fbpx

3 :تفسير جزء قد سمع – الحلقة

شارك هذا الدرس مع أحبائك

ولما نهى الله تعالى المؤمنين عما هو سبب للتباغض والتنافر أمرهم بما هو سبب للتوادّ والتقارب، فقال عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي المَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ} إذا قيل لكم تفسحوا أي توسعوا في المجالس فوسعوا يوسعِ الله لكم في كل ما يبتغي الناس الفسحة فيه من المكان والرزق والصدر والقبر وغيرِ ذلك وكانوا يتضامون في مجلس رسول الله تنافسا على القرب منه وحرصا على استماع كلامه فأمروا أن يُفسح بعضهم لبعض، والظاهر أن الحكم مطرد في المجالس التي للطاعات وإن كان السببُ مجلسَ الرسول. {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} أي إذا قيل ارتفعوا عن مواضعكم حتى توسعوا لإخوانكم فارتفعوا، إذا قيل لكم انهضوا للتوسعة على المقبلين فانهضوا إذا قيل لكم انهضوا إلى الصلاة وأعمال الخير فانهضوا {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ} {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ} أي مع إيمانهم عملوا بطاعة الله ورسوله وامتثلوا أوامره ويرفع المؤمنين الذين أوتوا العلم أي علم أهل الحق مع العمل به {دَرَجَاتٍ}في الثواب والمنزلة في الجنة {وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} لا يخفى عليه المطيع منكم من العاصي، وهو مجاز جميعَكم بعمله، المحسنَ بإحسانه والمسيءَ بالذي هو أهله أو يعفو. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} أي إذا ساررتم الرسول وتحدثتم معه فقدموا قبل المناجاة صدقة تتصدقون بها على أهل المسكنة والحاجة، {ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ} تقديم الصدقة على المناجاة خيرٌ لكم لما فيه من طاعة الله وطاعة رسوله ﷺ وأطهرُ لقلوبكم لأن الصدقة طُهرة {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فإن لم تجدوا ما تتصدقون به قبل مناجاتكم رسولَ الله ﷺ فإن الله غفور رحيم أي في ترخيص المناجاة من غير صدقة إذ عفا الله عمن لم يجد، {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} أي أخِفْتُم وخشيتم الفاقة والفقر بتقديم الصدقة إذا أردتم مناجاة الرسول ﷺ، والإشفاق: الخوف من المكروه {َإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ} فإذ لم تفعلوا ما أمرتم به من تقديم الصدقة بين يدي نجواكم وتاب الله عليكم أي خفف عنكم وأزال عنكم المؤاخذة بترك تقديم الصدقة على المناجاة وهذه الآية هي التي نسخت الحكم السابق {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ} أي أدّوا فرائض الله التي أوجبها عليكم ولم يضعها عنكم من الصلاة والزكاة {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ} أي فيما أمرنا به ونهينا {وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} يعني محيط بأعمالكم ونياتكم وهو محصيها عليكم ليجازيكم بها.