fbpx

الشمائل المحمدية – الحلقة: 6

شارك هذا الدرس مع أحبائك

شمائل النبي صلى الله عليه وسلم الشيخ سمير القاضي حفظه الله الحلقة 0006 الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. كلامنا إن شاء الله تعالى في صفة عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله بالإسناد إلى الإمام الترمذي رحمه الله يقول باب ما جاء في صفة عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حدثنا قتيبة قال حدثنا حمّاد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين قال كنا عند أبي هريرة وعليه ثوبان ممشقان ( ممشقان يعني مصبوغان بالمشق والمِشق: الطين الأحمر المغرى هذا هو) وعليه ثوبان ممشقان من كتان فتمخّط في أحدهما فقال بخٍ بخ (بخٍ بخ يستعظم ما هو فيه ما هذه النعمة الكبيرة التي أنت فيها يا أبا هريرة) يتمخط أبو هريرة في الكتان (يعني يفكر إلى أين وصل حاله صار يلبس الكتان ويمتخط في طرف ثوبه في الكتان! ما كان يلبس أبو هريرة الكتان من شدة فقره) لقد رأيتُني وإني لأخِرُّ فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجرة عائشة مغشيًّا عليّ (أخِرّ فجأة أقع هناك مغشيًّا عليّ يعني أفقد وعيّ) فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يُرى أنّ بي جنونًا (لسقوطه فجأة يظن من لا يعرف حاله أنه مجنون يضع رجله عليه حتى يمسكه حتى لا يؤذي نفسه حتى لا يتحرك بما يؤذي به نفسه) وما بي جنون وما هو إلا من جوع (وما هو إلا من جوع الذي أقع بسببه هو الجوع لا أحتمل الجوع من شدة الجوع إلى هذا الحدّ كان فقري يقول يتحدث عن نفسه الآن أمتخط في الكتان ألبس ثوبين ليس ثوبا بل ثوبين من الكتان مصبوغين بالمغرة وأمتخط في أحدهما كم تغيّر حالي وهذا يدل على صعوبة عيش الصحابة حين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أبو هريرة رضي الله عنه ترك بلده وجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام ولزمه على شِبع بطنه يعني لا يريد شيئًا إلا أن يشبع ما آوى إلى أهل ولا مال ولا تزوّج كان يبيت في المسجد مع الفقراء الذين يبيتون فيه ليس له بيت ولا يلتفت إلى شيء إلا إلى ملازمة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتّعلم منه وحفظ ما يقول لذلك روى ما لم يروه غيره روى أكثر بكثير مما رواه غيره لأنه لم يكن يشغله عن ذلك لا أهل ولا مال). وبه قال حدثنا قتيبتة بن سعيد قال أخبرنا أبو الأحوص عن سِماك بن حرب قال سمعت النعمان بن بشير يقول ألستم في طعام وشراب ماشئتم (أليس كل ماتشتهونه من طعام وشراب تجدونه إذا اشتهيتم شيئًا من طعام وجدتموه إذا اشتهيتم شيئًا من شراب وجدتموه) لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه (الدقل هو رديء التمر من ردأته لا يُلتقط حتى الناس لا يلتقطونه يكون منثورًا لا يلتقط وليس له اسم خاص هذا رديء التمر يقال له كله الدقل يقول النبي عليه الصلاة والسلام في بعض الأحوال كان لا يجد ما يشبعه من الدقل من رديء التمر كان أحيانًا يتلوى يلتوي من الجوع عليه الصلاة والسلام لا يجد الدقل يملأ به بطنه يسد جوعه لا يجد الدقل يسد جوعه عليه الصلاة والسلام وهنا ينبغي التنبيه إلى أن هذا لم يكن به عليه الصلاة والسلام من فقر إنما أعطاه الله كفايته لكن رسول الله الله قال:{وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} أعطاه الله كفايته لكن كان النبي عليه الصلاة والسلام يؤثر غيره على نفسه فيتصدق ويجوع وكذلك كنَّ أزواج النبي عليه الصلاة والسلام يعطيهن النبي عليه الصلاة والسلام النفقة فيتصدقنَّ بها ويمضي عليهن الشهر والشهران لايوقد في بيوتهن نار إنما طعامهم من التمر والماء سيأتي أظن ذكره) . وبه قال حدثنا قتيبة قال حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن مالك بن دينار قال ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز قط ولا من لحم (أولًا ما كان يجتمع للنبي عليه الصلاة والسلام أن يأكل الخبز واللحم معًا ما كان يأكل الخبز واللحم معًا إلا أن يكون هناك ضيوف مع غيره أما وحده ما كان يأكل الخبز واللحم معًا وما كان عليه الصلاة والسلام يشبع لا من خبز ولا من لحم وما كانا يجتمعان في طعامه) إلا على ضفف (لكن إلا هنا بمعنى لكن،إلا على ضفف لكن إذا كان هناك جماعة يأكل معهم إذا كان هناك ضيوف قد يجتمع له الخبز واللحم ومع هذا لايشبع عليه الصلاة والسلام ) قال مالك سألت رجلًا من أهل البادية ما الضفف قال أن يتناول مع الناس وبه قال حدثنا هارون بن إسحاق قال حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنه قالت إن كنّا آل محمد (أزواجه) نمكث شهرًا ما نستوقد بنارٍ (لا توقد النار في بيوتنا شهر كامل لا توقد النار في بيوتنا) إن هو إلا الماء والتمر ( ليس لنا طعام الا الماء والتمر فقط نأكل الماء والتمر إلا إذا أتتهم هدية من بعض الجيران وإلا فطعامهم التمر والماء ). وبه قال حدثنا عبد الله بن أبي زياد قال حدثنا سيار قال حدثنا سهل بن أسلم عن يزيد ابن أبي منصور عن أنس عن أبي طلحة قال شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع ورفعنا عن بطوننا (قلنا يارسول الله نحن جائعون ما عندنا ما يكفينا ما يسد جوعنا من الأكل ) ورفعنا عن بطوننا ( كشفنا الأثواب رفعنا الأثواب عن بطوننا ) عن حجرٍ حجر (يعني كان كل واحد منّا ربط على بطنه حجرًا حتى لا تسترخي أمعاؤه وحتى يُشد بطنه وظهره ليكون أقوى على تحمل الجوع ) فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه عن حجرين ( كشف النبي عليه الصلاة والسلام عن بطنه فإذا هو قد ربط حجرين اثنين ليس حجرًا واحدًا صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبُعده عن الملذات والتنعم وعن اهتمامه بأمر صحابته وأمته ومواساته لهم إذا كانوا في حال الجوع ما كان هو يشبع ما كان هو يكون في حال الاكتفاء ويتركهم هم جائعين صلى الله عليه وسلم). هذا حديث غريب من حديث أبي طلحة لا نعرفه إلا من هذا الوجه ( غريب أي مروي من طريق واحد) ومعنى قوله ورفعنا عن بطوننا عن حجر حجر أن أحدهم كان يشد في بطنه الحجر من الجهد والضعف الذي به من الجوع (من التعب والضعف الذي به من الجوع) وبه قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا شيبان أبو معاوية قال حدثنا عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها أحد (خرج في وقت ما كانت عادته عليه الصلاة والسلام أن يخرج فيه من البيت وكان عادة لا يلقاه فيها أحد هذه الساعة هذا الوقت) فأتاه أبو بكر (لما خرج من البيت وجد أبا بكر مقبلًا إليه) فقال ماجاء بك يا أبا بكر(في هذه الساعة) قال خرجت ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنظر في وجهه والتسليم عليه (اشتقت إليك يا رسول الله جئت لأنظر إليك وأسلم عليك لأجل هذا جئت ما أتى بي شيء آخر) فلم يلبث أن جاء عمر فقال ماجاء بك يا عمر قال الجوع يا رسول الله (من شدة جوعه ما يجد ما يأكله ما أطاق أن يبقى في بيته خرج وتوّجه إلى ناحية النبي عليه الصلاة والسلام ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم وأنا قد وجدت بعض ذلك (وأنا أيضا أحس ببعض الجوع كذلك أنا فيَّ مثل ما فيك من الجوع ) فانطلقوا إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري (ذهب النبي عليه الصلاة والسلام بهما إلى أبي الهيثم مالك بن التيهان الانصاري رضي الله عنه ) وكان رجلًا كثير النخل والشاء (وكان عنده نخل كثيرة وشياه كثيرة ) ولم يكن له خدم (وكان هو يخدم نفسه وأهله ليس له خادم يخدمه وهذا يدل على أنه لا بأس إذا كان الرجل غنيًا ألا يكون له خادم يخدمه ليس هذا عيبا لا يعاب بهذا) فلم يجدوه فقالوا لامرأته أين صاحبك (أين زوجك) فقالت انطلق يستعذب لنا الماء (انطلق يأتينا بماء عذب أي من بئر من الآبار يستعذب لنا الماء) فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة يزعبها فوضعها (يتدافع بها يحملها لثقلها قربة ثقيلة فيها ماء) ثم جاء يلتزم النبي صلى الله عليه وسلم (وضعها وجاء ليعانق رسول الله صلى الله عليه وسلم) ويفديه بأبيه وأمه (يقول فداك أبي وأمي يارسول الله فرح لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يزوره في بيته فرح) ثم انطلق بهم إلى حديقته (انطلق بهم إلى بستانه أخذهم إلى بستانه) فبسط لهم سماطًا (مدّ لهم شيئا فراش فرشه على الارض) ثم انطلق إلى نخلة فجاء بقِن (بغصن فيه بسر وفيه رطب قطع غصنا من أغصان النخل) فوضعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" أفلا تنقيت لنا من رطبه (لماذا لم تنتق الرطب من هذا الغصن ووضعته لنا بما فيه من البسر البسر هو ما يكون عليه ثمر النخل قبل أن يصير رطبا في عادة بلادنا يقولون البلح إذا تلوّن ثمر النخل يكون بسرًا) فقال: يا رسول الله إني أردت أن تخيّروا ( أردت أن تختاروا أنتم الذي يريد أن يأكل من البسر يأكل من البسر والذي يريد أن يأكل رطبا يأكل رطبا والرطب هو ما يكون عليه الثمر بعد أن كان بُسرا وقبل أن يصير تمرا يكون بحيث إذا عصرته يعصر) إني أردت أن تخيروا أو تختاروا من رطبه وبُسره فأكلوا وشربوا من ذلك الماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا والذي نفسي في يده (يقسم بالله) من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة (لتسألنّ يومئذٍ عن النعيم هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة ) ظل بارد ورطب طيب وماء بارد" فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعاما (ما اكتفى بهذا أبو الهيثم إنما انطلق يصنع لهم طعاما ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا تذبحنّ ذات درّ" (عرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يذبح شاة من شياهه فقال:"لا تذبحنّ ذات درّ" وهذا يُلم منه أن الضيف إذا كان له حال خاصة مع مضيفه لا بأس أن يقول له لا تذبح كذا اذبح كذا لأن معنى لا تذبحنّ ذات در اذبح لنا من غير ذلك فهذا يدل على أن الضيف إذا كان له حال خاصة مع مضيفه لا بأس أن يقول له افعل هذا أو لا تفعل هذا) فذبح لهم عناقًا (العناق هو المعز التي في سنّ نحو أربعة أشهر صغيرة) أو جديًا (الجدي هو الذكر الذي لم يبلغ سنة) فأتاهم بها فأكلوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" هل لك خادم ( عندك عبد يخدمك هذا معنى هل لك خادم) قال: لا (ما عندي) قال: فإذا آتانا سبيٌ فأتنا (إذا سمعت أنه جاءنا سبي حصل لنا من الغزو سبي فأتنا إيتي إليّ يعني يريد أن يكافئه النبي عليه الصلاة والسلام على ما أحسن به إليهم وكان النبي عليه الصلاة والسلام يحب المكافأة إذا أحسن إنسان إليه بشيء يحب أن يكافئه هو أيضًا وهذا خُلقٌ حسن من أحسن لك بشئ أن تكافئه ولو بالدعاء) فؤتي النبي صلى الله عليه وسلم برأسين ليس معهما ثالث (عبدين اثنين برأسين أي بعبدين فقط) فأتاه أبو الهيثم (لأن أبا الهيثم يريد أن ينفذ ما أمره به النبي عليه الصلاة والسلام أليس قال له إذا جاءنا سبي فأتنا لما عرف أن النبي عليه الصلاة والسلام جاءه سبي أتاه) فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" اختر منهما (انتق واحدًا) فقال يا نبي الله اختر لي (أنت اختر لي يا رسول الله ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن المستشار مؤتمن (يعني المستشار ينبغي أن يكون أمينًا ينبغي أن يراعي فيما يشير به مصلحة من يستشيره هكذا ينبغي أن يكون المستشار إذا استشير الإنسان ليس له أن يغشّ من استشاره إنما ينصحه) خذ هذا فإني رأيته يصلي (خذ هذا هذان عبدان لكن هذا رأيته يصلي خذه ذاك ما رأيته يصلي خذ هذا) واستوصي به معروفا (عامله معاملة حسنة) فانطلق أبو الهيثم إلى امرأته فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت امرأته ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن تعتقه (النبي أوصاك بالإحسان إليه غاية إحسانك إليه أن تعتقه أقصى الإحسان أن تعتقه إذا أردت أن تبلغ أقصى ما أوصاك به النبي عليه الصلاة والسلام أعتقه أنظر إلى حسن حال هذين) إلا أن تعتقه فقال: فهو عتيق (فورًا أُنظر إلى حسن حالهما ولم يكن لهما خادم المرأة ما قالت جاءنا خادم الآن يخف عنّا العمل إنما فكّرت في أمر الآخرة وما هو أصلح في الآخرة فقالت إذا أردت أن تبلغ ما قال النبي عليه الصلاة والسلام أعتقه، الرجل أيضا ما قال ما هذا تقولين لي أعتقه نحن ما عرفنا كيف جاءنا خادم يخفف لا إنما أيضا فكّر في أمر الآخرة وجد كلامها صوابا فورا قال فهو عتيق اعتقه فورا رضي الله عنهما) فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لما بلغه فعلهما):إن الله لم يبعث نبيا ولا خليفة إلا وله بطانتان ( ماجعل الله نبيا ولا خليفة ولا إنسانا له سلطة على أمر هذا المراد بالخليفة له خلافة على أمر إلا وله بطانتان إلا وله نوعان من الناس يُفضي إليهما بسره يستنصحهما نوعان) بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر ( مثل زوجة أبي الهيثم) وبطانة لا تألوه خبالا (لا تألوه لا تقصر خبالا فسادا أي بطانة أخرى لا تقصر في إفساد الإنسان تعمل جهدها في إفساده) ومن يوقى بطانة السوء فقد وقي ( من وقاه الله من شر بطانة السوء فقد وقاه الله تعالى من الشر معناه أثر بطانة السوء شديد ينبغي أن يتوقاه الإنسان ينبغي أن يحذر الإنسان أن يعرف من يستشير وأن يكون على حذر من بطانة السوء الذين يريدون الخَبال الفساد له). وبه قال حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد قال حدثني أبي عن بيان بن بشر عن قيس بن أبي حازم قال سمعت سعد بن أبي وقّاص يقول: إني لأول رجل أهراق دم في سبيل الله عزّ وجلّ (أهْراق أهَراق بتسكين الهاء وفتحها قوله إني لأول رجل أسال دما في سبيل الله وذلك أنه حصل شجار بين المسلمين والمشركين قبل الهجرة فضرب سعد إنسانا من المشركين بلحي جمل على رأسه فشجه فسال دمه فكان هذا أول دم أساله مسلم لمشرك في قتال بينهما لذلك يقول سعد أنا أول من أهراق دما في سبيل الله ) وإني لأول رجل رمى بسهم في سبيل الله (كذلك كان هناك سرية خرج فيها المسلمون تحت قيادة رجل من الصحابة يسمى عبيدة وكان سعد في هذه السرية ما حصل بينهم وبين المشركين قتال لكن رمى سعد وقتها المشركين بسهم فكان هذا أول سهم رُمي في الجهاد) لقد رأيتني أغزو في العصابة من أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام (أغزو مع قلة عدد قليل في العصابة دون العشرة إلى عشرة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ) ما نأكل إلا ورق الشجر والحُبلى(الحُبلى ثمر السمُر شجر السمر له ثمر هذا الثمر يقال له الحُبلى وليس بالشيء الذي يأكله الناس عادة لكن كان هؤلاء الصحابة خرجوا إلى غزوة وزودهم النبي عليه الصلاة والسلام تمرا كيسا من تمر أكلوا منه حتى نقُص صاروا يأكلون كل يوم تمرة يضع الواحد منهم التمرة في فمه فيمصها مصًا واحد مرة سمع هذا قال يا عمي ما كانت تُغني عنكم التمرة، قال لا تقل يا ابن أخي وجدنا أثرها عند فقدها يعني لما فقدنا حتى التمرة نفد التمر عرفنا ماذا كانت التمرة تغني عنا ثم بعد ذلك لجأوا إلى ورق الشجر يخبطونه ويأكلون منه وإلى ثمر السمر يأكلونه وهذا ليس مستساغًا بقوا على هذا مدة طويلة في بعض الأحاديث بقوا شهرًا حتى تجرّحت أفواههم جوانب أفواههم تجرّحت من هذا الذي كانوا يأكلونه أشداقهم) حتى إن أحدنا ليضع كما تضع االشاة أو البعير ( يعني ينزل منه الغائط يشبه غائط الشاة يشبه غائط الجمل لأننا نأكل من هذا من ورق الشجر هذا ثم وجدوا سمكة كبيرة حوتًا كبيرًا يقال له العنبر أكلوا منه حتى رجعت إليهم قوتهم) وأصبحت بنو أسد تعزرني في الدين ( أصبحت بنو أسد يريدون أن يوقفوني على أحكام الدين يريدون أن يعلموني أحكام الصلاة يعني أنا هذا حالي أنا أول من أسال دمًا في سبيل الله أنا أول من رمى بسهم في سبيل الله أنا خرجت في الجهاد في الشدة حتى يأتي بنو أسد هؤلاء الذين أسلموا ثم ارتدوا ثم رجعوا إلى الإسلام ثم سكنوا الكوفة حتى يأتي هؤلاء ليعلموني أمر الدين حتى يقولوا لعمر، كانوا بنو أسد جاءوا من الكوفة إلى المدينة كان عمر يسأل الناس إذا جاءوا ما حال الوالي فيكم فكان أهل الكوفة يسألهم عن حال سعد وكان ولاّه عمر على الكوفة ماحاله فيكم يمدحونه إلى أن جاء بنو أسد هؤلاء قال لهم ما حال سعد فيكم قالوا لا يعرف أن يصلي وعمر ما صدقهم يعرف من هو سعد لكن لأنهم شكوا ذلك استدعاه فقال يقول هؤلاء قالوا لي إنك لا تعرف أن تصلي فقال له إنما أصلي كما كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفعل كذا وكذا يريدون لا يعرف أن يصلي الصلاة على تمامها أفعل كذا وكذا ثم قال هذا الآن بنو أسد يريدون أن يعلموني أمر الدين إذًا أنا ضيعت وقتي إذا كنت لا أعرف أمور الدين إذًا ماذا فعلت مع النبي عليه الصلاة والسلام أضعت وقتي وعمري إذا كنت لا أعرف ثم قال لسيدنا عمر لا أرجع إليها لا أرجع واليًا على الكوفة أنا أرجع إلى قوم يقولون لا أعرف أن أصلي ما رضي أن يرجع بعد ذلك إلى الكوفة رضي الله عنه ) لقد خبت إذًا وضلّ عملي( إذا كنت أمضيت الوقت مع النبي عليه الصلاة والسلام من غير أن أعرف هذا الأمر إذًا خبت وضلّ عملي أيش فعلت إذًا) وبه قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا صفوان بن عيسى قال حدثنا عمرو بن عيسى أبو نعامة العدوي قال سمعت خالد بن عمير وشويسًا أبا الرقاد قالا بعث عمر بن الخطاب عتبة بن غزوان وقال: انطلق أنت ومن معك حتى إذا كنتم في أقصى بلاد العرب وأدنى بلاد العجم (إذا وصلتم إلى حدود الفرس هذا معناه وكان ذلك في ذلك الوقت عند البصرة مدينة البصرة إذا وصلتم إلى هناك سمع عمر أن الفرس يريدون أن يعبروا إلى بلاد الإسلام من ذلك المكان وكان هناك جسر في ذلك المكان فأرسلهم عمر إلى ذلك الموضع حتى يكونوا فيه ليحموا بلاد الإسلام من أن يدخل الكفار منها يعني من أن يدخل الكفار إليها من ذلك الموضع ) فأقبلوا (مشوا حتى وصلوا إلى هناك ) حتى إذا كانوا بالمربد (حتى إذا كانوا بالمربد توجهوا أقبلوا توجهوا حيث وجههم، حتى إذا وصلوا إلى المربد المربد ناحية في البصرة مشهورة مربد البصرة بالأصل المربد مكان اجتماع الإبل يقال له مربد الإبل لكن أطلق على موضع بالبصرة المراد حيث البصرة الآن) وجدوا هذا الكذّان (وجدوا هذا الحجر الذي هو مثل المدر الطري وجدوا حجرًا طريًا يسمى الكذان ويسمى البصرة أيضًا بصرة في الأصل اسم حجر) فقالوا ما هذه (ما هذه ما هذا الحجر) قالوا هذه البصرة فساروا حتى إذا بلغوا حيال الجسر الصغير (مقابل الجسر الصغير) فقالوا هاهنا أمرتم (هذا الموضوع الذي أمركم عمر أن تكونوا فيه) فنزلوا فذكروا الحديث بطوله (فنزلوا وذكر هذان الراويان الحديث بطوله ومن جملته أيش) قال فقال عتبة بن غزوان لقد رأيتني وإني لسابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعني مع رسول الله في زمنه كنت أنا سابع سبعة أنا وستة في الغزو أيام النبي مع رسول الله أيامَه في أيامه ليس أنه كان معهم يتكلم عن الغزوة التي ذكرها سعد بن أبي وقّاص) ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى تقرحت أشداقنا (حتى تجرحت أطراف أفواهنا) فالتقطت بُردة (يعني وجدت بردة على الأرض من شدة الحاجة أخذتها ولم أخذ البردة وحدي لكثرة الحاجة قسمتها بيني وبين واحد آخر من الصحابة) فقسمتها بيني وبين سعد فما منّا من أولئك السبعة أحد إلا وهو أمير مصر من الأمصار (انظر كيف تغيرت الأحوال يقول كنّا في شدة الضيق وشدة الحاجة وقتها الآن كل واحد منّا أمير على ناحية من النواحي كل واحد من هؤلاء السبعة الآن أمير على ناحية من النواحي) وستجربون الأمراء بعدي (وسيكون بعدي أمراء لا يسيرون فيكم بالسيرة الحسنة، ستجربون بعدي الأمراء وترون فرقًا بين سيرة من كان منّا ومن سيأتي بعدنا من الأمراء وكان الأمر كما قال عتبة بن غزوان رضي الله عنه). وبه قال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال حدثنا روح بن أسلم أبو حاتم البصري قال حدثنا حمّاد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لقد أُخفت في الله وما يخاف أحد (يعني في مكة حيث يأمن الخائف أنا اعتدى عليّ الكفار) ولقد أُذيتُ في الله وما يؤذى أحد (يعني أيضا في مكة حيث يأمن الناس بعضهم بعضًا أُذيت في الله تبارك وتعالى ) ولقد أتت عليّ ثلاثون من بين ليلة ويوم (يعني ثلاثون مجموع الأيام والليالي يكون ثلاثين يعني نحو خمسة عشر يوما بلياليها) وماليَ ولبلال طعام يأكله ذو كبد (لا إنسان ولا غير الإنسان من الحيوان ما عندنا أي طعام حتى ما تأكله البهائم) إلا شيء يواريه إبط بلال (إلا شيء قليل خمسة عشر يوما بلياليها ما نأكل إلا شيئًا قليلا من قلته لو وضعه بلال تحت إبطه لما ظهر من قلته صلى الله عليه وسلم،وهذا يدل على شدة عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم وما صبر في الدعوة إلى الله تعالى وما صبر الصحابة رضوان الله عليهم في الدعوة إلى الله عزّ وجلّ وما جاء في هذا الحديث من قول النبي عليه الصلاة والسلام: أتت عليّ ثلاثون من بين ليلة ويوم المراد بذلك ثلاثون يوما وليلة متوالية هكذا جاء في رواية الترمذي لكن في رواية لكن في رواية ابن حبان وابن ماجه وغيرهما بإسناد صحيح من طريق ثابت عن أنس أيضا أنه قال عليه الصلاة والسلام ثالثة يعني أنه قال: ثلاث ليال وفي بعض الروايات ثلاثون ليلة من غير ذكر اليوم، على كل رواية الثلاثون ليلة وثلاثون ليلة ويوما هاتان الروايتان متفقتان المراد منهما ثلاثون يوما وليلة متواليات وأما رواية ثلاث فتخالف تلك الرواية، الله أعلم أي الروايتين هو الذي حصل هل دخل الخلل على من روى ثلاث أو على من روى رواية الثلاثين وهذا الحديث زمانه ووقته هذا ليس حين الهجرة من مكة إلى المدينة جزما لأن بلالا لم يكن مع النبي عليه الصلاة والسلام في الهجرة إلى المدينة يحتمل أن يكون حين خروج النبي عليه الصلاة والسلام إلى الطائف إلى عبد كلال في الطائف حين أخرجه كفار مكة فخرج إلى الطائف يدعو زعيمها لدخول في الإسلام يحتمل ذلك لكن أيضا المعروف أن الذي خرج معه وقتها هو زيد بن حارثة وليس بلالا فلعل هذا خرجة ثالثة خروجا ثالثا خرجه النبي عليه الصلاة والسلام ولما خرجا لم يكن معهما طعام إلا ما أخذه بلال تحت إبطه رضي الله تعالى عنه فهذا معنى الحديث) وبه قال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال أخبرنا عفان قال حدثنا أبان بن يزيد العطار قال حدثنا قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجتمع عنده غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف (هذا سبق ذكره أنه لم يأكل خبزا ولحما معا عليه الصلاة والسلام إلا أن يأكل مع الجماعة إذا كان هناك ضيوف) قال عبد الله قال بعضهم هو كثرة الأيدي (الضفف كثرة الأيدي يعني الاجتماع على الطعام وهذا يكون عادة تكثر الأيدي إذا كان ضيوف). وبه قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك قال حدثنا ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن نوفل بن إياس الهذلي قال كان عبد الرحمن بن عوف لنا جليسا وكان نعم الجليس ( ما أحسنه كنا نجلس مع عبد الرحمن بن عوف وما أحسنه كان جليسا نعم الجليس) وإنه انقلب بنا ذات يوم (ذات يوم أخذنا من مجلسنا إلى بيته انقلب بنا إلى بيته) حتى إذا دخلنا بيته ودخل فاغتسل (لما دخلنا بيته دخل اغتسل حتى يقعد معنا وليس عليه رائحة غير حسنة وهو لا يخرج منه رائحة العرق وما شابه ذلك) ثم خرج وأُتينا بصحفة فيها خبز ولحم (جاءنا بصحفة فيها خبز ولحم) فلما وضعت بكى عبد الرحمن (نظر إليها عبد الرحمن وصار يبكي) فقلت له يا أبا محمد ما يبكيك ( لماذا تبكي) فقال هلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو وأهل بيته من خبز الشعير (أي مات النبي عليه الصلاة والسلام ولم يشبع من خبز الشعير وأنا آكل هذا الخبز واللحم معناه حاله لا بد كانت خيرًا من حالنا إذا يخاف يبكي خوفا من أن يكون جره التنعم هذا يعد تنعما عبد الرحمن بن عوف يعد شيئا كثيرًا ليس كحال النبي عليه الصلاة والسلام خاف أن يكون الترفه في المطعم والمشرب والمسكن قد جره إلى ما لا تحمد عاقبته) فلا أورانا أُخرنا لما هو خير لنا (لا أظن أن حالنا الآن خير من حالنا قبل كانت حالنا قبل لذلك أبكي وهذا لم يكن قدّم لهم إلا لحما وخبزا لا غير فماذا يكون حال الذي يقدم اليوم ألوانا وألوانا وألوانا من الطعام لا يفعل ذلك لوجه الله تعالى لا يفعل ذلك طلبا لمرضاة الله عزّ وجلّ إنما لأجل الدنيا إما ليتنعم هو في الدنيا أو يريد غرضًا من الدنيا بذلك إذا قدم لغيره نسأل الله أن يحفظنا ونسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه وهو سبحانه وتعالى أعلم.