سورة الجمعة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}
الملك: أي أن الله موصوف بتمام الملك ومُلكه أزلي أبدي
وأما المُلك الذي يعطيه للعبد في الدنيا فهو حادث يزول
الْقُدُّوسِ المنزه عما لا يليق به كالشريك والولد والمكان والزمان والضعف والعجْز
الْعَزِيزِ: أي القوي الذي لا يُغلب
الْحَكِيمِ:أي المحكِم لخلق الأشياء كما شاء
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
هُوَ الله عزَّ وجلَّ الَّذِي بَعَثَ أي أرسل فِي الْأُمِّيِّينَ أي في العرب
لأن أكثرهم لا يقرأون ولا يكتبون ولذلك سمُّوا أميين تغليبًا
والأميُّ هو الذي لا يقرأ ولا يكتب
والاقتصار هنا في المبعوث إليهم على الأميين لا ينافي أنه مرسل إلى غيرهم
لأن ذلك مستفاد من دليل ءاخر
كقوله تعالى:{لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} وقولِه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}
الله عزَّ وجلَّ الَّذِي أرسل فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ وهو محمد ﷺ
أرسله الله من جملتهم أميّا مثلَهم
وهو من جنسهم ونسبهم يعرفون نسبه وأحواله
وكونُه بهذه الصفة أي أميًّا أبعدُ من توهمِ الاستعانة بالكتابةِ على ما أتى به من الوحي والحكمة
فأرسل الله محمدا يتلو عليهم القرءان و يطهرهم من دنَس الكفر والذنوب أي يحملهم على ما يصيرون به أزكياء من حيث العقائد ويعلمهم كتاب الله وهو القرءان وما فيه من أمر ونهي ويعلمهم الحكمة أي السنة
وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ: أي وإنهم كانوا قبل إرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم لفي ضلال بيّن ظاهر وهو الشرك وخبثُ الجاهلية.
{وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
أي يُعَلِّمُهُم ويُعَلِّمُ ءاخرين من المؤمنين لم يكونوا في زمانهم وسيجيئون بعدهم
لأن التعليم إذا تَناسق إلى ءاخر الزمان كان كلُه مستندًا إلى أولِه فكأنه عليه الصلاة والسلام هو الذي تولى كلَ ما وجد من هذا التعليم
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال كنا جلوسًا عند النبي ﷺ فأُنزلت عليه سورة الجمعة
{وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
قال: «قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعْه حتى سأل ثلاثًا،
وفينا سلمان الفارسي، وضع رسول الله ﷺ يده على سلمان ثم قال: «لو كان الإيمان عند الثُريا لناله رجال – أو رجل – من هؤلاء» اهـ .
{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}الإسلام والهدى فضل الله {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} تفضلاً وعطية
{وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} والله ذو الفضل العظيم على خلقه حيث أرسل إليهم محمدًا ﷺ.