fbpx

علوم القرءان – الدرس 6

شارك هذا الدرس مع أحبائك

قال بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد خاتم النبيين وأشرف المرسلين وعلى سائر إخوانه النبيين وآل كل والصالحين نسأل الله تعالى حسن النية والقول والعمل ونسأله سبحانه العفو والعافية وحسن الختام. نعود إخوة الإيمان لنلتقي في شهر رمضان المبارك على طاعة الله عزّ وجلّ مع كتابه سبحانه وتعالى نتلو شيئًا من ءايات الله عزّ وجلّ ونذكر شيئًا مما يتعلق ببعض أحكام علوم القرءان العظيم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلَّا لَا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}سورة القيامة صدق الله العظيم. الله عزّ وجلّ تكفّل بحفظ هذا القرءان العظيم جمعه في صدر النّبي صلى الله عليه وسلم وبُين للنبي صلى الله عليه وسلم وهو بينّه للناس ودعاهم إلى اتباعه هذا القرءان الكريم حينما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول لأصحابه ما نزل عليه يقرأ ما نزل عليه على أصحابه يقرأه عليهم وكان للوحي كتبة ليس كاتبًا واحدًا ولا لم يكن له كاتبان أو ثلاثة أربعة أو خمسة بل كانوا أكثر أكثر من عشرة أكثر من خمسة عشر وكان إذا نزل شىء من القرءان يقول نبيّنا عليه والصلاة والسلام: “ضعوا ءاية كذا موضع كذا” فهذا الجمع هو الجمع الأول. جُمع القرءان بحسب ترتيب ءاياته بحسب ما أخبر نبيّنا عليه الصلاة والسلام أصحابه بأن يضعوا الآيات في موضعها. وكان نبيّنا عليه الصلاة والسلام في صلاته إذا قرأ سورة يطيل إذا صلى ليلا كان يقوم ويصلي لله عزّ وجلّ حتى توّرمت قداماه لم يكن يؤذي نفسه صلى الله عليه وسلم بعبادته إنما كان يصلي كثيرًا وكان نبيّنا عليه الصلاة والسلام أحيانًا يصوم حتى يقال لا يفطر وأحيانًا كان يفطر حتى يقال لا يصوم هذا في غير رمضان كان يقرأ في صلاته بحسب الترتيب الذي علّم صحابته كما هو في الترتيب الأخير. جمعُ القرءان يذكر العلماء أنه جُمع ثلاث مرات وكان الجمع الأول في زمنه عليه الصلاة والسلام لأنه كان يقول للصحابة: “ضعوا ءاية كذا في موضع كذا”. ثم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم جاء سيدنا عمر بن الخطاب إلى سيدنا أبي بكر في خلافته وقال: “إن القتلى قد استحر بقراء القرءان (كثر فيهم القتل يوم اليمامة) قال: وإني أخشى أن يستحر القتل بالقُراء في المواطن فيذهب كثيرٌ من القرءان وإني أرى أن تأمر بجمع القرءان” يعني بين دُفتين قال سيدنا أبو بكر يقول لعمر: “كيف نفعل ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم”. نبينا عليه الصلاة والسلام لم يجمع في زمنه المصحف بين دفتين لأنه كان يتوقع أن ينزل عليه شىء من القرءان بعد وفاته عليه الصلاة والسلام انقطع هذا الاحتمال ما عاد ينزل وحي بعد النبي عليه الصلاة والسلام لأنه خاتم النّبيين. بالبداية سيدنا أبو بكر تأخر قال: “كيف نفعل شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم”. فقال سيدنا عمر: “هو والله خير” فلم يزل سيدنا عمر يراجع أبا بكر حتى شرح الله صدر سيدنا أبي بكر لما شرح له صدر سيدنا عمر. فجاء سيدنا زيد زيد بن ثابت جاء إلى سيدنا أبي بكر الذي طلب منه أن يتتبع القرءان يتتبع ما كتب لأن القرءان كان لما يكتب يكتب على شىء من النخل شىء من العظم شىء من الجلد على ما يتيسر للصحابة أن يكتبوا عليه هذا القرءان طلب من سيدنا زيد أن يجمع القرءان يقول سيدنا زيد لسيدنا أبي بكر وعمر “كيف تفعلان شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم” قال: “هو والله خير” ولم يزل سيدنا أبو بكر يراجع زيد بن ثابت حتى شرح الله صدره للذي شرح له صدر عمر وأبي بكر فبدأ بجمع القرءان يسأل الصحابة من عنده هذه الآيات لأنه كان حافظًا للقرءان وكان كان القرءان في البداية في صدورهم وكان مفرقًا بين من كان كتب القرءان وجعله عنده في بيته جمعه سيدنا زيد بن ثابت وهذا هو الجمع الثاني جُمع بين دفتي المصحف ثم كذلك هناك جمع ثالث في زمن سيدنا عثمان. في زمن سيدنا عثمان جاء سيدنا حذيفة بن اليمان إلى عثمان بن عفان وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فرأى اختلاف القُراء هذا يقرأ بوجه وهذا يقرأ بوجه وهذا يقرأ للآخر قراءتي خير من قراءتك أفزعه هذا الأمر فجاء إلى سيدنا عثمان وقال له: “أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى”. فأرسل سيدنا عثمان إلى حفصة التي كانت عندها بعد وفاة سيدنا عمر الصحف التي جمعها سيدنا أبو بكر كانت عنده ثم بعد وفاته كانت عند عمر ثم بعد وفاة عمر كانت عند حفصة بنت عمر زوجة النبي صلى الله عليه وسلم فطلبها سيدنا عثمان وأمر سيدنا عثمان زيد بن ثابت ومعه كذلك جمع من الصحابة فجمع سيدنا زيد بن ثابت ومن كان معه من الصحابة بأمر سيدنا عثمان جمعوا وكتبوا عدة مصاحف خمسة مصاحف على بعض الروايات أرسلوا مصحفًا إلى مكة وأبقوا مصحفًا في المدينة أرسلوا إلى العراق مصحفًا وإلى الشام مصحفًا وأبقى سيدنا عثمان لنفسه مصحفًا هو يقال له المصحف الإمام. الفرق بين جمع سيدنا أبي بكر وما جمع في زمن النبي عليه الصلاة والسلام أن الرسول كان يقول لهم: “ضعوا ءاية كذا في موضع كذا” لكن لم يكن المصحف مجموعًا بين دُفتين بزمن سيدنا أبي بكر تتبع سيدنا زيد بن ثابت تتبع ما كُتب عليه ءايات القرءان وجمعها بين دُفتين في زمن سيدنا عثمان جُمع بما يوافق الروايات التي علمها النّبي صلى الله عليه وسلم إذ إن القرآن نزل على عدة أوجه من القراءات. لما كثر الاختلاف في وجوه القراءات لأنّهم قرؤوه على اتساع لغاتهم ولهجاتهم أدى هذا الإختلاف إلى أن يخطأ بعضهم بعضًا لأنه كان يقرأ بخلاف ما تعلم لأن الآخر كان يقرأ بخلاف ما تعلم فخشي سيدنا عثمان من تفاقم هذا الأمر فنسخ الصحف التي جمعها سيدنا أبو بكر نسخها في مصحف واحد ورتب الآيات والسور وما كان بالرسم العثماني ما كان فيه من خلاف أرسل به إلى كل مصر بحسب ما كان يقرأ قارىء ذلك المصر فالمصحف المكي والمصحف المدني والمصحف الشامي والبصري والكوفي هذه المصاحف كلها بالرسم العثماني وإن اختلفت في بعض الحروف في بعض اللهجات لكنّها كل هذه المصاحف كلها مما علم النبي صلى الله عليه وسلم. هذا الجمع الذي يذكر أنه جمع ثلاث مرات بحسب البيان والتفصيل الذي فصلناه يظهر لنا أن ما عمله سيدنا أبو بكر وما عمله سيدنا زيد وعثمان وعمر وما وافق عليه سيدنا علي واتفق عليه الصحابة أجمعوا عليه. يظهر لنا أن ليس كل ما ابتدع في ديننا هو بدعة ضلالة إنما جمع المصحف وبعد ذلك نقطه وتشكيله هذا كله مما أفاد المسلمين ومما يدخل تحت حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل به بعده”. في هذه الأيام نرى أُناسًا إذا قرأ الإنسان القرءان ثم يقول صدق الله العظيم يقولون له هذه بدعة إذا عمل أشياء حسنة مثل ذكر الله عزّ وجلّ مثل الصلاة على النبي بعضهم يقول هذا حرام كيف تصلون على النبي مثلا بعد الآذان مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ واسألوا الله عزّ وجلّ لي الوسيلة ” أمر بالصلاة عليه وإن لم يكن في زمنه يُصلى عليه جهرًا بصوت الآذان لكن لا بأس بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بل وفيه ثواب إن صلى عليه بعد الآذان سرًا أو جهرًا وإن قال بعد قراءة القرءان صدق الله العظيم أو عمل ما يوافق الأصل الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه”. وقال: “من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد”. أما إذا كان ما يُحدث مما يوافق الأصول التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أمر يدخل تحت الحديث: “من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده”. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي نبينا صلى الله عليه وسلم عنّا خيرًا جزيلا وكذلك أن يجزي صحابته أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا وزيد بن ثابت وغيرهم مما كان لهم فضل في بيان الهدى لنا إن الله سميع مجيب والحمد لله ربّ العالمين.