fbpx

تفسير جزء الذاريات – الطور – الحلقة: 9

شارك هذا الدرس مع أحبائك

بسم الله الرحمن الرحيـم الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمّد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين سنكمل إن شاء الله تعالى في تفسير سورة الطور أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْرًا (9)} أخبرنا الله عزّ وجلّ في هذه السورة عن بعض الأمور التي تحصل يوم القيامة هنا في هذه الآية أخبرنا الله عزّ وجلّ بأن السماء يوم القيامة تتحرك تضطرب وتدور نعم السماء يوم القيامة تنشق كما قال الله عزّ وجلّ: {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} كذلك لونها يتغير وهنا أخبر الله عزّ وجلّ عن أمر يحصل في السماء وهو الإضطراب والحركة التي تحصل فيها فإن السماء يوم القيامة تنشق ويتغير لونها وتمور السماء مورًا أي تضطرب وتدور هذه السماء نسأل الله عزّ وجلّ السلامة. ثم قال الله عزّ وجلّ: {وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10)} الجبال يوم القيامة تسير عن أماكنها تزول الجبال لا تبقى في أماكنها إذا قرأتم القرءان ستجدون ءايات فيها وصف أحوال الجبال يوم القيامة مثلا تجدون قول الله عزّ وجلّ:{وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلاً} الكثيب هو الرمل والمهيل معناه السائل معناه هذه الجبال تصير رملا سائلا ثم يختلط بعضها ببعض فنجد قول الله عزّ وجلّ:{وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ} ما هو العهن العهن هو الصوف المصبوغ ألوانًا أليست الجبال نجدها ألوانًا مختلفة كذلك الصوف المصبوغ ألوانًا تسمى عهنًا فشبهت الجبال بالعهن لأنها ألوان ويختلط بعضها ببعض وأما قول الله عزّ وجلّ:{الْمَنفُوشِ} فلتفرق أجزاء الجبال إذًا شبهت الجبال بالعهن لأنها ألوان مختلفة وشبهت بالمنفوش منه لتفرق أجزأها كذلك نجد قول الله عزّ وجلّ في حق الجبال:{فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا} معناه تصير هذه الجبال هباء منتشرًا نسأل الله عزّ وجلّ السلامة. هنا قول الله عزّ وجلّ: { وتسير الجبال سيرا} تسير الجبال عن أماكنها ولا تبقى يوم القيامة. {فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11)} الويل هو الهلاك الشديد ويل لهم ويل للذين كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويل لهم يوم القيامة {الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12)} يخوضون في الباطل يلعبون يستهزئون هذا شأن الكفار هذا حالهم يستهزئون في القرءان يستهزئون بالرسول عليه الصلاة والسلام يستهزئون بالأحكام الشرعية نسأل الله السلامة. {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13)} يوم يُدعون الدعو هو الدفع بعنف وشدة تدفعهم الملائكة إلى نار جهنم ملائكة العذاب ورد ذكرهم في القرءان الكريم وسموا بالزبانية كما قال الله عزّ وجل:{ فَلْيَدْعُ نَادِيَه (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} سُموا بذلك لأن الزبانية من الزبني والزبن هو الدفع كما قال الله عزّ وجلّ هنا يوم يدعون أي يُدفع الكفار دفعًا عنيفًا شديدًا إلى نار جهنم { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13)} ماذا يقال لهم {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) } يقال لهم يوم القيامة هذه النار هذه النار التي كنتم في الدنيا بها تكذبون فكم يزدادوا الكفار عند سماعهم هذا حسرة وندامة على ما فعلوا وكذّبوا في هذه الحياة الدنيا تذكرون ماذا مرّ معنا في سورة الذاريات أن الكفار من شأنهم انهم كانوا يقولون لمن أُرسل إليهم إنه ساحر أو إنه مجنون وكانوا يقولون عن القرءان والعياذ بالله إنه سحر بعد أن يدخل الكفار النار ويقاسوا حرها وعذابها الدائم الذي لا يخفف عنهم فهم خالدون في نار جهنم لا يخرجون منها أنظروا ماذا يقال لهم {أَفَسِحْرٌ هَذَا} هذا يقال لهم من باب التهكم بهم يقال لهم:{ أَفَسِحْرٌ هَذَا} هذا من باب التقريع بهم { أَفَسِحْرٌ هَذَا}كانوا في الدنيا يقولون عن القرءان سحر وعن محمد ساحر وهم في النار يقال لهم من باب التهكم { أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لا تُبْصِرُونَ (15)} كما كنتم لا تبصرونا الحق في الدنيا {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ} اصلوها يعذبون فيها ويقال لهم اصلوها ادخلوا النار وقاسوا حرها وشدة حرها نسأل الله السلامة فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم هم لا يخفف عنهم العذاب ولا يحصل لا يحصل لأهل النار أن يصلوا إلى وقت يعتادون فيه على العذاب أبدًا المراد هنا بقول الله عزّ وجلّ: { فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ} معناه مهما قلتم مهما فعلتم النار هذه أنتم ستبقون فيها إلى ما لا نهاية ولن يخفف عنكم من عذابها لن يعتادوا على هذا العذاب لن يصلوا إلى وقت يشعرون فيه أن هذا العذاب صار أخف عليهم لا، إنهم في عذاب دائم مستمر الله عزّ وجلّ أخبر في كتابه العزيز بأنه لا يخفف عنهم من عذابها. {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} تجزون ما كنتم تعملون هم ماتوا على الكفر ماتوا على الشرك ماتوا على التكذيب ماتوا على تكذيب القرءان ماتوا على تكذيب الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا مكذّبين لآيات الله عزّ وجلّ كما قال الله عزّ وجلّ فهم في النار يُجزون بما كانوا يعملون كما قال الله عزّ وجلّ:{جَزَاء وِفَاقًا}. نسأل الله عزّ وجلّ أن يوفقنا جميعًا بما يحب ويرضى والله أعلم وأحكم.