مظاهر الرحمة وهي أكبر من جهنم بألآف المرات.
والله تعالى أعلم وأحكم هللوا وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفروا للمؤمنين والمؤمنات.
