بسم الله الرحمن الرحيـم
الحمد لله ربّ العالمين صلى الله على سيدنا محمد
وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
سنتكلم إن شاء الله تعالى في تفسير سورة النجم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمـن الرحيم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)} هذا قسم من الله عزّ وجلّ الله عزّ وجلّ أقسم بالنجم فقال: {وَالنَّجْمِ} ما المراد بالنجم من العلماء من قال المراد هنا بالنجم هو الثُريا هي مجموعة من النجوم تُسمى الثُريا فقالوا أقسم الله عزّ وجلّ بها ومن العلماء من قال المراد بالنجم هنا جنس النجوم أي أقسم الله عزّ وجلّ بالنجوم ومعنى {إِذَا هَوَى} أي إذا غاب ومن العلماء من قال {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} قسم من الله عزّ وجلّ بالنجم أي بالنجوم إذا هوت إذا تساقطت يوم القيامة فإن هذه النجوم التي نراها الآن في يوم القيامة يذهب ضوئها كما قال الله عزّ وجلّ: { فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} أي ذُهب بنورها وتتساقط كما قال الله عزّ وجلّ:{وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ}. أي تساقطت.
إذًا هذا قسم من الله عزّ وجلّ {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} إذا هو يحتمل أن يكون المراد به إذا غاب ويحتمل أن يكون المراد به إذا سقط أي إذا تساقطت النجوم وذلك يوم القيامة.
جواب القسم: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ الخطاب لأهل مكة والمراد هنا بقول الله عزّ وجلّ صاحبكم محمد عليه الصلاة والسلام ما ضل صاحبكم عن الحق ما غوى محمد صلى الله عليه وسلم ما اعتقد اعتقادًا باطلا ما اتبع طريقًا باطلا عليه الصلاة والسلام هنا هذا جواب القسم بعد أن أقسم الله عزّ وجلّ بالنجم جوابه{مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ} الرسول صلى الله عليه وسلم حفظه الله عزّ وجلّ وعصمه الله عزّ وجلّ من كل أنواع الكفر لم يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أي نوع من أنواع الكفر كسائر الأنبياء معصومون من الكفر وكذلك الكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها لا يحصل منهم ذلك {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ}.
ثم قال الله عزّ وجلّ:{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)} معناه محمد عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى فيما يقوله كل ما يتكلم به من أمر الدين والشرع هو بوحي من الله سبحانه وتعالى ليس عن هوى نفس ليس كلامًا يقوله ينطق به عن هوى نفس بلا دليل لا إنما الله عزّ وجلّ هو الذي أوحى إليه القرءان الذي قرأه الرسول صلى الله عليه وسلم نزل به عليه جبريل عليه السلام فهذا بوحي من الله وكذلك الأحكام الشرعية التي يتكلم بها الرسول صلى الله عليه وسلم بوحي من الله ولو اجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم فإنه يكون موافقًا للوحي الذي أوحى الله عزّ وجلّ به إليه فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يُخطأ في الأحكام الشرعية { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4)} إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى إليه الله سبحانه وتعالى حفظ نبيه محمّدًا صلى الله عليه وسلم من أن يخطأ في أي حكم شرعي القرءان أوحى الله عزّ وجلّ به إليه الأحكام الشرعية السنة كان ينزل بها جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهناك أحكام لو اجتهد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا ينطق بها عن هوى نفس من غير دليل إنما ينطق بها عن علم وعن وحي فيكون ما قاله عليه الصلاة والسلام موافقًا لما أوحى الله عزّ وجلّ به إليه.
ثم قال الله عزّ وجلّ:{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)} أي علم محمّدًا شديد القوة من هو الذي وصفه الله عزّ وجلّ بأنه شديد القوة هو جبريل جبريل عليه السلام وصفه الله عزّ وجلّ بالقوة شَدِيدُ الْقُوَى من قوته رفع قرى قوم لوط عليه السلام من قوته صاح صيحة في قوم ثمود فماتوا جبريل عليه السلام الذي وصفه الله عزّ وجلّ في القرءان أيضًا بقوله ذِي قُوَّةٍ وصفه الله عزّ وجلّ بالقوة فقال: {ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}أي إن جبريل عليه السلام ذو قدرة ذو قوة على فعل ما أمره الله عزّ وجلّ به وما كلفه الله به وهو مكين أي ذو جاه ومنزلة كما وصفه الله عزّ وجلّ بقوله:{مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} أي تطيعه الملائكة َثَمَّ أي في السموات الملائكة تطيعه وهو أمين على الوحي فالله عزّ وجلّ: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} وهو جبريل.
ثم قال الله عزّ وجلّ: {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6} ذُو مِرَّةٍ هذا أيضًا وصف لجبريل عليه السلام من العلماء ذُو مِرَّةٍ أي ذو قوة أي هو قوي ومن العلماء من قال ذُو مِرَّةٍ أي ذو هيئة حسنة أي أن الخلقة التي جعل الله عزّ وجلّ عليها جبريل عليه السلام حسنة فاستوى أي استقام جبريل على صورته التي خلقه الله عليها حين رءاه النبي صلى الله عليه وسلم وهذا ما سنتكلم فيه إن شاء الله عزّ وجلّ في درسنا القادم والله اعلم وأحكم.