fbpx

7 :تفسير جزء قد سمع – الحلقة

شارك هذا الدرس مع أحبائك

{وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} والمعنى ما ردَّه الله تعالى من أموال يهود بني النضير على رسوله لم يكن ذلك بإيجاف خيل أو ركاب منكم على ذلك والإيجاف في السير الإسراع والركاب الإبل التي تحمل القوم، والمراد أن المسلمين لم يقطعوا إلى قتال بني النضير مسافة ولا لقُوا مشقة شديدة ولا حربًا فإنها كانت من المدينة على ميلين فمشَوا إليها مشيًا ولم يركبوا إليها خيلاً ولا إبلاً إلا النبي ﷺ فإنه ركب جملاً وقيل حمارًا مخطومًا بليف فافتتحها صلحًا، فكان الأمر في أموال بني النضير مفوضا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم صرفها رسول الله ﷺ بين المهاجرين ولم يعط الأنصار إلا ثلاثة منهم لفقرهم وصرفها كذلك في وجوه البر ومصالح المسلمين فما خول الله رسوله من أموال بني النضير شئ لم تحصلوه بالقتال والغلبة {وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} من أعدائه فسلطه عليهم ومكنه منهم ومن أموالهم {وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} لا يعجزه شىء وهو الواحد القهار. الفيء لغة مأخوذ من فاء إذا رجع ثم استعمل في المال الراجع من الكفار إلى المسلمين وشرعا هو مال حصل للمسلمين من كفار بلا قتال ولا إيجاف خيل ولا إبل كمال تركه الكفار فزعا من المسلمين في غير حال القتال والأصل فيه هذه الآية: {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} ما أفاء الله على رسوله من أموال كفار أهل القرى فلله أي يأمر الله فيه بما يشاء يقسم مال الفيء على خمسة أخماس متساوية يصرف خمسه على النحو الآتي: سهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف بعده للمصالح سهم لذوي القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب سهم لليتامى وهم أطفال المسلمين الذين مات ءاباؤهم وهم فقراء لا مال لهم سهم للمساكين والفقراء سهم لابن السبيل وهو المنقطع عن ماله أي الذي ليس عنده مال في سفره كما قال الله تعالى: {وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} يصرف خمس الفيء عليهم ويعطى أربعة أخماسه للمقاتلة المرتزقة وهم الأجناد الذين عينهم الإمام للجهاد وأثبت أسماءهم في ديوان المرتزقة وسموا مرتزِقةً لأنهم طلبوا الرزق من الله تعالى بانقطاعهم عن عوالق الدنيا للجهاد في سبيل الله {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} الدولة اسم للشيء الذي يتداوله القوم بينهم فيقسم الفيء كما ذكر كي لا يكون الفيء دُولة بين الأغنياء يعني لئلا يتداوله الأغنياء بينهم فيغلبوا الفقراء عليه ولا يصرفوا إليهم شيئًا {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} هذا عام في كل ما أوامر رسول الله ونواهيه وأمر الفيء داخل في عمومه وما آتاكم الرسول من قسمة الفيء والغنيمة فاقبلوه وما نهاكم عن أخذه منها فانتهوا عنه ولا تطلبوه. فهذه الآية وإن كانت نزلت في حكم الفيء فهي محمولة على العموم فجميع أوامره ﷺ ونواهيه داخلة فيها {وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ} واتقوا الله أي في أوامره ونواهيه فلا تضيعوها إن الله شديد العقابلمن خالف ما أمر به. {لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} بين الله حال الفقراء المستحقين لمال الفيء أنهم المهاجرون الذين أخرجهم كفار مكة من ديارهم وأموالهم أي أحوجوهم إلى الخروج تركوا أوطانهم وأموالهم وتحمّلوا الضيق والتغرب في حب النبي ﷺ والإسلام ووصفهم بأنهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا أي يطلبون الجنة و رضا الله ووصفهم بأنهم ينصرون دين الله بأنفسهم وأموالهم ويجاهدون مع رسوله في سبيل الله {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} هم الصادقون في إيمانهم وجهادهم قولا وفعلاً.