قال الشيخ جميل حليم
من نصائح الولي المرشد الشيخ الهرري
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وتب علينا وأرحمنا وسامحنا وأصلحنا واختم لنا بالهدى والتقوى وأدخلنا الفردوس الأعلى وأكرمنا برؤية نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم.
معنى الآية:{أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ}
أما بعد، إخواني وأخواتي في الله يقول مولانا الإمام المجتهد المجدد المرشد أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن يوسف الهرري رضي الله عنه وأرضاه إن معنى الآية الكريمة: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ} (سورة البقرة) أي البيت المشرف عندي هذه الآية الكريمة في سورة البقرة خطاب لإبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام الله قال لهما:{أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ} هنا إضافة الكعبة على أنها بيت الله بمعنى البيت المشرف عند الله البيت المبارك المعظم المحترم البيت الذي بُني لعبادة الله بني لتوحيد الله عزّ وجلّ والكعبة الشريفة قال بعض كما قال علماء السلف كما روى الحافظ الأزرقي في تاريخ مكة أول من بناها الملائكة عليهم السلام وقيل أول من بناها ءادم عليه الصلاة والسلام والكعبة سميت كعبة على قول بعض العلماء لأنها مكعبة الشكل الله أمر الملائكة إذا قلنا بقول من قال أن الملائكة أول من بناها وبالقول الثاني الله أمر ءادم وءادم عليه السلام هو أول نبي وأول رسول وءادم صلى الله عليه وسلم كان جميل الشكل كان فصيح اللسان خُلق إنسانًا لم يكن على زعم هؤلاء الجهلاء على زعمهم يقولون قرد ثم تطور هذا مخالف للقرءان لأن الله قال:{ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ} (سورة ص). وقال:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءادَمَ} (سورة الإسراء).
فآدم عليه السلام خلق من ماء وتراب {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ} (سورة ءال عمران). لاحظوا إلى الآية خلقه من تراب ليس كما قال هؤلاء الجهلاء قرد ثم تطور حاشى الله تعالى خلق ءادم عليه السلام من جميع أنواع تراب الأرض أمر الملك فأخذ قبضة من جميع أنواع تراب الأرض وطلع بها الملك إلى الجنة وعُجن هذا التراب من ماء الجنة في الجنة ثم ترك ما شاء الله ونفخ الملك فيه الروح بأمر من الله عزّ وجلّ عندما دخلت فيه الروح عطس فكان ءادم صلى الله عليه وسلم وعندما عطس قال الحمد لله وقام ءادم وكان طويلا لم يكن طفلا صار يكبر شيئًا بعد شىء إنما خلق كبيرًا طويلا عليه السلام رأى جماعة من الملائكة فسلم عليهم وهذا دليل على أن ءادم كان يُحسن الكلام ويعرف اللغات وخلق إنسانًا ردوا عليه السلام وقالوا له:”هذه تحيتك وتحية ذريتك من بعدك”.
فآدم عليه السلام نبي رسول كان فصيح اللسان جميل الشكل والصورة والكعبة بنيت لتوحيد الله وعبادته فأخذ ءادم عليه السلام حجارة من أسبعة أجبل يعني جبال أخذها ثم بنى بها الكعبة الشريفة والكعبة جدد بنائها مرات لأنها في بعض المرات احترقت في بعض المرات انهدمت في بعض المرات قُصفت في بعض المرات جرفها السيل.
فالكعبة خلقها الله وهي مخلوقة لها بداية ليست أزلية وهي مجموعة حجارة عندما بنيت هذه الحجارة التي أُخذت من الجبال كعبة بنيت كعبة صارة مباركة وصار لها حكم خاص لأن الكعبة من شعائر الإسلام فمن سب الكعبة أو شتم الكعبة أو استخف بالكعبة استهزأ بالكعبة ليس من المسلمين لأنها من شعائر دين الإسلام كالمساجد كالآذان كيوم الجمعة يوم عيد الأضحى يوم عيد الفطر شهر رمضان الصلوات الخمس هذا كله من شعائر دين الإسلام من سب ما هو من شعائر الإسلام فمن سب ما هو من الإسلام كالوضوء والصلاة كالطهارة هذا ليس من المسلمين.
ءادم عليه السلام بنى الكعبة لعبادة الله عندما بنيت هذه الحجارة كعبة صار لها حكم خاص وصارت كعبة يطوف الحاج أو المعتمر أو من يدخل المسجد فيطوف لتحية بدل صلاة ركعتين ونصلي عندها ونستقبل الكعبة في الصلاة في أي بقعة من الأرض كنا لأن الله أمرنا بذلك فنحن لا نعبد الكعبة والله لا يسكنها ليس حالا فيها الله منزه عن الحلول والاتحاد موجود أزلا وأبدًا بلا جهة ولا مكان إنما نستقبل الكعبة هي قبلة الصلاة نستقبلها في الصلاة لأن الله أمرنا بذلك لا لأن الله يسكنها كما يعتقد بعض الكفار وهكذا عند رفع اليدين في الدعاء إلى السماء لأن السماء مسكن الملائكة ومهبط الرحمات وقبلة الدعاء والله لا يسكن السماء كذلك عندما نصلي عند الكعبة أو بعيدًا عنها نستقبل الكعبة في الصلاة فهي قبلتنا في الصلاة ونطوف حولها في الطواف لأن الله أمرنا بذلك طاعة لله عبادة لله ليس عبادة للكعبة كما أن الملائكة أُمروا بالسجود لآدم سجود تحية واحترام لا عبادة لآدم وهكذا نرفع الأيدي في الدعاء إلى السماء فنحن لا نعبد السماء والله لا يسكن السماء والله موجود بلا مكان وهو هكذا لا يسكن الكعبة وليس حالا فيها وهو موجود أزلا وأبدًا بلا جهة ولا مكان.
ثم هذه الكعبة الشريفة عندما بناها ءادم عليه الصلاة والسلام أُمر أن يصلي إليها لأنها قبلة الصلاة وأن يطوف حولها وقد حج ماشيًا أربعين مرة وءادم عليه الصلاة والسلام علم أولاده أن هذه الكعبة قبلتنا في الصلاة نصلي إليها طاعة لله تنفيذًا لأمر الله كما أننا في السجود نضع الجبهة على الأرض هل نحن نعبد الأرض لا.
نحن نعبد الله الواحد الأحد الذي لا شبيه له ولا مثيل ولا شريك موجود لا كالموجودات لا يشبه شيئًا من خلقه لكن نضع جباهنا على الأرض تذللا لله هذا غاية الخشوع والخضوع من صرف ذلك لغير الله فقد صار مشركًا.
هذا معنى سجود المسلم على الأرض يسجد تذللا لله طاعة لله عبادة لله لا عبادة للأرض ولا لأن الله تحت جبهة المصلي حاشى بل الله موجود بلا مكان وأما حديث مسلم:” أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو في السجود”. الدعاء معناه الدعاء في السجود أقرب إلى الاستجابة.
إذًا معنى الحديث صحيح مسلم:”أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد” يعني الدعاء في السجود له مزية الدعاء في السجود له خصوصية الدعاء في السجود أقرب إلى الإجابة هذا معناه ليس معناه أن الله يسكن الأرض أو أن الله تحت السجادة أو تحت جبهة المصلي حاشى لله بل الله تعالى موجود أزلا وأبدًا بلا جهة ولا مكان وهذا رد على الوهابية الذين يقولون الله بذاته في السماء أو جالس على العرش لأن هذا الحديث لو حملوه على الظاهر لانتقض عليهم قولهم بأن الله بذاته في العرش ولو كان كما زعموا لكان أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو قائم عندما يكون قائمًا في الصلاة لأن الرأس أقرب إلى العرش من هيئة السجود في الأرض فهذا رد عليهم ومعناه أن الله لا يسكن العرش وليس ساكنًا في السماء وليس حالا في الأرض بل هو سبحانه موجود أزلا وأبدًا بلا جهة ولا كيف ولا مكان فلا تضربوا لله الأمثال الكعبة الشريفة بنيت لعبادة الله وتوحيده وعبادته وهذا معنى :{أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ} أي البيت المشرف عندي البيت المكرم البيت المعظم الذي هو من شعائر الإسلام الذي أمر الله تعالى المؤمنين أن يطوفوا حوله وأن يصلوا إليه طاعة لله لا عبادة للكعبة حاشى لأن الله تعالى لا يأمر بالشرك.
فإذًا نحن لا نعبد الكعبة كما لا نعبد الأنبياء كما لا نعبد السماء كما لا نعبد العرش، والله ليس في شىء من ذلك بل موجود بلا مكان ونحن نعبد الله عزّ وجلّ الواحد الأحد الذي لا شريك له ولا مثيل وهكذا بقية المساجد يعني المسجد النبوي في المدينة المنورة صلى الله على ساكنها على رسول الله محمد وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين والمسجد الأقصى مسجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى في بيت المقدس وبقية مساجد الأرض التي بنيت من حلال كلها أماكن لها خصوصية ولها مزية وفي القيامة تزف وتنقل إلى الجنة كما تزف العروس بعض الأشياء من هذه الأرض يوم القيامة تنقل إلى الجنة كالمساجد التي بنيت من حلال مسجد الكعبة مسجد الرسول بيت المقدس وقبة الصخرة وحجر زوجات رسول الله بيوت الرسول صلى الله عليه وسلم الروضة الشريفة جبل أحد كل هذه الأشياء يوم القيامة تنقل إلى الجنة وتزف كما تزف العروس.
فإذًا المسجد إذا قيل بيت الله عن المسجد يعني البيت الذي بني لتوحيد الله وعبادته ليس معناه أن الله حل في المساجد وليس معناه أن الله حل في الكعبة.
فإذًا المساجد من شعائر دين الإسلام هي بيوت الله يعني البيوت المشرفة عند الله والله ليس حالا فيها الله لا يسكنها ولا يتنقل من واحد إلى آخر لأنه منزه عن الحلول والاتحاد والمباشرة والانتقال لأنه قال في القرءان:{فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ}.
ثم يجب الحذر من قول بعض الزنادقة يقولون عن بيوت الشرك بيت الله حاشى يعني أماكن الكفر والشرك وعبادة الأصنام وعبادة المخلوقين الأماكن التي يكفر فيها بعض الناس بربّ العالمين بعض أدعياء المشيخة الزنادقة الجهلاء الذين يداهنون الكفار ويمسحون لهم كما يقال بالعامية ويداهنونهم على الكفر ويحسنون لهم الكفر ماذا يقولون بيت الله عن أماكن الشرك هذا كفر وتكذيب للإسلام.
الله ماذا قال في القرءان:{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} (سورة الحج) لاحظوا ذلك ومن يعظم شعائر يعني المساجد ليس أماكن الشرك والكفر والضلال هل يتجرأ واحد من هؤلاء الزنادقة أن يقول عن الخمرات والبارات وأماكن العهر والدعارى والزنا والعربدة وشرب الخمر هل يجرؤ أن يقول عنها بيتها الله لا يجرؤ كيف قال عن ما هو أشد وأقبح وأفظع وأعظم كفرًا وأعظم في القبح والفساد أي أماكن الكفر كيف يقول عنها بيت الله إذا كان عن مكان الزنا لا يقول بيت الله كيف يقول عن أماكن الشرك بيت الله إذًا هذا مداهن هذا زنديق خبيث كيف شريعة الله لأجل ان يداهن الكفار.
فإذًا {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ} أي البيت المشرف عندي البيت المكرم البيت له أحكام عظيمة وخاصة البيت الذي بُني لتوحيد الله وتقديس الله وتمجيد الله وتعظيم الله وعبادة الله أما الذي يفسر على هواه على رأيه يزيغ ويضل ويكفر أحيانًا ويكون من الهالكين نسأل الله حسن الحال وحسن الختام وحسن الخلق والحمد لله وربّ العالمين.