fbpx

6 :مقصد الطالبين – الحلقة

شارك هذا الدرس مع أحبائك

مقصد الطالبين لله تعالى الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. فلله تعالى أما بعد، 35 – س: مَا هُوَ كُفْرُ التشبيه؟ ج: التشبيهُ: أي تشبيهُ الله بخلْقِه كمن يصفُه بالحدوثِ أو الفناءِ أو الجسمِ أو اللونِ أو الشكلِ أو الكمّية أي مِقدار الحَجْم، أما ما ورَد في الحديثِ “إن الله جميلٌ” فليس معناهُ جميلَ الشكلِ وإنّما معناهُ جميلُ الصّفاتِ أو محسنٌ. الله تبارك تعالى لا يجوز أن يصف بأي صفة من صفات المخلوقين كالعجز والجهل والتغير والجلوس والقعود والاستقرار والشكل والصورة والهيئة والكون في جهة أو مكان الله تعالى هو خالق كل شىء وخالق كل شىء لا يجوز أن يكون مشبهًا لأي شىء من خلقه فإن العقل يقضي بأن الشىء مستحيل أن يخلق مثله الله سبحانه وتعالى يقول:{قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ} الله خلق كل شىء فلا يشبه شيئًا الله تعالى خلق كل صفات الحوادث فصفاته لا يجوز أن تكون كصفات الحوادث نحن علمنا حادث علمنا حصل لنا بعد جهل علم الله أزلي واحد لا يتغير لا يزيد ولا ينقص نحن بصرنا حادث نحن حين نرى يحدث فينا بصر حين نسمع يحدث فينا سمع الله يسمع كل ما يُسمع بسمعه الأزلي ويرى كل ما يرى ببصره الأزلي لا يحدث فيه صفة نحن أجسام مركبة الجسم ما تركب من جوهرين فأكثر الله ليس جسمًا ليس شيئًا مركبًا الله ليس أصلا لغيره وليس فرعًا من غيره نحن بما أننا لنا حجم لنا مكان لنا جهة الله تعالى خالق الأحجام خالق الأجسام لا مكان له ولا جهة له. المكان هو الفراغ الذي يشغله الحجم فكل ما يكون في مكان فهو حجم كل ما يكون في جهة فهو حجم الله تعالى خالق الأحجام خالق الأجرام خالق الأجسام لا يحتاج للمكان لا يحتاج للجهات جهة فوق بالنسبة إلى ذات الله كجهة تحت كجهة يمين كجهة شمال كجهة أمام كجهة خلف الله سبحانه وتعالى كان في الأزل قبل وجود المخلوقات قبل وجود الأماكن والجهات قبل وجود العرش قبل وجود الفضاء والملاء والنور والظلام كان كان موجودًا بلا جهة ولا مكان ولم يزل موجودًا بلا جهة ولا مكان الله تعالى ليس شيئًا يتصور في البال ليس شيئًا يتمثل في القلوب لذلك قال الشافعي وأحمد بن حنبل وذو النون المصاري وكل إمام يقول هذا “مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك” لأن المتَصور مخلوق والمخلوق لا يكون إلهًا نزهوا إلهكم عن سمات المحدثين وعن صفات المخلوقين لا تصف الله بصفات المخلوقين لذلك قال الإمام الشافعي:”من قال الله جالس على العرش فهو كافر” لذلك قال الإمام الشافعي كما روى عنه الحافظ السيوطي:”المجسم كافر” لذلك قال الإمام أحمد رضي الله عنه كما روى ذلك المحدث الفقيه بدر الدين الزركشي في كتاب تشنيف المسامع قال أحمد:”من قال الله جسم لا كالأجسام كفر” لأن الجسم كيف ما كان هو شىء مركب له طول وعرض وعمق وسمك وتركيب وصورة وتأليف والله خارج عن ذلك كله فلا يجوز أن يوصف بأنه جسم ولا يجوز أن يوصف بأوصاف الجسم من الشكل واللون والهيئة والمكان والجهة لا يجوز هذا من وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر لذلك قال الإمام أبو الفضل التميمي رئيس الحنابلة ببغداد وابن رئيسها قال:”أنكر أحمد على من قال بالجسم” الإمام أحمد لا يرضى أن يقال عن الله إنه جسم الإمام أحمد لا يرضى أن يوصف الله بصفة تؤدي إلى أنه جسم يعني الذي يقول الله بذاته في العرش هذا معنى كلامه أن الله جسم الذي يقول الله يسكن فوق معنى كلامه أن الله جسم الذي يقول أن الله يسكن الجهة الفوقانية معنى كلامه أن الله جسم هذا أبو الفضل التميمي رئيس الحنابلة في بغداد وابن رئيسها قال:”أنكر أحمد على من قال بالجسم” وقال:” إن الأسماء مأخوذة من اللغة والشريعة“. وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم الجسم لمن له طول وعرض وسمك وتركيب وتأليف ولم يرد ذلك في الشريعة لم يرد أن الله جسم في الشريعة لأن هذا مستحيل على الله تبارك وتعالى قال فبطل يعني لا يجوز أن يوصف الله بأنه جسم لذلك اتفق أهل السنة والجماعة أن من قال عن الله إنه جسم من وصف الله بأنه جسم وهو يعرف اللغة العربية يعرف ما معنى كلمة جسم فقد كفر وقال الإمام أحمد:”حتى لو قال جسم لا كالأجسام“. فانتبهوا لهذا كثير من أولاد المسلمين نشاءوا على اعتقاد أن الله يسكن السماء السماء هي مهبط الرحمات والبركات السماء هي مسكن الملائكة مشحونة بالملائكة فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:” ما في السماء موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد” يعني ممتلئة بالملائكة السماء خلق من خلق الله ليست أزلية فكيف يقال الله يسكنها العرش خلق من خلق الله ليس أزليًا فكيف يقال الله بذاته فوق العرش {الرحمن على العرش استوى} معناه الله تعالى خلق العرش وهو قاهره وليس معناه أن الله كان عاجزًا ثم صار قادرًا لا.كما يقال الله خلق الخلق وهو القاهر فوق عباده فوقية القهر ليس معناه أنه قبل وجود العباد لم يكن مستحقًا للوصف بأنه القاهر لا ليس معناه أنه لم يكن قادرًا ثم صار قادرًا بعد خلق الخلق لا إنما هذا إخبار عن أن الله تبارك وتعالى خلق الخلق وهو قاهر للخلق وذاك الرحمن على العرش استوى إخبار عن أن الله خلق العرش وهو قاهر للعرش وهو قاهر للعرش الله سبحانه وتعالى ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق ولا بعد خلق المربوبين استفاد اسم الربّ الله سبحانه وتعالى أزلي وصفاته أزلية الخلق حادثون أما الخالق فليس حادثًا سبحان الله رزق أهل السنة والجماعة الفهم الصحيح وحرم المشبهة المجسمة من الفهم الصحيح فقرأوا بعض الآيات فشبهوا الله بخلقه أهل السنة والجماعة الأشاعرة والماتوردية قرأوا القرءان ففهموه على مراد الله وقرأوا حديث رسول الله فهموه على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم هداهم الله للحق أما المشبهة المجسمة فقد حرمهم الله تعالى من الفهم الصحيح فاعتقدوا في الله ما لا يليق به وهذا الحديث الذي ورد “إن الله جميل” أي محسن أو جميل الصفات ليس معناه أن الله له شكل يحب الجمال أي يحب حسن الحال ليس معناه يحب جمال الشكل كم من صالح ليس جميل الشكل بعض جهلة العوام إذا رأى أحدهم جميلة يقول الله يحب الحلوين أعوذ بالله لا يقال الله يحب الحلوين الله يحب المتقين الله يحب المؤمنين أي يكرمهم أما حديث “إن الله جميل” أي مجمل محسن يحب الجمال يحب حسن الحال التقوى طول الصمت حسن الخلق يحب حسن الحال. 36 – س: ما هُوَ كفرُ التكذيب؟ ج: التكذيبُ: أي تكذيبُ ما وردَ في القرءانِ الكريم أو ما جاءَ به الرسولُ صلى الله عليه وسلم على وجهٍ ثابتٍ وكان مما عُلِم من الدين بالضرورةِ كاعتقادِ فَنَاءِ الجنّةِ والنار ابن تيمية الحراني قال بفناء النار وهذا تكذيب للنص القرءاني وللحديث ولإجماع العلماء وقال الإمام النسفي ورد النصوص كفر ولايكفي أن يكون الشخص صار له شهرة في سعة الحفظ كابن تيمية إنما لا بد أن يكون موافقًا للحق حتى يقال عنه من أهل الحق أما ابن تيمية فقد قال فيه بعض الحفاظ إنه خالف الإجماع في مسائل قيل إنها تبلغوا ستين مسئلة في الأصول وفي الفروع. فإذا كل من كذب نصًا في القرءان الكريم فقد كفر كبعض الذين يقولون الخمر حلال ليس حرامًا هؤلاء كذبوا نص القرءان الله تعالى قال: {فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} قال عمر:”إنتيهنا يا رب إنتهينا” قبل أن تحرم الخمر كان بعض الصحابة يشربها لم تكن محرمة أما الأنبياء فلا يشربون ولا يشجعون على شرب الخمر ثم لما نزل النص القرءاني:{ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} أهل العربية الفصيحة الفصحاء البلغاء الذين هم عرب بالسليقة يعرفون العربية قالوا إنتيهنا يا رب إنتهينا فهموا التحريم فمن قال الخمر ليس حرامًا أو قال لا يوجد نص في القرءان على تحريم الخمر فقد كفر كذلك بعض هؤلاء العصريين الذين بعضهم من المتمشيخين يحرفون كتاب الله ولا يبالون قال أحدهم أنا أريد أن يحرموا تعدد الزواج هذا كذّب النص القرءاني: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} الذي يكذب نص القرءان كافر كائن من كان والعياذ بالله بعضهم قال أميل أن يحرموا هذا الأمر يعني أن يكذب النص القرءاني كذلك قول بعضهم يجوز للمرأة المسلمة أن تعيش في صورة الزواج تحت إنسان كافر هذا أيضًا تكذيب للنص القرءاني وهو كفر النص القرءاني صريح {فإن عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} جاء بعض العصريين وقال والعياذ بالله لا يوجد نص قرءاني في هذا إنما هذا اجتهاد هذا نص قرءاني صريح وأجمع الفقهاء على العمل بهذا النص لأنه صريح ظاهر لا يخُرج عن ظاهره. كذلك من يقول إن الجنةَ لذاتٌ غيرُ حسّيةٍ أي شىء معنوي هذا كذّب النص القرءاني، وأنّ النارَ ءالامٌ معنويّةٌ كما قال بعض أدعياء التصوف جهنم محل طبابة واستشفاء ليست محل عذاب هؤلاء كفار، أو إنكارِ بعثِ الأجسادِ والأرواح معًا، أو إنكارِ وجوب الصلاةِ أو الصيامِ أو الزكاةِ لو إنسان ترك الصلاة وهو يقر بفرضيتها عاص آثم ترك الصوم ترك الزكاة لكن يعتقد ويعترف أنها فرض لا يكفر لكن إن قال ليس فرضًا الصوم صار كافرًا إن قال الزكاة ليس فرضًا صار كافرًا، أو اعتقادِ تحريمِ الطّلاق أي مطلقًا أو تحليلِ الخمرِ وغيرِ ذلك ممّا ثبتَ بالقطعِ وظهرَ بين المسلمين. وهذا بخلافِ من يَعتقدُ بوجوبِ الصلاةِ عليه مثلاً لكنه لا يصلي فإنه يكونُ عاصيًا لا كافرًا كمن يعتقدُ عَدمَ وجوبِها عليهِ. يعني من ترك فريضة من الفرائض وهو معترف بفرضيتها آثم عاص لا يقال عنه كافر متى يكون كافرًا إن أنكر فرضيتها وكانت معلومة من الدين بالضرورة أي يعرف حكمها الجاهل والعالم. [37] س: ما هُوَ كفرُ التعطيل؟ ج: التعطيلُ: أي نفيُ وجودِ الله وهو أشدُّ الكفرِ. كالشيوعية الذين يقولون لا إله والعالم مادة هؤلاء معطلة. أهل السنة ليسوا معطلة كما يقول المشبهة المجسمة عنهم لأننا لا نشبه الله بخلقه ونقول في مثل {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} قهر {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} عهد الله ثبت عليهم {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} أي على حفظي يقولون هؤلاء معطلة معنى قولهم معطلة أننا نفينا الصفات التي يتصف الله بها وهذا كذب وإفتراء المعطلة الذين ينفون وجود الله كالشيوعية أو ينفون صفة من الصفات الواجبة له إجماعًا كالقدرة والعلم والحياة والإرادة والسمع البصر والكلام. [38] ما حكمُ من يشبهُ الله بخلقه، وما السبيلُ إلى صرفِ التشبيه؟ ج: حكمُ من يُشبّهُ الله تعالى بخلقِهِ التكفيرُ قطعًا. والسَّبِيلُ إلى صَرفِ التَّشبِيهِ اتباعُ هذِهِ القَاعِدَةِ القَاطِعَةِ وهي قول ذي النون المصري وكما قلت وهي قول أحمد بن حنبل والشافعي وقول غيرهم أيضًا:”مَهْما تَصَوَّرتَ ببَالِكَ فَالله بِخِلافِ ذَلِكَ” وَهِيَ مُجمَعٌ عَلَيها عِندَ أهلِ الحَقّ، وهي مَأخُوذَةٌ مِن قَولِهِ تَعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} سورة الشورى. ومُلاحَظَةُ مَا رُويَ عن الصّدّيقِ شِعرٌ من البَسِيْط العَجْزُ عَنْ دَرَكِ الإدْرَاكِ إدْرَاكُ والبَحثُ عنْ ذَاتِه كُفرٌ وإشراكُ معناه من اعترف وصدق وآمن بوجود الله ووصف الله بما يجب له من الصفات ونزه الله عن صفات المخلوقين عن كل نقص كالعجز والجهل والشكل والصورة والتركيب والتأليف والكون في الجهة والمكان واعترف بالعجز عن الإحاطة بذات الله لأن الله قال:{لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} فهذا عرف فهو موحد عارف مدرك أما الذي لا يرضى بهذا كالمشبهة المجسمة يقولون لا نتصور موجودًا بلا جهة ولا مكان فشبهوا الله بخلقه ووصفوه بأوصاف المخلوقين وزعموا أن الله على العرش بذاته وأنه في السماء بذاته وأنه ينزل حقيقة ويصعد حقيقة جعلوه كخلقه فهؤلاء كما قال أبو بكر الصديق مشبهة مشركون كافرون والعياذ بالله لأنه قال:”والبحث عن ذاته كفر وإشراك“ وَقَولُ بَعْضِ العُلَمَاءِ: “لا يَعْرفُ الله على الحقِيقَةِ إلا الله تعالى.” ومَعرِفتُنا نحنُ بالله تَعالى لَيْسَتْ عَلى سَبِيْلِ الإحَاطَةِ بلْ بمَعْرِفَةِ مَا يَجِبُ لله تَعَالى كوُجُوبِ القِدَم لَهُ أي أنه موجود بلا بداية، وتَنْزيهِهِ عَمَّا يَستحيلُ علَيه تَعالى كاسْتِحالةِ الشّريكِ لهُ وما يجوزُ في حقّه تعالى كَخلْقِ شَىءٍ وتركِه. قالَ الإمامُ الرفاعيّ رضي الله عنه: “غايةُ المعْرفةِ بالله الإيقانُ بوجُودِه تعالى بلا كيفٍ ولا مَكانٍ“. أي أقصى ما يتوصل إليه العبد من المعرفة في حق الله أن يعتقده موجودًا لا يشبه شيئًا لا يحتاج لجهة ولا مكان لا يتصور لا يتمثل في القلوب {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}. والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.