fbpx

الصراط المستقيم – الدرس 27

شارك هذا الدرس مع أحبائك

شرح كتاب الصراط المستقيم الشيخ الدكتور سمير القاضي الرقم: 0027 الحمد لله ربّ العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات الله وسلامه على سيدنا محمد على ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين بعد أن كنّا تكلمنا في بعض الدروس الماضية عن التوسل وعن التبرك اليوم إن شاء الله تعالى نتكلم عن الاجتهاد والتقليد قال المؤلف: الاجتهادُ والتَّقليدُ الاجتهادُ هو استِخراجُ الأحكامِ التي لم يَرِدْ فيها نصٌّ صريحٌ لا يحتمِلُ إلا معنًى واحدًا. الشرح: هذا هو المقصود من الاجتهاد الاجتهاد بذل الجهد لأي شىء لاستخراج الأحكام أية أحكام التي تحتاج إلى الإستخراج هي الأحكام التي لم يرد فيها نص صريح في الكتاب أو في السنة بحيث لا يحتمل معنىً آخر يعني هناك أحكام وردت في الكتاب والسنة لا تحتمل إلا معنى واحدًا هذه الأحكام ليس لنا في أمرها إلا الإتباع واضح أمرها معروف ليس فيها اختلاف هذه الأحكام تتبع كما جاءت لا تحتمل أكثر من معنى وهناك أحكام جاءت في الكتاب والسنة بنصوص تحتمل أكثر من معنى وليس ظاهرًا جليًّا المعنى المراد منه هذه أحيانًا يختلف فيها المجتهد مثلا جاء في الكتاب ذكر القرء في العدة والقرء في اللغة يكون بمعنى الطهر ويكون بمعنى الحيض فالعدة عندما يذكر أنها ثلاثة أقراء ماذا يراد بذلك ثلاثة أطهار أو ثلاثة حيضات المجتهد يجتهد حتى يعين ما المراد أو يحدث أحيانًا حوادث لم ينص عليها بالنص بالقرءان أو الحديث ولم قبل ذلك إجماع من المجتهدين على حكمها فالمجتهد يبذل جهده حتى يستخرج على حسب القواعد الواردة في الكتاب والسنة حتى يستخرج ما هو حكم هذه المسئلة مما جاء في الكتاب والسنة هذا هو الاجتهاد قال المؤلف: فالمجتهدُ مَن له أهليّةُ الشرح: المجتهد هو الإنسان المؤهل لذلك الذي له الأهلية ليفعل ذلك بل لا ينالها إلا القلة القلة من العلماء قال المؤلف: ذلكَ بأن يكونَ حافظًا لآياتِ الأحكامِ وأحاديثِ الأحكامِ الشرح: أولا الآن يذكر ما هي الصفات التي لابد من توفرها في الإنسان حتى يكون مجتهدًا الصفة الأولى أن يحفظ الآيات المتعلقة بالأحكام كلها وأن يحفظ الأحاديث المتعلقة بالأحكام بأسانيدها كلها قال المؤلف: ومعرفَةِ أسانيدِهَا (كما ذكرنا) ومعرفَةِ أحوالِ رجالِ الإسنادِ الشرح: وأن يكون عارفًا بأحوال رجال أسانيد هذه الأحاديث هذا قوي هذا ضعيف هذا ضعيف الحفظ هذا كذّاب هذا صادق لا بد أن يكون عارفًا بأحوال الرجال هذا التقى بالذي يروي عنه أو يروي عن إنسان لم يلتق به إذًا وصله خبره من طريق آخر إلى آخره إذًا لابد أن يكون عارفًا بأحوال الأسانيد قال المؤلف: ومعرفَةِ النَّاسِخِ والمَنسوخِ الشرح: ولا بد ان يعرف الناسخ والمنسوخ لأن القرءان والأحاديث فيه ناسخ وفيه منسوخ معنى النسخ أن يتوقف العمل بفي حكم سابق بحكم كان أُوحي إلى النبي عليه الصلاة والسلام يتوقف العمل به بسبب أيش بسبب نزول حكم بعده بحكم يختلف عنه بعده هذا هو النسخ مثلا كانت العدة على المرأة في السابق سنة ثم نسخ ذلك فصار أربعة أشهر وعشرة أيام أو بوضع الحمل إذا كانت حاملا فإذًا هذا هو النسخ بعد نزول الحكم الثاني توقف العمل بالحكم الأول وصار العمل على الحكم الثاني الذي لا يعرف الآيات الناسخة من المنسوخة كيف يأمن أن يستدل يآية منسوخة على حكم من الأحكام لذلك لابد أن يكون المجتهد عالمًا بالناسخ والمنسوخ في القرءان وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤلف: والعام والخاص الشرح : أيضًا لابد أن يعرف ما هو العام من الآيات والأحاديث وما هو الخاص لأن هناك من الآيات والأحاديث وردت بلفظ عام لكن لا يراد منها الشمول إنما هناك أشياء تستثنى منها يراد منها شىء مخصوص إذا لم يكن عارفًا بالعام والخاص إذا لم يستطع التفريق بين العام والخاص فإنه عند ذلك قد يستدل بحديث أو بآية يظنها شاملة وهو لا يعلم أن لها مخصصًا خصصها مثلا جاءت آيات واحاديث أن الولد مثلا يرث من أبيه أو فلان يرث من فلان لكن هذا مخصوص جاء أيضًا في الشرع أنه إذا كان قاتلا للمورث لا يرثه إذا كان لا يعرف هذا كيف يميز كيف يبني الحكم قد يبني الحكم أن الآية شاملة لكل الحالات وتكون في الحقيقة هذه الآية مخصوصة وهو لا يعرف لذلك لابد أن يعرف العام والخاص أيضًا من الآيات والأحاديث قال المؤلف: والمُطلَقِ والمُقَيَّدِ، الشرح: أيضًا لا بد أن يكون عارفًا بالمطلق والمقيد معناه الشىء يذكر في موضع من المواضع ليس مقيدًا بصفة معينة أو حال معين لكن في موضع آخر يتبين أنه مقيد مثلا في بعض النصوص الشرعية عتق رقبة ما قيدت بأنها مؤمنة ما قيد بأنها لا بد أن تكون مؤمنة لكن في مواضع أخرى ذكر القيد أنها لابد أن تكون مؤمنة فعلم أن الموضع الأول المقصود بالرقبة التي تعتق العبد الذي يحرر أن يكون مؤمنًا إذا لم يعرف المطلق من المقيد كيف يعرف هذا قد يحكم بخلاف ما جاء في نص الشرع. قال المؤلف: ومعَ إتْقانِ اللُّغَةِ العربيّةِ بحَيثُ إنّه يَحفَظُ مَدْلُولاتِ ألفاظِ النُّصوصِ على حسَب اللُّغَةِ التي نزَل بها القرءانُ، الشرح: أيضًا يشترط من جملة الشروط أن يكون عارفًا باللغة العربية معرفة قوية وتكون هذه المعرفة على حسب ما كان العرب يتكلمون به حين نزل القرءان على النبي عليه الصلاة والسلام يعني كيف كان العرب يتكلمون لغتهم أصلا ليس على الترتيبات التي أستحدثت في أيامنا ولا على حسب الكلمات التي أستحدثت في أيامنا بل لابد أن يعلم أن يكون عارفًا معرفة قوية باللغة من حيث النحو من حيث الصرف من حيث البلاغة من حيث العروض لشعر لابد أن يكون عارفًا بذلك بحيث يفهم كلام العرب كما كان يفهمه أولئك الذين كانوا في زمن النبي عليه الصلاة والسلام يعرف مدلولات يعني يعرف على ماذا تدل هذه الألفاظ يعرف معاني الألفاظ على حسب ما كان يعرفه أولئك السابقون لأن القرءان والحديث نزل بتلك اللغة على حسب لغتهم قال المؤلف: ومعرفةِ ما أجْمَعَ عليهِ المجتهدونَ وما اختَلَفُوا فيهِ لأنّهُ إذا لم يَعْلَمْ ذلكَ لا يُؤمَنُ عليهِ أن يَخْرِقَ الإجماعَ أي إجْماعَ مَن كانَ قبلَهُ. الشرح: وهكذا ولابد أن يعرف ما الذي أجمع عليه المجتهدون وما الذي اختلفوا فيه لأن المجتهد لا يخرق الإجماع قبله لا يجوز له ذلك إذا انعقد الإجماع على أمر لا يجوز أن يجتهد بعد ذلك مجتهد فيحكم يوصله اجتهاده إلى حكم يخالف ما أجمعوا عليه فيحكم به لا يجوز له ذلك إذا لم على أي أيش اتفقوا وفيما أختلفوا أي المجتهدون الذين قبله كيف يأمن أن لا يخالفهم هذه بعض الشروط من حيث العلوم والآلات التي لا بد من توفرها في المجتهد ويوجد غيرها. قال المؤلف: ويُشْتَرَطُ فوقَ ذلكَ شرطٌ وهو ركنٌ عظيمٌ في الاجتهادِ الشرح: فوق ذلك يشترط شرط مهم جدًا ركن لابد منه حتى يكون الإنسان مجتهدًا قال المؤلف: وهو فِقْهُ النَّفْسِ أي قُوّةُ الفَهْمِ والإدراكِ. الشرح: فقه النفس أن يكون ذكيًا حاد الذكاء قويّ الفهم والإدراك لأنه إذا لم يكن كذلك كيف يستطيع أن يستخرج من النصوص ما يحتاج إلى استخراجه لا يستطيع إنسان ما عنده ذكاء تعطيه أدوات بناء بيت لا يستطيع أن يبنيه ولو كانت الأدوات موجودة عنده إنسان ما عنده الذكاء الكافي لو أنت علمته وحفظ القواعد الطبية لا يعرف أن يداوي المريض لا يعرف كيف يطبق تلك القواعد فالمجتهد يحتاج إلى ذكاء حاد حتى يعرف كيف يفكر في النصوص الشرعية وكيف يطبق قواعد الإجتهاد حتى يستنبط الحكم من هذه النصوص لأن الحكم في أحيان كثيرة لا يكون ظاهرًا جليًا بحيث يعرفه كل أحد إذا لم يكن كذلك ولم يكن للمجتهد فطنة وقوة إدراك حتى يستخرج الحكم من هذه النصوص كيف يُستخرج الحكم. قال المؤلف: وتشترَط العدالةُ وهي السلامة من الكبائر الشرح: أيضًا حتى يُسئل حتى يجوز استفتاء هذا المجتهد وحتى يجوز الأخذ بكلامه هناك شرط لابد منه وهو أن يكون عدلا ما تعريف العدالة؟ قال المؤلف: وهي السلامَةُ من الكبائِرِ الشرح: الشرط الأول فيها أن يكون سالمًا من الكبائر أن لا يكون واقعًا في كبيرة من الكبائر أي ولا في الكفر لأنه أكبر الكبائر قال المؤلف: ومن المداومَةِ على الصَّغَائِرِ الشرح: ولابد أن يكون سالمًا من المداومة على الصغائر يعني لا يُكثر من الصغائر الذنوب الصغيرة بحيث تزيد صغائره على حسناته لأنه إذا أكثر بحيث زادت صغائره على حسناته دل ذلك على تهاون عنده بأمر الدين وهذا كبيرة من الكبائر لذلك يشترط عدم الكفر لابد عدم الكبيرة وعدم المداومة على الصغيرة قال المؤلف: ومن المداومَةِ على الصَّغَائِرِ بحيثُ تَغْلِبُ على حسَناتِهِ من حيثُ العَدَدُ. الشرح: أما إذا ارتكب بعض الصغائر هذا لا يسقطه من الأعين ولا يُنزل مرتبته من أعين الناس من يسلم من هذا لذلك الشرط ليس عدم ارتكاب الذنب بالمرة الشرط أن لا يكون مرتكبًا للكبيرة وأن لا يُصر على الصغيرة وأيضًا هناك شىء زائد لابد منه وهو أن يكون متخلقًا بأخلاق أمثاله لأن الذي لا يتخلق بأخلاق أمثاله لا يرضاه الناس لا يرضى الناس أن يشهد ولا يرضون سلوكه ليسألوه لا يكون ثقة في أعينهم. فإذًا لابد من الإسلام- السلامة من الكبائر - عدم الإصرار على الصغائر - وأن يكون متخلقًا بأخلاق أمثاله عندما نقول أمثاله يعني من أهل الفضل ليس من الرعاع السفهاء بل أن يكون خلقه كخلق أمثاله من أهل الفضل إذا كان عالمًا لا بد أنه عالم كيف هو سلوك العلماء لا بد أن يكون ملتزمًا به قال المؤلف: وأمّا المقلّدُ فهو الذي لم يَصِلْ إلى هذهِ المَرتَبَةِ. الشرح: من وصل إلى مرتبة الإجتهاد هذا إذا حدثت حادثة لم يرد حكمها نصًا صريحًا في القرءان أو في السنة ولا أجمع عليها المجتهدون قبله هذا يبحث في نصوص الكتاب والسنة حتى يستخرج حكم هذه الحادثة أما من لم يصل إلى هذه المرتبة هم أكثر الناس بل أكثر من يسمى بالعلماء في أيامنا فهؤلاء يسمون مقلدين هؤلاء حظهم أن يقلدوا المجتهد يسألونه فيأخذون بما أجابهم {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} هذا حظهم يسألون المجتهد فيجيبهم قال المؤلف: والدَّليلُ على أن المسلمينَ على هاتين المَرتَبتَينِ قولُه صلى الله عليه وسلم "نضَّرَ الله امرأً الشرح: نضر الله امرأ جعل وجهه نضرًا في الآخرة حسّن وجهه جعله حسن الوجه قال المؤلف: قال: نضَّرَ الله امرأً سمعَ مقالَتِي فَوَعَاهَا فأدَّاهَا كما سمِعَها، ". الشرح: دعا النبي عليه الصلاة والسلام لمن يسمع حديثه فيبلغه كما سمعه من غير أن يحرف شيئًا في معناه قال المؤلف: قال: فرُبَّ مُبَلِّغٍ لا فِقْهَ عندَهُ الشرح: أحيانًا الذي يسمع الحديث ويبلغه لا يكون عنده فقه كاف حتى يستنبط الحكم منه هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ورُب هنا لتكثير رُبّ مبلغ يعني ما أكثر من يبلغ وهو لا فقه عنده قال المؤلف: رواهُ التّرمذيُّ وابنُ حِبَّان .الشَّاهِدُ في الحديثِ قولُه "فَرُبَّ مُبَلِّغٍ لا فِقْه عندَهُ"، الشرح: نعم هذا هو الشاهد من هنا الاستدلال لأن النبي عليه الصلاة والسلام نص على أنه ليس كل إنسان عنده الفقه ليستنبط ويفهم المعاني المرادة من الأحاديث قال المؤلف: وفي روايةٍ "ورُبَّ مُبَلَّغ أوْعَى من سَامِعٍ"، الشرح: وفي رواية "رُبّ مبلغ أوعى من سامع" قد يسمع إنسان الحديث مني ويبلغه لغيره فيكون الذي سمعه مني ليس فاهمًا لمعناه بالقدر الذي يفهمه الإنسان الذي بلغه هذا الحديث المبلغ الذي بُلغ هذا الحديث أحيانًا يكون أفهم من السامع أعوى له يستطيع أن يستنبط منه ما لا يستطيعه السامع قال المؤلف: فإنَّه يُفهِمنا أنَّ ممن يَسمعونَ الحديثَ منَ الرسولِ مَن حظه أن يرويَ ما سمعَهُ لغيرهِ الشرح: هذا حظه إلى هنا يستطيع ضبط ما سمع ورواه كما سمعه هذا حظه قال المؤلف: ويكون هو فهمه أقل من فهمِ من يبلغه الشرح: أما من حيث الفهم من يقول يروي له الحديث يكون أفهم منه بمعانيه قال المؤلف: بحيثُ إن من يبلغه هذا السامع يستطيع من قوةِ قريحتهِ أن يستخرجَ منه أحكامًا ومسائل ويسمى هذا الاستنباط الشرح: نعم الشافعي رضي الله عنه كان له شيخ راوي حديث مشهور عالم كبير كان أحيانًا تطرح المسئلة لا يجيبون فيها ثم الشافعي يجيب يقول له هذا شيخه هذا من أين أجبت يقول أنت حدثتنا عن فلان عن فلان فيكون الشافعي استنبط من الحديث الذي سمعه من الشيخ ما لم يصل هذا الشيخ العالم إلى استنباطه "رُبّ مبلغ أوعى من سامع" قال المؤلف: والذي سمعَ ليس عنده هذه القريحة القوية إنما يفهم المعنى الذي هو قريب من اللفظ. الشرح: يفهم معنى اللفظ لا يفهم المعنى البعيد الذي يُستخرج منه قال المؤلف: من هنا يعلم أن بعضَ الصحابةِ يكون أقل فهمًا ممن يسمع منهم حديث رسول الله. الشرح: صلى الله عليه وسلم يعني أن بعض التابعين قسم من التابعين كان عندهم فهم في الحديث ومعانيه أكثر مما عند الصحابة الصحابي سمع الحديث فهم معناه الظاهر أداه كما سمعه لكن التابعي بعضهم لقوة فهمه يفهم منه ويستنبط ما لا يستطيع أن يستنبطه الصحابي الذي أخبره بهذا الحديث ورواه له. قال المؤلف: وفي لفظٍ لهذا الحديثِ: "فرُبَّ حاملِ فِقْهٍ إلى من هوَ أفقَهُ منهُ"، الشرح: أحيانًا الإنسان ينقل إلى غيره أشياء تساعده على فهم الأحكام ويكون هذا الذي يُنقل إليه أعلم من الذي ينقل قال المؤلف: وهاتانِ الرّوايتانِ في التّرمذي وابنِ حبَّان . الشرح: نعم يعني رُبّ مُبلّغ أعوى من سامع - ورُب حامل فقه إلى من هو أفقه منه هاتان الروايتان رواهما الترمذي وابن حيان قال المؤلف: وهذا المجتهدُ هو مَوْرِدُ الشرح: مورد أي الذي ورد فيه هذا المجتهد هو مورد قوله أي هذا المجتهد هو الذي ورد قوله صلى الله عليه وسلم قال المؤلف: قولِه صلى الله عليه وسلم "إذَا اجتَهدَ الحاكمُ فأصابَ فلَهُ أجْرانِ وإذا اجتهدَ فأخطأَ فله أجرٌ" رواهُ البخاريُّ الشرح: إذا اجتهد الحاكم فأصاب الحاكم إذا كان وصل إلى رتبة الإجتهاد فاجتهد فحكم فكان حكمه مصيبًا إجتهاده أوصله إلى الحكم الصحيح له أجران أجر على الجهد الذي بذله وأجر على أصابته للحكم أما إذا اجتهد فأخطأ لا يكون عليه ذنب ليش لأنه هو مؤهل للاجتهاد النبي أذن له في الاجتهاد إنما يكون له أجر واحد على بذله للجهد ولا يكون له أجر ثان على أصابته قال المؤلف: رواه البخاري وإنّما خَصَّ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديثِ الحاكمَ بالذّكْرِ لأنَّهُ أحْوجُ إلى الاجتهادِ من غَيرِهِ الشرح: لماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام إذا اجتهد الحاكم فأصاب يعني إذا كان المجتهد ليس حاكمًا إذا لم يكن قاضيًا ولا خليفة ولا واليًا واجتهد وأصاب أليس له أجران بلى له أجران إذا اجتهد فأخطأ أليس له أجر واحد بلى له أجر واحد إذا لماذا خص النبي عليه الصلاة والسلام الحاكم بالذكر لماذا قال:" إذا اجتهد الحاكم" لبيان أن الحاكم أكثر حاجة إلى الإجتهاد من غيره لأن الحاكم يأتي الناس إليه بأمورهم فهو يحتاج أن يحكم فيها ولا يجوز له أن يحكم بمجرد الرأي بل لا بد أن يكون حكمه مستندا إلى الشرع ولذلك هو بحاجة أن يكون في هذه الرتبة العالية من العلم حتى إذا جاءوه بأمر لم يرد النص عليه بوضوح في الشرع يعرف كيف يستخرج من نصوص الشرع حكم هذا الأمر لذلك خصه النبي عليه الصلاة والسلام بالذكر قال المؤلف: فقد مضَى مُجتهدونَ في السّلَفِ مع كونِهم حاكمينَ الشرح: في الماضي في السلف كان هناك حكام وكانوا مجتهدين قال المؤلف: كالخلفاءِ الستَّةِ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليّ والحسَنِ بنِ عليّ وعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ الشرح: هؤلاء الخلفاء كانوا كلهم في السلف وكلهم كانوا بلغوا رتبة الاجتهاد أبو بكر عمر عثمان علي الحسن بن علي لأن الحسن استخلف ستة أشهر بعد وفاة أبيه كان خليفة لمدة ستة أشهر بعد وفاة أبيه وكان أيضًا عمر بن عبد العزيز بلغ رتبة الإجتهاد وكان خليفة فهؤلاء كانوا حكامًا وكانوا مجتهدين أيضًا قال المؤلف: وشُرَيْحٍ القَاضي. الشرح: أيضًا شريح القاضي كان قاضيًا لم يكن خليفة لكن كان قاضيًا كان حاكمًا وكان بلغ رتبة الاجتهاد وهؤلاء أمثلة عمن كان في السلف مجتهدًا وحاكمًا في آن وهؤلاء ثوابهم أكبر من ثواب الشافعي ونحوه من المجتهدين لماذا لأنهم كانوا مجتهدين مثلهم وزيادة على ذلك طبقوا حكم الشرع طبقوا الحكم بالسلطة التي كانت بأيديهم اجتهدوا وطبقوا الأحكام التي اجتهدوا فيها وغيرها. قال المؤلف: وقد عَدَّ عُلَمَاءُ الحَديثِ الذين ألَّفُوا في كتُبِ مُصطَلحِ الحديثِ المُفْتِينَ في الصَّحابةِ أقَلَّ مِن عشَرةٍ الشرح: وهذه الدرجة لا يصلها أي إنسان حتى إن بعض علماء الحديث المفتون أي المجتهدون في الصحابة عشرة في الماضي ما كان يقال مفتي إلا لمن كان مجتهدًا مفتي وعالم وفقيه هذه الألفاظ الثلاثة في الماضي أيام السلف كانت تطلق على من وصل إلى رتبة الاجتهاد أما من لم يصل إلى رتبة الاجتهاد لو كان عنده علم باللغة العربية لو كان جمع علومًا مختلفة لكن إذا لم يصل إلى رتبة الاجتهاد ما كانوا يسمونه عالما ولا فقيهًا ولا يسمونه مفتيًا أما في أيامنا أحيانًا الجاهل يطلقون عليه مثل هذه الألفاظ الله يرحمنا. قال المؤلف: وقد عَدَّ عُلَمَاءُ الحَديثِ الذين ألَّفُوا في كتُبِ مُصطَلحِ الحديثِ المُفْتِينَ في الصَّحابةِ أقَلَّ مِن عشَرةٍ الشرح: بعض العلماء قال المفتون الذين بلغوا درجة الاجتهاد في الصحابة لا يصلون إلى عشرة أقل من عشرة قال المؤلف: وبعضهم قِيلَ نحو سِتّةٍ، الشرح: بعضهم قال ستة فقط في الصحابة ستة فقط وصلوا إلى درجة الاجتهاد قال المؤلف: وقالَ بعضُ العلماءِ نحو مائتينِ منهم بَلَغَ رُتْبَةَ الاجتهادِ، الشرح: وبعض العلماء قال نحو مائتين بلغ رتبة الاجتهاد قال المؤلف: وهذا القولُ هو الأصَحُّ. الشرح: هذا الثاني هو الأصح أن المجتهدين في الصحابة كانوا نحو مائتين لكن هذا في الصحابة الذين سمعوا من النبي عليه الصلاة والسلام العدد كان نحو ذلك كيف يكون الحال فيمن بعدهم قال المؤلف: فإذا كانَ الأمرُ في الصَّحابَةِ هكذا فمِن أينَ يصحُّ لِكُلّ مسلمٍ يستطيعُ أن يقرأَ القرءانَ ويطالعَ في بعضِ الكتبِ أن يقولَ أولئكَ رجالٌ ونحنُ رجالٌ فليسَ علينا أن نقلّدَهُم، الشرح: إذا كان الأمر كذلك إذًا كيف يجوز لبعض الناس الذي هو وقرأ القرءان وطالع كتابًا أو كتابين عنده مكتبة كيف يجوز له أن يقول أولئك المجتهدون الشافعي أحمد أبو حنيفة مالك الأوزاعي ومن كان نحوهم هم رجال ونحن رجال لماذا علينا أن نتبعهم أنا اجتهد كما اجتهدوا هم هذا مثل الذي يقول أنا عندي كتب الطب في بيتي عندي مكتبة فيها كتب الطب فأستطيع أن أداوي فيها الناس ليس الأمر كذلك قال المؤلف: وقَدْ ثبتَ أنّ أكْثرَ السَّلَفِ كانوا غير مجتهدينَ الشرح: بل أكثر السلف لم يكونوا مجتهدين الصحابة والتابعون واتباع التابعين أكثرهم ما كان وصل إلى رتبة الاجتهاد إنما مع سعة علومهم كانوا يرجعون إلى المجتهدين ليسألوهم ويأخذوا بإجتهادهم ثم يأتي في أيامنا إنسان لا يعرف اللغة العربية ولا نشأ عليها ولا تعلمها على الوجه الذي تعلمه اولئك حتى لا نذكر غير ذلك من العلوم وبعضهم أحيانًا لا يعرف اللغة العربية بالمرة ولا يتكلمها فيقول هم رجال ونحن رجال انا لا أتبعهم عجيب بعض العلماء قال: لا تحسبن العلم كتبًا لديك منها الكثير لا تحسبن بهـــــــــــــــــــذا يومًا فقيهًا تصير فلدجاجة ريـــــــــــــــش لكنها لا تطير قال المؤلف: وقَدْ ثبتَ أنّ أكْثرَ السَّلَفِ كانوا غير مجتهدينَ بلْ كانوا مُقلّدِينَ للمجتهدينَ فيهم، الشرح: كانوا يقلدون المجتهدين الذين بينهم قال المؤلف: ففي صحيحِ البُخاريّ أن رجلا كان أجِيرًا لرجل الشرح: رجل كان أجيرًا يعمل عند رجل آخر قال المؤلف: فزنى بامرأَتِه الشرح: الأجير زنى بأمرأة المستأجر قال المؤلف: فسألَ أبوه فقيلَ له إنَّ على ابنِكَ مائة شاةٍ وأَمَة الشرح: أبوه أبو الأجير سأل ماذا على ابني فقال له بعض الناس الجهال قالوا له على ابنك أن يدفع مائة شاة وأمة لزوج هذه المرأة التي زنى بها قال المؤلف: ثمّ سألَ أهلَ العِلْم فقالوا له إنّ على ابنِك جَلْدَ مائةٍ وتغريبَ عامٍ، الشرح: ثم سأل أهل العلم قالوا الذي على ابنك أنه يجلده الحاكم مائة جلده ويبعده على البلد عامًا ينفيه عامًا قال المؤلف: فَجَاءَ إلى الرسولِ صلى الله عليه وسلم مع زوجِ المرأةِ الشرح: جاء هو وزوج المرأة إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال المؤلف: فقالَ يا رسولَ الله إنّ ابني هذا كان عَسِيفًا على هذا الشرح: عسيفًا عليه يعني أجيرًا عنده قال المؤلف: قال وزَنَى بامرأتِهِ فقالَ لي ناسٌ على ابنكَ الرجمُ الشرح: يقول بعض الناس قال لي ابنك عليه أن يُرجم لكن تفديه ففديته بدل الرجم قلت لزوج المرأة بدل أن يُرجم ابني أعطيك كذا وكذا قال المؤلف: ففديتُ ابني منهُ بمائةٍ مِنَ الغنمِ ووليدةٍ، الشرح: وليدة يعني أمة أعطاه أمة قال المؤلف: قال ثم سألتُ أهلَ العِلمِ فقالوا: إنما على ابنك جلدُ مائة وتغريبُ عام، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لأقضِيَنَّ بينكُمَا بكتابِ الله، الشرح: سأقضي بينكما على حسب القرءان على حسب كتاب الله قال المؤلف: أمَّا الولِيْدَةُ والغَنَمُ فرَدٌّ عليهِ، الشرح: أنت كنت أعطيته غنمًا وأمة هذا يُرجع إليك قال المؤلف: وعلى ابْنِكَ جَلْدُ مائةٍ وتغريبُ عامٍ" . الشرح: ويعاقب ولدك بجلد مائة وتغريب سنة قال المؤلف: فهذا الرجلُ معَ كونِهِ مِنَ الصَّحابةِ سألَ أناسًا مِنَ الصَّحابةِ فأخطأوا الصوابَ ثم سأَلَ علماءَ منهم ثمّ أفْتَاهُ الرسولُ بما يوافِقُ ما قالَهُ أولئكَ العلماءُ، الشرح: يعني هذا في في أيام الصحابة هذا يدل ليس كل واحد من الصحابة كان في تلك الدرجة العالية من العلم إذا كان الأمر هكذا في أيام الصحابة كيف يتجرأ بعض الناس في أيامنا لم يأخذوا من العلم إلا شيئًا قليلا نذرًا يسيرًا فيقول نحن لا نريد أن نتبع الأئمة الأربعة لا نريد أن نتبع أي واحد هم رجال ونحن رجال كيف يتجرأون على هذا. قال المؤلف: فإذا كانَ الرسولُ أفهَمنا أنّ بعضَ مَنْ كانوا يسمعونَ منه الحديثَ ليس لهم فِقْهٌ. الشرح: أليس قال: رُبّ حال فقه لا فقه عنده قال المؤلف: ليس لهم فِقْهٌ. أي مَقْدِرَةٌ على استخراجِ الأحكامِ مِن حديثِهِ وإنما حَظُّهُمْ أن يَرْوُوا عنهُ ما سمِعُوهُ معَ كونهِم يفهَمُونَ اللغةَ العربيّةَ الفُصْحَى الشرح: مع كونهم كانوا يفهمون اللغة العربية الفصيحة في ذلك الزمان قال المؤلف: فما بالُ هَؤلاءِ الغوْغاءِ الذين يتجرَّءونَ على قولِ "أولئك رجالٌ ونحن رجالٌ"، الشرح: فكيف يتجرأ بعض الناس السخفاء أن يقولوا هم رجال ونحن رجال لا نتبعهم قال المؤلف: أولئكَ رجالٌ يعنونَ المجتهدينَ كالأئِمَّةِ الأربَعةِ. الشرح: وهذا الذي يقصدونه عندما يقولون هم رجال ونحن رجال يقصدون الأئمة الأربعة الأئمة المجتهدين يعني ماذا عندهم مما ليس عندنا هم رجال ونحن رجال لماذا نتبعهم وهذا غريب عندهم حفظ للكتاب عندهم معرفة بالسنة عندهم معرفة بالأسانيد عندهم معرفة باللغة عندهم معرفة بأقاويل والصحابة والنبي كيف فسروا القرءان عندهم معرفة بالعام والخاص والناسخ والمنسوخ والمطلق والمقيد والمجمل والمبين يعرفون النحو يعرفون الصرف يعرفون البلاغة يعرفون غير ذلك من الأمور مع شدة الذكاء والقريحة كل هذا بتوسع وهؤلاء ما عندهم عشر عشر عشر عشر عشر ما عند هؤلاء ثم يقولون هم رجال ونحن رجال نعم في الصورة اولئك رجال وهؤلاء رجال لكن في المعنى ... كبير وفرق شاسع كما في السماء والأرض قال المؤلف: وفي هذا المعنَى ما أخرَجَهُ أبو داودَ مِنْ قِصّةِ الرّجلِ الذي كانت برأسِهِ شَجَّةٌ الشرح: كان أُصيب في رأسه فشج رأسه فأجْنَبَ في ليلةٍ باردَةٍ الشرح: أفاق في ليلة باردة جنب قال المؤلف: فاستَفْتَى من معَهُ فقالُوا له اغتَسِل الشرح: استفتى بعض الناس الذين ما عندهم علم كاف قالوا له اغتسل ، قال المؤلف: فاغتسَلَ فماتَ الشرح: اغتسل فمات بسبب ذلك لأنهم قالوا له أن يغسل الموضع المصاب وكان بسبب شدة البرد في تلك الليلة لا يناسب ذلك ففعل اغتسل كما قالوا له فعل فعل أصيب مات بسبب ذلك قال المؤلف: فاغتسَلَ فماتَ فأُخبِرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ: "قتَلُوهُ قتلَهُمُ الله، الشرح: دعا عليهم النبي عليه الصلاة والسلام "قتلوه قتلهم الله" لأنهم أفتوا بغير علم قال المؤلف: قال: ألا سَأَلُوا إذْ لم يعلموا، الشرح: ألا سألوا المطلوب عليهم أن يسألوا إذا كانوا لا يعلمون لا أن يفتوا من عند أنفسهم قال المؤلف: قال: فإنّمَا شِفاءُ العِيّ السُّؤالُ" الشرح: الجاهل ينتفي يذهب جهله إذا سأل أهل العلم وهذا الذي كان ينبغي عليهم أن يفعلوه العي الجهل قال المؤلف: أي شِفَاءُ الجَهلِ السؤالُ أي سؤال أهل العلمِ الشرح: ومن هنا يعلم أنه لا يجوز أن يستفتي الإنسان أي شخص ليس لمجرد أن الإنسان حج بيت الله أو أن الإنسان يعرف أن يقرأ القرءان أو أن الإنسان يعرف أن يتكلم باللغة العربية الفصحى الفصيحة ليس لمجرد هذا يجوز استفتائه بل لابد أن يكون عنده علم كاف فيما يُستفتى فيه والمسئول هذا الذي يُستفتى ويُسئل ينبغي أن يكون عنده ورع كاف بحيث إنه إذا سئل عما لا يعلم يقول لا أعلم قال المؤلف: وقالَ عليه الصلاةُ والسلامُ "إنما كانَ يكفيهِ أن يتيممَ الشرح: كان يكفيه بدل أن يغسل هذا الموضع أن يتمم ويعصب على جرحه خرقة قال المؤلف: ويعصب على جُرحِهِ خرقةً ثم يمسحُ عليها الشرح: فلا يجعل الماء يصيب هذا الموضع يصعب خرقة يمسح على الخرقة قال المؤلف: ويَغسِلُ سائرَ جسدِهِ" الشرح: هكذا ويغسل باقي البدن قال المؤلف: الحديثُ رواهُ أبو داودَ وغيرُه فإنّه لو كانَ الاجتهادُ يصِحُّ مِنْ مُطلَقِ المسلمينَ (لو كان كل واحد يجوز له أن يجتهد) لَما ذمَّ رسولُ الله هؤلاءِ الذينَ أفْتَوهُ ولَيْسُوا من أهلِ الفَتْوَى. الشرح: ما كان النبي عليه الصلاة والسلام ذم هؤلاء الذين أفتوه من غير أن يكونوا أهلا لذلك ما كان قال: قتلوه قتلهم الله قال المؤلف: ثمّ وظيفةُ المجتهدِ التي هي خاصّةٌ لهُ القياسُ، الشرح: هذا أمر لا يجوز أن يقوم به إلا المجتهد وفي أيامنا ما أكثر من يقيس وليس أهلا للقياس وليس مجتهدًا الذي لا يحفظ ءايات الأحكام في القرءان كلها كيف يقيس يمكن يقيس قياسًا يكون مخالفًا لحكم الآية لحكم ءاية في القرءان لكن لأنه لا يحفظ الآيات لا يعرف إذا كان لا يحفظ الأحاديث كيف يأمن أن يخالف حديثًا من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام ثابتًا إذا كان لا يعرف الإجماع كيف يأمن أن يخرق الإجماع إذا كان لا يعرف اللغة العربية على وجهها معرفة قوية كيف يعرف معاني الآيات والأحاديث حتى يعرف أن يستنبط منها إلى آخره. وما هو القياس؟ القياس هو أن تحدث مسألة فينظر المجتهد فيها فلا يجد نصا صريحًا في الكتاب ولا في السنة ولا في اجماع المجتهدين قبله يبين حكمها إذا كان لا يوجد نص ماذا يفعل هذا المجتهد ينظر في الأحكام في المسائل في الحالات التي ورد فيها نص صريح في الكتاب والسنة فينظر هل هناك وجه شبه بين هذه المسئلة وبين المسئلة التي وردت في القرءان والسنة بحيث يُعرف أن حكمهما واحد فإذا وجد وجه الشبه وكان لا يوجد مانع يمنع من حمل هذه الحادثة الجديدة على الحادثة القديمة إذا كان لا يوجد مانع يمنع من ذلك وكان هناك هذا الشبه الذي هو العلة التي تجمع بينهما عند ذلك المجتهد يُعطي حكم الحادثة الجديدة نفس الحكم للحادثة القديمة التي ورد حكمها في الكتاب والسنة فهذا ليس شيئا هينًا هذا ليس شيئًا يقوم به أيّ كان إنما هذا لا يقوم به إلا العلماء الكبار الذين بلغوا تلك الرتبة العالية التي تشبه رتبة أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد هذه وظيفة خاصة بالمجتهد اليوم في أيامنا بعض الناس الذين ما عندهم من العلم شىء أحيانًا يكونون جهالا وأحيانًا يكون عندهم علم قليل لم يبلغوا ربع عشر ثلث أولئك الناس يتجرأون فيقيسون. النووي مع علو شأنه لم يكن يجتهد النووي كان يحفظ القرءان يحفظ الأحاديث يعرف أسانيد الأحاديث واسع المعرفة بلغة العرب وسع المعرفة بعلوم أُخرى بالأصول أصول الفقه واسع المعرفة بفقه المذهب الشافعي عنده إطلاع على المذاهب الأخرى ومع ذلك كان لا يتجرأ على الإجتهاد بل قال علماء المذهب الشافعي إن رتبة النووي تصل إلى الترجيح فقط إذا كان في المذهب قولان رأيان هو يستطيع أن يُرجح رأيًا على رأي فقط وليس له أن يقيس أو يجتهد. الإمام الرفاعي مع تلك الرتبة العالية التي كانت له قالوا أيضًا هو من أهل الترجيح فقط. الحافظ ابن حجر مع سعة العلم التي كانت عنده قالوا حتى رتبة الترجيح ما وصل إليها إنما حظه أن ينقل ما قال الذين قبله ليس هذا شيئًا سهلا كما يظن بعض الناس في أيامنا ليس كل إنسان يجوز له أن يجتهد ويقيس إنما هذا وظيفة المجتهدين القياس شىء خاص بالمجتهد. قال المؤلف: ثمّ وظيفةُ المجتهدِ التي هي خاصّةٌ لهُ القياسُ، أي أن يعتَبِرَ ما لَم يَرِدْ به نصٌّ بما وردَ فيهِ نصٌّ لشَبَهٍ بينَهُما. الشرح: هذا كما شرحناه ينظر في الحادثة التي لم يرد بحكمها نص صريح وينظر في الحوادث السابقة التي ورد فيها نص صريح فينظر هل هناك شبه بينها وبين حادثة سابقة بحيث تُحمل عليها ولا يكون هناك مانع من ذلك هذا هو القياس يحتاج إلى سعة فهم وسعة علم ودقة نظر وشدة ذكاء. قال المؤلف: فالحذرَ الحذرَ مِنَ الذينَ يحثّونَ أتباعَهُمْ على الاجتهادِ مَعَ كونِهِمْ وكونِ متبوعِيهِمْ بعيدينَ عَنْ هذِهِ الرتبةِ الشرح: بعض الناس يدعي الإجتهاد ويشجع من يتبعه على الاجتهاد وهم بعيدون جدًا عن هذه المرتبة. قال المؤلف: فهؤلاء يُخَرّبُونَ ويَدعونَ أَتباعَهُم إلى التخريبِ في أُمورِ الدّين. وشَبيهٌ بهؤلاءِ أُنَاسٌ تَعَوَّدُوا في مجالِسِهِمْ أن يُوَزّعوا على الحَاضِرينَ تفسيرَ ءايةٍ أو حديثٍ الشرح: تعودوا أن يوزعوا على الموجودين في المجلس يعطون مثلا كل واحد ورقة فيها تفسير ءاية أو تفسير حديث قال المؤلف: مَعَ أنهُ لم يسبق لَهُمْ تلقٍّ مُعْتَبَرٌ مِن أفواهِ العلماء. الشرح: مع أن هؤلاء ما جالسوا أمام العلماء وتلقوا من أفواههم العلم قال المؤلف: فهؤلاء المدعونَ شَذُّوا عَنْ علماءِ الأصولِ الشرح: هؤلاء شذوا عن علماء الأصول لأنهم يستخرجون الأحكام من هذه الأحاديث والآيات وهم ليسوا أهلا لذلك قال المؤلف: لأن علماءَ الأصولِ قالوا "القياسُ وظيفةُ المجتهدِ" الشرح: هكذا علماء الأصول قالوا بصراحة القياس ليس لأي كان القياس وظيفة المجتهد قال المؤلف: وخالفوا علماءَ الحديثِ أيضًا. الشرح: لأن علماء الحديث أيضًا قالوا مثل ذلك كل علماء الإسلام لا يختلفون في هذا قولهم واحد ان اللقياس وظيفة المجتهد ليس وظيفة الجاهل ولا القليل العلم بهذا نكون أنهينا الكلام على ما أراده المصنف رحمة الله ورضوانه وانتقلنا الان إلى الخاتمة إلى خاتمة الكتاب قال المؤلف: خُلاصَةُ ما مَضَى منَ الأبْحاثِ أنّ مَن عَرَفَ الله ورسولَهُ ونطَقَ بالشَّهادَةِ ولو مرّةً في العمُرِ ورضِيَ بذلك اعتقادًا فهوَ مسلمٌ مؤمنٌ. الشرح: الذي عرف الله والرسول وبعد أن عرف الله والرسول ونطق بالشهادتين ولو مرة في عمره صار بهذا مسلم هذا مسلم مؤمن قال المؤلف: ومَن عَرفَ ونطَقَ ولم يعتقدْ فليسَ بمسلمٍ ولا بمؤمنٍ عندَ الله، الشرح: أما من نطق بالشهادتين وفي قلبه هو يكره الإسلام ولا يعتقده هذا ليس عند الله تعالى مسلمًا ولا مؤمنًا وإن كنّا نحن نعامله معاملة المسلم أخذًا بالظاهر قال المؤلف: وأمّا عندنا فهو مسلمٌ لخَفاءِ باطِنه علينا، الشرح: لا نعلم ما في قلبه قال المؤلف: وإن كان يتظاهرُ بالإسلامِ ويكرَهُ الإسلامَ باطنًا الشرح: لو كان كذلك نحن لا نعرف ما في باطنه قال المؤلف: أو يترَدَّدُ في قلبِهِ هل الإسلامُ صحيحٌ أم لا الشرح: أو كان يشك هل الإسلام صحيح أو لا قال المؤلف: فهو منافقٌ كافرٌ الشرح: هذا يقال له منافق يُظهر أنه مسلم وهو ليس مسلمًا في الحقيقة هو كافر وهو منافق قال المؤلف: هو داخلٌ في قولِ الله تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ(145)} [سورة النساء]، الشرح: نطقه بالشهادتين لا ينجيه في الآخرة لأن قلبه لا يوافق على ما قاله لسانه قال المؤلف: فهو والكافرُ المُعْلِنُ خالِدانِ في النَّارِ خلودًا أبدِيًّا. الشرح: الكافر المعلن والكافر الذي يخفي كفره ويظهر أنه مسلم كلاهما يخلد في نار جهنم نسأل الله أن نجينا منها قال المؤلف: وقولُ البَعْضِ يصِحُّ إيمانُ الكافِرِ بلا نُطقٍ مع التَّمكُّنِ قولٌ باطِلٌ. الشرح: سبق أن ذكرنا أن الكافر إذا أراد أن يدخل في الإسلام لابد أن يعتقد بقلبه وينطق بلسانه إذا اعتقد بقلبه ولم ينطق بلسانه يبقى كافرًا لو كان في قلبه اعتقد بالشهادتين لأن الإنسان حتى يصير مؤمنًا مسلمًا عند الله لابد بأن يجمع بين الأمرين الاعتقاد بالقلب والنطق باللسان القاضي عياض والنووي وغيرهما يقولان هذا إجماع لذلك ما قاله بعض من جاء بعد ذلك وهذا الذي قاله النووي وعياض هو الذي قاله الأئمة المجتهدون بل نقل بعض المجتهدين قبلهما الإجماع على ذلك إذا كان الأمر كذلك فما جاء به بعض الناس بعد هذا من قولهم إذا كان الإنسان كافرًا وصدّق بقلبه بالشهادتين لو لم ينطق بلسانه بهما عند الله يصير مؤمنًا عندنا نعتبره كافرًا لا نعلم ما في قلبه لكن عند الله هو مؤمن هذا القول باطل غير صحيح لا يلتفت إليه لأنه خارق للإجماع لا يتفق مع نصوص القرءان والحديث نصوص القرءان والحديث تدل على أنه لابد من أن يجمع مع الاعتقاد بالقلب النطق باللسان حتى يصير الكافر مسلمًا مؤمنًا عند الله تعالى فمن قال بخلاف ذلك فقد خالف الكتاب والسنة والإجماع فهو قول باطل لا يلتفت إليه قال المؤلف: وقالَ بعضُهم: "مَن نشأَ بينَ أبوَيْنِ مُسلِمَينِ يكفيهِ المعرفةُ والاعتقادُ لِصحّةِ إسلامِهِ وإيمانِهِ لَوْ لَمْ ينطِق بالمَرَّةِ". الشرح: هذا الذي قلناه فيمن كان كافرًا ثم صار مسلمًا أما من ولد بين أبوين مسلمين فهو منذ الولادة محكوم له بالإسلام تجري عليه أحكام الإسلام بالتبعية لوالده يتبع والده المسلم الوالد يشمل الأب والأم بما أن أباه مسلم أو وأُمه مسلمة تجري عليه أحكام الإسلام يحكم له بالإسلام فهذا إذا نشأ كبر محكوم له بالإسلام صار يفهم وهو غلام محكوم له بالإسلام في قلبه اعتقد عقيدة الإسلام صار عنده فهم أخذ عقيدة الإسلام من أهله محكوم له بالإسلام بعد ذلك بلغ يبقى محكومًا له بالإسلام لو لم ينطق بالشهادتين لأن البلوغ ليس كفرًا هو كان مسلم ثم بلغ لو لم ينطق بالشهادتين يبقى محكومًا له بالإسلام لأنه أصلا حكم له بالإسلام تبعًا لوالده لكن ليس معنى ذلك أنه لا يجب عليه أن ينطق بالشهادتين فرض عليه أن يتشهد لكن إذا لم يتشهد يكون مسلمًا آثمًا عاصي قال المؤلف: أمّا مَن صحَّ له أصلُ الإيمانِ والإسلامِ ولَو لَمْ يَقُم بأداءِ الفرائضِ العَمَليّةِ كالصَّلواتِ الخمسِ وصيامِ رمضانَ الشرح: لو لم يؤد الفرائض العملية مثل الصلاة والصيام قال المؤلف: ولم يجتنب المحرَّماتِ الشرح: ووقع في معاص كثيرة في محرمات كثيرة لكنه مات على الإيمان ما كفر قال المؤلف: إلى أنْ ماتَ وهو على هذه الحالِ قبلَ أن يتوبَ الشرح: ما تاب ما كفر وما تاب من تلك الكبائر التي فعلها قال المؤلف: فقدْ نَجا مِنَ الخلودِ الأبدي في النَّارِ الشرح: فهذا لا يخلد في نار جهنم لأنه أدى على الأقل فرض الإيمان أدى أعظم فرض فرضه الله على العبيد الذي هو توحيده تعالى وأجتنب أكبر ذنب يقع فيه الإنسان وهو الكفر به عزّ وجلّ والعياذ بالله تعالى قال المؤلف: ثمَّ قسمٌ منهمْ يُسامِحُهُم الله الشرح: هؤلاء الذين يرتكبون الكبائر ماتوا قبل التوبة قسم يسامحهم الله قال المؤلف: ثمَّ قسمٌ منهمْ يُسامِحُهُم الله ويُدخِلهُم الجنةَ بلا عذابٍ الشرح: بفضله ورحمته سبحانه قال المؤلف: وقِسمٌ منهُمْ يعذّبُهم ثمّ يُخرِجُهُم ويدخِلُهُم الجنّةَ، الشرح: وقسم لا يسامحهم الله بل يعذبون في النار وهؤلاء قسمان قسم بعد أن يُعذبوا مدة ويشفع لهم الشافعين فيخرجون قبل أن تمضي المدة التي يستحقونها وقسم يبقون في العذاب إلى أن تمضي المدة التي يستحقونها لا يشفع لهم أحد ثم يخرجوهم الله يأتي يوم يقول الكفار الذين في النار أنتم الذين آمنتم أيها المؤمنون ماذا نفعكم إيمانكم أنتم معنا عندما يقولون ذلك يُخرج الله المؤمنين الذين يعذبون في النار منها فيزداد الكفار حسرة على حسرة تقتل لو كان هناك موت في الآخرة لكن لا موت فيها يبقون في النار معذبين إلى ما لا نهاية له نسأل الله أن يحفظنا من ذلك قال المؤلف: والله أعْلَمُ بمَن يسامِحُهُ ومَن لا يسامِحُهُ. الشرح: ولا نعرف من الذي يسامحه الله ومن لا يسامحه هو اعلم قال المؤلف: وأمّا مَن ماتَ بعدَ أن تابَ فأدَّى جميعَ ما افترضَ الله عليهِ واجتنبَ المُحرَّماتِ فهو كأنّهُ لم يُذْنِبْ الشرح: أما الذي كان أذنب ثم تاب ثم ثبت على هذه التوبة ما رجع إلى المعاصي التي فعلها فأدى الواجبات واجتنب المحرمات واجتنب الكبائر هذا كأنه ما أذنب قبل لأن التوبة تمحو الحوبة قال المؤلف: لقولِه صلى الله عليه وسلم"التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كمَن لا ذنْبَ لهُ" الشرح: كأنه ما أذنب قال المؤلف: حديثٌ صحيحٌ رواهُ ابنُ ماجَه عن ابنِ مَسعُودٍ. وفي صحيح البُخاريّ أنّ رجلا قالَ يا رسولَ الله أُسْلِمُ أو أقاتلُ؟ قال "أسلِمْ ثمّ قَاتِل"، الشرح: كان هذا الرجل ذهب مع قومه من المسلمين إلى القاتل حمية تحمس لأن قومه مسلمون فذهب معهم ليقاتل ولم يكن هو مسلمًا ثم قبل نشوب القتال الله غيّر قلبه غيّر ما في قلبه فقال يا رسول الله أُسلم أم أُقاتل أنا لست مسلمًا أدخل في الإسلام أو أُقاتل قال المؤلف: قال "أسلِمْ ثمّ قَاتِل" الشرح: قال له عليه الصلاة والسلام أسلم أدخل في الإسلام ثم قاتل قال المؤلف: فأسلم فقاتل فقتل الشرح: أسلم قاتل قتل ما صلى لله فرضًا واحدًا أسلم ثم باشر القتال فقُتل في تلك المعركة شهيدًا قال المؤلف: فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "عَمِلَ قليلا وأُجِرَ كثيرًا"، الشرح: العمل الذي عمله قليل لكن الأجر الذي حصّله كثير حصّل أجر الشهادة بعد أن كان الإسلام أذهب ذنوبها كلها قال المؤلف: أي لأنّه نالَ الشّهادةَ بعدَ أن هدَمَ الإسْلامُ كلَّ ذنبٍ قدَّمَهُ فالفَضْلُ للإسلامِ لأنّه لو لم يُسْلِم لم يَنْفَعْهُ أيُّ عمَلٍ يَعْمَلُهُ. الشرح: فينبغي على الواحد منّا أن يحافظ على إيمانه وإسلامه هذا أعظم نعمة أنعم الله تعالى بها على العبد نعمة الإيمان والإسلام قال المؤلف: وهذا الرجلُ كان التحقَ بالمجاهدينَ من أجلِ أن قومَه الذين هم مسلمون خرجوا من غيرِ أن يسلمَ ثم ألهمَهُ الله أن يَسألَ الرسولَ فسألَ فأرشدَهُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم إلى أن يُسلِمَ ثم يُقاتل. الشرح: كما بينّا فالإنسان إذا كان على الإسلام على الإيمان عمل قليل قد ينفعه ويأجره ويثيبه الله عليه ثوابًا عظيمًا أما إذا لم يكن على الإسلام فمهما عمل من الأعمال الحسنة فإن الله لا يُعطيه ذرة ثواب عليها قال المؤلف: خاتمةُ الخاتمةِ ليُفَكّر العاقلُ في قولِ الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [سورة ق] الشرح: كل قول يتكلمه الإنسان يكتبه الملكان رقيب وعتيد ليفكر الإنسان في هذا قبل أن يتكلم ليزن كلامه لينظر هل هذا الكلام الذي يريد أن يقوله هل هذا الكلام الذي خطر بباله أن يقوله موافق لشريعة أو غير موافق لشريعة إذا كان غير موافق لشريعة يرده لا يقبله ولا يتكلم به إذا فيه خير يتكلم به هكذا ينبغي أن يفعل الإنسان قال المؤلف: فإنَّ مَن فَكَّرَ في ذلكَ علِمَ أنَّ كلَّ ما يتكلَّمُ به في الجِدّ أو الهَزْلِ أو في حالِ الرّضَى أو الغَضَبِ يسَجّلُهُ المَلكانِ، الشرح: لأن الله قال:{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ} قول نكرة قبلها نفي والنكرة إذا جاءت في سياق النفي أفادت العموم فهذا يدل على أن كل أقواله يكتبها الملكان في حال الجد وفي حال الهزل في حال الرضى وفي حال الغضب في كل الأحوال يكتب الملكان ما يقوله الإنسان قال المؤلف: فهَلْ يَسُرُّ العاقلَ أن يَرى في كتابِه حينَ يُعْرَضُ عليه في القيامةِ هذِه الكلماتِ الخبيثةَ؟ الشرح: الكلمات الخبيثة التي ذكرها المصنف رحمه الله وحذّر منها في كتابه هذا قال المؤلف: بل يسُوؤُه ذلكَ ويُحزِنُه حينَ لا ينفَعُ النَّدمُ الشرح: نعم بل هذا يسوؤه ويحزنه لكن إذا حزن في الاخرة وندم بعد أن لم يعمل في الدنيا المناسب لا ينفعه ندمه في الاخرة الندم ينفع في الدنيا الدنيا دار العمل أما الاخرة دار الجزاء قال المؤلف: فلْيَعْتَنِ بحِفْظِ لسانِه مِنَ الكلامِ بما يَسُوؤُه إذا عُرِضَ عليه في الآخرةِ. الشرح: لذلك ينبغي أن يعتني الإنسان بحفظ لسانه مما يسوؤه من الكلام الذي لا يسره بل بحزنه إذا عُرض عليه في الآخرة والطريق إلى ذلك أمران أن يتعلم وأن يعمل بما تعلم لأنه إذا لم يتعلم لا يفرق بين الصحيح والباطل لا يفرق بين الحسن والقبيح التفرقة بين الحسن والقبيح لا يستقل بها العقل عقولنا لا تستقل بذلك إذا اعتمدنا فقد على عقولنا عقولنا لا تستطيع أن تدلنا ما هو الحسن وما هو القبيح بل لابد في ذلك من اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا الاتباع لرسول عليه الصلاة والسلام لا يحصل إلا بالتعلم كيف يتبع الإنسان رسول الله عليه الصلاة والسلام ينام يعني في المنام يرى هذا شىء حسن وهذا قبيح أو يتبع ما يخطر له من خواطر وما يهجس في باله من هواجس لأ، إنما النجاة بإتباع ما جاء به نبي الله عليه الصلاة والسلام وإتباع ما جاء به عليه الصلاة والسلام لا يمكن إلا بعد معرفته ومعرفته تكون بتعلم شرعه الذي جاء به وهذا التعلم يكون بالجلوس بين أيدي أهل العلم وأخذه من أفواههم أهل العلم الثقات العارفين وبالسؤال عما لا يعلم والاستفسار عما لا يفهم هكذا يُحصّل الإنسان العلم إذا حصّل القدر الذي يجب عليه تعلمه من علم الدين عند ذلك عليه أن يعمل به هذا هو الأمر الثاني أن يطبق ما تعلم ليس أن يتعلم ثم يترك ما تعلم خلف ظهره ويتصرف بخلافه بل لابد أن يكون تصرفه مبنيًا على ما تعلمه أن لا يدخل في أمر حتى يعلم ما أحل الله تعالى منه وما حرم قبل أن يقدم على أي شىء قبل أن يصلي يتعلم كيف تكون الصلاة صحيحة قبل أن يتوضأ يتعلم كيف يكون الوضوء صحيحًا قبل أن يحج يتعلم كيف يكون الحج صحيحًا قبل أن يصوم يتعلم كيف يكون الصيام صحيحا قبل أن يشتري يتعلم كيف يكون شراء هذا الأمر صحيحًا قبل أن يبيع كذلك قبل أن يعقد عقد إجارة كذلك قبل أن يدخل في شركة كذلك قبل أن يتعامل مع أهل بيته يتعلم ما الذي ينبغي وما الذي لا ينبغي ما هي الحقوق التي لغيره عليه وماذا له على غيره من الحقوق إذا لم يتعلم كيف وجه الشرع إلى تربية أولاده كيف يعرف أن يربيهم على ما ينبغي إذا لم يعرف ما هي حقوقه على زوجه وما حقوق زوجه عليه كيف يتصرف مع زوجه كما ينبغي إذا كان معلم يعلم إذا لم يتعلم ما الذي عليه تُجاه التلميذ وما الذي على التلميذ تجاهه كيف يتصرفان أحدهما مع الآخر على ما ينبغي وهكذا في سائر الأمور لابد أن يتعلم الإنسان شجرة نبتت وذهب أغصانها فوق أرض الجار ما الحكم؟ كل هذا لابد أن يتعلمه قبل أن يدخل فيه قبل أن يدخل في خصام مع الجار لابد أن يعرف ما هو حكم الشرع في ذلك وأن يلتزم بحكم الشرع في هذ الأمر قبل أن يخاصم إنسانًا في بيت هو له أو للآخر لابد أن يعرف ما هو حكم الشرع في هذا البيت قبل أن يفعل قبل أن يطلق زوجته إذا أراد أن يطلقها لابد أن يعرف كيف يكون الطلاق حتى يفعله قبل أن يقع في معصية الله تبارك وتعالى وماذا يترتب عليه بعد الطلاق لها وهي لابد أن تعرف ماذا عليها إذا طلقها زوجها كل هذه الأمور وأمثالها كثير لا ينبغي أن يدخل فيه الإنسان قبل أن يتعلم ما أوجب الله عليه تعلمه إذا أراد أن يعطي أولاده مالا ليشتروا لابد أن يتعلم يصح منهم الشراء أو لا يصح إذا أراد أن يعطي إنسانا شيئًا يوصله إذا أعطاه إنسان أمانة لابد أن يتعلم كيف تحفظ الأمانة قبل أن يقبلها ويتعامل بشأنها على الوجه الذي لا يوافق عليه شرع الله تبارك وتعالى وهكذا الأمور كلها لا نجاة إلا بهذين الأمرين هذه طريق النجاة العلم والعمل نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل هذه الطريقة قال المؤلف: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "خَصْلَتانِ ما إنْ تجَمَّلَ الخلائِقُ بمِثْلِهما الشرح: وفوق هذا الذي قدمناه ختم المصنف رحمه الله بحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم النفع فقال هناك خصلتان ما أحسنهما ما أحسن أن يتحلى المؤمن بهما قال المؤلف: قال: حسْنُ الخلُقِ وطولُ الصَّمْتِ" رواهُ عبدُ الله بنُ محمّدٍ أبو بكرِ بن أبي الدُّنيا القُرَشيُّ في كتابِ الصَّمْتِ الشرح: الخصلة الأولى حسن الخلق والخصلة الثانية طول الصمت أما طول الصمت فلأنه ينجيه من مهالك كثيرة لأن أكثر خطايا الإنسان من لسانه فمن تعود طول السكوت وأن لا يتكلم إلا فيما يعنيه نجا من مهالك كثيرة يورده اللسان غيره والأمر الثاني حسن الخلق وحسن الخلق عبارة عن أمور منها الصبر على أذى الغير ومنها الإحسان إلى الغير أحسن إليك أو أساء إذا كان تحلى الإنسان بهذا الأمر الذي هو حُسن الخلق فإن هذا يرفعه درجات كبيرة ولو لم يكن كثير الصلاة كثير الصيام بل إن الإنسان الذي يكون كثير الصلاة كثير الصيام لكنه ليس متحليًا بحسن الخلق وكما قلنا حسن الخلق كف الأذى عن الغير وتحمل أذى الغير وبذل المعروف إلى الغير عرف لك أو لم يعرف إذا تحلى الإنسان بهذا الأمر ولم يكن كثير الصلاة ولا كثير الصيام كثير وكان هناك غيره ممن لم يتحل بهذا الخلق وهو كثير الصلاة كثير الصيام كثير الإقبال على الطاعة لكن ما أعطاه الله تعالى الخلق الحسن فإن هذا الإنسان الذي هو حسن الخلق مع قلة ما يصلي ويصوم من النوافل يكون في رتبة الإنسان الثاني يوم القيامة الذي له نفل كثير من الصلاة والصيام فلا ينبغي أن يفرط الإنسان بهذا الخلق العظيم بهذه الخصلة العظيمة تخيلوا أو تصوروا إذا كان الإنسان تعلم وعمل وأتقى الله وأكثر من الصمت وحسن خلقه ماذا تكون درجته عند الله يوم القيامة. وبهذا نكون بفضل الله ومنه وكرمه قد بلغنا نهاية كتاب الصراط المستقيم وهو من أنفع الكتب التي أُلفت في زماننا لبيان عقيدة الإسلام وما يُنجي الإنسان في الآخرة جزى الله تعالى مؤلفه الجزاء الحسن وأعلى مرتبته في الجنة وجمعنا به في الفردوس الأعلى وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. اللهم أحسن ختامنا اللهم توفانا وأنت راض عنّا اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات اللهم اغفر لمشايخنا ولمن له علينا حق من المسلمين والحمد لله والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم. انتهى الكتاب وسبحان الله، والحمدُ لله ربّ العالمينَ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمدٍ الأمينِ، وءالهِ وأصحابِهِ الطيبين.