قال الشيخ جميل حليم
من نصائح الولي المرشد الشيخ الهرري
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد طه النّبي الأمي الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وصحبه ومن والاه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وكل رسول أرسله.
مجلس علم واحد خير من الدنيا وما فيها
أما بعد إخواني وأخواتي في الله من نصائح وإرشادات مولانا الإمام المجتهد المجدد المرشد الهرري رحمه الله رحمة واسعة ورضي الله عنه قال:”مجلس علم واحد خير من الدنيا وما فيها” هذا الكلام مع وجازته وقلة حروفه إلا أنه جمع وحوى المعاني الكثيرة والعظيمة والمهمة لماذا
لأنك بهذا العلم أي بعلم أهل السنة بعلم الدين تمشي في طريق الجنة تمشي بالخير والسعادة إذا مت على ذلك تمشي إلى النجاة بهذا العلم إذا عملت أمنت من دخول النار بإذن الله
لذلك قال رضي الله عنه:”مجلس علم واحد خير من الدنيا وما فيها”. هذه الدنيا كم فيها من الأموال والقصور والمباني والمجوهورات كم فيها من المليارات والذهب كل هذا للزوال كل هذا للفناء كل هذا يتركه الناس ويرحلون عنه وهذه الدنيا أصلا وما فيها للفناء لأن الله تعالى قال في القرءان في الكريم: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} (سورة الرحمن). أما هذا العلم إذا حصلته وكنت مخلصًا لله تعالى وطبقت وعملت بهذا العلم فأنت من أحباب الله وأنت من الناجين الآمنين في القبر وفي مواقف القيامة وفي الآخرة وإنّك تدخل الجنة من غير سابق لماذا لأننا قلنا تعلمت وعملت بهذا العلم.
وأساس هذا العلم أصل هذا العلم معرفة الله ومعرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا هو الشرط الأول الذي لا بد منه لصحة وقبول الأعمال الصالحة.
الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم هو ركن لا بد منه ليكون الإنسان عند الله مؤمنًا ليكون الإنسان من المسلمين أما من لم يعرف الله عزّ وجلّ فإنه مهما أدّعى الإسلام ومهما انتسب إلى الإسلام فهذا لا يكفي ولا ينفعه ولا ينقذه إذًا ما هو الأصل؟
الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهذا كما قال الله في القرءان الكريم ماذا قال الله عزّ وجلّ:{إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (سورة لقمان) لاحظوا بينت لنا هذه الآية أن الشرط الأساس هو الإيمان:{إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} يعني قبل الوضوء قبل الصلاة قبل الزكاة قبل الحج قبل قراءة القرءان قبل كل الأعمال الصالحة الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وهذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات} تؤكد هذا المعنى الذي شرحناه أن الإنسان لتقبل منه الأعمال الصالحة لا بد أن يكون مؤمنًا لتصح وتقبل منه الطاعات والعبادات لا بد أن يكون أولا مسلمًا.
ولو نظرنا في ءايات القرءان التي هي كثيرة جدًا ولو نظرنا في دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأقوامهم لرأينا كيف أنهم أكدوا على الناس على أقوامهم على أتباعهم الإيمان أولا
ماذا قال الله تعالى اسمعوا هذه الآية: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (سورة المؤمنون). إذًا هذه دعوة كل الأنبياء.
اسمعوا لهذه الآية يقول الله سبحانه في القرءان الكريم:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (سورة الأنبياء) .إذًا من ءادم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام أكدوا على الناس هذا الأمر الذي هو التوحيد والذي هو عبادة الله وحده وأن لا يشرك به شيئًا.
ثم إن الله عزّ وجلّ ماذا قال في القرءان الكريم:{ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} (سورة النساء). لاحظوا إلى قوله عزّ وجلّ :{وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} يعني الذي يريد أن تقبل منه الأعمال الصالحة والطاعات والعبادات لا بد أن يقوم بها وهو على الإيمان لا بد أن يؤدي هذه الأعمال وهو على الإسلام أما لو عمل صور كل العبادات وجاء بصور كل الطاعات وهو على غير الإسلام فلا تصح منه ولا تقبل.
لذلك يا إخواني ويا أخواتي أقبلوا إلى العلم أقبلوا إلى مجالس علم الدين فعلم الدين حياة الإسلام وهذا من أقوال وإرشادات مولانا الإمام الهرري رحمه الله ماذا قال رحمه الله أسمعوا وانتبهوا لهذه العبارة:”علم الدين حياة الإسلام” ما معنى علم الدين حياة الإسلام قوته يعني هذا العلم الذي يحصله الناس ويتعلمه الكبار والصغار هو قوة لهذا الدين لذلك علينا أن نتعلم وأن لا نضيع هذا العلم وأن لا نبخل على أنفسنا لأن الذي لا يتعلم لا يحصل ما أوجب الله وما فرض الله عليه فهو من الهالكين هو من الضائعين التائهين يعرض نفسه لغضب الله يعرض نفسه لسخط الله هذا الإنسان يكون والعياذ بالله تعالى عُرضة لشياطين الإنس والجن يلعبون به لأنه لم يحصن نفسه بالعلم.
يا إخواني ويا أخواتي انظروا في أمر الدنيا انظروا في أمر حراسة المال والمباني والسيارات والقصور كيف أن الناس يعملون لها حماية مثلا هذا الذي يسمى بصندوق الخزنة هذا معروف عند الناس بالعامية يقولون الخزنة يعني هو صندوق حديد له مفاتيح وله أرقام وله جهاز إنذار أحيانًا كل هذا لأجل حماية بعض الأوراق إما أوراق العقارات أو أوراق الشركات أو ما يُسمى دفتر تشيكات مثلا أو لحراسة وحماية بعض المجوهرات أو بعض الأموال مثلا كم يهتمون ويعتنون لحراسة هذه الأمور الدنيوية.
ويعملون ما يُسمى مراقبة بالكاميرات التي توضع عند الشارع ومدخل البناء ومدخل البيت والكاميرات الصغيرة التي هي داخل البيت كل هذا لأي شىء إذا جاء اللص ليسرق أن يصلوا إليه بسهولة أو ما يسمى جهاز الإنذار للسيارة ويضعون أحيانًا ما يسمى مراقبة على الهاتف يعني يضعون كاميرا في السيارة وتكون موصولة بهاتف الشخص فيراقب وهو في البيت هذه السيارة التي في الطريق هذه السيارة التي في الشارع.
يعني قلوبهم تتعب وفكرهم يتعب وأحيانًا إذا سُرقوا أو ضاعت هذه الأموال أو تلفت بعضهم يصاب بما يسمى الذبحة أو السكتة أو الجلطة كل هذا لأجل المال.
انظروا حراسة وتشديد ثم انتباه ومراقبة وكاميرات للمراقبة وأجهزة إنذار وربما استأجروا ما يسمى رجال الأمن لحراسة البناء والسيارة والخزنة والمال والشركة إلى أين نريد أن نصل إذا كان هذا المال يُعمل له كل هذا الاحتياط وكل هذه الوسائل للاحتياطات فكيف بأمر دينك ألا يستحق أن يعمل له حماية وكيف تحمي دينك بالعلم كيف تحمي هذا الدين وتحمي هذه العقيدة وتحمي نفسك لتنجو يوم القيامة كيف ما هي هذه الحماية؟
علم الدين حياة الإسلام بالعلم تعرف كيف تثبت على الإيمان وبالعلم تعرف كيف تتجنب الكفريات بالعلم تعرف العقيدة الإسلامية فتثبت عليها تعرف التنزيه تعرف كيف تنزه الله عن صفات المخلوقين وعن التغير والتطور وعن القعود والجلوس تعرف كيف تنزه الله تعالى عن أن يكون شكلا أو أن يكون قاعدًا في السماء أو جالسًا على العرش لأن الله ليس كمثله شىء لأن الله لا مثيل له لأن الله لا شبيه له لأن الله قال:{ فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ} (سورة النحل).
فإذا سئلت عن قول الله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} (سورة النور) فليس معناها أن الله ضوء ليس معناها أن الله تعالى ضوء أحمر أو أصفر أو أبيض أو أخضر أو كبير أو وسط أو صغير لا. لأن الله خالق الأضواء والخالق لا يشبه المخلوق كما قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه:”أنّى يشبه الخالق مخلوقه” يعني لا يشبه الخالق المخلوقين الخالق لا يشبه المخلوقين هو ربّهم هو الذي خلقهم فكيف يكون مشابهًا لهم لو كان مشابهًا لهم لجاز عليه ما يجوز عليهم وهم يجوز عليهم الزوال والضعف والعجز والموت والتغير والفناء وهذا كله مستحيل على الله.
إذًا ما معنى الله نور السموات والأرض هادي المؤمنين بنور الإيمان هذا معناه من الذي هدى الملائكة؟ الله.
من الذي هدى المؤمنين من الإنس والجن لنور الإيمان؟ الله
{اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} الله هو الذي هدى الملائكة سكان السموات لنور الإيمان وهو الذي هدى المؤمنين في الأرض من الإنس والجن لنور الإيمان وهذا التفسير أورده البيهقي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم.
فإذًا مجلس علم واحد خير من الدنيا وما فيها رأيتم اليوم شرحنا هذه العبارة هذه الوصية من إرشادات الإمام المرشد الولي الصالح الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله رحمة واسعة ورضي الله عنه مجلس علم واحد خير من الدنيا وما فيها هل ستحملون الدنيا معكم إلى قبوركم؟ لا والله هل ستحملون معكم الدنيا إلى مواقف القيامة؟ لا والله
سنترك هذه الدنيا ونرحل عنها بل قال بعض الناس إن الكفن ليس له جيب. الكفن الذي ستلف به هذا إن طلع لك كفن من الدنيا هذا الكفن ليس له جيب فما الذي ستأخذ وتحمل معك من الدنيا أنت وما عملت وأنت وما قدمت فتعلموا واعملوا طبقوا والتزموا وانصروا دين الله مُروا بالمعروف وانهوا عن المنكر علموا التوحيد انشروا التنزيه وحذروا من الكفريات والمعاصي بذلك يفوز الإنسان ويربح الدنيا والاخرة مجلس علم واحد خير من الدنيا وما فيها.
والحمد لله ربّ العالمين.