fbpx

تفسير جزء الذاريات – الذاريات – الحلقة: 2

شارك هذا الدرس مع أحبائك

شرح سورة الذاريات بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين سنكمل إن شاء الله تعالى في تفسير سورة الذّاريات. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} أخبرنا الله عزّ وجلّ بنعيم المتقين {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} أي هم المتقون يكونون في الجنات وتكون العيون. {ءاخِذِينَ مَا ءاتَاهُمْ رَبُّهُمْ} الله سبحانه وتعالى يُنعم على المؤمنين بالثواب العظيم ويجيزهم الجنة التي هي دار السلام وهم يدخلونها ءامنين مطمئنين متنعمين ناعمين إلى ما لا نهاية. الله سبحانه وتعالى قال: {ءاخِذِينَ مَا ءاتَاهُمْ رَبُّهُمْ} يأخذون ما يعطيهم الله عزّ وجلّ إياه راضين بذلك لا يوجد في الجنة إنسان يشعر بحسد أو حقد تُجاه أخيه المؤمن لا يوجد في الجنة أحد غير راض بما أعطاه الله عزّ وجلّ بل كلهم راضون فرحون مطمئنون. نسأل الله عزّ وجلّ أن يجمعنا جميعًا في الجنة. ثم ماذا قال الله عزّ وجلّ: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} إِنَّهُمْ أي إن هؤلاء المؤمنين كانوا قبل ذلك أي في الدنيا كانوا محسنين قد أحسنوا أعمالهم ثم وصف الله عزّ وجلّ إحسانهم فقال: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} أي كانوا ينامون وقتًا قليلا في الليل {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} يهجعون أي ينامون فكان نومهم قليل لأنهم كانوا يقيمون الليل بالصلاة والعبادات وقراءة القرءان والذكر وغير ذلك من طاعة الله. {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} ذكر الله عزّ وجلّ في وصف عبادة هؤلاء المتقين أنهم في وقت السحر قبل الفجر يستغفرون يشغلون أنفسهم بالإستغفار مع أنهم كانوا قبل ذلك ماذا يفعلون كانوا يقيمون الليل بالطاعة مع ذلك إذا جاء وقت السحر يستغفرون الله سبحانه وتعالى. {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} وفي أموال هؤلاء حق حق ثابت لسائل الذي يسأل ومن هو المحروم ذكر الله عزّ وجلّ السائل وذكر المحروم. السائل هو الفقير هو المحتاج الذي يسأل الناس حاجته المحروم هو محتاج أيضًا هو فقير أو مسكين لكنه لا يسأل لا يتكلم فلا يُعرف فيُحرم إذا اجتمع مال ليوزع على الفقراء والمساكين إذا كان هذا المسكين لا يتكلم إذا كان هو لا يذكر حاجته فلن يُعرف فيُحرم فلذلك قال الله عزّ وجلّ: { وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}. للمحتاج الذي يسأل والمحتاج الذي يتعفف عن السؤال. ثم قال الله عزّ وجلّ: { وَفِي الأَرْضِ ءايَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ} أُنظروا في الأرض كم جعل الله فيها من الآيات من العلامات الدالة على قدرة ووجود الله ووحدانية الله الله سبحانه وتعالى قال: { أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20} أنظر إلى الأرض أنظر إلى الوديان أنظر إلى الجبال أنظر إلى السهول إلى البحار إلى الأنهار إلى الأشجار إلى غير ذلك من الآيات التي جعلها الله عزّ وجلّ في هذه الأرض. وأنظر معي أيضًا إلى قول الله عزّ وجلّ {لِّلْمُوقِنِينَ} قال: { وَفِي الأَرْضِ ءايَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ} للمؤمنين للمصدقين الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض كما قال الله عزّ وجلّ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} نسأل الله عزّ وجلّ السلامة. ثم قال الله عزّ وجلّ: {وَفِي أَنفُسِكُمْ} أي جعل الله عزّ وجلّ أيضًا الآيات في أنفسكم في أنفسكم ءايات تدل على وجود الله وقدرة الله ووحدانية الله سبحانه وتعالى الله تعالى قال:{ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ} لو تفكر الواحد منّا فقط في هذه الأشياء التي جعلها الله عزّ وجلّ فينا العينان الشفتان اللسان وغير ذلك من الآيات التي نجدها في أنفسنا كلما تفكرنا وتدبرنا فقال الله عزّ وجلّ:{أَفَلا تُبْصِرُونَ} أفلا تتفكرون وتتعظون وتعتبرون. نسأل الله عزّ وجلّ أن يجعلنا من هؤلاء. ثم قال الله عزّ وجلّ: {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} الله سبحانه وتعالى قال:{وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ} المطر ينزل من السماء وهو سبب في الأرزاق والأقوات وخروج النبات وهو أي المطر لولاه كيف كان يعيش الإنسان في هذه الأرض وكيف كانت تعيش الدواب على هذه الأرض { وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } ما توعدونه من الأرزاق مكتوب أيضًا في اللوح المحفوظ وأما الجنة التي وُعد المتقون بها فإنها فوق السماء السابعة فهي منفصلة عنها لها أرضها المستقلة وسقفها هو العرش نسأل الله أن يجمعنا جميعًا في الجنة. ثم قال عزّ وجلّ:{ فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} أقسم الله عزّ وجلّ فقال:{ فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ} إن ما أخبر الله عزّ وجلّ به حق كائن لا محالة إن ما وعد الله عزّ وجلّ به حق ثابت لا محالة الله عزّ وجلّ قال:{وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} فقال عزّ وجلّ:{إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} إذا الإنسان كان ينطق كان يتكلم ألا يعلم من نفسه أنه تكلم وأنه نطق هل يشك في ذلك فلا تشكن فيما وعد الله عزّ وجلّ به فإنه كائن لا محالة وفقني الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى والله أعلم وأحكم.