شرح الصراط
الشيخ سمير القاضي حفظه الله
الرقم: 0020
الحمد لله تعالى صلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين
أما بعد،
فكنّا في الدرس الماضي قد ذكرنا بعض ما يتعلق بمعجزات الأنبياء السابقين وبعض معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبقي أن نتكلم قليلًا عن أعظم معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القرءان العظيم.
كما ذكرنا قبل كل معجزة من معجزات الأنبياء كانت تحصل في وقتها ثم تنقطع تحصل المعجزات ثم تزول ولا تُعلم إلا بإخبار من حضر عنها وهكذا معجزات نبي الله عليه الصلاة والسلام أغلب معجزاته أو معجزاته كلها كانت تحصل ثم تنقطع ولا يُعرف خبرها إلا بإخبار من حضرها من شهدها إلا معجزة واحدة أعطاه الله تعالى إياها على خلاف ما أعطى الأنبياء قبله وعلى خلاف معجزاته الأخرى هو قال عليه الصلاة والسلام هو أخبر أن معجزات الأنبياء قبله كانت أمورًا تحصل ثم تنقضي وأن الله تعالى أعطاه معجزة باقية قال:"إنما كان ما أُعطيت وحيا يُتلى" معناه شىء يبقى في أيدي الناس يتلوه الناس جيلا بعد جيل يتناقله الناس جيلا بعد جيل ويبقى في أيديهم يعلمون منه ما جاء به نبيهم عليه الصلاة والسلام من المعجزات هذه المعجزة كما هو معروف هي القرءان الكريم ووجه الإعجاز في القرءان الكريم هذه البلاغة والفصاحة الموجودان في القرءان بحيث لا يقرب منهما أفصح العرب وأبلغهم حتى نبي الله عليه الصلاة والسلام إذا نظرت في كلامه الذي كان يكلم به أصحابه فإنه كان من البلاغة والفصاحة بمرتبة عالية ولكن القرءان أفصح وأبلغ بكثير كأنه لا وجه للمقارنة لأن القرءان معجز وأما غيره من كلام العرب فليس معجزًا حتى كلام النبي عليه الصلاة والسلام وحتى كلام الصحابة ليس معجزًا أما القرءان الكريم فإنه كان معجزًا وجه إعجازه الفصاحة والبلاغة التي لا يستطيع أحد من العرب أن يبلغها لو أجتمع الناس كلهم لو اجتمع العرب كلهم على أن يأتوا بمثل سورة واحدة في هذا الكتاب بمثل أقصر سورة في القرءان لعجزوا عن ذلك لم يستطيعوا ذلك ومما يدلك على هذا شىء سهل يدل على هذا أن العرب لو كانوا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذا القرءان لكانوا فعلوا النبي عليه الصلاة والسلام تحداهم مرة بعد مرة وقرعهم بالتحدي وذكر ذلك وانتشر بين الناس أنهم عاجزون عن أن يأتوا بمثل سورة واحدة منه تحداهم بذلك وكانوا حريصين على تكذيبه وكانوا بلغاء فصحاء لو كانوا مستطيعين أن يأتوا بمثل أقصر سورة في القرءان ما كانوا أحتاجوا إلى إنفاق المال وجمع السلاح وتجيش الناس وعقد المحالفات وإقامة الحروب حتى يُظهروا بزعمهم أن النبي عليه الصلاة والسلام غير صادق كانوا يستطيعون بسهولة أن يقول الواحد منهم نحن نستطيع أن نأتي بمثل هذا ثم يظهرون مثله لكنهم لم يفعلوا تركوا هذه الطريقة السهلة الهينة لو كانوا قادرين ولجأوا إلى بذل موهجهم والمخاطرة بأنفسهم والمخاطرة بأولادهم وخسارة مالهم وخسارة غير ذلك من الأمور حتى يكذبوا نبي الله عليه الصلاة والسلام ويردعوا الناس عن إتباعه وفشلوا في ذلك ولو كانوا يستطيعون أن ياتوا بمثل هذا القرءان أو بمثل سورة منه بمثل أقصر سورة منه لكانوا فعلوا وارتاحوا من كل هذا العناء لكن تركهم لهذا الطريق الواضح مع تكرر التحدي مع تكرر قول النبي عليه الصلاة والسلام لهم:"ايتوا بمثله إن كنتم تستطيعون"مع كونهم في أعلى درجات البالغة والفصاحة مع ذلك تركهم لهذا الأمر السهل ولجؤوهم إلى المخاطرة بالنفس والأهل والمال يدل على أنهم كانوا عاجزين عن الإتيان بمثله ومن بعدهم أعجز إذ إن من بعدهم أقل منهم فصاحة وبلاغة هذا من جهة.
من جهة أخرى القرءان أخبر عن أمور تحصل في المستقبل فحصلت كما أخبر كتاب الله مثلا أخبر الله تعالى في القرءان أن النبي عليه الصلاة والسلام سيدخل مكة فاتحًا فدخل مكة فاتحًا.
الله تبارك وتعالى ذكر في القرءان أن اليهود لا يتمنى أحد منهم الموت ولن يتمنوه أبدًا فلم يتمنه أحد منهم مع أنهم كانوا حريصين على تكذيب النبيّ عليه الصلاة والسلام وكانوا لو كان هذا القرءان من عند غير الله يستطيعون أن يقولوا ولو باللسان أنا أتمنى أن أموت أن يقول واحد منهم أنا أتمنى أن أموت ولكن لم يقله واحد منهم والقرءان أخبر بأنهم لا يفعلون فكان كما أخبر كتاب الله تبارك وتعالى إلى غير ذلك من الأمور التي أخبر عنها كتاب الله فحصلت كما أخبر غير أني أريد هنا أن أتوقف عند أمر لأنبه إليه وهو أن بعض الناس في أيامنا يحاولون أن يفسروا كتاب الله بما لا يصح على غير وجهه يحاولون أن ينسبوا إلى كتاب الله أنه جاء فيه ذكر أشياء مما أكتشفوه الآن في البحر أو في البر أو من الأمور التي لم تكن موجودة ثم وجدت الآن ولا يفسرون الآيات على وجهها حتى يفعلوا ذلك يحرفون في معاني الآيات فهؤلاء ينبغي أن يحذر منهم هذا طريق غير سوي هذا طريق لا يناسب ولا يوافق عليه شرع الله تبارك وتعالى لا يجوز أن تُفسر الآيات القرءانية بخلاف ما قاله رسول الله بخلاف ما قاله الصحابة بخلاف ما أجمعت عليه الأمة حتى نقول إن هذا الأمر الذي يحصل الآن قد ذكره القرءان قبل لا يجوز تحريف كتاب الله لذلك ونحن بغنى عن ذلك إعجاز القرءان ثابت بغير ذلك ونحن لا نحتاج إلى أن نحرف ولا أن نكذب حتى نقول إن القرءان معجز بل إن بعض الناس يذكرون أشياء يعتبرونها حقائق ويدعون أن القرءان ذكرها قبل ثم بعد مدة يظهر أن هذه الأشياء ليست حقائق إنما هي مجرد نظريات خرج بها بعض الناس ثم ثبت بطلانها فكأنهم يقولون إن القرءان أخبر بالباطل وليس هذا قصدهم لكن هذا ما يؤدي إليه فعلهم.
لا يجوز أن نفسر القرءان على خلاف ما جاء به نبي الله عليه الصلاة والسلام لا يجوز أن نفسر القرءان على خلاف ما اجتمع عليه الصحابة لا يجوز أن نفسر القرءان على خلاف الإجماع وليس تفسير القرءان شيئًا يتصدى له كل من أراد إنما هذا شىء يختص بمن كان عنده علم ووصل إلى مرتبة في العلم يجوز له أن يفسر بها كتاب الله وأما من كان مثلي فحظه أن يتبع ما قال المفسرون قبله لا أن يتصدى لتفسير هو من غير أن يبلغ تلك الدرجة.
بعد هذا الذي ذكرناه ننتقل الآن إلى مسئلة أُخرى ذكرها شيخنا رضي الله عنه في كتابه
قال المؤلف رحمه الله: وجه دِلالة المعجزة على صدق النبي
الشرح: كيف تدل المعجزة على أن النبي الذي جاء بها صادق
قال المؤلف: الأمر الخارق الذي يظهر على يدي من أدعوا النبوة مع التحدي
الشرح: يعني يظهر هذا الأمر الخارق على يدي الناس الذين أدعوا النبوة مع التحدي أي مع قول يا ناس أنا نبي أرسلني الله تبارك وتعالى إليكم.
قال المؤلف: مع التحدي مع عدم معارضته بالمثل
الشرح: مع كون هذا الأمر لا يستطيع أحد أن يعارضه ويأتي بمثله لا يستطيع أحدٌ أن يكذّب النبي ثم يأتي بمثل ما جاء به
قال المؤلف: نازل منزلة قول الله صدق عبدي في كل ما يبلغ عني
الشرح: هذا معناه تصديق من الله تعالى لعبده كأن الله قال لناس يا ناس صدق عبدي فيما يبلغ عني
قال المؤلف: أي لولا أنه صادق في دعواه لما أظهر الله له هذه المعجزة فكأن الله تعالى قال صدق عبدي هذا الذي أدّعى النبوة في دعواه لأني أظهرت له هذه المعجزة لأن الذي يصدق الكاذب كاذب.
الشرح: الله تبارك وتعالى صدق هذا العبد بما جاء به إذًا هذا العبد صادق لأن الذي يُصدق الكاذب يكون كاذبًا إذا كان إنسان قال عن إنسان آخر يكذب كلامه صدق يكون هو كذب هو يعلم أن كلامه باطل فالله تبارك وتعالى لا يُصدق كاذبًا إذًا لا بد أن هذه المعجزة تصديق لهذا النبي ودليل على أن ما جاء به هذا النبي صدق وحق
قال المؤلف: والله يستحيل عليه الكذب فدل ذلك على أن الله إنما خلقه لتصديقه
الشرح: خلق هذه المعجزة خلقه خلق هذا الأمر الخارق للعادة خلق هذه المعجزة لتصديق هذا النبي.
قال المؤلف: إذ كل عاقل يعلم أن إحياء الموتى وقلب العصا ثعبانا وإخراج ناقة من صخرة صماء ليس بمعتاد.
الشرح: فكل عاقل يعلم ذلك فالخلاصة أن المعجزة تصديق من الله للنبي الذي أظهر الله تعالى المعجزة على يده إذًا هذا النبي صادق
قال المؤلف: السبيل إلى العلم بالمعجزة بالقطع واليقين
الشرح: كيف نعلم أن المعجزة قطعًا ويقينًا أن المعجزات حصلت للأنبياء
قال المؤلف: العلم بمالمعجزات يحصل بالمشاهدة لمن شاهدوها
الشرح: هذا سهل الذي شاهد المعجزة عرف بها بعد ذلك آمن أو لم يؤمن شيء آخر لكن الذي شاهدها عرف بها بعض الناس الله ما شاء لهم الإيمان رأوا المعجزات بأعينهم فلم يؤمنوا بعض الناس رأوا المعجزات فلم يؤمنوا إلا بعد سنين لم يؤمنوا عندما رأوا المعجزات إنما آمنوا بعد ذلك بزمان على حسب مشيئة الله تبارك وتعالى فإذًا الذي يرى المعجزة يحصل له العلم بها بالرؤية بالمشاهدة
قال المؤلف: وببلوغ خبرها بطريق التواتر في حق من لم يشهدها
الشرح: أما من لم يشهدها فيبلغه خبر المعجزة بأحد طريقين إما بخبر واحد عن واحد وإما بطريق التواتر خبر الواحد عن واحد معروف واحد شهد معجزة النبي من الأنبياء حصلت معجزة أمامه أخبر واحد آخر وذاك أخبر واحد أو اثنين أو ثلاثة وهم أخبروا غيرهم هذا يقال له طريق الأفراد ليس خبرًا منتشرًا مشهورًا في الأصل الذي رآه واحد أو اثنان حتى لو انتشر بعد ذلك لكن إذا رجعت إلى أصله أخبر به واحد أو اثنان بهذه الطريقة بلغنا قسم من معجزات النبي عليه الصلاة والسلام لكن قسم آخر من المعجزات بلغنا بطريق يقال له التواتر هذا الطريق الأول قد يقول قائل ربما غلط فلان ربما توهم أو نحو ذلك أما طريق التواتر فلا مجال فيه لهذا طريق التواتر يفيد العلم القطعي يدل على أن الخبر الذي روي به جزمًا حصل لا مجال للوهم أو للغلط أو للكذب فيه
قال المؤلف: وذلك علمنا البلدان النائية
الشرح: تمامًا كما نعرف بوجود البلدان النائية أكثرنا ما ذهب إلى الصين لكن أي واحد فينا لو سألته الصين موجودة يقول نعم من غير تفكير لماذا قال هذا لأن خبر وجودها بلغه بطرق مختلفة متعددة كثيرة بحيث ما عاد يحتمل في قلبه أن يكون هذا الخبر باطلا هذا هو طريق التواتر ولا يقل أحد في أيامنا يوجد تصوير بالتصوير عرفنا هون سخافة كيف عرفت أن هذه الصورة صورة الصين ليس صورة مكان آخر لابد أن أحدًا أخبرك بذلك.
فإذًا العلم بالتواتر يحصل بالخبر من هذا ومن هذا ومن هذا ومن هذا بطرق كثيرة بحيث لا يقبل القلب أن يكون هذا خطأ وهكذا نعلم بوجود البلاد البعيدة التي لم نرها اليابان وغيرها.
قال المؤلف: وذلك كعلمنا بالبلدان النائية والحوادث التاريخية الثابتة الواقعة لمن قبلنا من الملوك والأمم.
الشرح: يعني كان هناك أُناس شعب يقال لهم الرومان حكموا بلادًا كثيرة كيف نعرف بهذا ما رأيناهم نحن ولا أدركناهم لكن نجزم بهذا وأنه كان هناك إمبراطوية لهم لأن هذا بلغنا بطريق التواتر.
العثمانون كانوا يحكمونا بلادنا كل واحد يعرف ذلك كيف نعرف أن ملوك بني عثمان رحمهم الله كانوا يحكمون بلادنا ما أحد منّا أدركهم.
كان الخلفاء الراشدون موجودين ما أحد منّا رآهم بعد الخلفاء الراشدين حكم الأمويون كلنا يعرف ذلك ما أحد منّا رآهم ولا يتردد الواحد منّا في ذلك هارون الرشيد كلنا يعرف أنه كان موجودًا ما رأيناه نبليون بونابرت ما أحد فينا رآه كيف عرفنا بوجوده كلنا يجزم. الحرب العامة الأولى لما تحاربت ألمانيا وحلفائها مع فرنسا وبريطانيا وحلفائهما الحرب الثانية ما أحد منّا شهدها أو رآها كلنا يعتقد أنها حوادث وحصلت كيف عرفنا جزمًا لو واحد قال ما حصلت يقال عنه مجنون هذا إنما عرفنا ذلك بالخبر المتواتر.
اسم رئيس جمهوريتنا فلان كيف عرفنا اسم ملك البلد الفلانية فلان كيف عرفنا ما أحد منّا رآه إنما بلغنا الخبر بطريق التواتر أناس كثيرون مختلفون دواعيهم مختلفة دوافعهم مختلفة أحوالهم مختلفة كلهم اجتمعوا على هذا الخبر الواحد لا يقبل القلب أن يكون هذا الخبر باطلا هذا هو الخبر المتواتر قسم من معجزات النبي عليه الصلاة والسلام وصلنا بهذا الطريق فلا بد من الإقرار بها العاقل غير المعاند يقبل ويقر بها القرءان الكريم هكذا وصلنا بين أيدي المسلمين ملايين المسلمين في المشرق والمغرب كلهم متفقون عليه نقلا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا خبر لا يجوز أن يدخله الخطأ لا يدخله الخطأ.
قال المؤلف: الخبر المتواتر يقوم مقام المشاهدة.
الشرح: وكذلك مثال آخر حنين الجذع لما حنّ الجذع إلى النبي عليه الصلاة والسلام المسلمون الذين في المسجد كلهم سمعوا ذلك ونقلوا ذلك إلى غيرهم وغيرهم نقله إلى غيرهم حتى وصلنا الخبر بنقل الكثير عن الكثير نبوع الماء من بين أصابع النبي عليه الصلاة والسلام في بعض المواضع كانوا سبعين في بعض المواضع كانوا ثلاثمائة في بعض المواضع كانوا ألفًا وخمسمائة وهكذا كل هؤلاء نقلوا إلى غيرهم حصول هذا الأمر لا يُقبل أن يكون كل هؤلاء اجتمعوا على كذب في المرات المختلفة واحد من الصحابة كان في مصر فذكر هذه القصة واحد كان في العراق ذكر القصة نفسها واحد كان في الحجاز ذكر القصة نفسها هذا وهذا وهذا مع تفرقهم في البلاد مع اختلاف دواعيهم مع اختلاف أحوال ودواعي الذين سمعوا منهم ونقلوا عنهم مع ذلك كلهم اجتمعوا على خبر واحد هذا يقال له خبر مأخوذ بالتواتر لا بد أن يكون صحيحًا لا يكون خطأ لا يكون كذبًا.
واحيانًا ينقل الناس المختلفون قصصًا مختلفة لكن بينها شيء مشترك يجمع بين كل هذه الحوادث هذا يقال له تواتر معنوي الأول تواتر لفظي الكل ينقلون الحادثة نفسها هذا تواتر لفظي يسمونها تواترًا لفظيا ينقلون الخبر نفسه لكن هناك تواتر معنوي كل واحد ينقل خبرًا مختلفًا لكن بين الجميع يوجد شىىء مشترك يجمع كل هذه الأخبار هذا الشىء المشترك يقال عنه تواتر تواترًا معنويًا أسهل مثال عن ذلك ممن يتعلق فيما نحن فيه المعجزات النبوية هذا نقل عن النبي أنه حصلت منه معجزة كذا وكذا وكذا وكان واحد أو اثنين واحد تاني آخر نقل أنه حصلت معه معجزة أُخرى هذه القصة ليست هي القصة الثانية لكن هذا أخبر بحصول المعجزة على يدي النبي وهذا أخبر بحصول المعجزة على يدي النبي ثم ثالث أخبر بحصول المعجزة بقصة مختلفة ثم رابع ثم خامس هؤلاء كلهم مع اختلاف قصصهم لكن كلهم متفقون على أن النبي عليه الصلاة والسلام حصلت على يده المعجزات فهذا القدر يقال عنه متواتر تواترًا معنويًا لأن القصص الأخبار وإن اختلفت لكن بينها جامع واحد اتفق عليه الكل وهذا أيضًا لا بد أن يكون صدقًا.
أعطيكم مثالا لذلك يعرفه كل واحدة كل عربي يعرف كرم حاتم الطائي أن حاتمًا الطائي كان كريمًا بل يُضرب المثل بكرمه وكيف عرف الكل لا أحد يشك في ذلك كيف حصل هذا اليقين وعدم الشك مع أن قصص كرم حاتم ما كانت تحصل أمام آلاف أو الف أو مائتين أو من الناس لأ، مرة مع هذا مرة مع هذا مرة هذا مرة مع اثنين مرة مع ثلاثة وهكذا لكن لما كانت هذه القصص مع اختلافها يوجد بينها شىء واحد مشترك يجمعها كلها الذي هو أن الكرم حصل من حاتمُ عرف كرم حاتم واشتهر بين الناس بحيث لا يقبل إنكاره.
قال المؤلف: فالخبر المتواتر يقوم مقام المشاهدة
الشرح: إذا فالخبر المتواتر الخبر الذي يصل إلينا بالتواتر يقوم مقام المشاهدة إذا وصل إليّ خبر بطريق التواتر فكأني رأيته يقبل قلبي ذلك كأنني رأيته لأن هذا خبر لا يكون باطلا
قال المؤلف: فوجب الإذعان لمن أتى بها عقلا
الشرح: فإذا كانت معجزات الأنبياء نُقل قسم منها بالتواتر وإذا كانت معجزات النبي عليه الصلاة والسلام أخبار قسم منها معجزة معجزة نقلت إلينا بالتواتر وجب الإذعان وجب التسليم لمن جاء بها لأنها كما قلنا قائمة مقام قول الله تبارك تعالى:"صدق عبدي فيما يبلغه عني". كما قال المصنف فوجب الإذعان بمن أتى بها عقلا كما أنه واجب شرعًا.
أقول هذا وأستغفر الله وربّنا تبارك وتعالى أعلم وأحكم.