مقصد الطالبين
لله تعالى
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمّد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
وبعد،
لله تعالى
[153] س: اذكر تقسيمَ الأمورِ إلى أربعة من حيث تعلق المشيئة والأمر.
ج: الأُمُورُ علَى أربَعةِ أقْسَام:
الأَوَّلُ: شَىءٌ شَاءَهُ الله وأَمرَ بِه: (أي شاء الله تعالى في الأزل أن يكون وأمر بذلك) وهوَ إيمانُ المؤمنِينَ وطاعَةُ الطائِعينَ. (الله تعالى شاء للمؤمنين أن يكونوا مؤمنين وشاء للطائعين أن يكونوا طائعين وأمر بذلك).
والثّاني: شَىءٌ شَاءَهُ الله ولَمْ يأمُرْ بهِ: وهُو عِصْيَانُ العُصَاةِ وكُفْرُ الكَافِرينَ ( الكافر حصل منه الكفر بإرادته بمشيئة الله والعاصي تحصل منه المعاصي بإرادته بمشيئة الله لكن الله تعالى نهى الكل عن الكفر وعن المعاصي)، إلا أنَّ الله لا يُحِبُّ الكُفْرَ مَع أنَّهُ خَلَقَهُ بمشِيئَته ولا يَرضَاهُ لعِبادِه، قَالَ تَعالى: {وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (سورة الزمر). والذي يقول والعياذ بالله إن الله يحب الكافرين والمؤمنين كذب القرءان الكريم قال الله تعالى:{قُلْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} الله لا يحب الكافرين والمؤمنون لا يحبون الكافرين حتى النبي من الأنبياء إذا كان له قريب كافر لا يحبه الله حفظ الأنبياء من أن تميل قلوبهم إلى محبة ذوات الكفار.
والثَّالثُ: أَمرٌ لم يَشَأهُ الله وأَمَرَ به: وهُوَ الإيمانُ بالنّسبةِ للكَافِرينَ الذين علمَ الله أنهم يموتونَ على الكفرِ أُمِرُوا بالإيْمانِ وَلم يَشأهُ لهُم. (ويدل على ذلك ما حصل مع سيدنا إبراهيم عليه السلام حين قال لولده إسماعيل عليه السلام قال:إني أرى في المنام أني أذبحك قال اسماعيل عليه السلام يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين قال افعل ما تؤمر يعني أُمر بذلك فلما أخذه وأراد أن يذبحه ما حصل الذبح لأن الله لم يشأ ذلك مع أن إبراهيم أُمر بذلك إذًا هذا أمر أمر الله تعالى به ولم يشأ حصوله سبحانه وتعالى.
والرَّابعُ: أمرٌ لم يَشَأه ولم يأمُرْ بِه: وهُوَ الكُفرُ بالنّسبةِ للأنبياءِ والملائِكةِ.
الله تعالى لم يشأ حصول الكفر منهم ولم يأمر بالكفر سبحانه وتعالى
ومَنْ كانَ مؤْمنًا بالقُرءانِ الكَريم فلْيَقِفْ عندَ قولِه تعالى: {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُون} (سورة الأنبياء). هنا بعض الناس يقولون هنا كيف شاء الله هذا الكفر والمعاصي وشاء الله أن يحصل من الإنسان هذا الشىء يقول بعضهم كيف يحاسبه على ذلك {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُون}.
فَلا يُقَالُ كيفَ يعذّبُ العُصَاةَ على معَاصِيهِمُ التي شَاءَ وقُوعَها مِنهُم في الآخِرةِ.
[154] س: ما معنى توحيدِ الله في الفعل؟
ج: رُوِيَ عن الجُنَيدِ إمَام الصُّوفيّةِ العَارِفينَ ( وهذا كان من أكابر العلماء الله تعالى أعطاه حظًا من كل العلوم النافعة كان إمامًا زاهدًا وليًا عابدًا جمع بين العلم والولاية وكان إمام الصوفية في زمانهم أبو القاسم الجنبد البغدادي كان محط رحال الصوفية.
إذا أراد الشخص الفقه يأتي إليه إذا أراد الحديث يأتي إليه إذا أراد اللغة يأتي إليه أما الصوفية الصادقون فكان محط رحالهم) عِندَما سُئِلَ عن التّوحيدِ أنَّه قالَ: «اليَقينُ» ثمّ اسْتُفْسِرَ عن مَعناهُ فقَالَ: «إنَّهُ لا مُكوّنَ لشَىءٍ منَ الأشْيَاءِ منَ الأَعْيانِ والأَعْمالِ خَالِقٌ لهَا إلا الله تعالى»، قَالَ تَعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (سورة الصافات) خلق الإنسان وخلق عمله المعتزلة يقولون لا الله خلق الإنسان وأعطاه القدرة على خلق الأعمال فصار الإنسان خالقًا لعمله دون ربه وهذا شرك وكفر والعياذ بالله تعالى.
وقَالَ الرّسولُ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله صَانِعُ كُلّ صَانعٍ وصَنْعَتِه» ، رواهُ الحاكمُ والبيهَقيُّ وابنُ حِبَّانَ من حَديثِ حُذيفةَ.
إذِ العبادُ لا يَخلقُونَ شَيئًا من أعْمالِهم وإنّما يكتَسِبُونَها (يعني هم يوجهون قصدهم وإرادتهم نحو العمل والله يخلقه عند ذلك)، فقَد قالَ الله تعَالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (سورة الرعد) تَمدَّحَ تعالى بذَلكَ لأَنَّهُ شَىءٌ يَختَصُّ به، وذَلكَ يقتَضي العُمومَ والشُّمولَ للأعيانِ والأعمالِ والحركاتِ والسَّكناتِ.
[155] س: اذكر الدليلَ على أن الله خالقُ الأعمالِ الاختياريةِ والاضطرارية.
ج: قَالَ تَعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (سورة الأنعام).
معناه الرسول كان أول المسلمين بعد الانقطاع الحاصل لأنه كان مدة طويلة بين ارتفاع عيسى إلى السماء وبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم كان مضى نحو خمسمائة عام فقبل بعثة الرسول بخمس سنين ما عاد على وجه الأرض مسلم فيما بين الناس إلا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لذلك نزل في القرءان الكريم أن يقول الرسول وأنا أول المسلمين أي بعد إنقطاع ليس معناه ما كان إسلام قبل ذلك كل الأنبياء كانوا على دين الإسلام. لاحظوا هنا في هذه الآية قل أي يا محمد يا أشرف الخلق إن صلاتي الصلاة معروفة ونسكي الذبح الذي يذبح في الحج تقربًا إلى الله ومحياي ومماتي الصلاة والنسك عمل إختياري والمحيا والممات الإنسان لا إختيار له في ذلك لله ربّ العالمين ملك لله لا شريك له لا أحد يشارك الله تعالى في ذلك هذا معنى لا شريك له.
سَاقَ الله الصَّلاةَ والنُّسُكَ والمحْيَا والمماتَ في مَسَاقٍ وَاحدٍ وجعَلَها مِلْكًا لهُ. فكَما أنّ الله خالقُ الحياةِ والموتِ كَذَلكَ الله خالِقٌ للأَعْمالِ الاختيَاريّةِ كالصَّلاةِ والنُّسُكِ، والحَركاتِ الاضْطِراريّةِ من بابِ الأَوْلَى.
وإنَّما تَمتَازُ الأَعْمالُ الاختِياريةُ أي التي لنَا فيها ميلٌ بكَونِها مكتسَبَةً لنَا فهِي مَحلُّ التّكلِيفِ.(يعني ما يكون منك بلا إرادة لا يكتب عليك ما يكون منك بإرادة هذا محل التكليف)
والكَسْبُ الذي هو فِعْلُ العَبد وعلَيه يُثابُ أو يُؤاخَذُ في الآخرةِ هُو تَوجيهُ العَبدِ قصدَهُ وإرادتَه نحوَ العملِ أي يَصْرِف إليهِ قدرَته فَيخلُقُه الله عِنْدَ ذَلِكَ.
فَالعبدُ كاسبٌ لعَملِهِ والله تَعالى خَالقٌ لعملِ هذا العبدِ الذي هُو كَسْبٌ له (إذًا ما هو حظ العبد من عمله أنه يكتسبه ما هو حظ العبد من عمله العبد هو مظهر لإكتساب العمل العبد لا يخلق شيئًا لا يخلق حرفًا لا يخلق أنمولة لا يخلق شعرة فالعبد كاسب لعمله والله تعالى خالق لعمل هذا العبد الذي هو كسب له)، وهذه المسألة من أغْمضِ المسائلِ في هذَا العِلمِ.
[156] س: اذكر الدليلَ على كفر المعتزلةِ من كلامِ العلماء.
المعتزلة القائلون إن العبد يخلق أعمال نفسه كفار بلا شك بلا خلاف لأنهم كذبوا القرءان وكذبوا الحديث وكذبوا العقل وكذبوا الإجماع فلا خلاف بين الأئمة في كفر هذه الفرقة من المعتزلة المعتزلة عشرون فرقة الذين لم يكفرهم العلماء هم الذين لم يصلوا إلى حد الكفر كالذين قالوا إن الله لا يُرى في الآخرة قالوا الله موجود لا شبيه له ولا مكان له وهذا الذي لا شبيه له ولا مكان له وليس حجمًا على زعمهم قالوا لا يُرى أما أهل الحق فقالوا الله موجود فصح أن يُرى واستدلوا بالآية القرءانية الكريمة:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} أما المعتزلة قالوا ليس معناها أنهم يرون الله بل معناها منتظرة نعمة الله فلم يكفرهم أهل الحق على هذا وكانوا في ذلك متأولين ولكن تأولهم فاسد يعني.
أما قول من قال من المعتزلة إن الله خلق الإنسان ثم صار هذا الإنسان صار خالقًا لعمله بقدرة أعطاه الله إياها فهذا القول كفر ولم يختلف الأئمة في تكفير من قال بذلك أو اعتقد ذلك.
ج: يَكْفُرُ مَنْ يَقُولُ إنَّ العَبْدَ يَخْلُقُ أعْمالَهُ كالمعتَزِلَةِ، كَمَا قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُ: «كلامُ القَدَريّةِ كُفرٌ» والقَدرِيّةُ همُ المعتَزلةُ.
قَالَ أبُو يُوسُفَ:”المُعتَزلَةُ زَنَادِقَةٌ“. (والزنديق هو الذي لا ينتحل دينًا)
وَوَصَفهُم أبُو مَنْصُورٍ التَّميميُّ في كِتَابِه «الفَرْقُ بَيْنَ الفِرَقِ»: بِأنَّهُم مُشْرِكُونَ. وأَبُو مَنْصُورٍ هُوَ الذي قَالَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ الهيتمي هَذِهِ العِبَارَةَ: «وقَالَ الإمَامُ الكبِيرُ إمامُ أصْحابِنا أبُو مَنْصُورٍ البغدادِيُّ»، وهُوَ مِمَّن كَتَبَ عَنْهُ البَيْهقيُّ في الحديثِ.
[157] س: اذكر قولَ الإمامِ البغدادي في تكفيرِهِ المعتزلة.
ج: قَالَ الإمَامُ البَغْدادِيُّ في كِتَابِه «تَفْسِيرُ الأَسْماءِ والصّفَاتِ»: «أَصْحَابُنا أجْمَعُوا علَى تَكْفِير المعْتَزلَةِ» أي الذين يقولونَ: العبدُ يخلُق أفعالَه الاختيارية، وكذلكَ الذين يقولونَ فرضٌ على الله أن يفعلَ ما هو الأصلحُ للعبادِ. (كما قال عمرو خالد بذلك قال المرأة إذا اتقت ربها وأدت صلاتها وأدت صومها يجب على الله قال أن يدخلها الجنة وهذا كفر صريح الله لا يجب عليه شىء)
وقَولُه: «أصْحابُنا» يَعنِي به الأشْعَرِيّةَ والشَّافِعيّةَ لأنَّه أشْعَرِيٌّ شَافِعِيٌّ بلْ هُوَ رَأسٌ كَبيرٌ في الشَّافِعيَّةِ كَما قالَ ابنُ حَجَر وَهُوَ إمَامٌ مُقَدَّمٌ في النَّقْلِ مَعْرُوفٌ بذَلِكَ بَيْنَ الفُقَهاءِ والأُصُولِيّينَ والمؤَرّخِينَ الذينَ ألَّفُوا في الفِرَقِ، فَمن أَرادَ مَزِيدَ التَّأكُّد فليُطالِعْ كتُبَهُ هَذِه، فلا يُدَافَعُ نَقْلُهُ (نقل هذا الإمام البغدادي) بكلامِ البَاجُوريّ وأمثالِه ممَّن هُوَ مِنْ قَبْلِ عَصْرِهِ أو بَعْدَهُ.
[158] س: على ماذا يُحملُ كلامُ مَنْ لم يكفِـّـر المعتزلة؟
ج: كلامُ بعضِ المتقدّمينَ مِنْ تَركِ تكفيرهم محمُولٌ على مثل بِشْرٍ المرِيسيّ والمأمون العبَّاسيّ، فإنّ بِشْرًا كان مُوافقَهُم في القولِ بخلقِ القرءانِ وكفَّرهُم في القولِ بخلق الأفعالِ فلا يُحْكَم على جميع من انتسبَ إلى الاعتزالِ بحُكْمٍ واحِدٍ ويُحكَمُ على كلّ فَردٍ منهم بكونِهِ ضَالا.
[159] س: أذكر الدليلَ العقليَّ على فسادِ قولِ المعتزلة إن العبد يخلقُ أفعاله.
قلنا كل الشرع العقل السليم هو شاهد له الشرع هو الأصل والعقل شاهد للشرع والشرع لا يأتي إلا بموجزات العقول.
ج: قَالَ أَهْلُ الحقّ: «امتَنَع (يعني لا يجوز) خَلْقُ العَبدِ لفِعْلِه لعُمُومِ قُدْرَةِ الله تَعالى وإرادَتِه وعِلْمِه. يعني لا يجوز أن يكون العبد خالق لفعله لأن قدرة الله عامة وإرادته عامة وعلمه عام.
وبَيانُ الدَّليل علَى ذَلكَ أنَّ قُدرَةَ الله عامَّةٌ وعلمه عام وإرادَته عامة فإنَّ نِسْبَتَها إلى الممكناتِ نِسْبَةٌ واحدَةٌ.
فإنَّ وجُودَ الممكنِ العَقليّ إنَّما احْتاجَ إلى القَادرِ من حَيثُ إمْكانُه وحدُوثُه.
يعني العبد شخص هذا العبد جرمه جسمه هذا ممكن من الممكنات العقلية سبق وبينا الممكن العقلي هو ما يجوز في العقل وجوده وعدمه يعني يحتمل الوجود ويحتمل العدم كيف يصير موجودًا الله تعالى أوجد هذه الموجودات بقدرته وكان عالمًا في الأزل أنها تكون موجودة وهو أبرزها من العدم إلى الوجود هذا الجسم ممكن عقلي والفعل ممكن عقلي فنسبته إلى يعني حين نقول الله تعالى خلق جسم الإنسان وعمل الإنسان وعمل الإنسان ماذا يقولون فيه عمل هذا الإنسان ممكن عقلي كما أن الجسد ممكن عقلي الله خلق هذا وخلق هذا الجسم احتاج إلى القادر ليكون موجودًا لأنه كان معدومًا قبل وجوده وعمله احتاج إلى القادر ليكون موجودًا بدل أن يكون معدومًا لأنه ممكن عقلي فنسبتها إلى الممكنات القدرة والإرادة إلى الممكنات العقلية نسبة واحدة كما أن هذا يحتاج إلى القادر ليكون موجودًا الفعل يحتاج إلى القادر ليكون موجودًا فإن وجود الممكن العقلي إنما احتاج إلى القادر من حيث إمكانه وحدوثه.)
فَلَو تَخصَّصَت صِفَاتُه هَذه (القدرة والعلم والإرادة) ببَعضِ الممكِنَاتِ للَزِمَ اتّصَافُه تَعالَى بنَقِيضِ تِلكَ الصّفاتِ من الجهلِ والعَجْزِ وذَلكَ نَقْصٌ والنَّقْصُ علَيه مُحَالٌ. ولاقْتَضَى تَخَصُّصُها (أي تخصص هذه الصفات على زعم من قال قولا يؤدي إلى ذلك) مُخَصّصًا وتَعَلَّقَ المخَصّصُ بذَاتِ الوَاجِبِ الوُجُودِ وصِفَاتِه وذلكَ مُحالٌ. (صفات الله تعالى أزلية أبدية كما أن ذات الله أزلي أبدي فلا يجوز أن يكون شىء من صفته مخصصا ولو كان هذا الشىء المخصص يتعلق بذات الواجب الوجود ولا يجوز أن يقال إن صفات الله خصصها الله تعالى هذه صفات الله ثابتة له في الأزل.
فَإذًا ثَبتَ عمُومُ صِفَاتِه. فلَو أرادَ الله تعالى إيجادَ حادِثٍ وأرادَ العبدُ خلافَهُ ونَفذَ مُرادُ العَبْدِ دُونَ مُرادِ الله للَزِمَ المحالُ المفْروضُ في إثباتِ إلـهَينِ، وتَعدُّدُ الإلـهِ محالٌ بالبُرهانِ، فما أدَّى إلى المحالِ محالٌ.
احفظوا هذه القاعدة كل قول يؤدي إلى المحال فهو محال فقول المعتزلة بأن العبد خالق لفعله دون ربّه هذا قول بالمحال فهو محال ويؤدي إلى المحال ويؤدي إلى وجود إلهين على زعمهم إلى وجود مدبرين إلى وجود خالقين وهذا محال كل قول يؤدي إلى المحال فهو محال والجاهل يا أحبابنا بالعقيدة لا يُعذر.
[160] س: اذكر الدليلَ على أن الجاهلَ في أصولِ الدينِ لا يُعْذَر.
ج: لا يُعْفَى الجاهِلُ ممّا ذكرناهُ من الأصولِ، ولا يُعْذَرُ فيما يقَعُ منه منَ الكُفْرِ لعدَمِ اهتمامِهِ بالدّيْن.
ولو كان الجهْلُ يُسْقِطُ المؤاخَذَةَ لكانَ الجهلُ خَيْرًا من العلم (الجهال يقولون أنا جاهل ما كنت أعرف أنا جاهل ما كنت أعرف لو كان الجهل يسقط المؤاخذة لكان خيرًا من العمل الجهل لا يحتاج إلى جهد العلم يحتاج إلى جهد والإسلام دعى إلى العلم ليس إلى الجهل الرسول قال:” أيها الناس تعلموا إنما العلم بالتعلم والفقه وبالتفقه” وقال:”من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين” وقال:”طلب العلم فريضة على كل مسلم” وقال تعالى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} وقال عليه الصلاة والسلام:”فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم” وقال صلى الله عليه وسلم:”وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع”. وقال صلى الله عليه وسلم:”من سلك طريقًا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريًقًا إلى الجنة“. الإسلام فيه دعوة إلى العلم الرسول دعى إلى علم الدين والقرءان أرشد إلى ذلك فالقائل بخلاف ذلك يكون مخالفًا للقرءان والحديث الجهال يعتذرون على زعمهم بجهلهم والجهل ليس عذرًا لو كان الجهل عذرًا لكان خيرًا من العلم والله تعالى يقول:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} لا يعفى الجاهل مما ذكرناه من الأصول ولا يُعذر فيما يقع منه من الكفر لعدم إهتمامه بالدين ولو كان الجهل يسقط المؤاخذة لكان الجهل خيرًا من العلم وهذا خِلافُ قولِه تعالى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} (سورة الزمر).
إلا أنَّ من كانَ قريبَ عهدٍ بإسلامٍ ونحوَه لا يكفرُ بإنكارِ فرضيَّةِ الصلاةِ (عن جهل) وتحريمِ الخمرِ ونحوِ ذلك (إذا لم يكن سمع أن هذا من دين الإسلام أما في أصول العقيدة لا يُعذر يعني إذا اعتقد أن الله له شكل أو لون أو جسم أو أنه قاعد أو أنه جالس أو أنه ساكن في السماء أو ساكن في كل مكان أو أنه ملتصق بالعرش أو يحاذي العرش أو اعتقد أن الله ضوءًا كما يعتقد كثير من الجهال فإن هذا ليس مسلمًا لو كان هذا الشخص يعيش في غابة بعيدة عن أهل العلم واعتقد هذا الاعتقاد لا يُعذر لا يعذر أحد في مثل هذا بسبب الجهل وجد في بلاد الشام في بلادنا من يقول إن الله سبحانه تعالى ذكر والعياذ بالله ووجد من يقول أنا اعتقادي إن الله هو الضمير كل هذا كفر ووجد من يقول أنا أعتقد أن الله هو الأرض التي نعيش عليها والعياذ بالله هؤلاء كفار لا عذر لو كانوا ينتسبون للإسلام وولدوا من أبوين مسلمين هذا العقيدة كفرية) .
[161] س: ما هو الفرض الأول في حق الأهل أن يتعلموه؟
ج: الفرضُ الأولُ في حقّ الأهلِ تعليمُهُمْ أصولَ العقيدةِ كيْلا يقَعُوا في الكفرِ بجهلهِم بالعقيدةِ فإن اعتقدوا أنَّ الله جِسْمٌ نورانِيٌّ أبيَضُ فاستمَرُّوا بعدَ البلوغ على ذلكَ فماتوا عليه خُلّدوا في النارِ نتيجةَ اعتقاداتِهمُ الفاسدةِ.
قال الفُضَيلُ بنُ عِيَاضٍ: «لا يغُرَّنَّكَ كثرَةُ الهالكين»، ( قال:”اسلك طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإيّاك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين). فهل هذا الجهلُ في العقيدةِ هو نتيجةُ محبَّةِ الأهلِ لأبنائهم؟ يطعم ولده ويسقي ولده ويضعه في المدرسة ثم في الجامعة ويقترض أحيانًا وبالربا أحيانًا ليرسله إلى أميركا إلى أوروبا لدراسة الدنيوية ويترك تعليمه العقيدة ويترك تعليمه الأحكام الضرورية فينشأ كما حصل الآن في كثير من الأولاد ينشأون على الكفر ينشأون على اعتقادات فاسدة ينشأون على عقيدة أن الله له شكل أو جسم أو أنه يسكن جهة السماء أو أنه ينزل ويطلع كما تقول الوهابية ينشأون على عقيدة فاسدة تركوا من صغرهم الأصل جهال والفرع طلع جاهلا يهتمون لدنيا ويتركون أمر الآخرة كما قال الله تعالى:{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} وقال تعالى:{ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} الآخرة أمام الجميع والقبر أمامنا.
[162] س: ما معنى قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (سورة الذاريات).
ج: جاءَ في تفسير الآيةِ: أي وما خلَقَ الله الجِنَّ والإنْسَ إلا ليأمُرَهم بعبادته.
وبعدَ أَن جاءَنا الهُدَى وهو الرّسولُ صلى الله عليه وسلم وقامَت علينا الحجَّةُ به فلا عُذْرَ لنا، قال تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (سورة الإسراء).
والله تعالى أعلم وأحكم هللوا وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفروا للمؤمنين والمؤمنات.