fbpx

تفسير جزء الذاريات – الذاريات – الحلقة: 6

شارك هذا الدرس مع أحبائك

بسم الله الرحمن الرحيـم الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلىءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} الله عزّ وجلّ والسماء بنيناها بأيد خلق الله عزّ وجلّ كل شىء وذكر الله عزّ وجل هنا السماء الله عزّ منزه عن صفات المخلوقين لا يوصف الله عزّ وجلّ بصفات المخلوقين الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شىء وهنا أريد أن أذكر أمرًا مهمًا جدًا الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} معناه ذا القوى في الدين هذا اللفظ الأيد ورد في حق داود عليه الصلاة والسلام {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} هذه الكلمة الأيد الأيد معناها القوة إذا أردنا أن ندعو الله عزّ وجلّ لإنسان أن يقويه ماذا نقول له أيدك الله ما معنى أيدك الله معناه قواك الله ففي اللغة العربية كلمة الأيد معناه القوة ففي الآية {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ} معناه ذا القوة في الدين فهذه الآية التي في سورة الذاريات {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} معناه بقوة معناه الله قادر على كل شىء لا يعجزه شىء خلقها الله بقدرته سبحانه وتعالى أوجدها الله بقدرته فمعنى بأيد أي بقوة {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} أي وإنّا لقادرون فالله سبحانه وتعالى لا يعجزه شىء {وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} سهل الله عزّ وجلّ للإنسان أن يعيش على هذه الأرض الله عزّ وجلّ قال:{أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا} فهذه الأرض يحفر الإنسان يزرع فيها يشق الطرقات فيها يبني فيها يدفن موتاه فيها من سهل له ذلك الله سبحانه وتعالى فنعم المهادون وقول الله عزّ وجلّ {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا} المهد هو في الأصل يطلق على السرر الموطأ الذي ينام عليه الطفل الصغير فالمراد بذلك أن الأرض ذللها الله عزّ وجلّ وسخرها للإنسان ليستطيع ليتمكن من العيش فيها كما ذكرنا نسأل الله عزّ وجلّ التوفيق ثم قال الله عزّ وجلّ:{وَمِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ومن كل شىء حي خلقنا زوجين أي ذكرًا أو أنثى كلمة زوج معناها الصنف كلمة الزوج معناها الصنف كما قال الله عزّ وجلّ: {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى} أي الصنفين فهنا قول الله عزّ وجلّ {وَمِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} أي من كل شىء حي خلقنا صنفين خلقنا ذكرًا وأنثى لعلكم تذكرون أي لكي تتعظوا لكي تتفكروا وتتدبروا وتتتعظوا من العلماء كالحسن البصري رحمه الله تعالى رحمة واسعة من فسرها هذه الآية { وَمِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } صار يعدد مثلا السماء والأرض البر والبحر الليل والنهار الشمس والقمر وهكذا عدد أشياء ثم قال الله عزّ وجلّ:{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} فروا من المعصية إلى الطاعة إلجأوا إلى الله والتزموا أوامر الله سبحانه وتعالى وانتهوا عما نهى الله عزّ وجلّ عنه مصلحة العبد أن يفر إلى الله أي أن يرجع إلى الإمتثال بما أمر الله سبحانه وتعالى {إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} {إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِير} أي أنذركم الإنذار هو التخويف بالعذاب { مُّبِينٌ} معناه أبن لكم الرسول صلى الله عليه وسلم كسائر الأنبياء يبينون الحق كما أمرهم الله سبحانه وتعالى الله سبحانه وتعالى علم الإنسان البيان فقال الله عزّ وجلّ {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْءانَ (2) خَلَقَ الإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} أحسن الناس بيانًا هم الأنبياء نعم هم ينذرون ويبشرون ينذرون من خالف بالعقاب ويبشرون من آمن بالنعيم والثواب وهم يبينون الحق يظهرونه واضحًا نسأل الله عزّ وجلّ أن يوفقنا جميعًا. ثم قال الله عزّ وجلّ: {وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءاخَرَ} لا تعبدوا غير الله لا احد يستحق أن يُعبد إلا الله لا إله إلا الله لا معبود بحق إلا الله{إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} لاحظوا كيف تكررت هذه الآية { إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } وهذا لتأكيد ثم قال الله عزّ وجلّ:{كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} أليس ذكرنا أن كفار قريش كانوا يقولون في ّحق الرسول صلى الله عليه وسلم إنه ساحر منهم من كان يقول إنه مجنون كان من قبلهم من الأمم الذين كذّبوا أنبيائهم من يقول مثل ذلك كذلك ما اتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ماذا قالوا له أيضًا قالوا له أيضًا قالوا له ساحر أو قالوا له مجنون أي قالوا له إنك ساحر إنك مجنون هل التقى كفار قريش بفرعون هل التقى كفار قريش بقوم نوح هل التقى هؤلاء بهؤلاء فأوصى بعضهم بعضًا أن يقولوا في حق من أُرسل إليهم إنه ساحر أومجنون لا ما التقوا لكن كيف اتفقوا على هذه الكلمة كيف اتفقوا كلهم أن يقولوا في حق من أُرسل إليهم ساحر أو مجنون السبب في ذلك الطغيان الذي اجتمعوا عليه الكفر الذي اجتمعوا عليه فالله عزّ وجلّ قال: {أَتَوَاصَوْا بِهِ} ءأوصى بعضهم بعضًا بهذا هل اجتمع أبو جهل مع فرعون وأوصى بعضهم بعضًا بأنه إن أُرسل إليهم رسول أن يقولوا ساحر أو مجنون لا {أَتَوَاصَوْا بِهِ} لا ما أوصى بعضهم بعضًا بذلك لأنهم ما التقوا أصلا {بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} بيّنا الله عزّ وجلّ علة اتفاقهم في هذا القول بأنهم قوم طاغون هم قوم اجتمعوا على الطغيان هم قوم متصفون بصفة وهي الطغيان الكفر مجاوزة الحد بالكفر والتكذيب والعياذ بالله فاتفقت أقوالهم بسبب إتفاق سوء حالهم نسأل الله السلامة. ثم قال الله عزّ وجلّ:{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ} أعرض عنهم يا محمد بعد أن بلغت وأمرتهم وما قصر الرسول صلى الله عليه وسلم في شىء من التبليغ فتول عنهم أعرض عنهم فما أنت بملوم أنت أديت ما أمرك الله عزّ جلّ به أنت لا تلام بعد ذلك إنما هم الذين يلومون على كفرهم وتكذيبهم ثم قال اللع عزّ وجل:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} ذكّر يا محمد عظّ يا محمد وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين تزيدهم علمًا تزيدهم إيمانًا تزيدهم نورًا وذكّر فإن الذّكرى تنفع المؤمنين. نسأل الله أن يوفقنا جميعًا إلى ما يحب ويرضى والله أعلم وأحكم