شمائل النبي صلى الله عليه وسلم
قال الشيخ سمير القاضي حفظه الله
الحلقة 0017
الحمد لله ربّ العالمين له النّعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات الله البّر الرّحيم والملائكة المقربين على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
نكمل كلامنا إن شاء الله تعالى في كتاب شمائل النبي عليه الصلاة والسلام.
القارئ: بالإسناد إلى الإمام الترمذي رحمه الله تعالى قال:
باب كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السمر
(السمر هو الكلام في الليل هذا الباب متعلق بما كان النبي عليه الصلاة والسلام بما يقوله في الليل يسامر به إذا أراد أن يسامر أن يتحدث مع بعض الناس في الليل)
وبه قال حدثنا الحسن بن صبّاح البزار قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا أبو عقيل الثقفي عبد الله بن عقيل عن مجاهد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت حدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة نسائه حديثًا (يعني أولا ليُعلم أن حديث بعد صلاة العشاء إذا لم يكن في خير فهو مكروه إذا لم يكن في أمر مهم فهو مكروه لا ينبغي أن يصرف الإنسان وقته بالكلام بعد العشاء إلا في أمر مهم في علم أو نحو ذلك أو في نفع مسلم أو في تألف قلب إنسان أو في تلطف بإنسان لينتفع أو ما شابه ذلك والنبي عليه الصلاة والسلام لا يتحدث بعد العشاء إلا في خير وكان بين المدة والمدة يحدث نسائه تأليفًا لقلوبهن يحكي لهن عن بعض الأشياء المستملحة تأليفًا لقلوبهن وهذا أمر ينبغي أن يراعيه الرجل فيحدث زوجه بين المدة والمدة ما فيه ترطيب لقلبها ما فيه استجلاب لرضاها ما فيه مسايرة لها ما فيه مؤانسة لها ما فيه تلطف بها ينبغي أن لا يُهمل هذا الأمر فإن رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يكن يُهمل ذلك (مرة كان يحدث نسائه ذات ليلة) فقالت امرأة منهن كأن الحديث خُرافة (يشبه الحديث حديث خرافة لملاحته لشدة ملاحته لحسن هذا الحديث كأنه ليس حقيقة كأنه خرافة لا تريد بذلك أن ما يقوله النبي عليه الصلاة والسلام خرافة لا إنما تريد أن تظهر كم هو مليح هذا الحديث) فقال:" أتدرون ما خرافة (لما قالت ذلك قال أتدرون ما خُرافة خاطب نسائه مخاطبة الذكور لأنهن في قوة الفهم كأنهن ذكور) إن خرافة كان رجل من عُذرة (من قبيلة من عُذرة قبيلة مشهورة إليها يُنسب الهوى العذري إلى هذه القبيلة) أسرته الجن في الجاهلية (الجن اختطفته أسرته في الجاهلية) فمكث فيهم دهرا (مدة طويلة بقي مختفيًا مأسورًا عند الجن ) ثم ردوه إلى الإنس (بعد ذلك أرجعوه إلى أهله) ثم ردوه إلى الإنس فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب (ما رأى من الأمور العجيبة بين الجن) فقال الناس حديث خرافة (من هنا قال الناس حديث خرافة إذا حدث الإنسان بأمر غريب يقولون حديث خرافة هذا يشبه ما كان يُخبر به خرافة ثم بعد ذلك أُستعمل هذا بمعنى أوسع شمل معنى أوسع) .
حديث أم زرع (وهذا أيضًا حديث ام زرع مما كان النبي عليه الصلاة والسلام يحدث به نسائه في الليل )
وبه قال حدثنا علي بن حُجر (به وبأمثاله) قال أخبرنا عيسى بن يونس عن هشام بن عورة عن أخيه عبد الله بن عورة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"جلست إحدى عشرة امرأة تعاهدنا وتعاقدنا (اتفقنا ألزمن أنفسهن تعاهدنا كل واحدة منهن ألزمت نفسها) أن لا يكتمن من أخبار أزوجهن شيئا ( كل واحدة تذكر عن خبر زوجها من غير أن تُخفي شيئًا خيرًا كان أو شرًا حسنًا أو قبيحًا ) قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث (تذمه زوجي كأنه لحم جمل غث ما فيه لحم ليؤكل لا يُرغب رديء شديد الهُزال) على رأس جبل وعر (ليس فقط لحم جبل غث بل كأنه جمل على رأس جبل وعر الوصول إليه صعب الارتقاء إليه صعب تكني بذلك عن كبره وترفعه عليها ) لا سهل فيرتقى ولا سمين فيُنتقى (لا الوصول إليه سهل حتى يوصل إليه يُرتقى إليه ولا هو جمل سمين يُنتقى لأجل أن يؤكل) أو فيُنتقل (أي ينقله الناس إلى حيث يكونون لأجل أكله يعني مثل الجمل الذي لا ينتفع به في شىء جمل على رأس جبل وعر يصعب الوصول إليه إذا وصل الإنسان إليه وجده هزيلا شديد الهُزال لا ينتفع منه بشىء)
قالت الثانية زوجي العشنق ( زوجي العشنق يعني زوجي طويل شديد الطول طولا مستكرهًا) إن أنطق أطلق (ما أستطيع أن أتكلم بحاله إذا بلغه ذلك يطلقني إن أنطق أُطلق يطلقني) وإن أسكت أُعلق (وإن لم أتكلم أعلق يعني لا يعاملني المعاملة التي ينبغي أن يعامله الزوج لزوجته لا أنا مع رجل ينفعني ولا مطلقة أنتظر زوجًا آخر ينفعني) قالت الثلاثة: زوجي لا أبث خبره ( لا أظهر خبره لا أنشر خبره أخاف) إني أخاف أن لا أزره (يعني إني أخاف أن أزره لا زائدة إني أخاف أن لا أزره يعني أن أزره أن أزره أن أتركه أن يطلقني أخاف إذا تكلمت) إن أذكره أذكر عجره وبجره (إن أذكره إن أذكر خبره أذكر عجره وبجره العجر العقد التي تكون في بدن الإنسان والبجر هي العقد التي تكون في البطن خاصة فمعنى كلامها لو أردت أن أذكر أذكر معايبه الظاهرة والباطنة معايبه الكثيرة الظاهرة والباطنة) قالت الرابعة: زوجي كليل تهامة (الرابعة تمدح زوجها زوجي كليل تهامة تهامة كمكة المكرمة وما حولها إلى البحر فجدة هكذا مكة وما حولها يقال لها تهامة من ذات عرق إلى البحر إلى جدة هذا تهامة) لا حر ولا قر ( لا هو حر هذا الليل ولا هو قر هكذا معاملة زوجي لي معتدلة حال زوجي معتدل) ومخافة ولا سئامة ( ولا أخافه ولا أسمه ولا أمل منه) قالت الخامسة: زوجي إن أكل لف ( إن أكل لف يعني أكل كل ما في البيت من الطعام لا يترك لنا شيئًا قالت زوجي إن أكل لف يعني أكل الطعام كله ما أبقى لنا شيئًا ) وإن شرب اشتف (اشتف يعني ما ترك في الإناء شيئًا يشرب في الماضي العرب لا سيما البدو لم يكن سهلا عندهم الحصول على ماء الشرب فكان الواحد منهم يشرب بمقدار يراعي أنه يشرب ما يراعي به غيره وما يراعي به نفسه وأنه يشرب بعد ذلك إلى أن يأتوا بماء آخر لكن زوجي لا يراعي إذا شرب اشتف لا يترك لنا شيئًا حتى الشفافة الشفافة ما يبقى في آخر الإناء حتى هذه الشفافة يشربها) وإن اضجع التف (وإن اضجع التف في ثيابه وتغطى وحده لا يلتفت إليّ لا يسأل عن شأني) ولا يولج الكفّ ليعلم البأس (حتى لو كنت متألمة متوجعة لو كنت مريضة لا يُدخل يده تحت الغطاء ليرى كيف حالي ليطمئن يعني يهملني) قالت السادسة: زوجي إن دخل فهد (أي كان كالفهد وهذه المرأة حالها نحن لا نعلم هل تريد مدح زوجها أو تريد ذمه هل هذا مدح أو ذم لأن الكلام يحتمل الوجهين يحتمل المدح ويحتمل الذم الفهد مشهور بطول النوم بكثرة النوم قالت زوجي إن دخل فهد يحتمل هذا أن يكون معناه أنه مهمل يدخل ينام لا يهتم بأمورنا ويحتمل أنه يغضي عنّا لو فعلنا أشياء لا تعجب يظهر كأنه لا يراه كأنه نائم عنها غير متنبه لها يحتمل هذا ويحتمل هذا) إن خرج أسد (وهذا أيضًا إذا خرج تصرف كالأسد الأسد معروف بالقوة والبأس والشجاعة ومعروف أيضًا بالسفاهة فإما أن يكون قصدها هو شجاع كالأسد وإما أن يكون قصدها هو سفيه كالأسد) ولا يَسأل عما عهد (وهذا أيضًا يحتمل الوجهين يحتمل أنه إذا كان طلب منا شيئًا فلم نفعله يتغاضى لا يدقق علينا ويحتمل أنه لو طلب منّا شيئًا فلم نفعل لا يهتم لا يلتفت إلينا فكلامها يحتمل المدح ويحتمل الذم الله أعلم).
قالت السابعة: زوجي عيياء أو غيياء طبقا ( عيياء يعني عيي يعني عاجز هذا معنى لا يعرف أن يفعل ما يحتاج إليه عيياء أو غيياء بالغين المعجمة من الغييا الغييا الظلمة يعني الأمور بنفس المعنى يعني الأمور مطبقة عليه لا يعرف أن يدبر أموره لا يعرف أن يدبر شئونه إذا قالت عيياء أو غيياء تريد أنه غبي هذا مرادها) طباقا (مطبق عليه من الحماقة) كل داء له داء (كل ما يخطر ببالك من الأدواء من المعايب موجود فيه) شجك أو فلّت (إما أن يضربني على رأسي فيشجني أو أن يضربني على غير رأسي فيكسر عظمي) أو يجمع كل النكس ( أو يجمع الاثنين يضربني على الرأس ويضربني على غير الرأس الضرب الشديد) قالت الثامنة: زوجي المس مس أرنب (تمدح زوجها زوجي المس مس أرنب لطيف زوجي لين حسن العشرة) والريق ريق زرنب ( الزرنب نبات طيب الرائحة قشرته لينة ورائحته حسنة) قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد (العماد هو العامود الذي تعتمد عليه الخيمة وكلما كان العامود أعلى كلما كانت الخيمة أكبر تريد زوجي له رتبة في قومه عالية لذلك خيمته واسعة عاموده رفيع عالي يعني خيمته واسعة تريد له رتبة ووجاهة في قومه) عظيم الرماد (عظيم الرماد يعني أمام بيته رماد كثير لماذا يكون الرماد كثيرًا لأنه يشعل الحطب كثيرًا لماذا يشعل الحطب كثيرًا لأنه يشوي عليه لضيفان يعني كثير من أجل كرمه معناه كريم كثير الرماد) طويل النجاب ( طويل النجاب حمائل سيفه السيف أحيانًا يكون له حمائل يعني يعلق في الكتف شىء يعلق به السيف بالكتف هذا إذا كان الإنسان طويلا تكون حمائله طويلة تريد بذلك أنه طويل) قريب البيت من النادي ( النادي هو المكان الذي يجتمع فيه القوم في الماضي العشيرة لهم مكان يجتمعون فيه وهو هذا يقال له النادي بيته قريب من النادي تعني أنه كريم لا يهرب من نزول الضيوف عليه لأن الذي يريد أن يهرب من نزول الضيوف عليه يبتعد ببيته عن الناس حتى لا يقصده الضيفان أما الذي يكون بيته قريب من النادي إذا جاء الضيف إلى نادي القوم يرى بيته فيمر إليه هو كان كريمًا بيته قريب من النادي تمدحه يعني).
قالت العاشرة: زوجي مالك وما مالك (تعظمه زوجي مالك وما مالك وما تعرفون شأن مالك مالك شأنه عظيم) مالك خير من ذلك (مالك حاله أحسن من كل الذي ذكرت من كل ما ذكرت حاله أحسن) له إبل كثيرات الـمَبارك (عنده إبل كثيرة باركة قاعدة بفناء داره) قليلات المسالك ( لا تذهب هذه الإبل لا تسرح إلى المرعى لا تذهبتبقى قريبًا من البيتلا تذهب مع باقي الإبل لتسرح إلى المرعى) إذا سمعنا صوت المزهر أيقنا أنهن هوالك سيب (وهذه يبقيها هناك أستعدادًا لضيوف إذا جاء ضيفان فإذا جاء ضيف وسمعنا صوت المزهر أيقنا أنهن هوالك سيذبحن حتى يأكلهن الضيف تريد بذلك أنه كريم كثير الكرم غني كريم).
قال الحادية عشرة: زوجي أبو زرع ( أنا زوجي أبو زرع وما أدراك) زوجي أبو زرع وما أبو زرع (ما أبو زرع ما يدريكن ما أبو زرع أبو زرع شأن عظيم) أناس من حُلي أُذني (يعني جعل الحلي في أذني حتى تدلى الحُلي واهتز نازلا من أُذني معناه أكرمني بالحلي حلاني اتاني بالحلي أناس هذا معناه حرك الشيء متدليًا أناس من حلي أُذني جعل من أُذني حليًا فصار يتحرك هذا الحُلي وهو متدل من أّذني نازل من أذني) وملأ من شحم عضُدي (وامتلأ بسببه عضدي شحمًا معناه غذاني جيدًا أطعمني جيدًا) وبجحني (عظمني هذا معنى بجحني) فبجحت إليّ نفسي (فصرت أرى نفسي معظمًا عظمني فصرت أرى نفسي عظيمة) وجدني في أهل غنيمة ( وجدني في أهل غنيمة أهلي فقراء كانت عندهم غنيمة صغيرة هذا الذي عندهم) وجدني في أهل غُنيمة بشق (بشق في شق من الجبل في مثل غار نسكن هناك) فجعلني في أهل صهيل (تزوجني فجعلني في أهل صهيل الصهيل صوت الخيل فصرت عند إنسان يملك الخيل) وأطيد (وأطيد أطيد الإبل يملك الإبل أيضًا) ودائس (ودائس يملك البقر لأنها تدوس على الزرع حتى يُفصل الحب عن السنبل عن القشر عن السنبل) ومنقن (ومنقن هذا راجع إلى إلى تنقية الزرع وقال بعضهم يرجع هذا إلى صوت الدجاج لأن المنقن من التنقية تنقية الطعام بعد أن يُداس كما يفعل عادة عند البيدر) فعنده أقول فلا أُقبح (عنده أقول فلا أُقبح إذا تكلمت لا يسمعني شيء يزعجني لا يستهزئ بكلامي لا يقول لي قبح الله أو ما شابه ذلك ) وأرقد فأتصبح (أنام فلا أحتاج أن أقوم باكرًا في الصباح أتصبح أبقى نائمة في الصباح لأنه لا يطلب مني الخدمة لأنه أعانني بما يخدمني) وأشرب فأقمح (أشرب أتنى في الشرب أشرب ثم أترك ثم أشرب بعد ذلك لأن الماء عنده كثير ليس كغيره الماء عنده قليل للشرب) فأم زرع (هذا بالنسبة إليه ثم أمه تمدح أمه مع ما يكون في أحيانٍ كثيرة بين المرأة وأم زوجها من النُفرة لكن هي تقول أم زرع ليست كباقي النساء) أم أبي زرع فما أم زرع (أم أبي زرع ما أم أبي زرع حالها عالي) عوكمها رداح (عوكمها أي الأواني التي تستعملها في الطعام رداح اسعة وكثيرة معناها كريمة يُلجأ إليها يستعير الناس من عندها الأواني) وبيتها فساح (بيتها واسع) ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع (حاله يُعجب) مطلعه كمسل شطبة (مثل غصن النخلة إذا أُزيل عنه القشر كيف يخرج وهو ابن أبي زرع هكذا ليس ثمينًا معناه مضجعه إذا نام لا يأخذ مكانًا كبيرًا كمسل شطبة مثل غصن النخل إذا كُسر هذا الذي يأخذ من المكان) وتشبعه ذراع الجفرة ( ولا يأكل كثيرًا إنما تشبعه ذراع جفرة المعز الصغيرة الجفرة غذا أكل ذراعها ماذا يكون على المعز الصغيرة من اللحم يكفيه هذا حتى يشبع كان الجاهليون يمدحون الرجل بقلة الطعام وهو ممدوح بالإسلام أيضًا) بنت أبي زرع(أيضًا تمدح بنت أبي زرع) طوع أبيها وطوع أمها ( لا تخرج عن طاعة أبيها ولا عن طاعة أمها مطيعة) وملئ كساءها (وعاجزتها واسعة كبيرة بحيث تملأ الكساء العرب كانوا يمدحون المرأة بهذا يحبون المرأة التي خصرها دقيق وعاجزتها واسعة فتملأ ثوبها عاجزتها تملأ ثوبها) وغيظ جارتها (من حسن حالها ضرتها تصطاد منها غيظ جارتها تصطاد منها ضرتها من حسن حالها) جارية أبي زرع وما جارية أبي زرع ( الجارية التي تخدمنا ما حالها ليست كباقي الجواري) لا تبث حديثنا تبثيثًا (لا تنشر ما نتكلم به ما نقوله في البيت لا تنشره لا توزيعه) ولا تنقص ميرتنا تنقيصًا (ولا تضيع ميرتنا الطعام الذي نخزنه في البيت لا تضيعه شمالا ويمينًا ) وتملأ بيتنا تعشيشًا (ولا تهمل تنظيف البيت بحيث يصير هنا وسخ وهنا وسخ يجتمع فيه ذلك فيصير كعش الطائر بعد أن ذكرت حال أبي زرع معها وحال أولادهما وحال أمه كل ذلك) قالت خرج أبو زرع والأوطاب تمخض( خرج أبو زرع يومًا معناه أذكر هذا اليوم جيدًا تقول أعرفه هذا اليوم جيدًا أذكره كانت الأوطاب تمخض الأوطاب هو الإناء الذي يجعل فيه اللبن حتى يمخض يُعمل منه الزبد هذا هو ) خرج أبو زرع والأوطاب تمخض (تُحرك لإستخراج الزبد منه من اللبن ) فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين (نشيطين معها ولدان نشيطان معناه أعجبه حال أولادها هذه المرأة هذه المرأة تلد أولادًا أقوياء) يلعبان من تحت خصرها برومنتين (معناه لها ثديان حسنان) فطلقني ونكحها ( لما رأها أعجبته فطلقني ونكحها) فنكحت بعده رجلا ثريًا (بعده تزوجت رجلا ثريًا تزوجت رجلا له شرف بين قومه ليس أي رجل ) ركب شريًّا ( ركب حصانًا قويًا لا يقصر في المشي) وأخذ خطيًّا ( أخذ رمحًا منسوبًا إلى الخط رمحًا قويا) وأراح عليّ (يعني فغز بعض الناس ثم رجع أراح عليّ أتى بما أخذه بالغزو أتى به إلى مراح الدواب التي عنده أراح عليّ رجع إليّ) وأراح عليّ نَعمًا ثريا (أي إبلا وبقرًا وغنمًا ثريا أي كثيرًا جاءني بكثير رجع معه كثير من الإبل والبقر والغنم وكان الناس في الجاهلية يغزو بعضه بعضًا القوي يأكل الضعيف إذا استطاع أن يكسر غيره ويأخذ ماله يأخذ يغزوه ويأخذ مواشيه كانوا يفتخرون بالقوة على هذا فهذا الرجل هكذا فعل (وأعطاني من كل رائحة زوجًا) أعطاني من كل صنف رجع به زوجًا) وقال كُلي أم زرع ونيري أهلك ( وخذي لأهلك انت خذي لنفسك وأعطي أهلك) لو جمعت كل شىء أعطنيه ما بلغ أصغر ءانية أبي زرع ( مع إحسانه إليها لكن تقول لو جمعت كل شىء أعطنيه لا يبلغ عندي أصغر إناء اعطاني إياه أبو زرع وهذا من باب المبالغة معناه وإلا يعني هو يبلغ أكثر معناه قلبها محبة أبي زرع ما زالت في قلبها ما زالت ترى له تلك المنزلة تعرف أن إحسانه لا يدانيه إحسان غيره إليها) قالت عائشة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بعد أن ذكر النبي عليه الصلاة والسلام هذه القصة التي فيها تنبيه على أمور كثيرة مستحسنة ينبغي أن يتحلى بها الإنسان وفيها تنبيه إلى أمور مستقبحة ينبغي أن يبتعد منها الإنسان بعد أن ذكر النبي عليه الصلاة لها قصة هؤلاء النسوة وماذا قالت أم زرع عن أبي زرع) فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت لك كأبي زرع لأم زرع (انا لك كأبي زرع لأم زرع أي في الإحسان إليك لا في تطليقك لا أطلقك كما فعل أبو زرع لكن في الإحسان إليك انا حالي معك كحال أبو زرع وحتى لما تزوجت غيرك من النساء فإن هذا رفع قدرك حتى صرت أفضل أمهات المؤمنين بعد خديجة رضي الله عنها وهذا مثال عما كان عليه الصلاة والسلام يحدث به نسائه ويُلاطفهن ولا يخفى ما يتخلله من فوائد كثيرة مبثوثة في أثنائه وفي هذا إرشاد لنا ودلالة إلى حسن المعاملة الزوجة والاهتمام بأمرها وملاطفتها ومسايرتها وذلك كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:"خيركم خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله" وأيضًا فيه إشارة للزوجة ان تحفظ الجميل أم زرع مع أن زوجها طلقها لم تذمه بعد ذلك بل ما زالت تعرف له الدميل وحسن العشرة حتى بعد طلاقها وكثير من النسوة لا يعرفون الإحسان للزوج من غير أن يطلقهن وهذا مما لا ينبغي أن تكون عليه المرأة.
أسأل الله أن يرشدنا جميعًا وأن ييسر لنا التحلي بالأخلاق الفاضلة التي دل عليها شرعنا الذي جاء به نبينا عليه الصلاة والسلام بوحي من الله تبارك وتعالى والله عزّ وجلّ أعلم وأحكم.