fbpx

الأربعون النووية – الدرس 4

شارك هذا الدرس مع أحبائك

شرح الأربعين النووية قال الشيخ سمير القاضي حفظه الله: الحمد لله ربّ العالمين أحمده وأستعينه وأستهديه وأستغفره و أشكره وأصلي وأسلم على سيدنا محمّد وعلى ءاله وصحبه الطاهرين. إن شاء الله تعالى سنتكلم على الحديث الثاني من الأربعين النووية قال المؤلف: الحديث الثاني الشرح: هذا الحديث حديث عظيم ترجع علوم الشريعة كلها إليه بالنسبة للسنة هذا الحديث كالفاتحة بالنسبة للقرءان هذا الحديث كالأم للسنة كما أنّ الفاتحة أم القرءان لأن هذا الحديث يجمع جُمل علوم السنة جُمل علوم السنة فيه التفاصيل في غيره كما أن الفاتحة تجمع جُمل ما جاء في القرءان فلذلك سُميت أُم الكتاب كذلك هذا الحديث كالأم بالنسبة للسنة وقعه خطير ومرتبته عظيمة. قال المؤلف: عن عمر رضي الله عنه أيضًا الشرح: أيضًا عودة للرواية عنه قال المؤلف: بينما نحن عند رسول الله الشرح: بينما نحن أي في أثناء وجودنا بينما نحن عند رسول الله أي في أثناء وجودنا عند النبي عليه الصلاة والسلام قال المؤلف: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الشرح: أي في جزء من اليوم حصل ما سأذكره في جزء من اليوم في بعض اليوم. قال المؤلف: إذ طلع علينا رجل الشرح: إذ طلع هذه إذ يستعملها العرب للمفاجأة يعني فجأنا طلوع رجل علينا إذ طلع علينا تفجأنا به شيء ما كنا ننتظره. قال المؤلف: رجل شديد بياض الثياب الشرح: رجل يعني شخص في صورة رجل وسيظهر بعد ذلك أنه جبريل عليه السلام تشكل بصورة رجل فهو شخص في صورة رجل قال المؤلف: شديد بياض الثياب الشرح: شديد بياض الثياب هذه هي الرواية التي ذكرها النووي اختارها النووي رحمه الله وفي رواية النّسائي عن أبي هريرة وعن أبي ذر رضي الله تعالى عنهما قالا:”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه بينهم يجلس كما يجلسون ليس له ما يتميز به عنهم فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو يأتي الرجل الغريب يقول أيكم رسول الله لأنه لا يتميز عن أصحابه بشيء في مجلسه ولا لباسه عليه صلاة الله وسلامه و هذا من تواضعه عليه الصلاة و السلام فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلسًا يعرفه الغريب إذا أتاه يعني طلبنا منه أن نجعل له شيئًا يتميز به علينا فقبل فعملوا له دكانًا لأجل المصلحة حتى يعرفه الغريب عملوا له دكانًا الدكان ليس معناه الحانوت الذي يباع فيه لأ الدكان معناه شيء مرتفع قليلا عن الأرض يجلس عليه هذا الدكان عملوا له دكانًا من طين كان يجلس عليه قال : قالا إنّا لجلوس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه إذ أقبل رجل أحسن الناس وجهًا ما أجمله وجهه ما أجمله وأطيب الناس ريحًا كذلك رائحته ما أحلاها ما أجملها كأن ثيابه لم يمسها دنس نظيفة شديدة النظافة ليس عليها أي أثر من اتساخ وهذا فيه إشارة إلى ما ينبغي أن يكون عليه طالب العلم ينبغي ما استطاع أن تكون ثيابه نظيفه وينبغي أن يلبس البياض لذلك كان سيدنا عمر كما كان سيدنا عمر رضي الله عنه يقول: ” أحب للقارىء أن يكون أبيض الثوب العالم أحب له أن يكون ثوبه أبيض “. وعلى هذا كان شيخنا الهرري رحمه الله تعالى فكان يحب لطالب العلم أن يكون أبيض الثوب. قال المؤلف: شديد سواد الشعر الشرح: شديد سواد الشعر يعني في صورة شاب ليس في شعره شعرة بيضاء جاء جبريل في صورة شاب وهذا إشارة إلى أن الشباب أوان طلب العلم ليس معناه إن لم يكن الإنسان شابًا لا يطلب العلم لكن معناه لاينبغي أن يضيع الإنسان شبابه عن طلب العلم إنما ينبغي أن يصرف شبابه في طلب علم الدين في هذا الوقت قلبه يكون أفرغ من أمور المعيشة ليس له عيال يحتاج للإنفاق عليهم ذهنه أصفى قوته أكثر يقدر على تحمل المشقة في طلب العلم ينبغي أن لا يضيع هذا الوقت وأن يصرفه في طلب علم الدين هذا في أيامنا تغير فصار الناس يصرفون هذا الوقت في طلب علم الدنيا ويهملون طلب علم الدين وترتب على هذا مفاسد كثيرة جدًا لا تحصى الأهل يوجهون ولدهم لطلب علم الدنيا والولد يتعلق قلبه بطلب علم الدنيا مع الانصراف عن طلب علم الدين بعد ذلك يرى الأهل ما لا تحمد عاقبته يجدون من أولادهم ما لا يسرون به ويصير حال الولد لا يفرح ولا يبشر بخير لا في دنياه و لا في أخراه . الله يعيذنا من مثل ذلك. فإذًا نرجع إلى الحديث كان جاء هذا الشخص في صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر قال المؤلف: لا يرى عليه أثر السفر الشرح: لا يظهر عليه أنه مسافر ليس عليه أدنى أثر من آثار السفر ثيابه نظيفه ما عليه وسخ رائحته ليس عليه آثار السفر. قال المؤلف: و لا يعرفه منا أحد الشرح: و في الوقت نفسه لا يعرفه أحد من الصحابة أي ليس هو من أهل المدينة لا هو من أهل المدينة و لا هو مسافر ما حال هذا الشخص شيء عجيب معجب حاله معجب يعني يتعجب له . قال المؤلف: حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم الشرح: حتى جلس عند النبي عليه الصلاة والسلام وفي رواية البيهقي “حتى جلس متوركًا كجلسة الصلاة” يعني جلس جاعلا وركه الأيسر على الأرض ومدخلا قدمه اليسرى تحت فخذه الأيمن جلس ناصبًا قدمه اليمنى ومدخلا قدمه اليسرى تحت فخذه الأيمن بهذه الطريقة جلس أمام النبي عليه الصلاة والسلام كما يجلس الإنسان في التشهد الأخير في الصلاة. قال المؤلف: فأسند ركبتيه إلى ركبتيه الشرح: الصق ركبتيه إلى ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤلف: ووضع كفيه على فخذيه الشرح: وضع كفيه على فخذيه أي على فخذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على فخذي نفسه إنما على فخذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي بعض الروايات لهذا الحديث أنه جاء هذا الشخص فوقف عند طرف البساط بكل أدب ثم قال السلام عليكم يا محمد فقال عليه الصلاة والسلام وعليك السلام قال أدنو يستأذن أقترب قال اُدنو اقترب قليلا ثم قال أدنو ، قال اُدنو مازال يقول اُدنو حتى أسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على أول فخذي رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة ركبتيه وضع كفيه هناك وهذه الجلسة تدل على تواضع ليست جلسة المتكبرين الذي يقعد إليك بهذه الطريقة هذا إنسان متواضع جلسة تواضع ليست جلسة الكبر ، المتكبر لا يقعد إليك بهذه الطريقة هذه جلسة فيها تدل على تواضع أنسب إلى كمال الأدب أنسب إلى كمال الإصغاء متوجه إلى النبي عليه الصلاة والسلام بكليته حتى إن يديه على فخذي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنسب من هذه النواحي كلها وتدل أيضًا على صفاء واستئناس وفي هذا الحديث أمر و هو أنه قال جبريل قال يا محمد فخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه هذا الشخص خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه باسمه يا محمد فهذا إما أن يكون حدث قبل أن يُنهى المسلمون عن ذلك بأنه في وقت من الأوقات نُهي المسلمون عن أن يخاطبوا النبي عليه الصلاة والسلام باسمه في وجهه يا محمد إنما يقولون يا رسول الله يا نبي الله ونحو ذلك فإما أن يكون هذا حصل قبل النهي وإما أن يكون النبي عليه الصلاة والسلام أُوحي عليه باستثناء هذا الشخص من النهي يعني بأن يكون مستثنًى من النهي أُوحي إليه نُفث في روعه عليه الصلاة والسلام أن هذا الشخص مستثنًى من هذا الحكم يجوز له لأنه عليه الصلاة والسلام ما أنكر عليه ما قال له لا تقل يا محمد قل يا رسول الله ما قال ذلك. ثم أيضًا يفيد هذا الحديث أن الإنسان إذا أراد أن يسأل العالم وأن يستفيد منه ينبغي أن يفعل ذلك بقوة نفس وأن لا يترك شيئًا يقطعه عن ذلك مهما كان يُقدر هذا العالم مهما كان لهذا العالم عنده قدر ومهما كان هذا العالم عنده منزلة ينبغي أن يسأله بقوة نفس حتى يستفيد منه الجواب الذي يطلبه. قال المؤلف: وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام. الشرح: وهذا مجرد أن قال يا محمد هكذا ظهر أن له حالا خاصًا مع النبي عليه الصلاة والسلام هذا يدل على أن لهذا الشخص حالا خاصًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن من يكون على مثل هذا الأدب والتواضع يجلس هذه الجلسة يقف عند طرف البساط أدنو أدنو أدنو الذي يكون على هذه الحال لا يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام باسمه إلا إذا كان له حالٌ خاصة منه . قال المؤلف: قال يا محمد أخبرني عن الإسلام الشرح: أخبرني عن الإسلام اشرح لي ما هو الإسلام الإسلام في اللغة معناه الاستسلام هذا معنى الإسلام في اللغة الانقياد أما في الشرع فهو التزام أحكام الدين إيمانًا بها إيمانًا بحقيتها إيمانًا بالشرع الذي أُنزل على النبي لذلك أجابه النبي وهذا المقصود من سؤال هذا الشخص أخبرني عن الإسلام أي عن الإسلام في الشرع ما هو لذلك أجابه عليه الصلاة والسلام بذكر أهم أموره. قال المؤلف: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّدًا رسول الله. الشرح: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدًا رسول الله أن تعتقد بقلبك وتقول بلسانك أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمّدًا رسول الله بهذا اللفظ أو ما يُعطي معناه وهذا هو الأصل الذي به يصير الكافر مسلمًا وبدونه لا يصير الكافر مسلمًا لا بد للكافر حتى يصير مسلمًا من أن يجمع بين الأمرين الاعتقاد بالقلب بمعنى الشهادتين والنطق بهما باللسان ولا يشترط أن يكون ذلك باللغة العربية بل بأيّة لغة نطق بذلك وبأي لفظ ذكر ما يُعطي ذلك صح منه. نعم ذكر بعض الشافعية أنه لا بد أن يقول أشهد أن يأتي بلفظ أشهد وهذا غير معتبر لا عبرة بهذا القول هذا القول مخالف للأحاديث الصحيحة جاء في الحديث من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ولم يقل النبي عليه الصلاة والسلام من قال أشهد أن لا إله إلا الله العبرة أن يقول ما يُعطي معنى الشهادتين بلسانه بالعربية أو بغير اللغة العربية وهذا الذي ذكرناه هذا الحديث حديث ابن حبان والترمذي وغيرهما من قال لا إله إلا الله دخل الجنة معناه وقال محمد رسول الله ولو لم يُذكر هذا في الحديث لأنه صار معروفًا في عرف الشرع معلومًا في عرف الشرع أنه في هذا المقام إذا قيل قال لا إله إلا الله أي ومحمد رسول الله أو إذا قيل قل لا إله إلا الله أي ومحمد رسول الله هذا يقال له من باب الاكتفاء يذكر أحد الأمرين ويكون المقصود الأمرين كليهما لأن هذا يكون معلومًا الشرع بيّن هذا الله تعالى قال: {سرابيل تقيكم الحر} أي والبرد ولو لم يذكر البرد في الآية لكنه مرادهم وكذلك في بعض الأحاديث لو لم يذكر محمد رسول الله لكنه مرادهم على كل حال في هذا الحديث ذكرت الشهادتان كلتاهما لأنه لا بد من تلازمهما حتى يكونا معتبرين في الشرع هكذا شهادة لا إله إلا الله لا تعتبر من دون شهادة محمد رسول الله شهادة محمد رسول الله لا تعتبر من دون شهادة لا إله إلا الله لا بد من تلازمهما حتى تكونا معتبرتين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتقيم الصلاة الشرح: هلّأ واضح أن حكم الإسلام يثبت للإنسان بمجرد الشهادتين لكن الانقياد لهما ولما يتبعهما به يكمل الإسلام لذلك بعد أن ذكر النبي عليه الصلاة والسلام الشهادتين انتقل إلى ذكر أهم الأمور التي على الإنسان أن يأتي بها حتى يكمل إسلامه ويكمل انقياده. الشرح: وتقيم الصلاة معناه أن تداوم على فعلها محافظًا على أركانها وشروطها هذا معنى تقيم الصلاة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتؤتي الزكاة الشرح: مثل ذلك أن تُعطي الزكاة على الوجه الذي أمر الشرع به وأن تخرجها في مصارفها لا في غيرها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تصوم رمضام الشرح: أي أن تداوم على صيام شهر رمضان كله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتحج البيت. الشرح: أي أن تقصد الكعبة لأداء الأفعال المعلومة مرة في العمر على الأقل وفي بعض روايات هذا الحديث ذكر العمرة أيضًا أن تحج وتعتمر لذلك قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:”إن الاعتمار مرة في العمر فرض كما أن الحج مرة في العمر فرض” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا الشرح: إن استطعت إليه سبيلا إن استطعت إليه طريقًا هذا معنى إن استطعت إليه سبيلا الاستطاعة في الشرع تطلق بمعنيين تطلق بمعنى القدرة المخلوقة الحادثة التي تكون في العبد عندما يفعل الفعل عند فعل الفعل هذه القدرة التي يخلقها الله تعالى فيه وبها يفعل الفعل يقال لها الاستطاعة هذه لا تكون في العبد إلا مع الفعل ليس قبله لا توجد قبله إنما تكون مع الفعل أما الاستطاعة التي هي وتطلق الاستطاعة بمعنى آخر وهو سلامة الآلات وسلامة الأسباب إذا كانت الآلات سليمة مثلا تقول أنا أستطيع أن أمشي من هنا إلى هناك ما معناه معناه جسمي سليم ولا يوجد ما يمنعني من ذلك بمعنى سلامة الآلات وسلامة الأسباب بهذا المعنى الثاني تطلق تكون تطلق قبل وجود الفعل قبل أن أمشي يجوز أن أقول أنا مستطيع أن أمشي إلى هناك بهذا المعنى الثاني جاءت الاستطاعة في هذا الحديث إن استطعت إليه سبيلا في بعض الأحاديث فُسر ذلك بالزاد والراحلة النبي عليه الصلاة والسلام لما فسر هذه الاستطاعة ما معنى إن استطعت إليه سبيلا قال وجدت الزاد والراحلة فإذًا حتى يجب الحج على الإنسان لا بد أن يكون قادرًا بجسده على القيام بذلك أما إذا كان إنسان كسره المرض قطعه المرض لا يستطيع أن يتحرك و لا أن يركب بعيد عن الكعبة لا يستطبع أن يصل إليها هذا لا يقال إن الحج واجبٌ عليه وهو في هذه الحال كذلك إذا إنسان لم يكن مريضًا كان صحيحًا لكنه لا يجد مركوبًا حتى يصل إلى الكعبة لا يجد النفقة إذا كان بعيدًا منها هذا أيضًا لا يقال إن الحج واجبٌ عليه وكذلك إذا كان صحيحًا يجد المركوب لكن ما عنده ما يكفي نفقته ونفقة عياله في مدة غيابه هذا أيضًا لا يقال إن الحج واجبٌ عليه إذًا وجوب الحج فسر هنا ، الاستطاعة لوجوب الحج فسرت هنا في بعض الأحاديث بالزاد والراحلة وهو حديث رواه الحاكم وصححه ثم إذا لاحظت تجد أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “وتقيم وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت” كل هذا ذكره عليه الصلاة والسلام بصيغة الفعل المضارع وذلك إشارة للمداومة على ذلك على كل أمر منها بحسبه الصلاة خمس مرات في اليوم الصيام شهرًا في كل سنة الزكاة في أغلب أنواعها مرة في السنة الحج والعمرة مرة في العمر إنما استعمل النبي عليه الصلاة والسلام الفعل المضارع لدلالة للإشارة إلى المداومة عليها على كل بما يليق به قال المؤلف: قال صدقت الشرح: قال صدقت هذا السائل لما أجاب النبي عليه الصلاة والسلام قال صدقت قال المؤلف: فعجبنا له يسأله ويصدقه الشرح: الصحابة أصابهم العجب من حاله يسأله وهذا السؤال يقتضي أنه لا يعرف ثم لما يجيب يقول له صدقت وهذا التصديق يقتضي أنه يعرف فلذلك تعجبوا من حاله هذا الرجل حاله عجيب ليس عليه أثر السفر وليس من أهل المدينة يسأل النبي عليه الصلاة والسلام فإذا أجابه قال له صدقت مع كل ما هو عليه من الأدب فيسأله كأنه لا يعلم ثم يصدقه كأنه يعلم ما يسأله عنه. قال المؤلف: قال فأخبرني عن الإيمان الشرح: لما أجابه عليه الصلاة والسلام بذكر أهم أمور الإسلام انتقل قال أخبرني عن الإيمان يعني أخبرني عن أعظم أمور الإيمان هذا المراد والإيمان معناه في اللغة التصديق أما في الشرع فمعناه تصديق مخصوص هذا التصديق المخصوص هو الذي سيأتي بيانه في جواب النبي عليه الصلاة والسلام ويعرفونه يقولون ما معنى التصديق معناه إذعان النفس بالشيء الذي عرفته رضا النفس بشيء عرفته إذا عرف الشخص شيئًا ورضيت نفسه به أذعنت نفسه له هذا هو الإيمان في اللغة أما من عرف أنه لا إله إلا الله لكن لم تذعن نفسه لم ترضَ نفسه بذلك كإبليس إبليس يعرف أنه لا إله إلا الله لكن ما أذعنت نفسه بذلك ما رضيت نفسه بذلك هذا لا يكون إيمانًا فالإيمان ليس مجرد المعرفة إنما الإيمان هو المعرفة المقرونة بالإذعان رضا النفس بالشيء الذي عرفته هذا هو الإيمان نعم فإذًا سأل النبي عليه الصلاة والسلام قال أخبرني عن الإيمان أي عن أعظم أموره. هذا الإيمان الذي سأل عنه جبريل عليه السلام هو الإيمان الشرعي هو الذي سيجيب عنه نبي الله عليه الصلاة والسلام هذا هو الإيمان الذي يزيد بالطاعات يقوى بالطاعات كلما أدى الإنسان الطاعة أكثر كلما زاد من الطاعة كلما قوي إيمانه ويضعف بالمعاصي كلما صرف الوقت والجهد والمال في عصيان الله تعالى ضعف إيمانه فينبغي على الإنسان أن يسعى دائمًا في تقوية إيمانه الله يعيننا على ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تؤمن بالله الشرح: يشرح له أهم أمور الإيمان عليه الصلاة والسلام قال أن تؤمن بالله يعني أن تصدق جازمًا بلا أدنى شك بلا أدنى تردد أن الله تبارك وتعالى ذات لا يشبه الذوات متصف بصفات لا تشبه الصفات أن تؤمن وتعتقد بوجود الخالق سبحانه وتعالى وأنت جازم في قلبك أنّ ذاته عزّ وجلّ لا يشبه ذوات الخلق وأن صفاته لا تشبه صفات الخلق سبحانه وتعالى إذا اعتقد الإنسان أن الله ذات لكن ليس متصف بصفات فهو كافر ما عرف الله تبارك وتعالى لا بد أن يعتقد أن الله ذات متصف بصفات سبحانه وتعالى والصفات التي ذكر العلماء التي أجمع العلماء أنه يجب على كل مكلف أن يعرفها ثلاث عشرة صفة لله تبارك وتعالى هذه الصفات الثلاث عشرة العلماء اتفقوا على أنه يجب على كل مكلف أن يعرفها. الصفة الأولى: يقال لها صفة نفسية وهي صفة الوجود الأولى الوجود الآن سأتكلم قليلا فيها وليس المقصود أن الإنسان يجب عليه أن يعرف كل ما سأقوله في هذه الصفات بنفس الألفاظ والطريقة لأ لا بد أن يكون عارفًا بها معتقدًا بها إذًا الصفة الأولى هي صفة الوجود ويسميها العلماء صفة نفسية لماذا يسمونها صفة نفسية لأنهم يقولون صفة الوجود ليست صفة زائدة على الذات إنما نفس هي الذات نفسه صفة الوجود هي الذات نفسه لذلك يسمونها صفة نفسية وإنما يسمونها صفة لأنها تضاف إلى الذات لأنو نحن نضيف الوجود إلى الله نقول وجود الله مع أن الوجود هو الذات نفسه نقول وجود الذات كما نقول ذات الله والله هو الذات والذات المقدس هو الله مع ذلك نضيف الذات إلى الله باللفظ كذلك يضاف الوجود إلى الله في اللفظ إلى الذات في اللفظ لذلك يسمونها صفة لكن هي الوجود صفة الوجود هي الذات نفسه لذلك تسمى صفة نفسية. وهناك ثماني صفات يقال لها صفات معان صفات المعاني هذه صفات زائدة على الذات كل واحدة منها أمر متحقق يصح أن يُرى لو أن الله رفع الحجاب عن أبصارنا لرأينا كل صفة من هذه الصفات الثمانية هذه الصفات الثمانية يقال لها صفات المعاني ليست هي عين الذات من حيث المفهوم ليست عين الذات علم الله ليس هو الله إنما هو صفة لله فهي ليست عين الذات وليست غير الذات أي ليست شيئًا منفكًا عن الذات بحيث يصح وجود الذات من غير وجود الصفة أو وجود الصفة من غير وجود الذات لا يصح وجود صفة العلم لله من غير وجود ذات الله ولا يصح وجود ذات الله من غير اتصافه بالعلم فهي صفة قائمة بالله ليست غيرًا يجوز انفكاكه عن الذات وليست هي عين الذات أما في المخلوقات الصفة يجوز أن تنفك عن الذات مثلا الجسم يكون أبيض يجوز أن يتغير ذلك إلى الحُمرة فتذهب عنه صفة البياض الجسم يكون متحركًا يجوز أن يتغير ذلك فتذهب عنه الحركة و يصير ساكنًا إذًا هذا انفاكك الصفة جواز انفكاك الصفة عن الذات هذا يكون في المخلوقات. أما الله تعالى فهو سبحانه متصف بصفات ثمانية يقال عنها صفات المعاني كل واحدة منها أمر متحقق موجود يصح أن يراه الإنسان لو رُفع الحجاب عنه هذه الصفات هي الحياة – والعلم – والقدرة – والإرادة – والسمع – والبصر – والكلام – والبقاء هذه الصفات هي ثمانية هذه الصفات الثمانية لا بد أن يعتقد الإنسان أن الله تبارك وتعالى متصف بها وهي لا تشبه صفاتنا حياته ليست باجتماع روح وجسد كحياتنا قدرته ليست شيئًا حادثًا بعد أن لم يكن لا يطرأ عليه ضعف. علمه ليس كعلمنا ليس شيئًا يحصل دفعة بعد دفعة ولا يجوز عليه نقص مشيئته ليست كمشيئتنا ليست شيئًا يحصل ثم يذهب ثم يرجع ثم يتغير لأ. كل صفاته أزلية لا بداية لها ولا نهاية لها سبحانه وتعالى. سمعه ليس كسمعنا يسمع به سبحانه وتعالى كل المسموعات من غير أُذن من غير آلة أخرى يرى سبحانه كل المبصرات من غير حدقة من غير آلة أخرى يتكلم سبحانه وتعالى من غير لسان وشفتين وفم ولغة وحروف من غير أن يكون كلامه له ابتداء أو انتهاء ليس شيئًا يتقطع إنما كلامه واحد لا يشبه كلام المخلوقين لا بد إذًا أن يعتقد الإنسان أن الله تبارك و تعالى و هو سبحانه وتعالى باق لا يطرأ عليه فناء ولا زوال لا بد أن يعتقد الإنسان أن الله سبحانه وتعالى متصف بهذه الصفات الثمانية البقاء أي لا يطرأ عليه زوال – الحياة أي أنه حي بحياة لا تشبه حياتنا القدرة أي أنه قادر على كل شيء – العلم أي أنه عالم بكل شيء – المشيئة أي أنه لا يحصل شيء في هذا العالم إلا بمشيئته – السمع أي أنه لا يخفى عليه شيء من المسموعات – البصر أي أنه يرى كل المبصرات – الكلام أي أنه يتكلم بكلام لا يشبه كلامنا وهو الكلام الذي سمعه سيدنا موسى عليه السلام ليس أن موسى سمع كلامًا نطقًا نطق به الله كما ينطق الواحد منا لأ. كلامه سبحانه وتعالى لا يشبه كلامنا ليس ككلام الخلق كما أن كل صفاته ليست كصفات الخلق كل صفاته أزلية أبدية سبحانه. فإذًا قلنا صفة نفسية هي صفة الوجود ثماني صفات هي صفات المعاني بقي أربع من الثلاثة عشر وهذه الأربع يقال عنها صفات سلبية معنى صفات سلبية أي أن كل صفة منها تدل على سلبي ما لا يليق عن الله سلبي أي نفي كل صفة منها تدل على نفي شيء غير لائق عن لله تبارك وتعالى لذلك يسمونها صفات سلبية. وهذه الصفات هي القِدم – والوحدانية – والقيام بالنفس – والمخالفة للحوادث القِدم: أي أن الله تبارك وتعالى لا بداية لوجوده كما قال: {هو الأول} الوحدانية: أي أن الله تعالى لا شريك له لا شيء يشارك الله لا في الذات و لا في الصفات و لا في الأفعال الله ليس له شريك في الألوهية ليس من ءاله معه الله واحد لا يوجد شبيه له الله واحد ليس متجزئًا إلى أجزاء المتجزئ إلى أجزاء هو الجسم الجسم مخلوق الله خالقه إنما الله موجود لا يشبه الموجودات. فإذًا الله تبارك وتعالى قديم لا ابتداء لوجوده واحد لا شريك له قائم بنفسه معناه لا يحتاج إلى غيره معنى القيام بالنفس نفي الحاجة عن الله إلى غيره. مخالف للحوادث: أي للمخلوقات الحادث ما لم يكن موجودًا ثم وُجد أي المخلوق الله تبارك وتعالى مخالف للحوادث أي لا يشبه الحوادث بأي وجه من الوجوه مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك الله لا يشبه الإنسان لا يشبه الملك لا يشبه الجن لا يشبه الهواء لا يشبه النار لا يشبه النور لا يشبه السماء لا يشبه الماء لا يشبه الأرض لا يشبه شيئًا من المخلوقات ليس شيئًا له شكل أو حجم طول وعرض لأ هذا كله صفات المخلوقين هذا كله يدلنا على أن من اتصف بهذه الصفات فهو مخلوق محتاج وحاشى لله أن يكون مخلوقًا محتاجًا إذًا هو سبحانه وتعالى منزه عن مشابهة المخلوقات بأي وجه من الوجوه. إذًا نلخص عقيدة الإسلام في الله أن الله ذات لا يشبه الذوات متصف بصفات لا تشبه الصفات يجب على كل مكلف أن يعلم أن الله تعالى موجود و أنه سبحانه و تعالى باقٍ لا نهاية لوجوده و أنه سبحانه و تعالى قادر لا يعجزه شيء عالم لا يخفى عليه شيء أنه مريد شاءٍ لا يحصل شيء إلا بإرادته سبحانه وتعالى وأنه تعالى حي حياته ليست كحياتنا وأنه سبحانه وتعالى سميع سمعه ليس كسمعنا بصير بصره ليس كبصرنا متكلم كلامه ليس ككلامنا وأنه سبحانه وتعالى لا بداية لوجوده كما أنه لا نهاية لوجوده لا بداية لوجوده وأنه لا يحتاج إلى غيره سبحانه وتعالى وأنه لا يشبه شيئًا من الأشياء بأي وجه من الوجوه وأنه لا شريك له لا في الذات ولا في الصفات ولا في الأفعال. هذا يجب على كل مسلم أن يعتقد ذلك وليس شرطًا أن يحفظ هذا عن ظهر قلب الشرط أن يعرفه وليس شرطًا أن يعرف التعبير عنه الذي عليه أن يعرفه في قلبه باللغة العربية أو بغير اللغة العربية إذا حفظ ذلك أو إذا لم يحفظ إذا شرح له ذلك بأي لغة طالما عرف معنى ذلك بقلبه حصلت له المعرفة الواجبة على كل مكلف. نكتفي الآن بهذا في شرح الحديث ونكمله إن شاء الله فيما بعد. والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم .

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp