شرح كتاب الصراط المستقيم
الشيخ الدكتور سمير القاضي
الرقم: 0025
الحمد لله ربّ العالمين أحمده وأستعينه واستهديه وأشكره وأصلي وأُسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين
في الدرس الماضي كنّا قد تكلمنا عن التوسل بالنبي عليه الصلاة والسلام وبينا أن الأدلة الشرعية تدل على جوازه على عكس ما ذهب إليه بعض الناس من تحريمه أو من دعوى أنه شرك اليوم أن شاء الله نذكر بعض ما احتجوا به لمنع التوسل ونبين فساد احتجاجهم.
قال المؤلف رحمه الله: وأما تمسكُ بعضِ الوهابيةِ لِدعوى ابنِ تيميةَ هذه لروايةِ البيهقي التي فيها "اللهمَّ شَفعْهُ فيَّ وشَفعني في نفسِي"، فلا يفيدُ أنه لا يُتبركُ بذاتِ النبي بل التبركُ بذاتِ النَّبيّ إِجماعٌ لم يخالفْه إلا ابنُ تيمية،
الشرح: في الماضي ي الدرس الماضي كنا ذكرنا أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر الأعمى أن يقول اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة وذكرنا أن هذا بغير حضرة النبي عليه الصلاة والسلام وذكرنا أن عثمان بن حنيف أمر رجلا أن يقول ذلك بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام ابن تيمية أيش قال قال في رواية اللهم شفعه فيّ وشفعني في نفسي معنى هذا يعني أن النبي دعا له فاستجاب الله دعاء النبي فيه قلنا لو كانت هذه الرواية صحيحة ثابتة أيش علاقة هذا بما نقوله هذا لا ينفي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له بأن يقول ذلك الكلام فقاله وقال: اللهم شفعه فيّ وشفعني في نفسي يا رب استجب دعاء النبي واستجب دعائي هل يفهم من هذا أنه لا يجوز أن يتوسل بالنبي أيش علاقة هذا بهذا لا يفهم من هذا ما ذكره ابن تيمية إلا إنسان لا يعرف الأصول ولا يعرف القواعد الشرعية أو يعرفه ولا يريد أن يطبقها ولا سيما يبين شيخنا رحمه الله أن التوسل هو بذات النبي صلى الله عليه وسلم ليس بدعائه الأعمى توسل بذاته الأعمى علمه النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا ما قال بدعاء نبينا قال بنبينا وإذا دعا له النبي عليه الصلاة والسلام هذا لا يدل على أن التوسل كان بدعاء النبي أيش علاقة هذا بهذا كيف يدل هذا على هذا كيف يُخرج الحديث عن ظاهره ليقال المقصود التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كل حال دعاء النبي ليس حيًا ولم يكن عند هذا الأعمى فكيف يقولون لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر الله يرحمنا كيف والنبي عليه الصلاة والسلام هو الذي قال فيه القائل.
قال المؤلف: والرسولُ هو الذي قالَ فيه القائلُ: (الطويل)
وأبيضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بوجهِهِ ثِمَالَ اليَتَامى عِصْمَةٌ للأَرَامِلِ
الشرح: وأبيضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بوجهِهِ بوجهه أي بذاته ما قال بعمله ما قال بدعائه يستسقى الغمام بوجهه.
قال المؤلف: أَوْرَدَهُ البُخَاريُّ .
الشرح: صحيح إمال اليتامى غوث لليتامى عصمة للأرامل ملجئ للأرامل هكذا وصف النبي عليه الصلاة والسلام فكيف يقول لا يجوز حرام الإستغاثة به حرام التوسل به
قال المؤلف: وأمَّا تَوسُّلُ عُمرَ بالعَبَّاسِ بعدَ مَوتِ النَّبي صلى الله عليه وسلم فليسَ لأَنَّ الرّسُولَ قدْ مَاتَ،
الشرح: أيضًا هؤلاء ماذا يقولون يقولون عندما توسل عمر عندما دعا عمر طالبًا لسقية من الله توسل بالعباس ما توسل بالنبي والنبي عليه الصلاة والسلام أفضل من العباس لماذا ترك عمر التوسل بالنبي وتوسل بالعباس لأن النبي مات ولا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر لذك ما توسل عمر بالنبي إنما توسل بالعباس لو كان يجوز التوسل بالميت ما ترك عمر الأفضل الذي هو رسول الله وانتقل بالعباس هكذا يقولون والرد عليهم من ناحتين:
الناحية الأولى: أنه لو كان كما يقولون كان عمر توسل بنفسه لأنه هو أفضل من العباس كان توسل بعثمان لأنه أفضل من العباس كان توسل بعلي لأنه أفضل من العباس كان توسل بطلحة بالزبير كل هؤلاء أفضل من العباس.
إذًا لم يترك التوسل بالنبي وتوسل بالعباس لأنه يبحث عن الأفضل ليس صحيحًا أنه لو كان يجوز التوسل بالنبي بعد موته كان توسل به وما تركه لأنه أفضل قد ترك التوسل بعلي وهو أفضل قد ترك التوسل بعثمان وهو أفضل إذًا ليس لأجل ذلك إنما لأنه أراد أن يتوسل بأهل البيت وأراد شيئًا آخر هو عمر أوضحه عمر هو نفسه بينا لماذا توسل بالعباس عمر قال النبي عليه الصلاة والسلام كان يُعامل العباس كما يعامل الوالد ولده لأنه كان عمه فاقتدوا به أيّها الناس في عمه العباس أظهروا التبجيل للعباس كما كان يظهره النبي واتخذوه وسيلة إلى الله لأجل هذا عمر توسل بالعباس تبجيلا للعباس حتى يبجل العباس كما كان يبجله النبي عليه الصلاة والسلام كما كان يوقره هو بينا ذلك فكيف يقال كيف يقول قائل بعد هذا إنه توسل به لأن النبي مات هم أدرى بقصد عمر أم هم أدرى بقصده لا شك أن عمر رضي الله عنه أدرى بمقصده من هؤلاء فتبين أنهم حرفوا الحديث حتى يوافق بزعمهم هواهم.
قال المؤلف: بلْ كانَ لأجْلِ رِعَايةِ حَقّ قَرابَتِه مِنَ النَّبي صلى الله عليه وسلم
الشرح: هذا الذي قلناه مراعاة لقرابته من النبي عليه الصلاة والسلام ولتعظيم الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعظم العباس به.
قال المؤلف: ، بدَليلِ قَولِ العبّاسِ حِينَ قَدَّمَهُ عُمَرُ "اللّهُمَّ إنّ القَوْمَ تَوجَّهُوا بي إلَيْكَ لِمَكَانِي مِنْ نَبيّكَ"،
الشرح: انظر توجهوا بي إليك لمكاني من نبيك أي لرتبتي عند نبيك لمكانتي عند نبيك لأن المكان يكون بمعنى المكانة أيضًا ما قال أن القوم توجهوا بي إليك لأن النبي قد مات بل لمكاني من نبيك فكأن التوسل في الحقيقة هو بالنبي عليه الصلاة والسلام
قال المؤلف: فَتَبيَّنَ بُطْلانُ رأْيِ ابنِ تَيْمِيَةَ ومَنْ تَبِعَهُ مِنْ مُنْكِرِي التَّوسُلِ. رَوى هذا الأَثَرَ الزُّبَيرُ بنُ بكَّار كما قالَ الحافظُ ابن حجر.
الشرح: الحافظ بن حجر قال روى هذا الأثر الزبير بن بكار رحمهما الله
قال المؤلف: ويُسْتَأنسُ لَهُ أَيضًا
الشرح: مما يدل على ذلك يشير إلى ذلك ما رواه الحاكم في المستدرك
قال المؤلف: أنَّ عُمرَ رَضِيَ الله عَنْهُ خَطَب النَّاسَ فقالَ "أيُّها النَّاسُ إنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَرَى للعَبّاسِ مَا يَرَى الولَدُ لِوَالدِه"،
الشرح: كان يعامل العباس كما يعامل الولد والده
قال المؤلف: يُعَظّمُهُ ويُفَخّمُهُ ويَبَرُّ قَسَمَهُ،
الشرح: يعظمه ويفخمه وإذا أقسم العباس على شىء ينفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكسر يمينه.
قال المؤلف: فاقْتَدُوا أيُّها النّاسُ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم في عَمّهِ العبَّاسِ
الشرح: عظموا العباس كما كان يعظمه نبي الله عليه الصلاة والسلام
قال المؤلف: واتّخِذُوه وسِيلةً إلى الله
الشرح: كيف اتخذوه وسيلة إلى الله فيما نزل بكم توسلوا إلى الله به في هذا الذي نزل بكم تعظيمًا له ولأنه من أهل البيت ولمكانته عند النبي عليه الصلاة والسلام هكذا عمر بينا هو والعباس ما قال لأن النبي مات كما يقول هؤلاء إنّا لله وإنّا إليه راجعون
قال المؤلف: واتّخِذُوه وسِيلةً إلى الله فِيما نَزَلَ بكُم"، فَهذا يُوضِحُ سَببَ تَوسُّلِ عُمَرَ بالعَبّاسِ.فَلا التِفَاتَ بَعْدَ هَذا إلى دَعْوَى بَعْضِ هَؤلاءِ المُشَوّشِينَ
الشرح: الان ينتقل المصنف رحمه الله إلى رد شبهة أُخرى ما هي هذه الشبهة أن بعض المتطفلين على علم الحديث الذي ادّعى أن له علمًا بالحديث وهو لم يدرس الحديث على أهله طالع مطالعة في بعض الكتب فظن نفسه صار عالم حديث وهو المدعو ناصر الدين الألباني هذا الرجل قال في سند حديث الأعمى رجل مجهول أبو جعفر إنّا لله وإنّا إليه راجعون ستة عشر حافظًا من حفّاظ الحديث عرفوا أبا جعفر هذا وأنه ليس مجهولا ثم يأتي في زمننا رجل لا يعرف الحديث بل هو مدعٍ يناقض كلامُه كلامَه لو أراد الإنسان أن يجمع تناقض الألباني في الحديث كان جمع مجلدًا كبيرًا يسميه رد الألباني على نفسه لكن ما لنا ولهذا الآن هذا الرجل المتطفل على علم الحديث يقول أبو جعفر مجهول وقد عرفه حفّاظ الحديث كلهم بل جاء في بعض الروايات التصريح من هو أبو جعفر هذا لكن الذي لا يأخذ العلم من أهله والذي يرفع نفسه فوق منزلته لا يستبعد أن يصدر منه ما صدر من هذا الرجل.
قال المؤلف: فلا التفات بعد هذا إلى دعوى بعض هؤلاء المشوشين أنَّ الحدِيثَ المذْكُورَ في إسنَادِهِ أبو جَعْفَرٍ وهوَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، ولَيْسَ كَما زَعَمُوا بل أبو جَعْفرٍ هَذا هُوَ أبو جَعْفَرٍ الخِطْمِيُّ ثِقَةٌ،
الشرح: أبو جعفر هذا معروف هو أبو جعفر الخطمي بل صرح به النّسائي في روايته وابن حبان في روايته وغيرهما أن المراد بأبي جعفر هنا أبو حعفر الخطمي وهو معروف ثقة كيف يقول مجهول لكن الهوى يعمي ويصمي الله يعيذنا من ذلك
قال المؤلف: وكذلكَ دَعْوَى بَعْضِهم وهوَ نَاصِرُ الدّينِ الأَلْبانيُّ أنَّ مُرادَ الطَّبرَانيّ بقَولِه "والحدِيثُ صَحِيحٌ" القَدْرُ الأَصْلِيُّ وهوَ مَا فَعلَهُ الرَّجُلُ الأَعْمَى في حَياةِ رسُولِ الله فَقَط، وَلَيْسَ مُرادُه ما فَعلَهُ الرَّجُلُ أيّامَ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ بَعْدَ وفاةِ الرسولِ وهذا مردودٌ،
الشرح: وهذا أيضًا من أعاجيب ناصر الألباني قصة واحدة مروية بسند واحد جزء منها عما حصل في أيام النبي عليه الصلاة والسلام وجزء عما حصل بعد وفاته صلى الله عليه وسلم والسند واحد الرواية واحدة القصة واحدة لكن فيها جزءان لأن الجزء الثاني ينقض عقيدة الألباني وعقيدة الوهابية قال الألباني الطبراني روى هذه القصة وقال والحديث صحيح قصده الجزء الأول أما الجزء الثاني غير صحيح لا إله إلا الله كيف تكون القصة واحدة مروية بإسناد واحد ويكون جزئها الأول صحيحًا والثاني غير صحيح ما سبق الألباني إلى هذا أحد من علماء الحديث صحح إسناد الجزء الأول الإسناد نفسه صحيح أي للجزء الأول أما للجزء الثاني فإنه غير صحيح إنّا لله وإنّا إليه راجعون ثم أيش قال بأيش استدل قال لأنه قال الحديث صحيح والحديث يطلق على ما قاله النبي أو فعله لا يطلق على ما قاله الصحابي أو فعله وهذا أيضًا باطل لأن العلماء يقولون الحديث عما فعله النبي عليه الصلاة والسلام وما فعله الصحابي وقاله يسمونه حديثًا أيضًا وما فعله التابعي يسمونه حديثًا لذلك يقولون حديث مرفوع وحديث موقوف موقوف يعني من قول الصحابي أو فعله وحديث مقطوع يعني من قول التابعي أو فعله ويسمون كل واحد حديثًا بل صرحوا بهذا تصريحًا بل هذا الرجل لأنه يتبع هواه تعامى عما قاله هؤلاء العلماء أو لم يعرف لأنه لم يدرس العلم على أهله إنما طالع مطالعة في بعض الكتب
قال المؤلف: وهذا مردود لأَنَّ عُلَماءَ المُصْطَلح قَالُوا "الحَدِيثُ يُطلَقُ علَى المَرْفُوعِ إلى النّبيّ والمَوقُوفِ على الصَّحابَةِ"،
الشرح: قالوا هذا يقال عنه حديث وهذا يقال عنه حديث كلاهما يقال عنه حديث فلا حجة له إذًا ليس للألباني دليل فيما قال إلا الهوى
قال المؤلف: أي أنَّ كَلامَ الرسولِ يُسَمَّى حَدِيثًا وقَولَ الصَّحابِيّ يُسَمَّى حَدِيثًا، ولَيسَ لَفْظُ الحَدِيثِ مَقْصُورًا على كلامِ النّبيِ فَقط في اصطِلاحِهِمْ، وهَذا المُمَوِّهُ كلامُهُ لا يُوافِقُ المُقَرَّرَ في عِلْمِ المُصْطَلَحِ
الشرح: يخالف ما قاله علماء الحديث في علم المصطلح كلامه يخالف كلامهم ليس على منهج علماء الإسلام شاذ
قال المؤلف: فَليَنْظُرْ مَنْ شَاءَ في كِتَابِ تَدْرِيْبِ الرَّاوِي
الشرح: الذي ألفه الحافظ السيوطي رحمه الله
قال المؤلف: والإفْصَاحِ وغَيرِهما مِن كُتُبِ المُصْطَلَحِ، فإنَّ الألبانيَّ لم يجرهُ إلى هذهِ الدَّعوى إلا شِدة تعصبهِ لهواهُ
الشرح: هذا الذي قلناه شدة تعصبه لهواه تعامى عن الحقيقة
قال المؤلف: وعَدم مبالاتِهِ بمخالفةِ العلماءِ
الشرح: ولأنه لا يبالي لو خالف علماء الإسلام
قال المؤلف: كَسَلَفِهِ ابن تيمية.
الشرح: كما كان يفعل سلفه ابن تيمية لو خالف كل علماء الإسلام لا يهتم
قال المؤلف: أَمَّا حَدِيثُ ابنِ عَبّاسٍ الذي رواهُ التّرمذيُّ
الشرح: وبعضهم يحتج بهذا الحديث الذي سنذكره إن شاء الله تعالى "إذَا سَألْتَ فاسْألِ الله وإذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِن بالله" أولا بالنسبة لتوسل أنا أعجب لماذا يوردون هذا الحديث دليلا لمنع التوسل إذا سألت فاسأل الله والذي يتوسل بالنبي يسأل الله اللهم أسألك بالنبي أن تعطيني فالمسئول هو الله لا غيره ليس النبي هو المسئول وإذا استعنت فاستعن بالله اللهم بجاه النبي أعني يطلب العونة من الله كيف يكون في هذا الحديث رد على ما يفعله أهل السنة ما فيه رد بمسئلة التوسل.
أما في مسئلة الإستعانة الذي يقول يا رسول الله أعني أو نحو ذلك هذا مع أننا قلنا إذا دعا الله أحسن هذا الذي يفيده الحديث إذا سألت فاسأل الله يعني الأحسن أن تسأل هو الله لكن انا لو كنت محتاجًا إلى شىء فذهبت سألت صديقي سألت أخي وطلبت العون هل أكون آثمًا فلا أكون آثمًا أليس قال النبي: إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وانا ذهبت فاستعنت بمخلوق وكل العلماء يقولون ليس عليّ ذنب إذا قلت يا زيد أعني قد استعنت بغير الله والكل مجمعون أنه ليس عليّ ذنب لأن معنى الحديث ليس أنه حرام أن يستعين بغير الله أو حرام أن يطلب من غير الله إنما معنى الحديث أن الأحسن إذا أراد الإنسان أمرًا أن يسأل الله وأن يستعين بالله هذا المعنى ليس المعنى أنه حرام كما يفسره هؤلاء هو الأمر واضح شديد الوضوح في هذا
قال المؤلف: اما حديث ابن عباس الذي رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له
الشرح: أي لابن عباس
قال المؤلف: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذَا سَألْتَ فاسْألِ الله وإذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِن بالله فلَيسَ فيهِ دَليلٌ أيْضًا علَى مَنْعِ التَّوسُّلِ بالأَنبياءِ والأَوْلياءِ لأنَّ الحديثَ معناهُ أن الأوْلى بأن يُسألَ ويُسْتَعانَ بهِ الله تَعالى،
الشرح: هذا معناه الأولى أن تسأل هو الله أولى أن تستعين بالله من أن تستعين بغيره
قال المؤلف: وليسَ مَعناهُ لا تَسْألْ غيرَ الله ولا تَسْتَعِنْ بغَيْرِ الله.
الشرح: هكذا ليس المراد به نهي التحريم
قال المؤلف: نَظِيرُ ذَلِكَ قَولُه صلى الله عليه وسلم:"لا تُصَاحِبْ إلا مُؤْمِنًا ولا يأكُلْ طَعامَكَ إلا تَقِيٌّ"،
الشرح: هنا أيضًا ليس المراد نهي التحريم ولا يأكُلْ طَعامَكَ إلا تَقِيٌّ ولو أطعم الإنسان الكافر بل له ثواب { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} والأسير الكافر بإجماع المفسرين وكيف وجاء هنا في الحديث معناه الأولى أن تُطعم هو المؤمن ليس معناه إذا أطعمت غير المؤمن حرام وكذلك إذا استعنت فاستعن بالله الأولى أان تستعين بالله هذا معناه.
قال المؤلف: فكَما لا يُفهَمُ مِنْ هَذا الحَديثِ عَدَمُ جَوازِ صُحْبَةِ غَيرِ المُؤمنِ وإطْعامِ غَيرِ التَّقِيّ وإنَّما يُفْهَمُ مِنهُ أنَّ الأَوْلَى في الصُّحبَةِ المُؤمنُ وأنَّ الأَوْلَى بالإطْعامِ هُوَ التَّقيُّ، كذلكَ حَديثُ ابنِ عبَّاسٍ لا يُفهَمُ مِنهُ إلا الأوْلَوِيّةُ
الشرح: هذا معنى حديث ابن عباس الأولى أن تسأل هو الله الأولى أن تستعين بالله
قال المؤلف: وأمّا التَّحريمُ الذي يدعونه فلَيسَ في هذا الحَدِيثِ.
الشرح: نعم لا يدل هذا الحديث على التحريم
قال المؤلف: ولا فَرقَ بينَ التَّوسُّلِ والاسْتِغاثَةِ، فالتَّوسُّلُ يُسَمَّى استِغاثةً
الشرح: يعني من حيث المضمون في الحقيقة لا فرق بين التوسل والإستغاثة يعني هناك شىء في حقيقة التوسل وفي حقيقة الإستغاثة هناك شىء مشترك حتى إن التوسل يسمى إستغاثة كما في حديث البخاري
قال المؤلف: كمَا جاءَ في حَدِيثِ البُخَاريّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ "إنَّ الشَّمسَ تَدْنُو يَومَ القِيامةِ حَتّى يَبْلُغَ العَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ فبَيْنَما هُمْ كذَلكَ اسْتَغاثُوا بآدَمَ
الشرح: استغاثوا بآدم أي استشفعوا بآدم يا آدم اشفع لنا إلى ربّنا
قال المؤلف: اسْتَغاثُوا بآدَم ثمَّ مُوسَى ثمَّ بمُحمَّدٍ" صلى الله عليه وسلم الحديث في روايةِ عبدِ الله بن عمرَ لحديثِ الشفاعَةِ يوم القيامَةِ، وفي روايةِ أنسٍ
الشرح: يعني طلبهم من آدم أن يشفع لهم سمي استغاثة
قال المؤلف: في رواية أنس رُوِيَ بلفظِ الاستِشفَاعِ وكلتَا الروايتينِ في الصحيحِ فَدَلَّ ذلك على أن الاستشفاعَ والاستغَاثَةَ بمعنًى واحدٍ
الشرح: دل ذلك على أن الإستشفاع استغاثة يا آدم أشفع لنا معناه نستغيث بك حتى تشفع لنا
قال المؤلف: فسَمَّى الرّسُولُ صلى الله عليه وسلم هذا الطَّلَبَ مِنْ ءادَمَ أَن يَشْفَعَ لَهُم إلى رَبّهِمُ اسْتِغَاثةً.
الشرح: إذًا لا يحرم الإستغاثة بالمخلوق ولو بعد موته هذا استغاثة بآدم بعد موته واستغاثة بمحمد عليه الصلاة والسلام بعد موته
قال المؤلف: ثم الرسولُ سمَّى المَطَر مُغِيثًا فقد رَوَى أبو داودَ وغيرُهُ
الشرح: إذا كان المطر المطر الذي لا حياة فيه ولا فهم فيه ولاروح فيه ولا عقل فيه إذا كان هذا المطر يسمى مغيثًا إذا كان المطر الذي مثل هذا يسمى مغيثًا كيف لا يسمى النبي مغيثًا صلى الله عليه وسلم وهو يدعو لنا ويستغفر لنا في قبره وهو حي في قبره
قال المؤلف: ثم الرسولُ سمَّى المَطَر مُغِيثًا فقد رَوَى أبو داودَ وغيرُهُ بالإسنادِ الصَّحيحِ أنّ الرسولَ قال: "اللهمَّ اسقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَريعًا نافِعًا غيرَ ضارّ عاجِلا غيرَ ءاجِلٍ"، فالرسولُ سَمَّى المَطَرَ مُغيثًا لأنّه يُنْقِذُ مِن الشّدّةِ بإذنِ الله، كذلكَ النبيُّ والوَليُّ يُنقِذان مِنَ الشّدَّةِ بإذنِ الله تَعَالى.
الشرح: فلا بأس أن يُسمى كل منهما مغيثًا معنى ذلك خلاصة القطعة الأخيرة أن الإنسان إذا طلب الشفاعة من النبي إذا توسل بالنبي فهو يستغيث بالنبي حتى يشفع له عند الله حتى يدعو له الله تبارك وتعالى هو هذا نوع من الإستغاثة إذا استشفع به فهو يستغيث به وإذا كان الاستشفاع به جائزًا إذا لا يجوز أن يقال إن الإستغاثة بالنبي حرام وقد نص الحديث على جوازها إذا كان المطر يعد مغيثًا فكيف لا يعد نبي الله وولي الله مغيثًا ولهما عند الله تلك المنزلة العالية.
نسأل الله أن يحيينا ما حيينا على عقيدة أهل السنة والجماعة وأن يتوفانا عليها والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.
الوقت : 028: 29 قال الشيخ سمير القاضي حتى يدعو له الله تبارك وتعالى