fbpx

الصراط المستقيم – الدرس 1

شارك هذا الدرس مع أحبائك

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [سورة الحشر]. وقالَ عليٌّ رضي الله عنهُ وكَرَّمَ وجهَهُ: «اليوم العَملُ وغَدًا الحسابُ»، رواهُ البُخَاريُّ في كتابِ الرِّقاق. أعظَمُ حُقوقِ الله على عِبَادِه اعلم أنَّ أعظمَ حقوقِ الله تعالى على عبادِهِ هوَ توحيدُه تعالى وأن لا يُشرَك به شىءٌ، لأنَّ الإشراكَ بالله هوَ أَكبرُ ذنبٍ يقترِفُه العبدُ وهوَ الذَّنبُ الذي لا يغفرُه الله ويَغفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لمن يَشاءُ. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [سورة النساء] . وكذلكَ جميعُ أنواعِ الكُفرِ لا يَغفرُها الله لقولِه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كَفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [سورة محمد] . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهِدَ أَنْ لا إلـه إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنّ محمدًا عبدُه ورسولُه وأنَّ عيسى عبدُ الله ورسولُه وكلمتُه ألقاها إلى مريمَ وروحٌ منه والجنةَ حقٌّ والنارَ حقٌّ أدخَلَهُ الله الجنةَ على ما كانَ منَ العملِ»، رواه البخاري ومسلم. وفي حديثٍ ءاخَر: «فإنَّ الله حرَّمَ على النار من قالَ لا إلـهَ إلا الله يبتغي بذلكَ وجهَ الله» رواه البخاري. ويجبُ قرنُ الإيمانِ برسالةِ محمدٍ بشهادةِ أن لا إلـهَ إلا الله وذلك أقلُّ شىءٍ يحصلُ به النجاةُ من الخلودِ الأبديّ في النارِ. معنَى الشَّهادتينِ فمعنَى شهادةِ أَنْ لا إلـهَ إلا الله إجمالا أعترفُ بلساني وأعتقدُ وأذعن بقلبي أَنَّ المعبودَ بحقٍّ هوَ الله تعالى فقط. ومعنَى شهادةِ أنّ محمّدًا رسولُ الله أعترفُ بلساني وأُذعِنُ بقلبي أنَّ سيّدنَا محمَّدًا صلى الله عليه وسلم مرسَلٌ من عندِ الله إلى كافَّةِ العالمينَ من إنسٍ وجِنٍّ. صادقٌ في كلّ ما يبَلّغُه عن الله تعالى لِيُؤمِنُوا بشَريعَتِه ويتَّبِعُوه. والمرادُ بالشّهادتينِ نفيُ الألوهيةِ عمَّا سوَى الله وإثباتُها لله تعالى. معَ الإقرارِ برسالةِ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا} [سورة الفتح] . فهذه الآيةُ صريحةٌ في تكفيرِ من لم يؤمن بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم فمن نازعَ في هذا الموضوعِ يكونُ قد عاندَ القرءانَ ومن عاندَ القرءانَ كَفرَ. وأجمعَ الفقهاءُ الإسلاميّونَ على تكفيرِ من دانَ بغيرِ الإسلامِ. وعلَى تكفيرِ من لم يكفّرْهُ أو شَكَّ أو توقَّفَ كأن يقولَ أنا لا أقولُ إنَّه كافرٌ أو غيرُ كافر. واعلَم باستيقان أنَّهُ لا يصحُّ الإيمانُ والإسلامُ ولا تُقبلُ الأعمالُ الصالحةُ بدونِ الشهادتينِ بلفظِ أشهدُ أن لا إلـهَ إلا الله وأشهدُ أنّ محمَّدًا رسولُ الله أو ما في معناهما ولو بغَيرِ اللغةِ العربيةِ. ويكفي لصحةِ الإسلامِ النطقُ مرَّةً في العُمُرِ ويبقى وجوبُها في كلِّ صلاةٍ لصِحَّةِ الصَّلاةِ، هذا فيمن كانَ على غيرِ الإسلامِ ثمَّ أرادَ الدخولَ في الإسلامِ. وأمَّا من نشَأَ على الإسلامِ وكانَ يعتقدُ الشَّهَادتينِ فلا يُشترط في حَقّه النُّطقُ بهما بل هو مسلمٌ لو لَم يَنطِق. وقالَ صلى الله عليه وسلم: قالَ الله تَعالى: “وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشىءٍ أحبَّ إليَّ مما افتَرضتُ عليه” حديث قدسيٌّ رواه البخاريُّ. وأفضلُ وأوّلُ فرضٍ هوَ الإيمانُ بالله ورسولِه. واعتقادُ أن لا إلـهَ إلا الله فقط لا يكفي ما لَم يُقرن باعتقادِ أنَّ محمدًا رسولُ الله قالَ تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الكَافِرِينَ} [سورة ءال عمران] أي لا يُحِبُّ الله من تولَّى عن الإيمانِ بالله والرسولِ لكفرهم والمراد بطاعة الله والرسول في هذه الآية الإيمان بهما. فهذَا دليلٌ على أنَّ من لم يؤمن بالله ورسولِه محمدٍ صلى الله عليه وسلم فهُوَ كافرٌ وأنَّ الله تَعالى لا يُحِبُّه لكُفرِه فمن قالَ إنَّ الله يحبُّ المؤمنينَ والكافرينَ لأنه خلقَ الجميعَ فقد كذَّبَ القرءانَ فيقالُ لَهُ الله خلَقَ الجميعَ لكن لا يُحِبُّ الكُلَّ. الفَرضُ على كلِّ مكلَّفٍ واعلم أنَّ النطقَ بالشهادَتين بعدَ البلوغ فرضٌ على كلّ مكلَّفٍ مرَّةً واحدةً في عُمرِه بنيَّةِ الفرضِ عندَ المالكيةِ لأنَّهُم لا يُوجبونَ التَّحيّاتِ في الصَّلاةِ إنّما هم يعتبرونَها سنَّةً وعندَ غيرهم كالشافعيةِ والحنَابلةِ تجبُ في كلّ صلاةٍ لصحةِ الصلاةِ. لا دينَ صحيحٌ إلا الإسلامُ الدينُ الحقُّ عندَ الله الإسلامُ قالَ تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ} [سورة ءال عمران] . وقالَ تَعالى أيضًا: {إِنَّ الدّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} [سورة ءال عمران] . فكُلُّ الأنبياءِ مسلمونَ فمن كانَ متَّبعًا لموسى صلى الله عليه وسلم فهو مسلمٌ موسويٌّ، ومن كانَ متَّبعًا لعيسى صلى الله عليه وسلم فهوَ مسلمٌ عيسويٌّ، ويَصحُّ أن يُقالَ لمن اتَّبعَ محمدًا صلى الله عليه وسلم مسلمٌ محمديٌّ. والإسلامُ هو الدّينُ الذي رضيَهُ الله لعبادهِ وأمرَنا باتّباعِهِ. ولا يُسمَّى الله مسلمًا كما تلفظَ به بعضُ الجهالِ. فقديمًا كان البشرُ جميعُهم على دينٍ واحدٍ هو الإسلامُ. وإنّما حدثَ الشركُ والكفرُ بالله تعالى بعد النبي إدريس. فكان نوحٌ أوّلَ نبيٍ أُرسِلَ إلى الكفارِ يدعو إلى عبادةِ الله الواحدِ الذي لا شريكَ له. وقد حذَّرَ الله جميعَ الرُّسُلِ مِن بعدهِ منَ الشركِ. فقام سيدُنا محمد صلى الله عليه وسلم بتجديدِ الدعوةِ إلى الإسلام بعد أنِ انقطعَ فيما بينَ الناسِ في الأرضِ مؤيَّدًا بالمعجزاتِ الدَّالَّةِ على نبوتِهِ. فَدَخَلَ البعضُ في الإسلامِ. وجَحَدَ بنبوتِهِ أهلُ الضلالِ الذين منهم مَن كان مشركًا قبلًا كفرقةٍ من اليهودِ عَبَدَت عُزيرًا فازدادُوا كفرًا إلى كفرهم. وءامنَ به بعضُ أهلِ الكتابِ اليهودِ والنصارى كعبدِ الله بن سلامٍ عالم اليهودِ بالمدينةِ، وأصحَمةَ النّجاشيّ ملكِ الحبشةِ وكان نصرانيًّا ثم اتَّبعَ الرسولَ اتباعًا كاملًا وماتَ في حياةِ رسولِ الله وصلَّى عليه الرسولُ صلاةَ الغائبِ يومَ ماتَ. أوحى الله إليه بموتِهِ. ثم كان يُرى على قبرهِ في الليالي نورٌ وهذا دليلٌ أنه صارَ مسلمًا كاملًا وليًّا مِن أولياءِ الله رضيَ الله عنه. والمبدأُ الإسلاميُّ الجامعُ لجميعِ أهلِ الإسلامِ عبادةُ الله وحدَه.