برنامج: في بيت رسول الله
عنوان الحلقة: تربية رسول الله ﷺ
كيف تكون تربية الأولاد موافقة للتعاليم النبوية العطرة
كيف علمنا النبي عليه الصلاة والسلام أن نربي أولادنا في بيوتنا؟ كثير من الناس يحب لو تعلم كيف يربي أولاده على السنة النبوية العطرة نقول أولا أخي الأب وأختي الأم، التربية لا تكون مقتصرة على الكلام والتوجيه فحسب بل التربية تكون بالمحاكاة فالولد يحاكي أمه يحاكي أباه فعلينا أن نكون قدوة حسنة صالحة لأولادنا كما علمنا النبي عليه الصلاة والسلام بحاله وبمقاله فلا ينبغي أن نقتصر على الكلام صلّ .. وصُم .. اقرأ القرآن .. تعبد في الليل افعل كذا ولا تفعل كذا بل ينبغي أن نكون قدوة حسنة يرانا أولادنا مثالًا يحتذى به فالنبي عليه الصلاة والسلام كثيرا من الأحيان كان يرشد الناس بحاله وهذا أقرب إلى قبول الدعوة وإلى سماع الكلمة. أما عن تربية الأولاد فالنبي عليه الصلاة والسلام ما كان يقلل من شأن الصغار فيُروى أن النبيّ عليه الصلاة والسلام كانت إذا دخلت فاطمة الزهراء بنته إلى مجلسه قام لها كما وكانت تقوم للنبي عليه الصلاة والسلام إذا دخل عليها.
وفي مرض وفاته لما دخلت فاطمة الزهراء قال النبي عليه الصلاة والسلام: “مرحبا بابنتي” وأجلسها عن يمينه أو عن يساره ثم أسرَّ لها سرًا وكانت السيدة عائشة تنظر إليهما فبكت السيدة فاطمة ثم أسرَّ النبي عليه الصلاة والسلام سرًا ثانيًا فضحكت، فسألت السيدة عائشة رضي الله عنها السيدة فاطمة عما حصل بينهما فقالت: “ما كنت لأفشي سر رسول الله ﷺ” وبعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام سألت السيدة عائشة فاطمة عما حصل بينهما فأخبرتها ولم تكن السيدة فاطمة كبيرة في السن كانت بنت خمس وعشرين فقالت لها: “قال لي النبي عليه الصلاة والسلام إن جبريل يعارضني القرآن كل سنة مرة ولقد عارضني القرآن في هذه السنة مرتين وما أراه إلا قد دنى أجلي” فبكت السيدة فاطمة وكان قد أخبرها النبي عليه الصلاة والسلاة أنها أول أهل بيته لحوقًا به ثم قال لها النبي عليه الصلاة والسلام أما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة أو سيدة نساء أهل الجنة فضحكت السيدة فاطمة فانظروا إلى هذه العلاقة التي كان يملؤها الحب والحنان كما وكانت ممتلئة بالاحترام تقوم له ويقوم لها يرشدها ويعلمها. وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يتفقد حالها ويتفقد عن حالها وحال زوجها، فيروى أن النبي عليه الصلاة والسلام زارها يوما في وقت كان يقيل فيه الإمام علي أي ينام وقت القيلولة فلم يجد عليًا في البيت، فسأل النبي عليه الصلاة والسلام فاطمة عن ذلك فأخبرته أنه خرج بسبب شيء كان بينه وبينها مما يكون بين الرجل وزوجته فخرج النبي عليه الصلاة والسلام يبحث عن ابن عمه علي بن أبي طالب، فلما أخبر أنه في المسجد جاء النبي عليه الصلاة والسلام إلى سيدنا عليّ وقد نزل رداؤه عن كتفه وكان نائمًا في المسجد وقد علق التراب بوجهه فقال النبي عليه الصلاة والسلام: “قم أبا تراب قم أبا تراب” ونفض عنه التراب فكان يحب علي أن يسمى بأبي تراب إذ هي تسمية النبي صلى الله عليه وسلم له، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يمازحه وأن يخفف عنه حتى يصطلح ما كان بينهما وكان النبي عليه الصلاة والسلام أرشدنا أن لا نكذب في تأديبنا أولادنا، فيروى أن امرأة نادت ولدها وكان النبي عليه الصلاة والسلام قاعدًا فقالت ها يا بني تعال أعطيك شيئًا، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام ما تريدين إعطاءه؟ فقالت: “أريد أن أعطيه تمرا” فقال النبي عليه الصلاة والسلام: “لو لم تفعلي لكتبت عليك كذبة” وبهذا يعلمنا النبي عليه الصلاة والسلام أنه لا ينبغي أن نكذب بحضور أولادنا حتى لا نعودهم الكذب بل ينبغي أن نعودهم على الصدق والأمانة في كل الأحوال. ومما يروى أيضا من التعاليم التي ينبغي أن نستفيد منها في تربيتنا للأولاد أن النبي عليه الصلاة والسلام كان عنده الحسن ذات يوم وهو حفيده وكان عنده تمر من تمرات الصدقة فجاء الحسن وأخذ تمرة يضعها في فمه فجاء إليه النبي عليه الصلاة والسلام وأخذ هذه التمرة ثم قال له: “أما علمت أننا آل محمد لا نأكل من الصدقة” مع أنه كان صغيرًا إلا أنه كان يعلمه التعاليم النبوية لذلك أخي الأب وأختي الأم لا ينبغي أن يطول بنا الانتظار لنعلم أولادنا أمور الدين منذ الصغر ينبغي أن نرشد وأن ندل وأن نبين وأن نعلم كما كان يفعل النبي عليه الصلاة والسلام.
وكذلك من تعاليم النبي عليه الصلاة والسلام أن يهتم الإنسان بأمر دين أولاده أن لا يكون نظره مقتصرا على أمر الدنيا على أمر الطعام والشراب والملبس. إخوتي ينبغي أن نعلم أولادنا أن الدين هو أهم أمور حياتنا، فالنبي عليه الصلاة والسلام ما كان يسعى في الطعام والشراب وما كان يلتفت الى المآكل والملابس بل كان همه الأكبر تعليم الدين فهذه السيدة فاطمة لما زارها النبي عليه الصلاة والسلام يوما ووجد عندها ستارًا موشيًا أي مزينًا فلم يدخل عندها فلما أخبرت سيدنا عليًّا بذلك جاء الإمام علي يسأل رسول الله ﷺ عن ذلك فعلمه أنه إنما لم يدخل بيتها بسبب ذلك الستار حتى تتعود ألا تعلق قلبها بالدنيا ومن هنا نقتبس من هذه التعاليم النبوية أنه لا ينبغي أن نعلق قلوب أولادنا بالدنيا بالملذات وأن لا نعطيهم كل ما يتمنون ويشتهون من الدنيا بل ينبغي أن نصرف أذهانهم لطاعة الله تعالى ومرضاته لحفظ كتاب الله وحفظ المتون ولدراسة العلوم الشرعية وسماع كلام رسول الله ﷺ وإلى تعليق قلوبهم بالعبادة كالصلاة والصيام بدل أن ينشغلوا بالملهيات والألعاب ومما علمناه رسول الله ﷺ في أمر التربية العدل فينبغي أن يعدل الإنسان بين أولاده حتى في القبل أي في القبلة فإذا قبل ولدا يسن له أن يقبل الولد الآخر وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام قد أرشد إلى ذلك كما وأرشد إلى تقبيل الأولاد فهذا من الملاطفة حيث لا ينبغي أن يكون الأب أو الأم جافي القلب قاسيا فقد جاء رجل يقول للنبي عليه الصلاة والسلام أتقبلون أولادكم فإنا لا نقبلهم فقال عليه الصلاة والسلام: “أوأملك إن نزع الله من قلبكم الرحمة” أي إن كان الله تعالى قد نزع من قلوبكم الرحمة ماذا أفعل أنا كيف أردها إلى قلوبكم، وكذلك من المهم أن يعرف الأب أن تربيته لأولاده عبادة يتقرب بها إلى الله أيها الأب أيتها الأم لا ينبغي أن يكون تأديبكما لحظ أنفسكما ينبغي أن يكون التأديب لمرضاة الله تعالى ولطاعته ولذلك ترى كثيرا من الآباء يغضبون ويصرخون أحيانًا أو يؤنبون عندما ينزعجون ينبغي أن نراعي شرع الله تعالى عندما تنتهك المحارم عندما يساء الأدب عندما يقصر في حدود الشرع ينبغي أن يكون التأنيب والتأديب بشيء من القسوة وإلا فلا ينبغي أن تكون الشدة عندما يعود الأمر إلى انزعاجنا فيروى عن بعض السلف أنه كان يؤدب ولده لله تبارك وتعالى لكنه كان عندما يصل إلى ولده حتى يرشده ويعلمه ويؤنبه ينتظر شيئًا من الوقت ليستحضر النية الحسنة وحتى يذكر نفسه أن فعله هذا إنما هو عبادة وتقرب إلى الله تبارك وتعالى فيقول الولد: “وأكون بذلك هربت عندما ينهي والدي تذكير نفسه” نعم ربما لم يؤنَّب هذا الولد لانشغال الأب بتذكير نفسه بطاعة الله لكن أثمر ذلك في الولد ثمرة طيبة وقد أرشدنا النبي عليه الصلاة والسلام إرشادات مهمة تفعل مع المولود أول ولادته فينبغي أولًا أن نشكر الله تعالى على أن رزقنا ذرية ونسأله عز وجل أن يجعل ذريتنا طيبة صالحة وقد أخبرت السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا أعلمت بمولود لا تسأل كما لا يُسأل هل هو ذكر أم أنثى بل تسأل إن كان سليمًا تشكر الله تبارك وتعالى على ما أنعم.
وكما علمنا النبي عليه الصلاة والسلام أن نسمي أولادنا تسمية حسنة وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يرشد إلى بعض التسميات وأحلى الأسماء ما سماه الرسول عليه الصلاة والسلام ولذلك نقول أفضل الأسماء على الإطلاق عبد الله وعبد الرحمن وما أضيف إلى الله عز وجل ومن السنة أيضا أن يؤذن في أذن المولود اليمنى وأن يقام في أذنه اليسرى كما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام أذن في أذن الحسن اليمنى وبذلك يكون قد دخل إلى أذن المولود سماع كلمة الشهادتين وكذلك من السنة حلق شعر المولود يوم السابع وأن يوزن وأن يتصدق بزنته من الذهب أو الفضة وكما يسن أيضا العقيقة وهي الذبيحة التي تُذبح عن المولود يوم السابع ويكفي شاة واحدة والأكمل شاة للأنثى وشاتان للذكر.
إخوتي في الله أولادنا أمانة في أعناقنا نُسأل عنهم يوم القيامة فينبغي للإنسان أن يقتدي برسول الله ﷺ حتى يكون حاضر الجواب يوم القيامة. نسأل الله تعالى أن ينبت أولادنا نباتًا حسنًا صالحًا وأن يرزقهم بر آبائهم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.