fbpx

الأربعون النووية – الدرس 5

شارك هذا الدرس مع أحبائك

الأربعون النووية الحديث الثاني الجزء الثاني قال الشيخ سمير القاضي حفظه الله الحمد لله ربّ العالمين أحمده وأستعينه وأشكره وأستهديه وأصلي وأسلم على سيدي الكريم محمد بن عبد الله وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. إن شاء الله تعالى نكمل في بيان معنى حديث جبريل كنّا ذكرنا قسمًا من معناه والآن نكمل من حيث كنا قد وصلنا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تؤمن بالله وملائكته. الشرح: وملائكته الملائكة جمع ملك وهم عباد مكرمون قال ربُّنا: {عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ} سورة الأنبياء. لهم اختيار لكنهم لا يختارون إلا الطاعة كما قال ربُّنا: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} سورة التحريم. وكما قال:{لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} سورة الأنبياء والملائكة خلقوا من نور أجسامهم نورانية لطيفة لا يأكلون لا يشربون لا ينامون لا يتغوطون ليسوا ذكورًا وليسوا إناثا لا هم ذكور ولا إناث ليس لهم أعضاء الذكورية ولا لهم أعضاء الأُنوثة يقدرون على التشكل بأشكال مختلفة لكن إذا تشكلوا بأشكال ذكور يكونون من غير ءالة الذكورية ولا يتشكلون بأشكال إناث البتة كما بين ذلك كتاب ربنا عزّ وجلّ لهم وظائف مختلفة منهم من يأتي بالوحي إلى أنبياء الله تعالى منهم من وكّل بالريح منهم من وكّل بالمطر منهم من وكّل بالزرع منهم من وكّل بالجبال منهم من وكّل بقبض الأرواح منهم من وكّل بالعذاب منهم منهم من وكّل بحفظنا بحفظ الناس من أذى الجن لهم وظائف كل واحد منهم له مقام معلوم وقدر مقسوم وهم قد ملئوا السموات السبع الملائكة السموات السبع مشحونة بالملائكة وهم أكثر عددًا من الإنس والجن أكثر عددًا من الأشجار ومن ورق الأشجار ومن الرمال كثيرون جدًا جدًا خلقهم الله تبارك وتعالى لهم أجنحة منهم من له جناحان ومنهم من له ثلاثة ومنهم من له أربعة ومنهم من له أكثر ذلك إلى ستمائة جناح. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكتبه الشرح: أي يجب علينا الإيمان بالكتب التي أنزلها الله تبارك وتعالى على أنبيائه هذه الكتب بعضها نزل في لوح بعضها نزل على الرسول على النبي بطريقة أُخرى يجب علينا أن نعتقد بأنها وحي من الله تبارك وتعالى وهذه الكتب فيها مما فيها وعد وعيد فيها أخبار أمور مختلفة ذكرها الله تبارك وتعالى في هذه الكتب وهي كلها عبارات عن كلام الله الذاتي الذي لا يشبه كلامنا كنا ذكرنا أن كلام الله لا يشبه كلامنا أنزل الله هذه الكتب على أنبيائه بلغات مختلفة حتى تدل على معنى كلام الله الذاتي هي دلالة تدل على معنى كلام الله تبارك وتعالى عبارة عن كلام الله تبارك وتعالى بعضها نزل بالسُريانية بعضها نزل بالعبرانية بعضها نزل بالعربية وهو القرءان العظيم وقد جاء في حديث ابن حبان أن عددها مائة وأربع كتب أو مائة وأربع كتب خمسون صحيفة أُنزلت على شيث ثلاثون أُنزلت على إدريس عشرة على إبراهيم وعشرة على موسى قبل أن تُنزل عليه التوراة ثم أُنزلت التوراة على موسى والزبور على داود والإنجيل على عيسى والقرءان على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يجب علينا الإيمان بهذه الكتب كلها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ورسله الشرح: أي يجب علينا أن نؤمن بكل الأنبياء الذين أرسلهم الله تبارك وتعالى من عرفنا منهم ومن لم نعرف النبي إنسان ذكر أوحى الله تبارك وتعالى إليه أرسله الله تبارك وتعالى وأنزل عليه الوحي وأيده بالمعجزة حتى يدعو إلى شريعة من الشرائع هذا معنى النبي إذا كان أُنزل عليه أحكام لم تكن في الشريعة التي قبله فهو نبي رسول إذا دعا إلى الشريعة التي كانت قبله نبي غير رسول إذا أُنزل عليه أحكام لم تكن في الشريعة التي قبله حكم أو أكثر بعض الأحكام التي لم تكن في الشريعة التي قبله فهو نبي رسول جاء في بعض الأحاديث أن عدد الأنبياء مائة وأربعة وعشرون نبيًا الرسل منهم ثلاثمائة وبضعة عشرة رسولا هؤلاء الأنبياء كل منهم لا بد أن يكون متصفًا بالإيمان ينشأون على الإيمان قبل أن ينزل عليهم الوحي يكونون على الإيمان لو نشأوا بين قوم كفار ينشأون على الإيمان فإذًا الأنبياء كل منهم لا بد أن يكون متصفًا بالإيمان بالصدق بالزكاء كل منهم لا بد أن يكون معصومًا من الكفر لا يصدر منه كفر لا قبل النبوة ولا بعدها معصومًا من الكبائر لا يحصل منه كبيرة من الكبائر لا قبل النبوة ولا بعدها لا بد أن يكون معصومًا أيضًا من الصغائر التي تدل على خسة التي تدل على دناءة في نفس من يفعلها قبل النبوة وبعدها بل كل فعل خسيس ولو كل فعل يسقط الإنسان من أعين الناس الأنبياء معصومون منه ولو لم يكن هذا الفعل ذنبًا معصية من المعاصي الأنبياء يصونهم ربهم عزّ وجلّ من ذلك ويحفظهم منه كذلك لا يصيب النبي من الأنبياء مرض منفر لا يكون في نبي من الأنبياء مرض ينفر الناس من الاقتراب منه والاستماع إليه لأن الله أرسلهم للدعوة فلا يصيبهم بمرض يُنفر الناس منهم لذلك ما يذكر في حق سيدنا أيوب عليه السلام أنه مرض حتى خرج الدود من جسده هذا غير صحيح هذا افتراء على سيدنا أيوب نعم مرض مرضًا شديدًا ثمانية عشرة عامًا لكن لم يخرج الدود من جسده. ما يذكر عن سيدنا إبراهيم بأنه عبد الكوكب والشمس والقمر ثم بعد ذلك عبد الله هذا غير صحيح إنما إبراهيم كان يقول لما رأى الكوكب هذا ربي ينكر على قومه هذا الذي تزعمون أنه ربي من باب الاستفهام الإنكاري. ما يذكر عن سيدنا يوسف عليه السلام من أنه أراد أن يزني بإمرأة العزيز لولا أن رأى والده عاضًا على أصبعه هذا افتراء على سيدنا يوسف غير صحيح كذب عليه الله تبارك تعالى قال:{لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء} سورة يوسف إذا صرف الله عنه السوء والفحشاء كيف يفعل مثل هذا الفعل كيف يهم بالزنا هذا كذب إنما قول الله تعالى:{ولقد همت به} أي أرادت الزنا {وهمّ بها} أي هم بدفعها عنه {لولا أن رأى برهان ربه} لولا أن أطلعه الله أنه إذا دفعها تتأخذ ذلك حجة لها عند قومها تقول أراد أن يجبرني على الزنا هذا معناه. إذّا أنبياء الله تعالى لا يحصل من أحد منهم كفر لا قبل النبوة ولا بعدها لا يحصل من أحد منهم كبيرة من الكبائر لا قبل النبوة ولا بعدها لا يحصل من أحد منهم صغيرة فيها خسة سفاهة تدل على دناءة في نفس فاعلها كذلك لا يحصل منهم أي سفاهة أي فعل سفيه ولا يصابون بالأمراض المنفرة أما الأمراض التي هي ليست منفرة فيصابون بها تجوز عليهم النبي عليه الصلاة والسلام كان مرض فكان يوعك كما يوعك الرجلان من الناس. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: واليوم الآخر الشرح: وقدم عليه الصلاة والسلام ذكر الملائكة على الأنبياء ليس لأنهم أفضل لكن لأنهم وُجدوا قبل الأنبياء لتقدمهم في الوجود لذلك قدم ذكر الملائكة على الأنبياء الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته ورسله لماذا ذُكرت الملائكة قبل الرسل قبل الأنبياء لأن الملائكة وجدوا قبل الأنبياء لأجل ذلك لا لأنهم أفضل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: واليوم الآخر الشرح: اليوم الآخر سُمي كذلك لأنه آخر أيام الدنيا لا يوجد بعده لا ليل ولا نهار المقصود من ذلك التصديق بيوم القيامة وما اشتمل عليه يوم القيامة من إعادة الأجساد التي كان أكلها التراب وإعادة الأرواح إليها ثم الخروج من القبور والحشر حشر الناس ومحاسبتهم ووزن الأعمال والصراط والشفاعة ودخول قسم إلى الجنة من الناس وقسم إلى النار والإيمان بأن الزمان يستمر بعد ذلك إلى ما لا نهاية له فيخلد أهل الجنة في الجنة ويخلد أهل النار في النار. المؤمنون العصاة الذين لم يسامحهم الله يعذبون مدة في النار ثم يخرجون منها ويدخلون الجنة وبعد ذلك كل من في الجنة خالد فيها وكل من في النار خالد فيها إلى ما لا نهاية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتؤمن بالقدر خيره وشره. الشرح: لاحظ ماذا قال عليه الصلاة والسلام “الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره” أعاد ذكر تؤمن ليش للدلالة على أهمية الإيمان بالقضاء والقدر أعاد ذكر وتؤمن يعني تنبه أيها السامع هذا أمر شديد الأهمية وتؤمن بالقدر خيره وشره لأن الإيمان بالقدر من أعظم أركان الإيمان حتى قال الإمام الأشعري بأن الذي لا يؤمن بالقدر لا يؤمن بأن كل ما يحصل من خير وشر في هذا العالم هو بمشيئة الله الذي لا يؤمن بذلك قال الإمام الأشعري مشرك قال هو واقع في نوع من أنواع الشرك أي أنه كافر كذلك قال الإمام أبو منصور الماتريدي إن الذي لا يؤمن أن كل شىء يحصل في هذا العالم من خير وشر هو بمشيئة الله تعالى وقضائه وقدره فهو مناقض للتوحيد يعني ليس موحدًا يعني هو كافر بالله تبارك وتعالى لذلك ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الذي لا يؤمن بالقضاء والقدر أي أن كل ما يحصل في هذا العالم يحصل بمشيئة الله ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا يكون كافرًا وكذلك الصحابة قالوا إنه يكون كافرًا والتابعون قالوا إنه يكون كافرًا وأتباع التابعين قالوا إنه يكون كافرًا الإمام أبو حنيفة ذكر أن من لا يؤمن بالقدر خيره وشره فهو كافر من لم يؤمن أن كل ما يحصل في هذا العالم من خير وشر يحصل بمشيئة الله فهو كافر. الإمام مالك قال:” كافر لا يجوز تزويجه بنات المسلمين”. الإمام الشافعي قال:”كافر خارج من الإسلام”. الإمام أحمد قال: “كافر خارج من الإسلام” لذلك لا يجوز التردد في كفر الذي لا يؤمن بالقضاء والقدر. المقصود أن الإنسان يعني يعتقد الإنسان أن الخير يحصل بمشيئة الله وقضائه وقدره وأمره أما الشر فيحصل بمشيئة الله وقضائه وقدره لكن لم يأمر الله به بل نهى عنه والخير والشر كلاهما واقعان في هذا العالم بمشيئة الله عزّ وجلّ الخير برضاه الشر لا يرضاه الله تبارك وتعالى الخير أمر الله به الشر أمر الله تبارك وتعالى بتركه لكن الأمران يحصلان بمشيئته لأنه لو كان يحصل في هذا العالم شىء واحد غصبًا عن مشيئة الله لكان الله تبارك وتعالى مقهورًا عاجزًا وعلى هذا دلنا قول الله عزّ وجلّ {وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}سورة التكوير لا يحصل شىء من الأشياء إلا بمشيئة الله تبارك وتعالى حتى مشيئتكم التي تشآءونها هي بمشيئة الله تحت مشيئة الله تبارك وتعالى وكما قال عزّ وجلّ: {إنّا كل شىء خلقناه بقدر} كل شىء الشىء يدخل تحته الخير والشر الطاعة والمعصية الأجسام والأعمال الأجسام وصفاتها كل هذا خلقه الله تبارك وتعالى بقضائه وقدره ويدل على ذلك أيضًا قول الله عزّ وجلّ: {والله خلقكم وما تعملون} الله خلقكم وخلق عملكم أنتم مخلقون لله وعملكم مخلوق لله تبارك وتعالى خيرًا كان أو شرًا ويدل عليه ما أجمع المسلمون عليه في كل بلاد الدنيا أنهم يقولون ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فالقدر فيجب كما قال النبي عليه الصلاة والسلام أن يؤمن الإنسان بقدر الله تبارك وتعالى أن كل شىء يحصل بمشيئته عزّ وجلّ أن الأمور لا تجري بهذا العالم لا تجري إلا على حسب علم الله ومشيئته الأزليين هذا ما يجب أن يعقد المسلم عليه قلبه وأن لا يتردد فيه. في الحديث وأن تؤمن بالقدر خيره وشره هذا يحتاج إلى شىء من النظر حتى يشرح على وجهه نقول نحن نؤمن بالقدر خيره وشره أي نؤمن بتقدير الله للأمور أي أن الله يجعل الأمور في هذا العالم على ما هي عليه فالتقدير صفة لله تعالى وما كان صفة لله تعالى لا يجوز أن يقال منه خير ومنه شر لا يجوز أن يقال علم الله منه خير ومنه شر حياة الله منها خير ومنها شر لا يجوز أن يقال مثل ذلك إذا ما معنى الإيمان بالقدر خيره وشره أي الإيمان بتقدير الله للأمور وأن كل ما يحصل من خير وشر يحصل بتقدير الله هذا فإذًا أن تؤمن بالقدر أي بالتقدير خيره هذه الهاء التي في خيره ترجع إلى القدر لكن ترجع إلى القدر ليس بمعنى التقدير إنما بمعنى المقدور بمعنى ما يحصل بتقدير الله تعالى ما يحدث ما يوجد ما يخلق بتقدير الله تبارك وتعالى فإذًا نؤمن بالقدر أي بصفة الله التقدير خيره أي خير المقدور سواء في ذلك الخير من المقدورات والشر من المقدورات فالهاء في خيره والهاء في شره يرجعان على القدر لكن لا بمعنى التقدير بل بمعنى المقدور هذا معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم. هذه الأمور من آمن بالله وبرسوله عليه الصلاة والسلام وكتبه ورسله وملائكته واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من آمن بهذه الأمور التي ذُكرت فهو مؤمن إذا جزم بقلبه بذلك سواء كان جزمه ناتج عن استدلال عقلي أو لم يكن كذلك حتى لو أن إنسانًا نشأ في مكان بعيد عن الناس وكان هذا الإنسان ما اختلط بالناس ما فكر يومًا أن يستدل على وجود الخالق عزّ وجلّ ثم مر به قوم هؤلاء القوم كانوا مسلمين مؤمنين طائعين رأى طريقتهم رأى سمتهم قال مثل هؤلاء لا بد أن يكونوا على حق فآمن بالله ورسوله تقليدًا لهم لأن هؤلاء على هذه الحال لا بد أن يكونوا على حق ما نظر نظرًا عقليًا ما فكّر بالدليل العقلي لكن جزم بقلبه بالإيمان بالله وبرسوله عليه الصلاة والسلام فإن هذا الشخص يكون مؤمنًا نعم يجب عليه فرض عليه أن يستدل فرض عليه أن يعرف دليلًا إجماليًا على توحيد الله تبارك وتعالى لكن إذا لم يعرف ذلك فجزم وآمن تقليدًا صح إيمانه هذا ما عليه السلف ومحققوا الخلف لا يختلفون في ذلك. قال المؤلف: قال صدقت الشرح: قال صدقت بعد أن أولا سأله عن الإسلام فأخبره عليه الصلاة والسلام عن الإسلام فقال له صدقت تعجب الصحابة يسأله كأنه لا يعرف ثم يصدقه كأنه يعرف ثم سأله عن الإيمان أجاب النبي عليه الصلاة والسلام تعجب الصحابه يسأله كأنه لا يعرف ثم يصدقه كأنه يعرف أستغربوا حاله. قال المؤلف: قال فأخبرني عن الإحسان الشرح: أخبرني عن الإحسان أخبرني عن الشىء الأخص من أفراد الإحسان أعلى مراتب الإحسان أخبرني عنها ما هي أعلى مراتب الإحسان. قال المؤلف: قال أن تعبد الله كأنك تراه الشرح: أن تعبد الله كأنك تراه ولا يخفى أن العبد إذاكان يرى مولاه بين البشر العبد إذا كان يعمل أمام سيده الذي هو يملكه فإنه يحرص أن يؤدي عمله على الوجه التام الكامل هذا إذا كان أمام سيده من البشر فمن عمل كأنه يراه الله عزّ وجلّ الذي لا يشبه شيئًا من الأشياء الذي هو الخالق القادر على كل شىء من عمل كأنه يرى الله فحري به أو قمين هذا العبد أن يأتي بالأمور بالطاعات على وجهها الأكمل أن تعبد الله كأنك تراه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن لم تكن فإنه يراك الشرح: وإن لم تكن تراه وهذا هو الحال أنت لا تراه لا تغفل عن أنه سبحانه وتعالى يراك لا تغفل عن ذلك فاعمل عمل الذي يعلم أن مولاه يراه سبحانه. قال النووي رحمه الله في شرحه لمسلم قال أهم ما يذكر في هذا الحديث بيان الإسلام والإيمان والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله تبارك وتعالى. وقد أتفق أهل السنة من أشاعرة وماتوريدية على أنه لا يصح إسلام بلا إيمان ولا يصح إيمان بلا إسلام وأنهما كالظهر مع البطن فمن ليس مسلمًا ليس مؤمنًا ومن ليس مؤمنًا فليس مسلمًا إذا اختلّى أحدهما اختلّى الآخر لا يكون الإنسان مسلمًا إلا بأن يكون مؤمنًا ولا يكون مؤمنًا إلا بأن يكون مسلمًا. ومن صدق بالله ونبيه وكتبه ورسله فإنه يصدق بما أخبروا به ويجتنب أن يكذب ما أتوا به يجتنب أن يخرج في العقائد في الأصول عما جاء به أنبياء الله ويجتنب أن يكذبهم في فروع الشريعة لا يكذب ولا يرد ما جاء في القرءان ولا يرد ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام لا في الأصول ولا في الفروع. وقد ذكر العلماء أمورًا أجمعوا واتفقوا على أن من يقع فيها فهو كافر ممن ذكر هذه الأمور ابن جوزي أحد فقهاء المالكية المشهورين رحمه الله تعالى له كتاب معروف يسمى القوانين الفقهية قال فيه: لا خلاف في تكفير من نفى الربوبية من نفى وجود الله تبارك وتعالى لا خلاف في تكفيره أو الوحدانية من ادعى أنه يوجد مع الله إله آخر أو عبد مع الله غيره إذا عبد غير الله مع الله تذلل غاية التذلل لغير الله مع الله تعالى أو كان على دين اليهود أو النصارى أو المجوس أو الصائبين أو قال بالحلول أو قال بأن الله يحل في الأجسام يدخل فيها أو قال بالتناسخ يعني كما يقول بعض الناس بعد يموت الإنسان روحه تنتقل إلى إنسان آخر أو تنتقل إلى حيوان آخر يعيش بهذه الروح أو اعتقد أن الله غير حي نفى عن الله صفة الحياة أو غير عليم أو نفى عنه صفة من صفاته أي من الصفات الثلاثة عشرة التي ذكرناها والتي أجمع العلماء على أنه يجب على كل مكلف أن يعرفها أو قال صنع العالم غيره إذا قال هذا العالم خلق غير الله كافر أو قال هو متولد من شىء هو خارج من شىء له أب أو أم أو ادعى أنه يقعد مع الله يجالس الله يقعد مع الله والعياذ بالله تعالى أو ادعى أن العالم لا بداية له قديم أو شك في شىء من ذلك كله أو قال بنبوة أحد بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أو قال الأنبياء يجوز عليهم الكذب يجوز الكذب على أنبياء الله يجوز أن يكذبوا فيما يبلغون عن الله عزّ وجلّ أو قال الرسالة خاصة بالعرب لا بغيرهم أو ادعى في شخص أنه نبىء بعد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أو قال شخص أنا يوحي إلي بعد محمد عليه الصلاة والسلام أو قال أنا أدخل الجنة في الدنيا قبل الآخرة أدخل جنة عدن في الدنيا قبل الآخرة أو كفّر جميع الصحابة إذا إنسان قال كل الصحابة كفار فهو كافر أو جحد شيئًا مما يعلم من الدين ضرورة يعني قال عن شىء يعرف كل المسلمين أنه حلال قال عنه حرام مثل البيع والشراء أو شىء يعرف كل المسلمين أنه حرام قال عنه حلال مثل شرب الخمر أو شىء يعرف كل المسلمين أنه فرض قال ليس فرضًا مثل الصلوات الخمس أو شىء يعرف كل المسلمين أن في فعله ثوابًا قال ليس في فعله ثواب مثل صلاة الوتر أو نحو ذلك يعني شىء يعرف العالم والجاهل من المسلمين حكمه إذا كذّبه لأنه إذا كذب هذا فهو مكذب للرسول الذي أخبر به والذي يكذب الرسول فهو مكذب لله تبارك وتعالى أو سعى إلى بيوت الكفر إلى أمكان عبادة الكفار بزي أهلهم لابسًا الزي الخاصة بهم هناك أشياء يلبسها الكفار للعبادة خاصة بهم تدل على أن هذا الشخص من الدين الفلاني مثل القبعه التي يلبسها المجوس التي هي خاصة بهم وما شابه ذلك إذا لبسها ودخل بيوت عبادتهم مختلطًا بهم معهم أي مختلطًا بهم فهو كافر والعياذ بالله تعالى أو قال الولي إذا صار من الأولياء الكبار ما عاد فرضًا عليه أن يصلي أو يصوم أو أنكر حرفًا من القراءن وهو يعلم أنه من القرءان جحده أو زاد حرفًا عنادًا يعرف أن هذا الحرف ليس من القرءان زاد عليه هذا الحرف مثلا قل هو الله أحد إذا قال لأ ما في قل هو الله أحد أو مثلا الحمد لله ربّ العالمين إذا قال لأ في واو والحمد لله هذا تكذيب للدين والعياذ بالله تبارك وتعالى أو إذا ادعى أن القرءان ليس بمعجز يستطيع أي كان أن يأتي بمثله أو قال إن الثواب والعقاب معنويان يعني إذا قال ما في عذاب بالجسد في النار أو قال ما نعيم بالجسد في الجنة النعيم روحاني فقط كما يقول النصارى النصارى ينكرون أن يكون النعيم بالجسد والعذاب بالجسد من قال بمثل ذلك فهو مكذب لمحمد عليه الصلاة والسلام ولا يكون مؤمنًا بالله عزّ وجلّ أو قال الأئمة أفضل من الأنبياء إذا زعم أن أحدًا من أولياء الله تعالى غير الأنبياء أفضل من نبي من الأنبياء أي نبي من الأنبياء فهو خارج من الإسلام والعياذ بالله تعالى. يقول ابن جوزي هذه الأمور التي ذكرناها يقول ابن جوزي أجمع المسلمون عليها لا خلاف بينهم فيها يجب على الإنسان أن يتجنبها. بقي شىء ما أوضحته على ما أحب وهو أن الذي يدعي أنه يجلس مع الله يجالس الله حقيقة يعني أنه يقعد يكفر لأنه يدعي أن الله له مكان وهو له مكان وأن مكانه قريب من مكان الله والذي يعتقد أن الله له مكان يكون معتقدًا أن الله تعالى جسم له حجم له شكل له هيئة سواء قال مكانه الأرض أو قال مكانه السماء أو قال مكانه العرش أو قال هو متحيز فوق العرش كيف ما قال هذا السقف متحيز فوق رأسي مخلوق لأن له مكانًا حيزًا يشغله لأنه جسم كذلك الواحد من الذين أقابلهم يكونون في الأرض بمقابلتي كذلك لهم محل لهم مكان هؤلاء أجسام لهم شكل وهيئة وطول وعرض لا يجوز أن يوصف الله تبارك وتعالى بشىء من ذلك الذي يعتقد أن الله يشبه الخلق له صورة كما أن الخلق لهم صورة هذا ما عرف الله لأنه كذب قول الله تعالى: {ليس كمثله شىء} هذا ما آمن بقوله ليس كمثله شىء سبحانه. ونقف هنا بشرح هذا الحديث نكمله إن شاء الله تعالى بعد ذلك والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.