fbpx

الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز – سورة الأعلى

شارك هذا الدرس مع أحبائك

الشيخ رمزي شاتيلا تفسير سورة الأعلى بسم الله الرَّحمن الرَّحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلَّى الله على سيدِنا محمَّد وعلى آلهِ وصَحبِهِ الطيّبين الطاهرين، سنتكلم إن شاء الله تعالى في تفسير سورة الأعلى. أعوذ بالله من الشيطان الرَّجيم بسم الله الرَّحمن الرَّحيم ﴿سَبّح اسمَ رَبّكَ الأَعلَى﴾ سبّح أي نزّه ربَّك سبحانهُ وتعالى عمَّا لا يليقُ به. والله هو الأعلى من كلّ عليّ والمرادُ بالعلوّ علوُّ القدرِ لا علو الحيّز والمكان لأنَّ الله منزَّه عن الجِهة والمكان. كان الله قبل خلقِ المكان موجودًا بلا مكان وبعد أن خَلَقَ المكان ما زال موجودًا بلا مكان. ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى﴾ أي هو خَلَقَ كُلَّ شئٍ فسوَّاه أي جَعَل مخلوقاته مُتناسِبة الأجزاءِ غير متفاوتة جَعَلَ كُلَّ شئٍ على ما أرادَ سُبحانَهُ وتعالى بحكمةٍ يعلمُها الله. ﴿وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ أي إنَّ الله عزَّ وجلّ قدَّرَ كُلَّ ما يحصُلُ في هذا العالم قدَّر الخيرَ وقدّرَ الشرَّ والله سبحانه وتعالى لا يُسألُ عمَّا يفعل، وهو سبحانه وتعالى هَدى من شاءَ إلى الإيمان يهدي من يشاء ويُضِلّ من يشاء سبحانه وتعالى. ﴿وَالَّذِي أَخرَجَ المَرعَى﴾ أي إنَّ الله عزَّ وجلَّ أنبتَ العُشبَ وما ترعاهُ البَهائِم. ﴿فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحوَى﴾ الغثاءُ اليابس، والأحوى هو الذي اسوَدَّ بمرورِ الزَّمان عليه. ليُعلم أنَّ النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم لا ينسى ما أُمِر بتبليغِه قبلَ أن يُبلّغه، أما بعدَ التبليغ فقد ينسى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم شيئًا، ثم يَذكُره بعد ذلك ولا يبقى ناسِيًا له إلى أن يموتَ عليه الصَّلاة والسَّلام. فقال الله عزّ وجلّ ﴿سَنُقرِئُكَ فَلَا تَنسَى﴾ ﴿إِلَّا مَا شَآءَ اللَّهُ﴾ ومعنى ذلك نحنُ نضمنُ لك يا محمَّدُ أن تحفظ القرآن فلا تنسى من القرآنِ إلا ما شاءَ الله. ﴿إِنَّهُ يَعلَمُ الجَهرَ وَمَا يَخفَى﴾ أي إنَّ الله عزَّ وجَلَّ يعلمُ الجَهرَ من القولِ والفِعل وما يخفى مِنهُما. ﴿وَنُيَسّرُكَ لِليُسرَى﴾ أي نُسَهّل عليك أفعالَ الخيرِ وأقواله نَشرعُ لك شرعًا سهلًا سمحًا مُستقيمًا عدلًا لا اعوجاج فيه ولا حَرَج ولا عُسر. ﴿فَذَكّر إِن نَفَعَت الذّكرَى﴾ فذكّر أي عِظ يا محمَّد إن نَفَعَت الذِكرى أي المَوعِظَة كما قال الله عزَّ وجلّ ﴿وذَكِر فإنَّ الذكرى تَنفَعُ المؤمِنين﴾ وقالَ الله عزَّ وجلّ ﴿فذكّر إنَّما أنتَ مُذكّر﴾. ﴿سَيَذَّكَّرُ مَن يَخشَى﴾ أي سَيَتَعِظ بالقرآن من يخاف الله. ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشقَى﴾ أي إنَّ الشَقِيّ الكافرَ سيَتَجَنَّب الذِكرى ويبعد عنها. ﴿الَّذِي يَصلَى النَّارَ الكُبرَى﴾ أي العظيمةَ الفظيعة لأنَّها أشدّ من نارِ الدُنيا. ﴿ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحيَى﴾ أي لا يموتُ الكافِر في النارِ فيرتاح ولا يحيى حياةً هنيئة. ثم قال الله عزَّ وجلّ ﴿قَد أَفلَحَ مَن تَزَكَّى﴾ أي فازَ من تَطَهَّر من الكُفر بالإيمان. ﴿وَذَكَرَ اسمَ رَبّهِ فَصَلَّى﴾ أي ذَكرَ الله بالوحدانيةِ وصلَّى الصَلَوات الخَمس. ﴿بَل تُؤثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنيَا﴾ أي إنَّ الكُفَّارَ يُفضلونَ الحياةَ الدُنيا لأنَّهم لا يؤمنون بالآخرة. ﴿وَالآَخِرَةُ خَيرٌ وَأَبقَى﴾ الآخرة، الجنَّةُ خيرٌ وأَبقى من الدُنيا الزائِلة. ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى﴾ أي أنَّ الفلاحَ لمن تَزَكّى وذَكَرَ اسمَ رَبّه فصَلّى في الصُحُف الأولى كما هو في القرآن أي إن هذا الوَعظَ الذي ذُكِر لفي الصُّحف الأولى أي الصحف المتقدمة لأن التوحيدَ والوعدَ والوعيد لا يختلفُ باختلافِ الشَّرائِع. ثم بيّن الله عزَّ وجلّ هذه الصحف فقال ﴿صُحُفِ إِبرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾. والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.