قال المؤلف رحمه الله (الواحدُ الأحدُ الأولُ القديمُ الحيُّ القيّومُ الدائمُ)
الشرح أن معنى الواحد الذي لا ثاني له أي لا شريك له في الألوهيّة فالله واحد لا من طريق العدد. وأمّا الأحد فقال بعض العلماء هو بمعنى الواحد وقال بعضهم الأحد هو الذي لا يقبل الانقسام والتجزؤ أي ليس جسمًا لأن الجسم يقبل الانقسام عقلاً والله ليس جسمًا. والجسم ما له طول وعرض وسَمْك.
ومعنى الأوّلِ الذي لا ابتداءَ لوجوده فهو وحده الأوّلُ بهذا المعنى وبمعناه القديمُ إذا أُطلق على الله لأنَّ قِدَم الله ذاتيٌّ وليس زمنيًّا. وأمّا معنى الحيّ إذا وُصِف الله به فهو أنه موصوف بحياة أزليّة أبديّة ليست بروح ولحم ودم وعصب ومخٍ بل حياته صفة قديمة قائمة بذاته. ومعنى القيّوم الدائمُ الذي لا يزول. وأمّا الدائم فمعناه الذي لا يلحقه ولا يجوز عليه الفناءُ وبمعناه الباقي فالله يستحيل عليه الفناء عقلاً ولا دائم بهذا المعنى إلا الله فلا شريك لله في الديمومية لأن ديموميته استحقها لذاته لا شىء غيره أوجب له ذلك وأما ديمومية غيره كالجنة والنار فهي ليست ذاتية بل هما شاء الله لهما البقاء أما من حيث ذاتُهما فيجوز عليهما عقلاً الفناء لكن ورد في الشرع بقاؤهما بنص القرءان والسنة النبوية وإجماع الأُمة ولذلك فإنَّ القول بفنائهما أو فناء النار دون الجنة كفر. وقد قال ابن تيمية بفناء النار بعد أن ذكر في كتابه منهاج السنة النبوية أن المسلمين اتفقوا على بقاء الجنة والنار وأنَّ جهم بن صفوان خالف في ذلك فقال بفنائهما فكفره المسلمون فحكمُهُ حكمُ جهمٍ فكلاهما كافرٌ.
قال المؤلف رحمه الله (الخالقُ الرازقُ العالِمُ القديرُ الفعَّالُ لِمَا يُريد ما شاء الله كان وما لم يشأْ لم يكن)
الشرح معنى الخالق الذي أبدع وكَوَّنَ جميعَ الكائنات وأبرزها من العدم إلى الوجود فلا خَلْقَ بهذا المعنى إلا للهِ فما سوى الله تعالى حدث بخلقه تعالى وتكوينه وإبداعِه فالخلقُ هو الإِبراز من العدم إلى الوجود ولا خالقَ إلا اللهُ. قال الله تعالى {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} والشىء يشمل الأجسام والأعمال وقال {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [سورة الصافات] فالآيتان صريحتان في أن الله هو خالق الأجسام والأعمال.
ومعنى الرَّازق الذي يوصل الأرزاقَ إلى عباده.
ومعنى العالم المتّصفُ بالعلم فالله موصوفٌ بعلمٍ أزليّ أبديّ لا يتغيَّر لا يزداد ولا ينقص فهو عالِمٌ لا كالعلماء لأنَّ عِلْمَ غيرِه حادثٌ. ومعنى القدير المتَّصفُ بالقدرة التامة وهي صفةٌ أزليّةٌ أبديةٌ يؤثّر بها في الممكنات أي في كل ما يجوز في العقل وجوده وعدمه بها يوجِد ويُعْدِم وبمعناه القادر إلا أن القدير أبلغ.
ومعنى الفعّال لِمَا يُريد أنه يكوّن ما سبقت به إرادته لا يعجزه عن ذلك شىء، يفعل ما يشاء بلا مشقة ولا يمانعه أحدٌ ولا يحتاج إلى استعمال ءالةٍ وحركةٍ ولا إلى استعانة بغيره ولا تخلُّفَ لمرادِه.
ومعنى ما شاء الله كان وما لم يشأْ لم يكن أن كل ما شاء الله في الأزل أن يكون كان وما لم يشأ الله في الأزل أن يكون لا يكون ولا تتغيّر مشيئته لأنَّ تغيّر المشيئة دليلُ الحدوث والحدوثُ مستحيلٌ على الله فهو على حسب مشيئته الأزليّة يغيّر المخلوقات من غير أن تتغيّر مشيئته.