قال الشيخ جميل حليم
من نصائح الولي المرشد الشيخ الهرري
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد طه النبي الأمي الأمين والعالي القدر العظيم الجاه وعلى ءاله وصحبه ومن والاه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه وخليله صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم وبارك وعظّم ورضي الله عن جميع الأولياء والصالحين.
الأولياء لهم عمل في الليل
أما بعد، إخواني وأخواتي في الله من توجيهات ونصائح وإرشادات وأقوال ودرر مولانا الإمام المجتهد المجدد المرشد الشيخ عبد الله بن محمد الهرري رحمه الله رحمة واسعة أنه قال:”الأولياء لهم عمل في الليل” بعضهم يصلي وبعضهم يقرأ في القرءان وبعضهم يشتغل بالتهليل أو بالاستغفار أو بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض الأولياء له عمل في الليل بالدعاء والطاعات يشتغل نحو ثلاث ساعات.
إذًا من أخلاق وأعمال ومن همم الأولياء رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم لا يقضون أعمارهم في النوم لا يقضون أوقاتهم في النوم لا يقضون أوقاتهم في أمور الدنيا أو التلذذ في الطعام والشراب وما شابه حتى في الليل الذي فيه الكثير من الناس يكون غارقًا في النوم أو على التلفزيون أو ما شابه هم لهم عمل هؤلاء الأولياء في الليل يتلذذون ينشطون في الليل في الطاعات والعبادات لماذا؟ في الليل الكثير من الناس إما نائم أو على التلفزيون والليل فيه أسرار وتنزل فيه رحمات وبركات لا سيما قبل الفجر وفي وقت السحور في الليل تنزل نفحات الكثير من الناس لا يحصلها هم يتعرضون لهذه النفحات هم يدعون الله ويرجونها بعض الناس يقوم فيقرأ القرءان في قيام الليل.
مثلا سيدنا ومولانا عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه كان يختم القرءان في ركعة الوتر يعني معناه كان يصلي قبل هذه الركعة يقوم من الليل ويصلي من الليل تهجدًا ثم يختم القرءان كاملا في ركعة الوتر وهذا ليس بعزيز على الله يوجد شىء عند الأولياء يقال له طي الزمان الله يمكنهم يبارك لهم في الوقت فيعملون في الأوقات القصيرة الكثير من الأعمال في هذه الأوقات القصيرة ينجزون أعمالا كثيرة الله يبارك لهم في أوقاتهم وفي أعمارهم وهذا ليس بعزيز على الله الله عزّ وجلّ يفعل ما يشاء أليس خرق العادة لنبيه صلى الله عليه وسلم بأن كان الإسراء والمعراج ذهابًا وإيابًا من مكة المكرمة إلى الأماكن التي مر فيها في الأرض في الإسراء ثم إلى المسجد الأقصى ثم المعراج إلى السموات العلى إلى الجنة ثم رجع إلى بيت أم هانئ في مكة قبل الفجر وكان كل ذلك في نحو ثلث ليلة واحدة وأحيانًا ثلث الليل يكون قريب الأربع ساعات على حسب طول الليل أو قصر الليل على حسب البلد فإذًا الله خرق العادة لنبيه هذا الأمر العظيم العجيب الغريب الذي يُحتاج فيه إلى كثير من العمر والوقت النبي عليه السلام أُعطي كل ذلك في نحو ثلث ليلة واحدة فالله الذي أعطى هذا لنبيه أي خرق له العادة يخرق العادة لأحبابه لأنبيائه لأوليائه فيحققون الكثير من الأعمال في الأوقات القصيرة. وكذلك كان يفعل مولانا وسيدنا الشافعي رضي الله عنه وأرضاه كان يختم القرءان كاملا في ركعة الوتر هكذا كان الإمام الشافعي رضي الله عنه وارضاه.
وفي عصرنا هذا في زماننا كان أحد الأولياء المباركين الشيخ محمد مراد كان في حلب وكان صديقًا لشيخنا رحمة الله عليهما كان يختم القرءان الكريم كاملا في صلاة العشاء في ليلة القدر هذا الشيخ محمد مراد تصوروا كان في ليلة القدر إذا رؤي يأتي مقبلا إلى المسجد الناس يتوافدون يحتشد الناس فيصلي إمامًا ويبدأ بالقرءان من أوله فيختم القرءان في أول ركعتين من صلاة العشاء يعني الجهرية كان يختم القرءان كاملا في صلاة العشاء هذا الشيخ محمد مراد الله يفعل ما يشاء.
وكذلك أبو حنيفة رضي الله عنه وأرضاه كان يختم القرآن في مصلاه في الليل حتى قيل إن الموضع الذي دفن فيه في بغداد في العراق هذا المكان الذي هو مكان قبره رضي الله عنه يقال كان ختم فيه سبعة ألاف ختمة من القرءان مع أنه كان إمامًا في العلم وكان مجتهدًا وكان يخالط الناس والعباد وأعمال كثيرة ووظائف عظيمة في خدمة الدين ونشر العلم وكان في الليل انظروا يتفرغ للقيام والتلاوة والذكر والعبادة والدعاء حتى إنه كان يبكي في القيام والتلاوة كان يبكي وفي بعض الأحوال عند قراءة القرءان في الليل إذا جاء على بعض الآيات يبكي حتى يصل صوت بكائه إلى جيرانه جيرانه يشفقون عليه من شدة بكائه رضي الله عنه وأرضاه يقضي الليل بين تلاوة وصلاة ودعاء وذكر وتضرع هذا كان حالهم.
هذه السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنها هذه المرأة الشريفة الزكية الطاهرة المباركة الولية الصالحة التي كانت جمعت بين العلم وبين الكرامة والولاية وكانت زاهدة عابدة مع غناها الكبير كان لها أموال كثيرة وزوجها كان من الأشراف ومن التجار ويعطيها الكثير من المال وهي تصرفه في سبيل الله تنفق هذه الأموال في سبيل الله كانت ترسل الكثير من المال للإمام الشافعي الإمام الشافعي ماذا يفعل؟
يصرفه على طلبة العلم يعطي الناس الذين تفرغوا للعلم لأجل أن لا يشتغلوا في تحصيل النفقة كانوا تفرغوا للعلم هو يعطيهم من هذا المال وكانت تعتقد في الإمام الشافعي والإمام الشافعي يعتقد فيها تعتقده إمامًا عالمًا ويعتقدها ولية صالحة.
حتى إنه رضي الله عنه كان إذا مرض يُرسل إليها فتدعو له فيُشفى بإذن الله يتعافى هي دعائها كان مستجابًا والدعاء عند قبرها مستجاب مع أن الشافعي نفسه كان صديقًا في الولاية المرة التي مات في مرضه تلك المرة تلك المرضة لم يطلب منها الدعاء هو كان عادة إذا مرض يُرسل إليها فتدعو له فيتعافى أما المرة الأخيرة هذا المرض الأخير الذي مات فيه ما طلب منها الدعاء ما أرسل إليها لكن ماذا فعل أوصى قال لهم إذا أنا مت فاطلبوا من السيدة نفيسة أن تحضر مع الناس الذين يصلون عليّ صلاة الجنازة فحضرت السيدة نفيسة رضي الله عنها ووقفت خلف الرجال وصلت مع المسلمين صلاة الجنازة على مولانا الإمام الشافعي رضي الله عنه وعنها.
هذه السيدة الشريفة المباركة كانت حفرت قبرها بيدها في بيتها في القاهرة في وكانت تنزل في هذا القبر وتختم فيه القرءان حتى قال بعض من ترجمها أنها ختمت ستة آلاف ختمة في قبرها قبل أن تدفن فيه هذا حالهم الأولياء في الليل لا يقضونه تلذذًا بالنوم بل تلذذًا بطاعة الله تلذذًا بعبادة الله تلذذًا بالصلاة بالاستغفار بالتسبيح والتقديس.
أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه هذا الصحابي الجليل الإمام العظيم هذا عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه وأرضاه كان له شأن عظيم في التواضع كان قبل أن ينام في الليل له خيط هذا الخيط كان فيه عقد كثيرة إلى أكثر من عشرة آلاف عقدة وكان يسبح إلى عشرة آلاف أو أكثر ويقول أسبح بقدر ذنوبي من شدة تواضعه هو ليس له ذنوب بهذا العدد الواحد من الأولياء قد يعصي نحن لا نقول مستحيل المعصية على الولي الولي قد يعصي قد يقع في الذنب قد يقع في الحرام ولكن ليس له هذا العدد إنما من شدة تواضعه ومن شدة خوفه من الله يسبح اثني عشرة ألف تسبيحة ويقول أسبح بقدر ذنوبي وهذا الذي كان من أكثر الصحابة رواية للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الناس يتعجب لماذا؟
لأنه كان تفرغ لذلك بقي ثلاث سنوات مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الليل والنهار والحضر والسفر ولم ينشغل لا بزوجة ولا بزراعة ولا تجارة ولا أرض ولا مال فكان يلازم الرسول ويسمع ويحفظ لذلك روى الكثير بل وحصلت معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أنه عليه الصلاة والسلام قال لأبي هريرة:”ابسط ردائك” هذا الرداء الذي كان عليه أمره أن يبسطه فبسطه فدعا له الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحفظ ما يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل الرسول حركة بيده الشريفة وقال له ضمه إليك فأخذ هذا الرداء وضمه إليه فصار يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحفظ ولا ينسى بإذن الله والله على كل شىء قدير الله لا يعجزه شىء. وبعض الأولياء يصلون يقضون الليل إلى الفجر بالصلاة بعضهم يكثر من الركعات وبعضهم ركعات قليلة لكن يطيل في القيام أو يطيل في الركوع والسجود أو بعضهم بالاستغفار بالتهليل بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حال الأولياء في الليل ويدعون لأنفسهم ويدعون للمسلمين ثم الدعاء في الليل قبل الفجر أقرب إلى الإجابة كما ورد في الحديث قال عليه الصلاة والسلام:”اسمع الدعاء ما كان في جوف الليل ودبر الصلوات والمكتوبة“يعني أقرب ما يكون إلى الإجابة في جوف الليل قبل الفجر وبعد الصلوات المكتوبة كذلك الدعاء في السجود أقرب إلى الإجابة هذا من بعض أعمال ووظائف الأولياء في الليل رضي الله عنهم ونفعنا بهم ونفحنا بنفحاتهم إنه على كل شىء قدير والحمد لله ربّ العالمين.