الحمد لله ربّ العالمين له النّعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات ربّ وسلامه على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين
أما بعد، بعد أن أنهينا تقريبًا الكلام بعد أن أنهى المصنف رحمه الله الكلام على توحيد الله تعالى بقي تنبيه مهم ننبه فيما يتعلق بذلك ثم ننتقل إلى الكلام عن النبوة
قال المؤلف رحمه الله: تنبيه مهم لا يُعفى الجاهل مما ذكرناه من الأُصول ولا يعذر فيما يقع منه من الكفر لعدم إهتمامه بالدين
الشرح: الجاهل إذا وقع في الكفر لجهله لا يعذر يكفر كما أن الذي يشرب السُّم وهو جاهل أنه سم يضره السم كذلك من وقع في الكفر لجهله لا يعذر بالجهل لأنه لو كان الجهل عذرًا لكان الجهل أفضل من العلم كان الواحد منّا بقي جاهلا ثم قال ما شاء وفعل ما شاء ولا يؤاخذ في الآخرة فيكون الجهل أفضل من العلم وليس الأمر كذلك.
قال المؤلف: ولو كان الجهل يسقط المؤاخذة لكان الجهل خيرًا من العلم وهذا خالف قوله تعالى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}
الشرح: معناه لا يستوي الجاهل والعالم العالم أفضل من الجاهل العلم أفضل من الجهل هذا معناه.
قال المؤلف: إلا أن من كان قريب عهد بإسلام ونحوه لا يكفر بإنكار فرضية الصلاة وتحليل الخمر ونحو ذلك إن لم يكن سمع أن هذا دين الإسلام
الشرح: لكن الذي دخل في الإسلام حديثًا هناك بعض الأمور لا سبيل للإنسان إلى معرفتها إلا بالسمع وليست هي من الأمور التي من أصل معنى الشهادتين إذا أنكرها لأنه ظن أن الشرع على ما يقول لا يعرف ما هو الشرع فإنه لا يُكفر.
واحد دخل في الإسلام حديثًا بعد ما سمع أن المسلمين يحرمون الخمر ظن أن الإسلام يجوز فيه شرب الخمر لا يُكفر واحد دخل في الإسلام حديثًا بعد ما سمع أنه هناك صلوات خمس فظن أنه لا يوجد صلوات في دين الإسلام مفروضة لا يكفر إنما يُعلم
قال المؤلف: والفرض الأول في حق الأهل تعليمهم أصول العقيدة كي لا يقعوا في الكفر
الشرح: الفرض الأول في حق الأهل أي تجاه أولادهم هذا المراد تجاه أولادهم تعليمهم أصول العقائد
قال المؤلف: كي لا يقعوا في الكفر لجهلهم بالعقيدة
الشرح: حتى لا يكون الولد مثل الإناء الفراغ الذي يقبل كل ما يُلقى فيه الإناء الفراغ مهما وضعت فيه قبل إن سكبت فيه الماء الزلال يقبل وإن سكبت فيه البول يقبل فلا ينبغي أن يترك الأهل أولادهم كهذا الإناء الفارغ إنما ينبغي أن يعلموهم العقائد أول ما يجب عليهم أول شىء أهم شىء يعلمه الأهل لأولادهم هو العقيدة الإسلامية
قال المؤلف: فإن اعتقدوا أن الله جسم نوراني أبيض أو نحو ذلك فاستمروا بعد البلوغ على ذلك فماتوا عليه خلدوا في النار نتيجة اعتقاداتهم الفاسدة
الشرح: كم من الناس أهملوا أولادهم فنشأ أولادهم على الكفر والعياذ بالله تعالى يوجد أمير مشهور كان حكمًا في جبل لبنان مدة في العهود الماضية من الشهابيين أهمل أمر أولاده نشأ أولاده على غير الإسلام والعياذ بالله تعالى من غير أن يعرف لأنه أهمل تعليمهم فنشأوا على غير الإسلام أعوذ بالله من مثل ذلك ومثله غيره هذا نتيجة إهمال تعليم الولد العقيدة الغزالي رحمه الله قال: "أولا يُحفظ الولد العقائد ولو لم يعرف معناها ثم مع المدة يُشرح له فينكشف له معناه شيئًا فشيئًا حتى يكون أول ما يدخل إلى قلبه الكلام الصحيح في العقائد" هكذا ينبغي الإنتباه إلى الأولاد لا أن يتركوا ويهملوا
قال المؤلف: قال الفضيل بن عياض: "لا يغرنك كثرة الهالكين" فهل هذا الجهل في العقيدة هو نتيجة محبة الأهل لأبنائهم
الشرح: لو كان أكثر الناس في أيامنا غارقين في الجهل لا ينبغي أن يقلدهم الإنسان لا تستوحش طرق الهدى لقلة أهلها ولا تغرنك كثرة الهالكين هكذا قال الفضيل لا تستوحش طرق الهدى لقلة أهلها لا تبتعد عن طريق الهدى طريق الصواب لأن الذي يمشي عليها قليل هذه طريق النجاة إياك أن تتركها.
قال المؤلف: وقد قال الله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أيّ ما خلقت الجن والإنس إلا لآمرهم بعبادتي هذا أعظم فرض على العبيد توحيد الله تعالى
قال المؤلف: وجاء في تفسير الآية أي وما خلق الله الجن والإنس إلا ليأمرهم بعبادته
الشرح: هكذا جاء عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه
قال المؤلف: وبعد أن جاءنا الهدى وهو الرسول صلى الله عليه وسلم وقامت علينا الحجة فيه لا عذر لنا
الشرح: لا عذر لنا إذا لم نؤمن قبل أؤلئك أهل الفترة ما كانوا سمعوا برسالة أي نبي من الأنبياء أولئك إذا ماتوا على الكفر لهم عذر لا يدخلون النار أما نحن بلغتنا الرسالة المحمدية ما لنا عذر نسأل الله تعالى أن يحسن لنا الختام
قال المؤلف: قال تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}
الشرح: وقد بُعث محمد عليه الصلاة والسلام الآن ننتقل إلى الكلام عن النبوة هذا ختم به شيخنا رحمه الله القسم الأول متعلقًا بتوحيد الله تبارك وتعالى حثًا على طلب هذا العلم والإهتمام به كبارًا وصغارًا وهذا الذي ينبغي.
الان انتقل رحمه الله إلى بيان أمر النبوة
قال المؤلف: النبوة اشتِقاقُها من النّبَإ أي الخبَرِ
الشرح: من أين أُخذت النبوة مشتقة من أيش من النبأ يعني الخبر
قال المؤلف: لأنّ النُّبُوّةَ إخْبارٌ عن الله
الشرح: هكذا لأنها إخبار عن الله
قال المؤلف: أو من النَّبْوَةِ وهي الرّفْعَةُ
الشرح: أو هي مشتقة من النبوة النبوة المكان المرتفع
قال المؤلف: وهي الرفعة
الشرح: لأن النبي أرفع من غيره
قال المؤلف: فالنَّبيُّ على الأوّلِ فعِيلٌ بمعنى فاعلٍ
الشرح: يعني لفظ النبي على المعنى الأول على وزن فعيل بمعنى فاعل بمعنى المبلغ
قال المؤلف: لأنه يخبر عن الله بما يوحى إليه أو فعيل بمعنى مفعول أي مخبرًا عن الله
الشرح: أو بمعنى مفعول لأن الملك يخبره عن الله إما هذا وإما هذا
قال المؤلف: أي مخبر عن الله أي يُخبِرُهُ المَلَكُ عن الله، فالنبوَّةُ جائزةٌ عقلا ليست مستحيلةً.
الشرح: لا إستحالة في ذلك نحن نحتاج الأنبياء كيف يعرف الإنسان ما الذي ينجي في الآخرة كيف يعرف الواحد منّا أنه لا بد أن يصلي خمس صلوات كيف يعرف الواحد منا أنه لا بد أن يتوضأ لصلاة هذا مثل هذا لا يعرف إلا من طريق الأنبياء فالنبوة جائزة من حيث العقل جائزة وبالفعل حصلت أرسل الله تعالى الأنبياء لناس
قال الؤلف: وإن الله تعالى بعث الأنبياء رحمة للعباد إذ ليس في العقل ما يستغني به عنهم لأن العقل لا يستقل بمعرفة الأشياء المنجية في الآخرة
الشرح: هذا معنى أن بعثة الأنبياء جائزة عقلا يعني العقل لا يقضي لا يحكم بأن هذا مستحيل إنما يحكم العقل بأن هذا جائز
قال المؤلف: ففي بعثة الأنبياء مصلحة ضرورية لحاجتهم لذلك
الشرح: ففي بِعْثَة الأنبياءِ مصلحةٌ ضروريّةٌ للعباد لحاجتِهم أي لحاجة لعباد لذلكَ لهذه البعثة
قال المؤلف: فالله متفضّلٌ بها على عبادِهِ
الشرح: فالله تفضل ببعثة الأنبياء على عبيده
قال المؤلف: فهيَ سَفَارةٌ بين الحقّ تعالى وبين الخَلْقِ.
الشرح: الأنبياء يبلغون الخلق عن الله سفارة بين الله تعالى وبين الخلق
قال المؤلف: الفرق بين الأنبياء والرسل
الشرح: ثم الأنبياء الذين أرسلهم الله منهم من هو نبي غير رسول ومنهم من هو نبي رسول
قال المؤلف: اعلم أن النبي والرسول يشتركان في الوحي
الشرح: كلاهما أوحى الله إليه بالنبوة
قال المؤلف: فكل قد أوحى الله إليه بشرع يعمل به لتبلغيه لناس
الشرح: كل منهما الله تعالى أوحى إليه بشرع حتى يبلغه لناس ليعملوا به
قال المؤلف: غير أن الرسول يأتي بنسخ بعض شرع من قبله أو بشرع جديد والنبي غير الرسول يوحى إليه ليتبع شرع رسول قبله وليبلغه
الشرح: النبي غير الرسول أوحي إليه أن يتبع شرع رسول كان قبله وأن يبلغ ذلك لناس أما النبي الرسول فأُوحي إليه بأحكام بشرع فيه أحكام جديدة لم تكن في شرع الرسول الذي قبله هذا معنى النبي الرسول إما بعض الأحكام كانت في شرع الرسول الذي قبله توقف العمل بها أو هناك أحكام جديدة لم تكن ذُكرت في شرع الرسول الذي قبله هذا يقال له نبي رسول يعني جاء في الشرع الذي أوحاه الله إليه أحكام لم تكن في شرع الرسول الذي قبله مثلا في شرع سيدنا آدم أوحى الله إليه أنه يجوز أن يتزوج ولده بنته لكن إذا ولدت من بطن آخر غير البطن الذي ولد هو منه هذا كان في شرع آدم آدم كان نبيًّا رسولا أوحى الله إليه بشرع حتى يتبعه الناس فيه في شرع ولده شيث صار حرامًا أن يتزوج الأخ أخته ولو كانت من بطن غير البطن الذي ولد هو منه شيث إذًا نبي رسول وهكذا في شرائع بعض الأنبياء السابقين كانت الصلوات المفروضة صلاة واحدة في اليوم والليلة في شرع نبينا عليه الصلاة والسلام خمس صلوات في اليوم والليلة عندما يتغير حكم في الشرع الذي أوحاه الله تعالى إلى الرسول يعني عندما يوحى إلى النبي بحكم لا يكون هذا الحكم في شريعة الرسول الذي قبله يكون هذا النبي نبي رسولا أما إذا أوحى الله إليه بلغ شريعة الرسول الذي قبلك لناس يكون نبيًّا غير رسول مثلا داود وسليمان كانا يبلغان شريعة التوراة لناس ما نزل على سيدنا موسى كانا نبيين غير رسولين أما عيسى أوحى الله إليه بأحكام ليست بشرع التوراة فكان نبيًّا رسولا هذا هو الفرق.
قال المؤلف: لذلك قال العلماء كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا
الشرح: ليس كل نبي رسولا لأنه ليس كل نبي يوحى إليه بأحكام لم تكن في شرع الرسول الذي قبله بعض الأنبياء يوحى إليه بتبليغ شرع الرسول الذي قبله
قال المؤلف: ثم أيضًا يشتركان بأن الرسالة يوصف بها الملك والبشر
الشرح: أيضًا الفرق بين الرسالة والنبوة أن الرسالة يجوز إطلاقها على الملك أيضًا يقال جبريل رسول الله إلى الأنبياء مثلا
قال المؤلف: أما النبوة لا تكون إلا في البشر
الشرح: أما النبوة فلا تكون إلا في البشر لا يقال عن جني نبي ولا يقال عن ملك من الملائكة نبي
قال المؤلف: ما يجب للأنبياء وما يستحيل عليهم.
الشرح: ما هي الصفات التي لا بد أن يكون الأنبياء متصفين بها وما هي الصفات التي لا يجوز أن تنسب إلى الأنبياء
قال المؤلف: يجب للأنبياء الصدق ويستحيل عليهم الكذب
الشرح: يجب أن يكون الأنبياء صادقين ويستحيل عليهم أن يكذب أحدهم
قال المؤلف: وتجب لهم الفطانة ويستحيل عليهم البلادة والغباوة
الشرح: أيضًا يجب أن يكون كل نبي من الأنبياء زكيًا لا يجوز أن يكون نبي من الأنبياء غبيًّا لو كان غبيًا ضعيف الزكاء كيف يقيم الحجة على الكفار لو كان يكذب كيف يصدقه الناس بما جاء به لا بد أن يكون النبي من الأنبياء فطنًا صادقًا
قال المؤلف: ويجب لهم الصيانة
الشرح: ويجب لهم الصيانة أي أن يكونوا مصانين من الرذلات والسفاهات
قال المؤلف: فيستحيل عليهم الرذالة والسفاهة والجبن
الشرح: يستحيل عليهم الرذالة والسفاهة يستحيل عليهم التصرف الذي يُسقطهم من الأعين يستحيل عليه أن يتصرفوا تصرفات الناس الدون الأسافل هذه التصرفات التي تكون بلا حكمة تكون سفيهة فيستحيل أن يصدر منهم هذا
قال المؤلف: والجبن
الشرح: الجبن أيضًا لا يجوز أن يكون نبي من الأنبياء جبانًا النبي من الأنبياء قد ينفر من شىء ينفر منه الناس عادة قد يصيبه خوف طبيعي أما الجبن فلا يليق بنبي من الأنبياء بعض الصحابة قال: كنا إذا حمي الوطيس واشتد القتال اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم أي صرنا خلفه أحتمينا به.
قال المؤلف: وكل ما ينفر عن قبول الدعوة منهم
الشرح: ولا يتصفون بصفة تمنع الناس من قبول الدعوة منهم مثلا لا يصاب أحدهم بمرض ينفر الناس بسببه من الإقتراب منه مثل الجذام متل خروج الدود من الوجه أو من الجسم هذا يمنع من قبول الدعوة منهم لا يقعد الناس معهم حتى يستمعوا إليهم والله أرسلهم ليبلغوا الناس لا لينفروهم
قال المؤلف: وكذلك يستحيل عليهم كل مرض منفر
الشرح: إذًا يدخل تحت ذلك كل مرض منفر كما بينّا لا يجوز أن يكون الواحد منهم تأتئًا أو فأفئًا لا يعرف أن يخرج الكلام لأن هذا يمنع قبول الدعوة منهم ينفر الناس منه وهكذا كل صفة تشبه هذا.
قال المؤلف: فمن نسب إليهم الكذب أو الخيانة اأو الرذالة أو السفاهة أو الجبن أو نحو ذلك فقد كفر
الشرح: لأنه حقّرهم ولم يعرف حقيقة معنى النبي لو قال محمد نبي الله هذا ما فهم معنى النبي فيكون كافر والعياذ بالله تعالى
لكن هنا بقي شىء المعصية الصغيرة التي لا خسة فيه ولا دناءة أكثر العلماء قالوا تجوز على الأنبياء قالوا يجوز أن يفعل النبي من الأنبياء المعصية الصغيرة التي لا خسة فيها ولا دناءة قالوا لكن لا يستمروا على ذلك إنما يُسرعوا في التوبة قبل أن يقتدي به فيها غيره من الناس يُسرع يلهمه الله التوبة منها قبل أن يفعل مثله غيره من الناس قالوا الآيات والأحاديث تدل على ذلك أن المعصية الصغيرة التي لا خسة فيها ولا دناءة قد تصدر من نبي من الأنبياء ثم يُسرع بالتوبة منها لذلك بما أن هذا جاء في القرءان والحديث لذلك أغلب العلماء على ذلك وبعض العلماء قال من أهل السنة قالوا لا يجوز لا يحصل حتى الصغيرة التي لا خسة فيها ولا دناءة لا تحصل وأولوا الآيات التي جاء فيها ذكر ذلك {وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} قالوا نقول عصى لكن عصى هنا ليس معناها أنه فعل الذنب معناها فعل ما لا ينبغي أن يفعله من كان في مرتبته هكذا فسروها وهذا خلاف الظاهر
على كل حال هذا فيه خلاف بين علماء أهل السنة وأغلبهم قال يجوز على الأنبياء المعصية الصغيرة التي لا خسة فيها ولا دناءة لكن يُسرعون في التوبة قبل أن يقتدي بهم غيرهم من الناس حجتهم في ذلك ظاهر الآيات وما ورد من الأحاديث في ذلك.
قال المؤلف: المعجزة إعلم أن السبيل إلى معرفة النبي من الأنبياء
الشرح: المعجزة لأن النبي من الأنبياء لا يُعلم أنه نبي إلا إذا أعطاه الله تعالى معجزة لو لم يعطه الله تبارك وتعالى معجزة كيف تقوم الحجة على الناس كيف يفرق الناس بين الصادق والكاذب لذلك كانت الحجة التي يتبين بها أن هذا الرجل صادق حقيقة هي المعجزة ولذلك لم يخل نبي من الأنبياء من المعجزات كل الأنبياء أعطاهم الله تبارك وتعالى معجزات تدل عى صدقهم.
ايش هي المعجزة
قال المؤلف: المُعجزةُ وهي أمرٌ خارِقٌ للعادةِ يأتي على وَفْقِ دَعْوَى من ادَّعَوا النُّبوة سَالِمٌ مِنَ المُعَارَضَةِ بالمِثلِ.
الشرح: والمعجزة عرفوها بأنها أمر خارق للعادة الأمر حتى يكون معجزة لا بد أن يجتمع فيه أمور الأمر الأول أن يكون خارقًا للعادة أما الأمر الذي يحصل عادة معتاد هذا لا يكون معجزة.
مثال الخارق للعادة ما حصل من سيدنا موسى كانوا بنوا إسرائيل يأخذون حجرًا في سفرهم كلما أرادوا أن يشربوا ضرب موسى بعصاه الحجر فخرج من الحجر اثنتا عشرة عينيًا يشرب منها أسباط بنو إسرائيل هذا شىء خارق للعادة لا يحصل عادة.
الأمر الثاني أن يكون هذا الخارق موافقًا لدعوة من يدعي النبوة يدل على صدقه لا يدل على كذبه مثلا مسيلمة الكذّاب قال أنا نبي الله كان يسمع أن النبي عليه الصلاة والسلام يمسح على رؤوس الصبيان الصغار مسح مسيلمة على رؤوسهم ليفعل كما يفعل النبي عليه الصلاة والسلام بعد مدة كل هؤلاء الصغار سقطت شعورهم هذا شىء لا يحصل عادة لكنه ليس موافقًا لدعواه إنما يدل على كذبه المعجزة لا بد أن تكون موافقة لدعوى من ادعى النبوة.
الأمر الثالث: لا بد أن تكون سالمة عن المعارضة بالمثل لا يستطيع أن يأتي إنسان مكذب لهذا النبي ثم يعمل مثلها لا يستطيع من يردوا دعوة هذا النبي أن يفعل مثلها هذا معنى سالم عن المعارضة بالمثل
قال المؤلف: فما كانَ من الأمورِ عجيبًا ولم يكن خارقًا للعادةِ فليس بمعجزةٍ. وكذلكَ ما كانَ خارقًا لكنّه لم يقترن بدعوَى النّبوةِ
الشرح: كذلك إذا كان الأمر خارقًا للعادة لكن الذي حصل يده ما قال أنا نبي الله هذا لا يسمى معجزة
قال المؤلف: كالخوارقِ التي تظهرُ على أيدي الأولياءِ أتباعِ الأنبياءِ
الشرح: مثل الكرامات التي تحصل من بعض الأولياء أتباع الأنبياء هذه لا يقال عنها معجزة للولي لأنه لم يدع النبوة إنما يقال كرامة للولي نعم هي معجزة لنبي الذي يتبعه هذا الولي لأنه لولا صدق إتباعه لذلك النبي ما حصلت له هذه الكرامة هذا صحيح
كذلك ما يحصل لدجال من الغرائب والخوارق حين ظهوره لا يُسمى معجزة لكن هذا استدراج لأن الدجال لا يقول أنا نبي الله الدجال يقول أنا الله أنا الإله وحاله يكذب ذلك لأن الذي ينظر في حاله هو مخلوق إنسان بشر قال أنا الله هذا فورًا يدل على كذبه فلا يسمى ما يحصل من الخوارق على يده معجزة لأنه لا يدعي النبوة لا يقول أنا نبي الله
قال المؤلف: كالخوارقِ التي تظهرُ على أيدي الأولياءِ أتباعِ الأنبياءِ فإنَّهُ ليسَ بمعجزةٍ بل يُسَمَّى كرامةً.
الشرح: ليس معجزة لهؤلاء الأولياء إنما يقال كرامات له
قال المؤلف: وكذلك ليسَ من المعجزةِ ما يُستَطاعُ معارضَتُهُ بالمثلِ
الشرح: المعجزة ليست كالسحر السحر يعمل الساحر شيئًا فيأتي ساحر آخر يقول له أنت لست ماهرًا أنا أعمل مثلك فيعارضه بالمثل أما المعجزة لا يستطيع من يعارض النبي أن يأتي بمثلها لا يُستطاع معارضتها بالمثل لا يستطيع أن يقول لنبي من الأنبياء أنت لست نبيًّا أنا أفعل مثلك
قال المؤلف: كالسّحرِ فإنّهُ يُعارَضُ بسِحْرٍ مثلِه.
الشرح: أما المعجزة لا تعارض
قال المؤلف: والمعجزةُ قِسْمَانِ قسمٌ يقعُ بعدَ اقتراحٍ مِنَ الناسِ على الذي ادَّعَى النّبوةَ،
الشرح: بعض المعجزات قسم من الناس يطلبون من النبي أن يريهم معجزة يقعوا بعد أن يقترح الناس عليه ذلك
قال المؤلف: وقسمٌ يقعُ مِن غيرِ اقتراحٍ .فالأَوّلُ نحوُ ناقةِ صالحٍ التي خَرَجَت من الصَّخرةِ.
الشرح: الأول مثل ناقة سيدنا صالح التي خرجت من الصخرة
قال المؤلف: اقترحَ قومُه عليهِ ذلكَ بقولِهم إن كنتَ نبيًّا مبعُوثًا إلينا لِنُؤمِنَ بكَ ( قالوا غن كنت حقًا نبيًّا ) فأخرجْ لنا من هذه الصَّخرةِ ناقةً وفصيلَها
الشرح: قالوا أخرج لنا من هذه الصخرة ناقة حاملا بعد خروجها تلد فصيلا
قال المؤلف: فأخرجَ لهم ناقةً معَها فصِيلُها
الشرح: أخرج لهم ناقة في بطنها ولدها بعد أن خرجت من هذه الصخرة ولدت هذا الولد
قال المؤلف: أي ولدها فاندهَشُوا فآمنوا به لأنّهُ لو كَانَ كاذبًا في قولِهِ إنَّ الله أرسلَهُ لم يأتِ بهذا الأمرِ العجيبِ الخارقِ للعادةِ الذي لم يَستطع أحدٌ من النَّاسِ أن يعارضَهُ بمثلِ ما أتى به،
الشرح: أي لما رأوا هذا آمنوا لأنهم رأوا شيئًا عجيبًا لا يستطيع أحد أن يعارضه بالمثل لا يستطيع أحد أن يقول أنت كاذب أنا أفعل مثلك فلما رأوا خروج الناقة حية من الصخرة الصماء إندهشوا فآمنوا
قال المؤلف: فَثَبَتَت الحُجَّةُ علَيْهِم
الشرح: بهذا قامت الحجة عليهم بهذه المعجزة
قال المؤلف: ولا يَسَعُهُم إلا الإذعانُ والتَّصديقُ
الشرح: إذا أرادوا إتباع حكم العقل لا يسعهم إلا الإذعان إلا التسليم مع إطمئنان القلب إلى صدق ما جاء به هذا النبي والإذعان له والإيمان به.
قال المؤلف: لأنَّ العقلَ يُوجبُ تصدِيقَ من أتَى بمثلِ هذا الأمرِ الذي لا يُسْتَطاعُ معارضَتُهُ بالمثل مِن قِبَلِ المعارضينَ،
الشرح: لأنه لما قالوا له إذا كنت صادقًا ليعطك الله ذلك فأعطاه الله هذا الأمر العجيب كان هذا من الله تعالى بمثابة قول صدق عبدي فيما ينقل عني فيما يقول عني فيما يبلغ عني وهذا يجب التسليم له
قال المؤلف: لأنَّ العقلَ يُوجبُ تصدِيقَ من أتَى بمثلِ هذا الأمرِ الذي لا يُسْتَطاعُ معارضَتُهُ بالمثل مِن قِبَلِ المعارضينَ، فمن لم يُذعِنْ وعاندَ يُعَدُّ مُهْدِرًا لقِيمةِ البُرهانِ العقليّ.
الشرح: فمن لم يؤمن من لم يذعن لذلك بل عاند وكذب هذا يكون معناه أنه لا يتلفت إلى البرهان العقلي يرمي البرهان العقلي خلف ظهره فيخسر.
نسأل الله تعالى أن لا يجعلنا من هؤلاء عند هذا القدر نتوقف اليوم ثم نتابع إن شاء الله تعالى غدًا بالكلام على غير ذلك من المعجزات والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.