fbpx

تفسير جزء الذاريات – الطور – الحلقة: 14

شارك هذا الدرس مع أحبائك

بسم الله الرحمن الرحيـم الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمّد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. سنكمل إن شاء الله تعالى في تفسير سورة الطور. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ (44)} أنظروا في هذه الآية إلى شدة عناد هؤلاء الكفار وأن يروا كسفا من السماء الكسف القطعة العظيمة لقد بلغوا من العناد غاية ودرجة إلى أنهم لو رأوا قطعة كبيرة تنزل عليهم من السماء لتهلكهم سيقولون هذا سحاب مركوم إجتمع بعضه فوق بعض وسيمطرونا سينزل علينا المطر هذا من شدة عنادهم هم يعلمون أن هذه قطعة تنزل عليهم لهالكهم لو أُنزل عليهم هذا من شدة عنادهم سيقولون هذا سحاب مركوم كما قال الله عزّ وجلّ:{ وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء سَاقِطًا (أي ساقطًا عليهم) يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ }. {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45} ذرهم يا محمد وهذا تهديد لهم فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يُصعقون فيه يُهلكون نسأل الله السلامة. {يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ (46)} يوم القيامة في يوم القيامة لا يغني عنهم كيدهم شيئًا يُجمع الكفار جميعًا يوم القيامة كما قال الله عزّ وجلّ:{ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ} ليس فقط كفار قريش لا إنما كل الكفار يجمعون معًا والشياطين كذلك كما قال الله عزّ وجلّ:{ فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} يُجمعون كما قال الله عزّ وجلّ:{ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ (38) فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39)} يقال لهم ذلك من باب التهكم بهم مع إجتماعهم وكثرتهم يوم القيامة لا يستطيعون أن يدفعوا شيئًا من العذاب عنهم فالله عزّ وجلّ قال: {يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ} ماذا سيُغني عنهم هذا الكيد الذي يكيدونه الآن في الدنيا {وَلا هُمْ يُنصَرُونَ} لا أحد ينصرونهم الله عزّ وجلّ قال في القرءان:{ مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ (25)} أي يقال لهم يوم القيامة مع إجتماعهم { مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ (25}بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ}. ثم قال الله عزّ وجلّ:{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (47)} وإن للذين ظلموا عذابًا دون ذلك عذابًا قبل عذاب جهنّم قبل يوم القيامة ما هو هذا العذاب من العلماء من قال المراد به ما حصل لهم يوم معركة بدر ومن العلماء من قال غير ذلك من أنواع العذاب التي قد تصيبهم قبل الموت أي في الدنيا ولكن أيضًا من العلماء من قال هذه الآية فيها دليل على عذاب القبر لأن الله عزّ وجلّ ماذا قال:{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ} قالوا هذا ليس خاصًا فقط بما حصل للمشركين في معركة بدر فالآية: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ} أي إن للكفار عذابًا قبل عذاب يوم القيامة وهو عذاب القبر {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}. ثم قال الله عزّ وجلّ:{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنِّكَ بِأَعْيُنِنَا} واصبر يا محمد لحكم الله لحكم ربّك فإنّك بأعيننا أي بحفظنا هنا كلمة أعيننا المراد بها الحفظ الله سبحانه وتعالى منزه عن صفات المخلوقين لا يوصف الله عزّ وجلّ بأي صفة من صفات من المخلوقين انظروا معي في قول الله عزّ وجلّ:{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ} بماذا وصفهم الله عزّ وجلّ وصفهم بأنهم ماذا أولي الأيدي والأبصار {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ} الأيدي هنا تفسر بالقوة أي هم أصحاب قوة في الدين والأبصار المراد بها هنا الحكمة بصر القلب فلا يفسر هنا لفظ الأيدي بالجوارح مع أنهم متصفون باليد بمعنى الجارحة ولا تفسر كلمة الأبصار هنا بالنظر بالحدقة مع أنهم يبصرون بالحدقة هذا في حق من هو موصوف بالجوارح هذه اليد يقال لها جارحة من كلمة جرح وجرح معناه كسب لأن الإنسان يكسب بها لذلك تُسمى جارحة فالله سبحانه وتعالى منزه عن صفات المخلوقين فإذا كان ورد لفظ الأيدي والأبصار في حق إبراهيم وإسحاق ويعقوب وهم متصفون بالجوارح ولم يُفهم منه في هذه الآية {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ} لم يُفهم من الأيدي والأبصار الجوارح أبدًا فكيف فهمت المشبهة من هذا اللفظ الذي هنا في قول الله عزّ وجلّ: {فَإِنِّكَ بِأَعْيُنِنَا} العين بمعنى الجارحة نعوذ بالله من التشبيه اللغة العربية واسعة هذه الكلمة هنا بأعيننا معناه بحفظنا إذا كان من هو متصف بالجوارح ووردت فيه كلمة الأيدي والأبصار في مقام المدح لم يُفهم منها الجوارح إنما كما قلنا الأيدي فسرت بالقوة في الدين والأبصار فُسرت بالحكمة فكيف إذا ورد مثل هذا اللفظ بأعيننا في حق الله عزّ وجلّ:{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنِّكَ بِأَعْيُنِنَا} أي بحفظنا. {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)} سبّح ربّك حامدًا إياه قل سبحان الله وبحمده حين تقوم. {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)} أيضًا سبحه في الليل وإدبار النجوم أي إذا غابت النجوم إذا أدبرت النجوم من آخر الليل. نسأل الله عزّ وجلّ أن يوفقنا جميعًا إلى ما يحب ويرضى. فإذًا هذه الآيات هنا التسبيح الذي ورد هنا من العلماء من حمله على لفظ سبحان وبحمده على التسبيح باللفظ ومن العلماء من حمل التسبيح هنا على الصلاة فقالوا الصلاة من الليل هي المغرب والعشاء وأما إدبار النجوم المراد بذلك صلاة الصبح والله أعلم وأحكم.