بسم الله الرحمن الرحيـم
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد
وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
سنكمل إن شاء الله في تفسير سورة القمر
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَلَقَدْ جَاء ءالَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41)} ولقد جاء ءال فرعون النذر أليس الله عزّ وجلّ أرسل موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام إلى فرعون وقومه بلى أليس موسى أنذرهم بلى أليس أمرهم بالإيمان بلى ولكنّ فرعون ما آمن ما قبل ما دعاه إليه موسى عليه الصلاة والسلام.
فقال الله عزّ وجلّ:{كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ (42)} إن فرعون مع كل ما رآه من المعجزات لم يؤمن ولم يصدق {كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا} كذّبوا بكل ما رأوا من المعجزات فعاقبهم الله عزّ وجلّ وانتقم منهم وأغرقهم في البحر {فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ} الله عزيز سبحانه وتعالى هو القادر على كل شىء الذي لا يغالب سبحانه وتعالى والله غالب على أمره أي لا أحد يمنع نفاذ مشيئته وهو سبحانه وتعالى مقتدر قادر على كلّ شىء.
كفار مكة كانوا يسمعون بمثل هذه الأخبار سمعوا بما حصل بقوم عاد وقوم ثمود وقوم نوح وفرعون بل إنهم كانوا في بعض أسفارهم يمرون ببعض آثار هؤلاء ومع علمهم بذلك وسماعهم به كثير منهم لم يتعظ ولم يؤمن فقال الله عزّ وجلّ:{أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ} أكفاركم يا أهل مكة الخطاب لأهل مكة أقوى ممن كانوا قبلهم هل كفاركم أقوى من فرعون هل كفاركم أقوى من قوم عاد هل كفاركم أقوى من قوم ثمود لا، هل كفاركم أكثر مالا من فرعون أو من النمرود أو من كان قبلكم من الأمم السابقة ممن كذّبوا الأنبياء لا، ليس أقوى منهم ومع قوتهم وكثرتهم نزل بهم ما نزل بهم من العقاب فكيف لا تتعظون وكيف لا تتركوا ما أنتم عليه من التكذيب ألا تخافون أن ينزل عليكم ما نزل بما كان قبلكم من أشباهكم وأمثالكم من المكذبين فقال الله عزّ وجلّ:{ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ (43)} ألكم براءة قرأتموها في الكتب المتقدمة ليس لكم ذلك إذًا هذا الإستفهام هنا يراد به الإنكار لستم أقوى ممن كان قبلكم من الكفار ليس لكم براءة من الله عزّ وجلّ آمنتم بها العذاب في الآخرة مع تكذيبكم وكفركم فكيف تستمرون بما أنتم عليه {أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ} هل لكم في الكتب المنزلة براءة من العذاب مع كفركم ليس لكم ذلك الكفار هؤلاء أهل مكة كانوا يقولون والعياذ بالله نحن لو بعثنا لو كان بعث لأنهم ما كانوا يصدقون بأمر البعث لكن كانوا يقولون لو كان هناك بعث نحن لا نعذب لذلك أنزل الله عزّ وجلّ الرد عليهم في القرءان: { أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } ما لكم ما هذا الحكم الذي تحكمون به والله عزّ وجلّ قال:{لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} سبحان الله.ثم هؤلاء كفار مكة كانوا معجبين بكثرتهم واجتماعهم{أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ(44)} يقولون نحن جميعًا منتصر نحن جماعة مجتمعة ننتصر ولا أحد يستطيع أن يغلبنا لكنهم غلبوا وهزموا.
فقال الله عزّ وجلّ:{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} هذه الآية سيهزم الجمع ويولون الدبر ويولون الدبر معناه يهربون يولون مدبرين هذه الآية نزلت قبل معركة بدر وهي من علامات نبوته عليه الصلاة والسلام لأنه أُنزل عليه ما سيحصل قبل حصوله {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} سيهزم المشركون في معركة بدر ويهربون يولون الدبر فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها ويتلوها وكانت نزلت قبل معركة بدر.
ثم قال الله عزّ وجلّ:{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)} عذاب الدنيا شديد الذي ينزل بالكفار ولكن الأشد منه هو عذاب الآخرة {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ} على أن الكفار لا راحة لهم من وقت موتهم هم في عذاب وفي القبر عذاب وعند البعث عذاب وفي النار عذاب إلى ما لا نهاية نسأل الله السلامة {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ (القيامة موعدهم) وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} أشد عذابًا أمر مذاقًا مع كل ما يشعرون به في الدنيا من العذاب الذي ينزل بهم ومع شدة العذاب الذي يرونه عند الموت وشدة العذاب الذي يرونه في القبر هناك عذاب أشد وأشد في الآخرة أُعد لهم نسأل الله السلامة وأن يُحسن ختامنا جميعًا والله أعلم وأحكم.