الشمائل المحمدية
قال الشيخ سمير القاضي حفظه الله
0025
الحمد لله وكفى وصلاة وسلام على رسوله المصطفى محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
أسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه. نكمل إن شاء الله تعالى الكلام في كتاب شمائل النبي عليه الصلاة والسلام للإمام أبي عيسى الترمذي رحمه الله تعالى.
القارئ: بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله بالسند للإمام الترمذي رحمه الله تعالى يقول باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشيخ سمير القاضي: هذا الباب معقود لبيان بعض الأسماء التي هي لرسول الله عليه الصلاة والسلام التي ورد ذكرها في الحديث.
القارئ: قال حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وغير واحد قالوا حدثنا سفيان عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر (هذا تفسير الماحي) وأنا الحاشر الذي يحشر النّاس على قدمي (بعدي هذا معنى على قدمي بعدي لأنه ءاخر الأنبياء لا نبي بعده فيكون بعده القيامة) وأنا العاقب". والعاقب الذي ليس بعده نبي.
وبه قال حدثنا محمد بن طريف الكوفي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل عن حذيفة أنه قال لقيت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة فقال:" أنا محمد وأنا أحمد وأنا نبي الرحمة (نبي الرحمة لأن الرحمة تتكرر وتتضاعف به عليه الصلاة والسلام) وأنا نبي التوبة (لكثرة ما حصل من التوبة بسببه عليه الصلاة والسلام) وأنا المقفي (وأنا المقفي أي المتبع لمن سبق من الأنبياء في توحيد الله تبارك وتعالى ومكارم الأخلاق ويروى أيضًا أنا المقفَى بفتح الفاء يعني الذي جئت بعد الأنبياء كلهم فكنت خاتمهم) وأنا الحاشر (سبق بيان الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي) ونبي الملاحم (نبي الملاحم جمع ملحمة والملحمة الحرب نبي الملاحم أي نبي الجهاد ومعلوم أنه لم يجاهد نبي من الأنبياء كما جاهد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ولا جاهدت أمة كما جاهدت أمته صلى الله عليه وسلم).
وبه قال حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا النضر بن شُميل قال أخبرنا حماد بن سلمى عن عاصم عن زر عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه هكذا بمعناه قال حماد بن سلمى عن عاصم عن زر عن حذيفة (فهذه بعض أسماء النبي عليه الصلاة والسلام وليتنبه من أن يُنسب إليه من الأسماء ما ليس من أسمائه يعني بعض الناس أحيانًا يظنون أن طه من أسماء النبي عليه الصلاة والسلام ولم يرد ذكره في الحديث أنه من أسمائه {طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءانَ لِتَشْقَى} هذا معناه طئ الأرض طه أي طئها هذا معنى طه طئ الأرض)
باب ما جاء في سن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(كم كان سنه عليه الصلاة والسلام حين توفي).
وبه قال حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا رَوح بن عُبادة قال حدثنا زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال مكث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه وبالمدينة عشرة (أول ما نزل عليه الوحي كان سنه أربعين مكث ثلاث عشرة سنة في مكة ثم بعد ذلك عشرًا بالمدينة) وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة (صلوات ربّي وسلامه عليه).
وبه قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد عن جرير عن معاوية أنه سمعه يخطب قال مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين وأبو بكر وعمر (أي أبو بكر مات وهو ابن ثلاث وستين وعمر أيضًا مات وهو ابن ثلاث وستين) وأنا ابن ثلاث وستين (لكن ما مات معاوية في تلك السنة إنما مات وكان له ثمانية وسبعون سنة وقيل ثمانون).
وبه قال حدثنا حسين بن مهدي البصري قال حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم مات وهو ابن ثلاث وستين وبه قال حدثنا أحمد بن منيع ويعقوب بن إبراهيم الدورقي قالا حدثنا إسماعيل بن عُليه عن خالد الحْذّاء قال حدثني عمّار مولى بني هاشم قال سمعت ابن عباس يقول:" توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وستين" (نعم بعضهم قال هذه الرواية فيها غلط لأن المعروف أنه توفي عليه الصلاة والسلام وهو ابن ثلاث وستين لكن قال آخرون خمس وستون بإدخال سنة الولادة وسنة الوفاة يعني عدت سنة الولادة سنة كاملة وسنة الوفاة سنة كاملة ولذلك قيل خمس وستون).
وبه قال حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن أبان قالا حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن الحسن عن دغفل بن حنظلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قُبض وهو ابن خمس وستين سنة قال أبو عيسى ودغفل لا نعرف له سماعًا من النبي صلى الله عليه وسلم (يعني لم يلق رسول الله عليه الصلاة والسلام ليس من الصحابة كان حيًا في زمنه لكن لم يلقه شرحنا كيف قالوا خمس وستين بعد سنة الولادة سنة كاملة وسنة الوفاة سنة كاملة) وكان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم رجلا (رجلا ليس غلامًا ليس صبيًا لكن لم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وبه قال حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري قال حدثنا معن قال حدثنا مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمعه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ولا بالأبيض الأمهر. (سبق شرح هذا كله ما كان طوله زائدًا إلى الحد المستبشع ما كان شديد القصر كان ربعة أميل إلى الطول ما كان أبيض من غير حمرة بل كان أبيض مُشربًا بالحمرة ما كان شديد السُمرة إلى آخره) ولا بالآدمي ولا بالجعد القطط ولا بالسبط (بل كان شعره عليه الصلاة والسلام رَجلا يعني فيه بعض التثني) بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة فأقام بمكة عشر سنين (قلنا عشرة بإسقاط الكسر هو ثلاث عشرة لكن العرب أحيانًا يسقطون الكسر) وبالمدينة عشرة سنين توفاه الله على رأس ستين سنة (أيضًا الستين باسقاط الكسر ثلاث وستين لكن العرب يسقطون الكسر أحيانًا) وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.
وبه قال حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس عن ربيعة بن عبد الرحمن عن أنس بن مالك نحوه (وتقدم بيان هذا الحديث).
باب ما جاء في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أي متى توفي كيف توفي عليه الصلاة والسلام)
وبه قال حدثنا أبو عمار الحسين بن حوريس وقتيبة بن سعيد وغير واحد قالوا حدثنا سفيان بن عويينة عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي قبل موته) كشف الستارة يوم الاثنين (كشف الستارة عن بيته) فنظرت إلى وجهه كأنه ورقة مصحف (أي في الحسن والصفاء والإشراق عليه الصلاة والسلام الإشراق المعنوي الذي زاد من الإشراق الحسي زاد الإشراق الحسي) والناس خلف أبي بكر يأمهم فأشار إلى الناس أن اثبتوا وأبو بكر يأمهم (أشار إلى الناس أن اثبتوا لأن الناس اضطربوا لما كشف النبي عليه الصلاة والسلام الستار وأشرف عليهم) والقى السجف (القى الستارة القى السجف أي الستارة رد السترة) وتوفي صلى الله عليه وسلم من آخر ذلك اليوم (وكان ذلك اليوم يوم الاثنين وهل كان الثاني عشرة من ربيع الأول أو الأول من ربيع الأول قال كثيرون الثاني عشرة من ربيع الأول وقال بعضهم في أول من ربيع الأول والمسألة فيها خلاف نعم لكن لا خلاف أنه كان في يوم الإثنين لأن وفاته كانت يوم الإثنين عليه صلاة والله وسلامه ثم وجد قوة عليه الصلاة والسلام فخرج إليهم بعد ذلك).
وبه قال حدثنا حميد بن مسعدة البصري قال حدثنا سُليم بن أخضر عن ابن عون عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:" كنت مسندة النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدري أو قالت إلى حجري أو قالت إلى حَجري فدعى بطست ليبول فيه (الطست هو الإناء من معدن من النحاس ) ثم بال فمات صلى الله عليه وسلم".
وبه قال حدثنا قتيبة قال حدثنا الليث عن ابن الهاد عن موسى بن سرجس عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت (وهو مشغول بالموت متلبس بالموت) وعنده قدح فيه ماء (بقربه قدح فيه ماء) وهو يدخل يده في القدح ثم ويمسح وجهه بالماء (من شدة كرب الموت) ثم يقول:"اللهم أعني على منكرات الموت" (منكرات الموت يعني سكرات الموت بمعنى واحد يعني شدائد الموت) أو سكرات الموت (بمعنى واحد يعني شدائد الموت لأن ألم الموت أحيانًا يكون شديدًا جدًا لذلك سميت سكرات الموت لأن ما يحصل له أحيانًا قد يُغيبه عن وعيه كما يحصل للإنسان إذا سكر أمارات الموت الله يعيننا عليها).
وبه قال حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال حدثنا مبشر بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن العلاء عن أبيه عن ابن عمر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:"لا أغبط أحدًا بهون موت بعد الذي رأيته من شدة موت رسول الله صلى الله عليه وسلم". (ما عدت أُسر إذا إنسان مات موتًا سهلا بعدما رأيت من شدة الموت الذي ماته رسول الله عليه الصلاة والسلام تريد بذلك عرفت أن سهولة الموت وشدته ليست علامة على حُسن الحال أو سوء الحال حسن الحال قد يكون موته شديدًا وسيء الحال قد يكون موته سهلا قد كانت وفاة النبي عليه الصلاة والسلام شديدة كان موته شديدًا لذلك ما عدت أغبط ما عدت أفرح لأحد أن مات موتًا سهلا لأني عرفت أن هذه ليست علامة على أنه على حال مرضية عند الله مجرد ذلك ليس علامة) قال أبو عيسى رضي الله عنه سألت أبا زُرعة فقلت له من عبد الرحمن بن العلاء هذا قال هو عبد الرحمن بن العلاء بن الجلاج.
وبه قال حدثنا أبو قريب محمد بن العلاء قال حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن أبي بكر وهو ابن المُليك عن ابن أبي مُليكة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:"لما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أختلفوا في دفنه (أين يُدفن هذا معنى أختلفوا في دفنه) فقال أبو بكر سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا ما نسيته قال ما قبض الله نبيًا إلا في الموضع الذي يحب أن يُدفن فيه أدفنوه في موضع فراشه (لذلك أزاحوا الفراش ودفنوه هناك عليه الصلاة والسلام في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها).
وبه قال حدثنا محمد بن بشار وعباس العنبري وسوار بن عبد الله وغير واحد قالوا حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان الثوري عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم أن أبا بكر رضي الله عنه قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما مات (فلا بأس بتقبيل الميت بعد موته).
وبه قال حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال حدثنا مرحوم بن عبد العزيز العطار عن ابن أبي عمران الجويني عن يزيد بن باب نوس عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه (جاء أبو بكر إلى النبي عليه الصلاة والسلام من ناحية رأسه ليس من ناحية قدميه من ناحية رأسه) ووضع يديه على ساعديه وقال وآنبياه وآصفياه وآخليلاه (جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام قبّله في جبهته ثم قال وآنبياه ثم قبله مرة ثانية في جبهته ثم قال وآصفياه ثم قبله مرة في جبهته وقال وآخليلاه ولم يقل أبو بكر رضي الله عنه ذلك على هيئة الجزع لأ إنما مع السكينة والطمأنينة والحزن الذي في القلب).
وبه قال حدثنا بشر بن هلال الصواف البصري قال حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شىء (لما دخل النبي المدينة أضاءت كلها نورت أنارت نورت) فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شىء وما نفضنا أيدينا من التراب (يعني بعد أن أنهينا دفنه عليه الصلاة والسلام مباشرة) وإنّا لفي دفنه صلى الله عليه وسلم حتى أنكرنا قلوبنا (وجدنا التغير حصل تغير في قلوبنا ما عادت قلوبنا على الحال الذي كان فيه النبي عليه الصلاة والسلام حين كان حيًّا فورًا حصل تغير في قلوبنا).
وبه قال حدثنا محمد بن حاتم قال حدثنا عامر بن صالح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:" توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين" (وهذا إجماع لا خلاف أنه توفي عليه الصلاة والسلام يوم الاثنين ويكاد يكون إجماعًا أنه توفي في ربيع الأول أيضًا هذا هو المعتمد والمعروف).
وبه قال حدثنا محمد بن أبي عمر قال حدثنا سفيان بن عُيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه قال قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين فمكث ذلك اليوم وليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء ودُفن من الليل (يعني شُرع في تجهيزه ليلة الثلاثاء هذا معناه في آخر ليلة الثلاثاء فلم يفرغوا من ذلك إلا آخر ليل الأربعاء هنا قوله فمكث ذلك اليوم وليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء ودُفن من الليل أي شُرع في تجهيزه لدفن في الليل فلم يُفرغ من ذلك إلى آخر ليلة الأربعاء آخر الليل قبل يوم الأربعاء دُفن عليه الصلاة والسلام).
قال سفيان وقال غيره سُمع صوت المساحي من آخر الليل (المساحي هو هذا الذي يستعمل ليحفر به أي جمع مسحاح مثل المجرفة تكون من حديد هذه المسحا)
وبه قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن شريك بن عبد الله بن نمر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء (يعني وشُرع في تجهيزه كما قلنا لدفن يوم الثلاثاء إنما دفن في الليل في آخر نهار الثلاثاء شرع في تجهيزه ثم في ليلة الأربعاء دفن عليه الصلاة والسلام في آخرها).
قال أبو عيسى هذا حديث غريب (يعني لم يرو إلا من طريق سند واحد)
وبه قال حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال حدثنا عبد الله بن داود قال حدثنا سلمة بن نُبيط عن نُعيم بن أبي هند عن نبيط بن شريط عن سالم بن عبيد له صحبة أنه قال أُغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فأفاق فقال:" حضرت الصلاة فقالوا: نعم فقال: امروا بلالا فليؤذن وامروا أبا بكر فليصلي للناس أو قال بالناس (وهذا يدل على اهتمام النبي عليه الصلاة والسلام بأمر الصلاة وإقامتها وهو في حال النزع وهو في حال الوفاة عليه الصلاة والسلام وفيه بيان مرتبة أبي بكر وإشارة إلى أنه الأولى بالخلافة لأن النبي عليه الصلاة والسلام أصر أن يكون أبو بكر هو الإمام للناس أبو بكر في خلال مرض النبي عليه الصلاة والسلام كان غائبًا فالنبي عليه الصلاة والسلام قال:" امروه أن يصلي بالناس تأخر واحد من الناس قال لعمر أبو بكر تأخر تقدم أنت بلغ إلى النبي عليه الصلاة والسلام صوت عمر عرف أنهم قدموه حتى يصلي فقال: لا لا إلا أبو بكر ما رضي النبي عليه الصلاة والسلام أن يأم عمر الناس فتفرق الناس إلى أن جاء أبو بكر فأمهم على حسب ما أراد النبي عليه الصلاة والسلام وهذا فيه إشارة ظاهرة إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يرى أن أبا بكر هو الأحق بالخلافة بعده هو الأفضل للخلافة بعده وإن كان لم ينص النبي عليه الصلاة والسلام نصًا صريحًا ما قال الخليفة بعدي أبو بكر ما قال الخليفة بعدي فلان لكن هذا فيه إشارة قوية كما في أحاديث أُخر لا نريد أن نتعرض الآن إلى ذكرها) قال ثم أُغمي عليه فأفاق فقال: حضرت الصلاة قالوا: نعم فقال: امروا بلالا فليؤذن وامروا أبا بكر فليصلي بالناس فقالت عائشة رضي الله عنها: إن أبي رجل أسيف (أسيف كثير الخوف سريع الدمع إذا قرأ يبكي لا يسمع النّاس قراءته ولم يكن هذا بعائشة ليس هذا الأصل نعم صحيح أبو بكر كان رجلا أسيفًا لكن عائشة ما أرادت أن يرى الناس أباها في الموضع الذي كانوا يرون فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحصل في قلوبهم نفرة من أبيها يحصل في قلوبهم نفور من أبيها لماذا يقف في مكان رسول الله عليه الصلاة والسلام فكانت تحاول أن تصرف ذلك عن أبيها فقالت إن أبي رجل أسيف إذا قرأ يبكي فلا يسمع الناس قراءته) إذا قام ذلك المقام يبكي فلا يستطيع فلو أمرت غيره قال ثم أُغمي عليه فأفاق فقال: امروا بلالا فليؤذن وامروا أبا بكر فليصلي بالناس فإنكن صواحب أو صواحبات يوسف (أنتن صواحب يوسف عرف النبي أن عائشة لا تظهر كل ما في قلبها أنها تظهر شيئًا لكن تبطن شيئًا آخر قال: أنتن مثل صواحب يوسف دعتهن امرأة العزيز للطعام ظاهرًا وكان لها غرض آخر من ذلك وأنتن كذلك تشبههن بذلك ليس هذا الذي في قلبك شىء آخر معناه).
قال: فأُمر بلال فأذن وأُمر أبو بكر فصلى بالناس ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة فقال: انظروا لي من أتكئ عليه (بعدما بدأ أبو بكر بالصلاة وجد النبي عليه الصلاة والسلام نشاطًا) فجاءت بريرة ورجل آخر فاتكئ عليهما (الرجل الآخر علي رضي الله عنه جاءت بريرة وعلي فاتكئ عليهما) فلما رءاه أبو بكر ذهب لينكث (أراد أن يرجع أبو بكر أليس كان إمامًا أراد أن يرجع) فأوم إليه أن يثبت مكانه (أشار إليه أن يثبت مكانه النبي عليه الصلاة والسلام) حتى قضى أبو بكر صلاته (يعني لا تتحرك من مكانك حتى قضى صلاته والذي حصل أن النبي عليه الصلاة والسلام جاء فقام إلى يسار أبي بكر فصلى قاعدًا وأبو بكر قائمًا فاقتدى أبو بكر بالنبي لما دخل النبي في الصلاة اقتدى أبو بكر بالنبي فكان أبو بكر هو الذي يصل صلاة الناس بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو يقتدي برسول الله والناس يقتدون بأبي بكر).
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قُبض (توفي) فقال عمر: والله لا أسمع أحدًا يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قُبض إلا ضربته بسيفي هذا (عمر كان يظن أن النبي عليه الصلاة والسلام أُغمي عليه لأن هناك امورًا أشياء سمعها جعلته يتوهم أنهم يموتون قبل النبي عليه الصلاة والسلام وأن وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون بعد وفاتهم فلذلك كان عمر متقينًا أن النبي ما مات إنما هذا إرجاف يُرجف به المنافقون أُغمي عليه والمنافقون يقولون مات حتى يسببوا خللا بين المسلمين كان عمر فقال الذي يقول هذا أضربه بسيفي يعني بعرض سيفي ليس بحده) قال وكان الناس أُميين (لم يدرسوا الكتب القديمة) لم يكن فيهم نبي قبله ( ولا قرأوا عن الأنبياء السابقين) فأمسك الناس (صار عند الناس اضطراب عمر يقول كذا والظاهر أن النبي مات عمر يقول ما مات ويهدد) فقالوا يا سالم (سالم بن عبيد راوي الحديث) انطلق إلى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي أبي بكر معروف إذا قيل إلى صاحب رسول الله يعني إلى أبي بكر) فادعه (فادعه لأن أبا بكر كان استأذن النبي عليه الصلاة والسلام أن يذهب إلى زوجته في العالية كانت مرضت استأذن أن يذهب إليها والعالية قرب المدينة خارج المدينة قريبًا منها) فأتيت أبا بكر وهو في المسجد فأتيته أبكي دهشًا (متحيرًا مما استولى عليه من أمر موت النبي عليه الصلاة والسلام) فلما رآني قال قال لي أقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم (هل مات النبي) قلت: إن عمر يقول: لا أسمع أحدًا يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض ألا ضربته بسيفي هذا (ما قال له نعم قال له عمر يقول الذي يقول إن النبي عليه الصلاة والسلام توفي أضربه بسيفي هذا) فقال لي انطلق فانطلقت معه فجاء هو والناس قد دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"يا أيها الناس أفرجوا لي (يا أيها الناس أفرجوا لي أفسحوا لي حتى أدخل) فأفرجوا له فجاء حتى أكب عليه ومسه (حتى جاء من قبل رأسه كما قلنا وأكب عليه صار وجهه فوق وجه النبي عليه الصلاة والسلام) فجاء حتى أكب عليه ومسه (فقبله كما ورد) فقال {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} (قرأ هذه الآية يذكر الناس بها ويعتبر منها ثم قالوا يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم فعلموا أن قد صدق (فعلموا أنه قد صدق) ثم قالوا يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُصلى على رسول الله قال: نعم قالوا وكيف قال: يدخل قوم فيكبرون ويصلون ويدعون ثم يخرجون (وهكذا كان ما اجتمع المسلمون في صلاة واحدة على النبي عليه الصلاة والسلام إنما كان يدخل الحُجرة أُناس يصلون عليه ثم يخرجون ثم يدخل غيرهم ثم يخرجون وهكذا) ثم يدخل قوم فيكبرون ويصلون ويدعون ثم يخرجون حتى يدخل الناس قالوا يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم قالوا: أين (ما كانوا قرأوا الكتب القديمة ولا مات بينهم نبي قبل ذلك لذلك يسألون هذه الأمور ليزدادوا تأكدًا) قالوا: أين قال: في المكان الذي قُبض فيه روحه فإن الله لم يقبض روحه إلا في مكان طيّب (لأجل ما كان سمع أبو بكر من النبي عليه الصلاة والسلام:"أن الأنبياء يدفنون حيث يموتون") فعلموا أن قد صدق ثم أمرهم أن يغسله بنو أبيه (عصبته أقاربه من جهة أبيه وأنزله في قبره العباس وولداه قثم والفضل وعلي هؤلاء أنزلوه في قبره عليه الصلاة والسلام وآخر واحد خرج من القبر قثم بن العباس رضي الله تعالى عنهما) واجتمع المهاجرون يتشاورون فقالوا انطلقوا بنا إلى إخواننا من الأنصار (عرف المهاجرون كما عرف الأنصار أنه لا بد من أن يتسخلف واحد بسرعة حتى لا تنتشر الفوضى بين الناس وحتى لا يسبب ذلك في الفتن العظيمة) فقالوا: انطلقوا بنا إلى إخواننا من الأنصار ندخلهم معنا في هذا الأمر (في أمر المشاورة للخلافة) فقالت الأنصار: منّا أمير ومنكم أمير (بعض الأنصار يعني ليس كلهم بعض الأنصار قال منّا أمير ومنكم أمير واحد منهم قال نجعل هكذا منّا أمير نحن الأنصار ومنكم أمير أنتم المهاجرون) فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه من له مثل من هذه الثلاث (معناه انا أقول يكون أبو بكر الخليفة من يُساميه من يدانيه من له واحدة من هذه الثلاث التي لأبي بكر) {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} من هما (ثاني اثنين إذ هما يقول لهم هذه هما إلى من ترجع يعني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبي بكر أبو بكر هو ثاني اثنين وهو الذي قال له النبي عليه الصلاة والسلام لا تحزن وقال الله تعالى وسماه في القرءان صاحبه لصاحبه لا تحزن إن الله معنا وذكر أن الله تبارك وتعالى ناصرهما يقول من منكم مثل أبي بكر من له مثل هذا) قال ثم بسط يده فبايعه (ثم بايع عمر أبا بكر فلما بايع عمر أبا بكر بايعه الناس بيعة حسنة ) وبايعه الناس بيعة حسنة جميلة.
وبه قال حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال حدثنا عبد الله بن الزبير شيخ باهلي قديم بصري (ليس عبد الله بن الزبير الصحابي بن الصاحبي لأ هذا آخر) قال حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: لما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كرب الموت ما وجد (من شدة الموت) فقالت فاطمة وآ كرباه فقال صلى الله عليه وسلم:" لا كرب على أبيك بعد اليوم " (بعد اليوم لا كرب على أبيك أبوك مفارق الدنيا مفارق موضع الكرب كائن إلى الاخرة حيث لا كرب عليه ) إنه قد حضر من أبيك ما ليس بتارك منه أحدًا" (وهو الموت ما أصاب أباك ما سوف يصيب الكل كل البشر) الموفاة يوم القيامة (اللقاء يوم القيامة نلتقي المجيء والحضور يوم القيامة).
وبه قال حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى البصري ونصر بن علي قالا حدثنا عبد ربه بن بارق الحنفي أنه قال سمعت جدي أبا أمي سماك بن الوليد يحدث أنه سمع بن عباس يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من كان له فرطان من أمتي (فرطان من أمتي الفرط من يسبقك ليهيء لك الموضع من كان له فرطان أي من مات له ولدان هذا المعنى فكأنهما سبقاه ليهيئا له موضعًا من الجنة إذا صبر ثوابه الجنة هذا معناه) يقول:"من كان له فرطان من أمتي أدخله الله تعالى بهما الجنة فقالت عائشة رضي الله عنها فمن كان له فرط من أمتك قال:ومن كان له فرط يا موفقة (يعني ولو واحد يا موفقة إلى الخير يعني) قالت: فمن لم يكن له فرط من أمتك (الذي ما كان ولد) قال: فأنا فرط لأمتي لن يصابوا بمثلي (أنا فرط لأمتي لن يصابوا بمثلي مصيبة وفاتي أكبر وأشد من أية مصيبة يصاب بها واحد منهم في حياته فأناكالفرط لأمتي أنا أسبقهم وأكون معهم يوم القيامة أشفع لمن يشفعني الله تعالى فيهم وانفع من ييسر الله تعالى لي أن أنفعهم في ذلك اليوم).
نكتفي بهذا والله تعالى أعلم.