قال الشيخ سمير القاضي حفظه الله
شرح كتاب الأربعين النووية الحديث السابع عشر
الحمد لله صلاتي وسلامي على رسول الله محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
كلامنا الآن على الحديث السابع عشر من الأربعين النووية
قال المؤلف: الحديث السابع عشر عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه
الشرح: هذه الكنية أبو يعلى كنيته كنية هذا الصحابي
قال المؤلف:الحديث السابع عشر عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه
الشرح: كان أنصاريًا من الخزرج رضي الله عنه سكن بيت المقدس وترك عقبًا يعني له ذرية في بيت المقدس توفي سنة ثمان وخمسين عن خمس وسبعين سنة النووي رحمه الله قال قبره بظاهر باب الرحمة باق إلى الآن من أيام النووي كان قبره ما زال باقيًا عند باب الرحمة في بيت المقدس.
قال المؤلف: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله عزّ وجلّ كتب الإحسان
الشرح: كتب الإحسان يعني أمر به
قال المؤلف: على كل شىء
الشرح: إن الله عزّ وجلّ كتب الإحسان على كل شىء أي في كل شىء كما قال ربّنا عزّ وجلّ:{إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ}. وقال:{إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} وقال عزّ وجلّ:{هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ} والإحسان في الفعل يعني كيف يكون الإحسان في الفعل إيقاعه على ما يقتضيه شرع الله تعالى فيما أرشد إليه أن يوقع الفعل على حسب ما دل عليه الشرع أو على حسب ما يدل عليه العقل فيما كان يحتاج إلى إعمال الفكر إلى التفكر والنظر في فعله حتى يفعله على الوجه الحسن لكن بحيث لا يخرج في إعمال الرأي إلى مخالفة الشرع يعني بحيث يعمل رأيه في ذلك على ما يوافق شرع الله تعالى ملتزمًا في ذلك بالحدود التي حدته الشريعة ملتزمًا في ذلك بما طلبته الشريعة.
فيلاحظ أعماله كلها التي تتعلق بمعاشه يعني سياسة نفسه وما يملكه سياسة أهله سياسة أولاده سياسة من تعلق به من غير أهله وأولاده يلاحظ الأمور التي تتعلق بآخرته اعتقادًا بالقلب وعملا بالبدن يحسن نيته فيها يصفيها من الكودورات يبتعد عن حظ النفس يأتي بها على أفضل وجه يقدر عليه يخفي ما ينبغي إخفائه يظهر ما ينبغي إظهاره يراعي الرخصة لا سيما عدم الشدة عدم العنف لا سيما في تعامله مع غيره ويراعي الأخذ بالعزيمة لا سيما فيما يتعلق بأداء الواجبات وما يتعلق بأمر نفسه وما يتعلق بإقامة شعائر الدين يفعل ذلك ويثابر عليه ولو قال الناس إنه مجنون هكذا يكون الإحسان في العمل وأحسن الإحسان وأعلى درجاته ما جاء في حديث جبريل الذي ذكرناه قبل:”أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك”
قال رسول الله: فإذا قتلتم
الشرح: إذا أردتم أن تقتلوا ما أجاز الله لكم قتله حتى في حال القتل ينبغي أن يراعي الإنسان الإحسان.
قال رسول الله: فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة
الشرح: أحسنوا هيئة القتل القِتلة بكسر القاف أحسنوا هيئة القتل وحالته وذلك بأن يعترف الإنسان عند القتل كذبح الذبيحة مثلا يعترف لله بالمنة والشكر لله على نعمه وإنه سبحانه وتعالى سخر له ما يذبح ولو شاء لجعل الذبيحة مسلطة على الإنسان ولأن الله أباح له ما لو شاء لحرمه عليه سبحانه وتعالى.
وأيضًا يختار أسهل الطرق وأقلها تعذيبًا وإليمًا مع مراعاة أوامر الشرع في ذلك في الوقت نفسه وبأن أن لا يكون قصد القاتل يعني مجرد اللهو والتعذيب في القتل بل يكون قتله للمنفعة المقصودة من هذا القتل.
ليس كما يفعل بعض الناس يطلقون الحمام ثم يطلقون الرصاص عليه لأجل اللهو يقتلونه لا يريدون أكله بذلك وهكذا لكل ما يقتله الإنسان إذا كان مؤذيًا ينبغي أن يكون قتله لدفع أذاه إذا كان شاة يريد أكلها ينبغي أن يكون قتله للإنتفاع بأكلها لا لأجل تعذيبها ولا لأجل اللهو إنما لأجل المنفعة المرادة منها على حسب ما دلت عليه شريعة الله تبارك وتعالى.
قال رسول الله: وإذا ذبحتم
الشرح: يعني إذا أردتم أن تذبحوا ما يجوز ذبحه
قال رسول الله: فأحسنوا الذبحة
الشرح: أيضًا بكسر الذال الذبحة بكسر الذال هي هيئة الذبح وحالته أي وارفقوا بالذبيحة هذا المراد أن يكون الإنسان عند الذبح رفيقًا بالذبيحة التي يذبحها
قال رسول الله: وليحد أحدكم شفرته
الشرح: الشفرة طرف الدية المدية السكين الطرف الحاد للسكين للمدية المقصود السكين وما شباهها من كل ما يُذبح به إذا أراد أن يذبح ذبيحة فليحد شفرته ليكن ما يذبح به حادًا.
قال رسول الله: وليرح ذبيحته
الشرح: ليجلب الراحة لما يذبحه قبل ذبحها لا يجرها مثلا إلى الذبح من أُذنها النبي عليه الصلاة والسلام رأى يومًا رجلا يجر شاة من أُذنها إلى الذبح فقال له:”خذها من سالفتها” هذا أسهل عليها وليرفق بها كما جاء في حديث عبد الرزاق أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا يسحب شاة برجلها ليذبحها فقال له ويلك خذها إلى الموت قودًا جميلا ترفق بها أرفق بها” في قودها إلى الموت وينبغي أن يواري أن يخبأ عنها إحداد الشفرة لا يحد الشفرة أمامها وأن يمر السكين عليها بسرعة كما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام:”وأن أمر بحد الشيفار وأن توارى عن البهائم أي تخبأ وقال إذا ذبح أحدكم فليجهز يعني فليسرع ليسرع في إمرار الشفرة على رقبة البهيمة ولا يذبح أخرى قوبالتها إذا ذبح وليتركها على حالها بعد الذبح حتى تستريح من اضطرابها لا يبدأ بسلخ جلدها قبل أن تهمد وتستريح من اضطرابها بل يمهلها حتى تبرد ثم يسلخها وقد رويت أحاديث في ذلك كله وأخرج الإمام أحمد أن رجلا قال يا رسول الله إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها فقال عليه الصلاة والسلام:”إن رحمتها رحمك الله إن رحمتها رحمك الله”.
قال المؤلف: رواه مسلم
الشرح: نعم ورواه أصحاب السنن أيضًا وغيرهم والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.