fbpx

الصراط المستقيم – الدرس 22

شارك هذا الدرس مع أحبائك

الحمد لله ربّ العالمين له النّعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات الله وسلامه على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. أما بعد، فإن خير الكلام كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم:" ألا وإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" نسأل الله تبارك وتعالى أن يحينا ما حيينا على سنة نبي الله عليه الصلاة والسلام وأن يتوفانا عليها وأن يُبعدنا من البدع ما ظهر منها وما بطن. أيها الأحبة كلامنا اليوم إن شاء الله تعالى يكون عن البدعة وهذا الذي ذكرته في مقدمة كلامي حديث لنبي عليه الصلاة والسلام من جملته قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا إن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" هذا الحديث بعض الناس ممن ظهر منذ نوحي مائتي سنة لم يفهمه على وجهه فاحتج به حتى يحكم على كل شىء أُستحدث بعد النبي عليه الصلاة والسلام بأنه مخالف لهديه عليه الصلاة والسلام وبأنه بدعة ضلالة قالوا كل أمر لم يخبر عنه لم يأمر به النبي عليه الصلاة والسلام أو لم يُفعل بحضرته فأقره كل أمر مثل ذلك من فعله بعد النبي عليه الصلاة والسلام فهو ضلالة كما جاء في هذا الحديث وإنما حكموا بذلك لأنهم لم يفهموا معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن المحدثات قسمان: قسم: يوافق الشرع فإذا هذا داخل تحت ما جاء به نبيّ الله عليه الصلاة والسلام وقسم: لا يوافق الشرع فهذا هو المحدثة التي تكون ضلالة والتي تكون بدعة فإذًا المحدثة والبدعة المحدث والمبتدع هذا له إطلاق يطلق بحسب اللغة وله إطلاق بحسب الشرع إذا أطلق في اللغة المراد به الشىء الذي عُمل أُستحدث على غير مثال سبق إذا أطلق في الشرع من غير أية قرينة فالمراد به الأمر الذي استحدث على خلاف شرع الله تعالى. فلذلك ينبغي أن يكون الإنسان متنبهًا عندما يرد عليه حديث من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام أو كلام من كلام السلف الصالح والأئمة فيه ذكر البدعة فيه ذكر المحدث فيه ذكر المستحدث هل يريدون بذلك مجرد أنه لم يكن في أيام النبي عليه الصلاة والسلام وحصل بعده أو يريدون بذلك أنه أُستحدث بعد النبي عليه الصلاة والسلام على خلاف شريعته إذا أرادوا الأول وهو المعنى اللغوي للبدعة فهذا ينقسم إلى قسمين منه ما هو مقبول ومنه ما هو مردود وأما إذا أرادوا المعنى الثاني الذي جاء به حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام أي ما أُستحدث على خلاف شرعه فهذا الذي هو مردود كله هذا الفرق قد يغفل عنه كثير من الناس ولا يتنبه إليه كثير من الناس فيفسرون الحديث على غير معناه. إذًا ما معنى حديث كل بدعة ضلالة؟ معنى كل بدعة ضلالة أي كل شىء ابتدع على خلاف ما جاء به الشرع ولا يشهد له به الشرع كل محدثة أُبتدعت على خلاف ما جاء بها الشرع لا يشهد لها شرع الله تبارك وتعالى فهذه التي تكون محدثة سيئة وليست بدعة حسنة هذا معنى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يقال الحديث فيه كل كل بدعة نحن بينا أن معنى البدعة هنا ما أُستحدث على خلاف الشرع وما أُستحدث على خلاف الشرع كله مردود ويدل على تفسيرنا هذا أحاديث وآيات وأقوال عن السلف ذكر شيخنا رحمه الله في كتابه بعضها وسنتعرض لها وزيادة على ذلك فأن كلمة كل تستعمل ولا يراد بها الكل بلا استثناء بل تُستعمل بمعنى الأغلب النبي عليه الصلاة والسلام قال:"وكل عين زانية" وهل يقال عيون الأنبياء زانية معناه الأغلب الله تبارك وتعالى قال:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} ولم تدمر الريح العرش ولا دمرت الكرسيّ ولا دمرت الجنة ولا دمرت الأرض كلها ولا دمرت الأشجار إنما دمرت مدنهم فإذًا كلُّ قد تستعمل ولا يراد بها المجموع من غير استثناء شىء إنما تستعمل ويراد بها الأغلب يراد بها عام لكنه مخصوص مستثنى منه أمور بعد هذه المقدمة على ضوء هذا ينبغي فهم الحديث كل بدعة ضلالة بعد هذا نبدأ إن شاء الله استعراض ما ذكر في كتاب الصراط جزى الله تعالى مؤلفه جزاءً حسنًا. قال المؤلف رحمه الله: البِدْعَةُ البِدْعَةُ لُغَةً مَا أُحْدِثَ علَى غَيرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، الشرح: هذا في اللغة البدعة لغة ما أُحدث على غير مثال سابق هذا معنى البدعة في اللغة بناء على هذا يقول العلماء أحيانًا البدعة منها ما هو حسن ومنها ما هو قبيح لأن البدعة في اللغة لغة من حيث اللغة شىء عُمل ولم يكن عُمل مثله سابقًا نعم هذا في اللغة قال المؤلف: وشَرعًا المُحْدَثُ الذي لَم يَنُصَّ علَيهِ القُرءَانُ ولا الحدِيثُ. الشرح: وشرعًا المحدث الشىء الذي أُستحدث من غير أن ينص عليه القرءان ولا الحديث هذا هو البدعة في الشرع قال المؤلف: وتَنْقَسِمُ إلى قِسْمَين كَما يُفهَمُ ذلكَ مِن حَديثِ عائِشَةَ رضِيَ الله عنْها قالت الشرح: وقد دل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن هذا المستحدث الذي لم ينص عليه القرءان ولا الحديث ينقسم إلى قسمين قال المؤلف: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "مَن أَحْدَثَ في أمْرِنا هَذا مَا لَيسَ منْهُ فَهُوَ رَدٌّ"، أي مَردُودٌ. الشرح: من أحدث في أمرنا هذا أي في ديننا بعض الروايات تدل على هذا المعنى إذًا الذي يعمل شيئًا متعلقًا بأمر الدين إذا كان هذا الشىء ليس من الدين ليس موافقًا لدين فهو مردود هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" مَن أَحْدَثَ في أمْرِنا هَذا مَا لَيسَ منْهُ ما قال عليه الصلاة والسلام من أحدث في أمرنا هذا شيئًا فَهُوَ مرَدود لأ، قيد هذا الشىء المردود فقال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه ما لا يوافقه فهو رد أي مردود يفهم من هذا أن من أحدث ما يوافقه فهو مقبول لأن ما يوافق الشرع معدود منه لأنه يوافق ما جاء به الشرع فلا يكون مردودًا. قال المؤلف: القِسْمُ الأَوَّلُ البِدْعَةُ الحَسَنَةُ وتُسَمَّى السُّنَّةَ الحسَنَةَ، وهي المُحدَثُ الذي يُوافِقُ القُرءانَ والسُّنَّةَ. الشرح: كما ذكرنا هذا هو البدعة الحسنة المحدث الذي يوافق الكتاب والسنة قال المؤلف: القِسْمُ الثَّاني البدْعَةُ السَّيّئَةُ وتُسَمَّى السُّنَّةَ السَّيّئةَ، الشرح: أيضًا يقال لها البدعة السيئة بدعة الضلالة سنة سيئة سنة ضلالة كما يقال للأولى بدعة هدى بدعة حسنة سنة حسنة كل هذا. قال المؤلف: وهي المُحْدَثُ الذي يُخَالِفُ القُرءانَ والحَدِيثَ . الشرح: هذا هو القسم الثاني لذلك قال الشافعي رضي الله عنه:"البدعة على ضربين الشىء المستحدث الذي لم ينص عليه الكتاب ولا السنة على نوعين بدعة هدى وبدعة ضلالة فما وافق الكتاب والسنة والإجماع والأثر فهو بدعة الهدى وما خالف الكتاب والسنة والإجماع والأثر فهو بدعة الضلالة". هكذا قال الإمام الشافعي رضي الله عنه وإنما أخذ هذا التقسيم من حديث عائشة رضي الله عنها الذي ذكرناه ورواه مسلم وغيره من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤلف: وهَذا التَّقْسِيمُ مَفْهُومٌ أيضًا مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بنِ عَبد الله البَجَليّ رَضيَ الله عنهُ قالَ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسَنَةً فَلَهُ أجرُها وأجرُ مَن عَمِلَ بها بعدَهُ مِن غير أن يَنْقُصَ من أجُورِهم شَىءٌ الشرح: أنظر من سن في الإسلام سنة حسنة أي من فعل شيئًا لم يسبق عليه مما يتعلق بالدين من سن في الإسلام ما قال النبي عليه الصلاة والسلام من سن في أمور الدنيا لا. من سن في الإسلام سنة حسنة أي موافقة لما جاء في الكتاب والسنة فله أجرها يؤجر على ذلك وأجر من عمل بها بعده لا ينقص من أجورهم شىء يعني يكون له هو أجر ويكون له أيضًا أجر يُزاد على أجره بسبب الذين يعملون بعده بهذه السنة متبعين لفعله فهذا هي السنة الحسنة لهذا قسم الشافعي البدعة إلى قسمين. ومَن سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً سَيّئةً كانَ عليه وِزْرُها ووِزْرُ مَن عَمِلَ بِها مِنْ بَعْدِه مِن غَيرِ أن يَنْقُصَ مِن أَوزَارِهم شَىءٌ" رَواهُ مسلمٌ . الشرح: ومن سن في الإسلام من عمل شيئًا لم يُسبق إليه مما يتعلق بأمور الدين سنة سيئة عليه وزرها إذا عمل شيئًا محرمًا ابتدعه هو عليه الوزر ويلحقه أيضًا وزر بسبب من يتبعه في هذه السنة من هذا الحديث الذي هو صحيح ثابت رواه مسلم يفهم بوضوح أن ما أُستحدث لا يُذم على إطلاقه الشىء الذي أُستحدث بعد النبي عليه الصلاة والسلام لا يُذم على إطلاقه ولا يمدح على إطلاقه إنما ينظر إذا كان موافقًا للكتاب والسنة فهذا حسن إذا كان مخالفًا للكتاب والسنة فهذا ليس حسنا من الذي يعرف ذلك ويميز السنة الحسنة والبدعة الحسنة من البدعة السيئة كبار العلماء ليس أيّ كان مسموحًا له بذلك إنما كبار العلماء الذين هم حقًا علماء هؤلاء هم الذين يميزون بين السنة الحسنة والسنة السيئة فيحكمون بأن هذا سنة حسنة ويحكمون بأن هذا سنة سيئة قال المؤلف: فَمِنَ القِسْم الأَوَّلِ الشرح: من القسم الأول مما أُستحدث بعد النبي عليه الصلاة والسلام أمر عمله سيدنا أبو بكر المصحف في أيام النبي عليه الصلاة والسلام ما كان كله مجموعًا في كتاب واحد إنما كان مفرقًا الناس يحفظونه في قلوبهم بعضهم يحفظه كله بعضهم يحفظ جزءًا منه نصفه بعضهم أكثر بعضهم أقل وكان مكتوبًا مفرقًا هذا عنده جزء مكتوب وآخر عنده جزء وآخر عنده جزء ثم أبو بكر رضي الله عنه جمع هذه الأجزاء في كتاب واحد هو المصحف ففعل أمرًا يتعلق بالدين لم يفعله النبي عليه الصلاة والسلام لكن لما كان هذا الفعل موافقًا لشرع لا يخالفه الصحابة لم يعترض عليه أحد منهم فهذا يقال عنه سنة حسنة أو بدعة حسنة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في زمن النبي عليه الصلاة والسلام ما كان الناس يجتمعون على إمام واحد لصلاة التراويح ما كانوا يصلون قيام رمضان مجتمعين خلف إمام واحد ولا حتى خلف النبي عليه الصلاة والسلام ولا أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك لكن بعد هذا في زمن سيدنا عمر عمر جمعهم على إمام واحد يصلي بهم التراويح عشرين ركعة نظر إليهم وهم يصلون وقال: "نعمت البدعة هذه" سماها بدعة ومدحها هذا أمر الصلاة متعلق بالدين أو لا بلا شك متعلق بالدين سماها بدعة قال: "نعمت البدعة هذه" هذا شىء لم يكن زمن النبي عليه الصلاة والسلام لكنه موافق لشريعته إذًا هو حسن جيد سماها بدعة ومدحها لذلك يقول العلماء البدعة منها بدعة حسنة ومنها بدعة سيئة في زمن سيدنا عثمان لم يكن قبل زمنه لصلاة الجمعة إلا أذان واحد ثم سبدنا عثمان استحدث أذانًا ثانيًا قبل أن يصعد الإمام إلى المنبر قبله ما كان أذان إلا بعد صعود الإمام إلى المنبر بعد جلوس الإمام أما عثمان هو الذي إستحدث الأذان الثاني هذا الأذان أليس له تعلق بالدين أليس نداء إلى الصلاة ومع ذلك الصحابة لم يعترض عليه أحد لأن هذا الإستحداث الذي استحدثه سيدنا عثمان موافق لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم هذه أمثلة من أوقات الصحابة ثم في التابعين حصل ما يشبه ذلك ثم في أتباع التابعين إلى ما بعد ذلك ومما استحدث مما شهد العلماء الكبار وأقروا أنه موافق لشرع النبي عليه الصلاة والسلام الإحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم قال المؤلف: فمن القسم الأول الاحْتِفَالُ بمَولِدِ النَّبي صلى الله عليه وسلم في شهرِ ربيعٍ الأولِ، وأوَّلُ مَنْ أحدَثَهُ المَلِكُ المُظَفَّرُ مَلِكُ إرْبِل الشرح: هذا الملك المظفر ملك إربل كان ملكًا صاحب علم صاحب جهاد عادلا محبًا بالرعية تحبه رعيته محسنًا إليهم يُراعي أمورهم كثير الصدقات هذا هو الملك المظفر ملك إربل. قال المؤلف: وأوَّلُ مَنْ أحدَثَهُ المَلِكُ المُظَفَّرُ مَلِكُ إرْبِل في القَرْنِ السَّابِع الهِجْرِيّ، الشرح: نعم هذا أول من أحدث الإحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بشكل واسع كان يذبح الخرفان يطعم الفقراء يطعم الناس كلهم ويفعل غير ذلك من أمور الخير في ذلك الوقت فكان هو أول من نشر الإحتفال بمولد النبي عليه الصلاة والسلام لم يعارضه العلماء بل وافقوه بل صنفوا الكتب في مولده العلماء الكبار صنفوا الكتب في مولد النبي عليه الصلاة والسلام موافقة لهذا الأمر منهم الحافظ العراقي الذي كان فقيهًا حافظًا مفسرًا عالمًا باللغة أصوليًا جمع أنواعًا من العلم هو كان ممن ألف مولدًا وغيره أيضًا ممن تكلم في ذلك الحافظ السيوطي وألف بأن فعل هذا المولد شيء حسن ممن تكلم في ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني شارح البخاري وألف في ذلك وغيرهم العلماء اتفقوا على أن هذا شىء حسن بدعة حسنة قال المؤلف: وتَنْقيطُ التَّابعيّ الجليلِ يَحْيَى بنِ يَعْمَرَ المُصْحَفَ الشرح: كذلك هذا مما فعله التابعون ذكرنا بعض ما فعله الصحابة هذا مما فعله التابعون المصحف الذي نقرأ فيه لم يكن له نقط الياء لم يكن لها نقطتان من أسفل النون لم يكن لها نقطة من أعلى العرب لقوتهم في اللغة كانوا يميزون من غير حاجة إلى نقط إذا قرأوا ثم بدأ العلماء يلاحظون ضعفًا يدخل على لغة العرب لما اتسعت الفتوحات وكثر دخول الأعاجم في دين الإسلام واختلاطهم بالعرب لاحظوا بداية ضعف فقام يحيى بن يعمر التابعي الجليل العالم الكبير من تلاميذ الصحابة بنقط المصحف هو الذي نقط المصحف فوافقه العلماء على فعله ووافقه المسلمون كلهم على فعله واعتبروا هذا بدعة حسنة وإلى الآن نحن نقرأ في المصاحف منقوطة بناء على ما فعله هذا التابعي الجليل فهذا مثال عن البدعة الحسنة. قال المؤلف: وكانَ مِن أهْلِ العِلْمِ والتَّقْوى، وأقَرَّ ذَلِكَ العُلَماءُ مِن مُحَدّثينَ وغَيْرِهم واسْتَحْسَنُوهُ الشرح: كلهم وافقوا على ذلك قال المؤلف: ولَم يكُن مُنَقَّطًا عِنْدَما أَمْلَى الرَّسُولُ علَى كتَبَةِ الوَحْي، الشرح: لما أملى النبي عليه الصلاة والسلام على كتّاب الوحي الوحي الذي أُنزل عليه لم يكونوا يضعون نقطًا للحروف قال المؤلف: وكذَلِكَ عُثمانُ بنُ عَفّانَ لمّا كتَبَ المصَاحِفَ الخَمْسَةَ أو السّتَّة لم تَكُن مُنَقَّطَةً، الشرح: كذلك سيدنا عثمان كتب خمس مصاحف أو ستة وزعها في المدن الكبيرة من مدن المسلمين ثم الناس كتبوا عنها هذه المصاحف التي وزعها عثمان رضي الله عنه لم تكن منقوطة أيضًا. قال المؤلف: ومُنْذُ ذَلك التَّنقِيطِ لم يَزَل المُسلِمونَ على ذَلكَ إلى اليَوم، فَهلْ يُقالُ في هَذا إنَّه بِدْعَةُ ضَلالةٍ لأَنَّ الرَّسُولَ لَم يَفْعَلهُ؟ الشرح: هل يقال في هذا بدعة ضلالة كما يقول هؤلاء الذين يزعمون أن كل شىء أُستحدث بعد النبي عليه الصلاة والسلام مما له علاقة بالدين كل شىء أُستحدث لم يفعله هو ولم يأمر به ولم يقره أي لم يُفعل أمامه فيقول إنه حسن فيقبله كل شىء ليس كهذا يعتبرونه بدعة ضلالة إذًا ماذا يقولون عن نقط المصحف لماذا يقرأون في مصاحف منقوطة لماذا يؤذنون أذانين قبل الجمعة قال المؤلف: فإنْ كانَ الأمْرُ كذَلِكَ فليَتْركُوا هذِهِ المصَاحِفَ المُنَقّطَةَ أو لِيَكْشِطُوا هَذَا التَّنقِيطَ مِنَ المَصَاحِفِ الشرح: ليمحوا ليقرأوا في مصاحف ممحوة التنقيك ولن يعرفوا أن يقرأوا قال المؤلف: حتَّى تعودَ مجرَّدَةً كما في أيّامِ عُثمانَ. قالَ أبو بكر بنُ أبي دَاودَ صَاحِبِ السُّنَنِ الشرح: أبو داود صاحب السنن كان له ولد حافظ كبير يقال له أبو بكر بن أبي داود ابنه كان من كبار الحفاظ له كتاب سماه المصاحف قال المؤلف: في كِتَابِه المَصَاحِف"أَوّلُ مَن نَقَطَ المَصَاحِفَ يَحيى بنُ يَعْمَرَ".اهـ وهوَ مِنْ عُلَماءِ التَّابِعينَ رَوَى عَن عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ وغَيرِه. الشرح: والبدع الحسنة السنن الحسنة كثيرة جدًا قال المؤلف: ومِنَ القِسْمِ الثَّاني المُحْدَثاتُ في الاعْتِقادِ الشرح: أما من القسم الثاني يعني من البدع السيئة المحدثات في الاعتقاد أمور استحدثها بعض الناس داخلة في الاعتقادات اعتقاد ضد اعتقادات النبي عليه الصلاة والسلام قال المؤلف: كبِدْعَةِ المُعتَزِلَةِ والخوارِجِ وغَيْرِهم مِنَ الذينَ خَرجُوا عَمَّا كانَ علَيه الصَّحابةُ رِضْوانُ الله علَيْهم في المُعتَقَد، الشرح: أي عقيدة تنافي عقيدة الصحابة عقيدة النبي عليه الصلاة والسلام فهي بدعة ضلالة مثل بدعة المعتزلة الذين يدعون أن الإنسان يفعل ويخلق فعله ليس الله هو الخالق الذين يدّعون أن الله لم يشأ حصول الشرور والمعاصي وإنما الإنسان يفعل الشر غصبًا عن مشيئة الله فجعلوا الله مقهورًا عاجزًا مثل الخوارج الذين قالوا إن الإنسان إذا عمل كبيرة من الكبائر كفر بذلك إذا شرب الخمر صار كافرًا إذا سرق صار كافرًا ونحو ذلك وكغيرهم ممن خالف عقيدة أهل السنة والجماعة كل هذه يدعة ضلالة قال المؤلف: وكِتَابة (ص) أو (صلعم) بعدَ اسم النَّبي بدَلَ (صلى الله عليه وسلم) الشرح: هؤلاء الذين كل شىء مستحدث يقولون عنه بدعة بدعة بدعة هم أنفسهم بعضهم بعد اسم النبي عليه الصلاة والسلام يكتب صاد علماء الحديث قالوا هذا بدعة ضلالة هذا بدعة خبيثة مكروه أن يكتب صاد لماذا يكتب صاد أو صلعم ليكتب صلى الله عليه وسلم فهذه كتابة صاد أو صلعم بعد اسم النبي عليه الصلاة والسلام العلماء الكبار نصوا على أنها بدعة ضلالة على أنها بدعة غير حسنة قال المؤلف: وقَد نَصَّ المُحدّثونَ في كتُبِ مُصْطَلَح الحَديثِ علَى أنَّ كِتَابةَ الصَّادِ مُجَرَّدةً مَكروهٌ، الشرح: نصوا أن الذي يكتب صاد فقط بعد اسم النبي عليه الصلاة والسلام مكروه معناه الشرع لا يحب ذلك قال المؤلف: ومعَ هذَا لمْ يُحَرّمُوها، الشرح: ومع كونها مكروهة ما قالوا حرام لأنهم علماء كبار يدققون قبل أن يقولوا هذا حرام هذا مباح هذا مكروه يدققون يزنون الأمر بميزان الشريعة ثم يحكمون عليه قال المؤلف: فَمِن أينَ لهؤلاءِ المُتَنَطّعينَ المُشَوّشِينَ أن يقولوا عن عَمَلِ المولدِ بدعَةٌ محرّمةٌ، الشرح: كيف قالوا عن عمل المولد إذا بدعة محرمة من رأس اللسان مع أن هذا يوافق ما كان عليه النبي يوافق شرعه أيش يوجد في عمل المولد قراءة القرءان وهل تكون قراءة القرءان محرمة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وهل هي محرمة إطعام الطعام هل هذا محرم ذكر ما حصل لنبي عليه الصلاة والسلام وقت ولادته هل هذا محرم كل هذا ليس محرم إذا مُدح النبي عليه الصلاة والسلام هل هو محرم ليس محرمًا إذًا كيف جعلوه محرمًا من أين قالوا إنه حرام؟!!! قال المؤلف: وعَن الصَّلاةِ على النَّبي جَهْرًا عقِبَ الأذانِ إنَّهُا بدعةٌ محرّمةٌ بدَعْوَى أن الرسولَ ما فعلَهُ والصَّحابةَ لم يفعَلُوهُ. الشرح: كيف يقولون إذا صلى المؤذن على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان بصوت الأذان أن هذا حرام النبي عليه الصلاة والسلام قال: "من ذكرني فليصل عليّ" وهذا المؤذن ذكر النبي عليه الصلاة والسلام في الأذان فأحبّ أن يصلي عليه من يمنعه ما قال النبي عليه الصلاة والسلام صلوا عليّ جهرًا ولا قال سرًا قال صلوا عليّ فكيف ما صلى عليه يكون عمل بالحديث يكون عمل بالآية:{صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فكيف يقال عن هذا حرام نعم هذا لم يُفعل أيام النبي عليه الصلاة والسلام لكن النبي عليه الصلاة والسلام بينا أنه ليس كل شىء لم يفعله أو لم يُفعل في زمنه فهو حرام بينا عليه الصلاة والسلام أيضًا أن العلماء الكبار لهم أن يستحدثوا أمورًا توافق الشريعة توافق شرعه فيكون لمن فعل ذلك ثواب ولمن تبعه في ذلك ثواب وهذا منه النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول في التشهد أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمّدًا رسول الله أو وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله في الصلاة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يسمع منه ذلك بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام عبد الله بن عمر كان يقول في التشهد في الصلاة أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يقول وأنا زدتها يقول أنا زدت وحده لا شريك له ماذا يقول هؤلاء المشوشون عن عبد الله بن عمر هل يقولون عبد الله بن عمر مبتدع ضال لأ، لأن عبد الله بن عمر لو فعل لو زاد ما لم يعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام فعل مثله لكن عبد الله بن عمر من كبار العلماء ويعلم أن هذه الزيادة توافق الأصل لا تخالف الأصل لذلك زادها فالزيادة التي مثلها تكون مقبولة وهكذا الزيادة بعد الأذان بعدما أنهى الأذان صلى على النبي عليه الصلاة والسلام تكون زيادة موافقة للأصل لا تخالف الأصل أيّ مخالفة فيها للأذان ما فيها مخالفة للأذان لو كل يوم أحب المؤذن أن يصلي على النبي عليه الصلاة والسلام بعد الأذان من يمنعه أليس قد ذكره بالأذان من يمنعه قال المؤلف: ومنه تحريفُ اسمِ الله إلى ءاهٍ ونحوِه الشرح: كذلك من البدع المحرمة من بدع الضلالة البدع السيئة تحريف اسم الله تبارك وتعالى إلى اه بدل أن يقول الله الله يقول أه أه ليس أنه يتوه إذا كان الإنسان يتوه ليقل أه ما شاء من يلومه لكن من قال أه على أنه اسم لله تعالى هذا الذي يُلام كيف يكون اسما لله وهو من ألفاظ التوجع والشكاية وقد قال ربّنا:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} الفاظ الشكاية التوجع والضعف هل تكون اسمًا لله حاشى قال المؤلف:كما يَفعَلُ ذلكَ كثيرٌ من المنتسبينَ إلى الطُّرُقِ فإنّ هذا من البِدَعِ المُحرَّمَةِ. الشرح: كثير من الجهال الذين ينتسبون إلى الطرق الصوفية والطرق منهم بريئة يبدأون الذكر يقولون مثلا في الأول الله الله أو لا إله إلا الله ثم بعد قليل يدّعون أنهم صار فيهم حماوة فبدل أن يقولوا الله الله يقولون أه أه أو نحو ذلك هذا لا يجوز إذا كان المقصود به ذكر الله تبارك وتعالى أما إذا كان هو يتوه فليتوه ما شاء من يلومه على هذا لكن إذا قصد ذكر الله فهذا والعياذ بالله بدعة سيئة بل قال بعضهم بلغ الغلو ببعضهم إلى أن قال إن الذكر بأه أسرع للفتوح من الذكر بالله نعوذ بالله من مثل هذا الضلال كذب كتاب الله وكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} هكذا قال ربّنا ما قال قل ادعوا أه. قال المؤلف: قالَ الإمامُ الشَّافِعيُّ رضيَ الله عنهُ "المُحدَثاتُ مِنَ الأمُورِ ضَربانِ، الشرح: الأمور التي أُحدثت بعد النبي عليه الصلاة والسلام نوعان قال المؤلف: أحَدُهُما مَا أُحدِثَ ممّا يُخَالِفُ كِتابًا أَو سُنَّةً أو إجْماعًا أَو أثَرًا الشرح: الشيء الذي استحدث بعد النبي عليه الصلاة والسلام لكنه لا يوافق القرءان يخالف القرءان أو يخالف السنة أو يخالف الإجماع أو يخالف الأثر المعروف بين الصحابة الذي أقروه قال المؤلف: فهذِه البِدْعَةُ الضّلالَةُ،والثّانِيةُ مَا أُحْدِثَ مِنَ الخَيرِ ولا يُخَالِفُ كِتَابًا أو سُنَّةً أو إجْماعًا وهَذه مُحْدَثَةٌ غَيرُ مَذْمُومَةٍ"، الشرح: رضي الله عن الإمام الشافعي بينا الأمر على وجهه المحدثات قسمان قسم محدث خير سنة خير بدعة خير بدعة هدى وقسم بدعة ضلالة سنة سيئة أو ما شابه قال المؤلف: رَواهُ البَيْهقيُّ بالإسْنادِ في كتابِه "مَنَاقِبُ الشَّافِعيّ" . الشرح: الخلاصة أن الأحاديث التي ذكرناها تبين بوضوح أن المحدثات تنقسم إلى قسمين كذلك ما فعله الصحابة والتابعون وما قاله الأئمة الكبار كالشافعي رضي الله عنه تبين ذلك أن الأمور من حيث الإجمال تنقسم إلى هذين القسمين المحدثات إما محدثة خير وإما محدثة شر وسوء هكذا تنقسم المحدثات من حيث الإجمال واكرر هنا لا يعترض على هذا بحديث كل بدعة ضلالة أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام لا تتناقض كل بدعة ضلالة المراد بالبدعة ما كان مخالفًا للكتاب والسنة والإجماع والأثر هذا الذي قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام:" كل بدعة ضلالة البدعة" البدعة إذا أطلقت في الشرع إذا ذكرت من غير أي قيد يراد بها ما خالف الكتاب والسنة والإجماع والأثر أما أن تطلق مقيدة فيقال بدعة حسنة أو بدعة هدى فهذا يجوز ويكون مرادًا بها المحدث الذي لم يفعله النبي عليه الصلاة والسلام ولا فُعلت بزمانه لكن الذي يكون موافقًا للكتاب والسنة والإجماع والأثر وهنا أمر آخر أذكر به أن الذي يميز البدعة الحسنة من البدعة السيئة هم كبار العلماء بهذا نكون أنهينا الكلام عم أردنا أن نتكلم به عن البدعة. أستغفر الله العظيم الله تعالى أعلم.