دموع الحبيب – ماذا كنت لتقول لآمنة بنت وهب؟ – الحلقة 12
شارك هذا الدرس مع أحبائك
دموع الحبيب
اسم المادة: حب النبي لحاضنته ومربيته
حب النبي لمربيته وحاضنته وأمه بالرضاعة
أن رسول الله قد نزع رداءه ووضعه على الأرض لتجلس عليه إمرأة من النساء دخل عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظر إليها وهي جثة هامدة وقال رحمك الله يا أمي كنتِ أمي بعد أمي يُخرج التراب بيديه ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم واستلقى في قبرها.
يا دمعة سالت من العين التي تفدى بروحي كي تراها مُقلتي قد نلتِ من خد النبي نصيبًا ما يرجوه صب مبتغًا باللهفة من قال لا تبكي الرجال وسيدي خير الرجال بكى دموع الخشية والليل يشهد بالصلاة دموعه بلت لشكر الله شعر اللحية.
ماذا لو التقينا بآمنة بنت وهب أم الحبيب ماذا لو ما كنّا لنقول كيف كنّا سنعبر لها عن حبنا لولدها عن إيماننا به عن تعظيمنا له ماذا كنا لنقول ما هي المشاعر التي تختلج قلوبنا ماذا لو التقى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن نُبئ علمنا النبي عليه الصلاة والسلام بحاله بمقاله بأفعاله قد يظن البعض أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم بر الوالدين بالقول فحسب وليس صحيحًا بل قائدنا محمد عليه الصلاة والسلام علمنا البر للوالدين بحاله وبمقاله بأفعاله يروى أن بعض الصحابة رآه ذات يوم أي رأى رسول الله قد نزع ردائه ووضعه على الأرض لتجلس عليه امرأة من النساء وصار النبي عليه الصلاة والسلام يكرمها ويظهر لها الإهتمام فسأل بعض الناس من هي تلك المرأة التي أكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الإكرام فقالوا لهم هي حليمة السعدية أم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة إذا كان هذا إكرام النبي عليه الصلاة والسلام لحليمة فكيف كان سيكون إكرامه لآمنة لو أدركها كبيرًا حية.
الرسول عليه الصلاة والسلام كان له حاضنة مربية أُم أيمن الحبشية بركة هذه أم أيمن كانت تحب النبي عليه الصلاة والسلام محبة عظيمة كان يقول لها النبي أمي بعد أمي.
أم أيمن أحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يزورها كان عندها ذات يوم وكانت قد حضرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا ولكن رسول الله صلى الله عليه امتنع من الأكل وكان معه أنس بن مالك يقول أنس ما أدري أكان صائمًا أم لشىء آخر فجعلت أُم أيمن تذمر وهذا من الدلال وإلا فهي تعظم رسول الله وتؤمن به هذا لما لها من الدلال دلال الأم على ولدها وصارت تحث النبي عليه الصلاة والسلام تعزم عليه أن يأكل كما هو معروف في شأن الأمهات أنها تعزم على ولدها ليأكل محبة به لا اعتراضًا عليه ولا تكبرًا واستهزءًا هذه أم أيمن التي كان يعظمها النبي عليه الصلاة والسلام تعظيم الأم ويوقرها ويجلها فكيف كان سيوقر آمنة بنت وهب لو أدركها كبيرًا وفاطمة زوجة أبي طالب أم علي رضي الله عنه وأرضاه تربى النبي عليه الصلاة والسلام في بيتها وكانت ممن اهتم بالنبي عليه الصلاة والسلام إهتمامًا عظيمًا وآمنت به ويروى أن النبي عليه الصلاة والسلام لما بلغه أن فاطمة قد ماتت جاء إليها مسرعًا دخل عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظر إليها وهي جثة هامدة وقال:" رحمك الله يا أمي كنتِ أُمي بعد أمي تجوعين وتطعمينني وتعرين وتكسين وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعمينني تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة رحمك الله يا أمي" وأمر بتغسليها ويروى أن النبي عليه الصلاة والسلام شارك في تغسيلها والنبي عليه الصلاة والسلام نزع قميصه لتكفن فيه وأي بر هذا أي بر هذا وهي ليست أمه التي ولدته بل هي التي ربته ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف الفضل لأهله.
وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلحدوا لها لحدًا فلما حفروا لها هذا القبر نزل معهم رسول الله يُخرج التراب بيديه ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم واستلقى في قبرها وقال:"الله الحي الذي لا يموت الله الحي الذي لا يموت اللهم اغفر لأمي فاطمة وارحمها ووسع عليها قبرها بحقي وحق الأنبياء من قبلي الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ".كبر رسول الله في قبرها أربعًا قبل أن ينزلها في قبرها هنيئًا لك من مثلك يا فاطمة برك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرك.
وأما آمنة فلم يلقها رسول الله كبيرًا لم ينظر إليها ولم تنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتسن له أن يخدمها بيديه لم يتسن له أن يظهر لناس كيف يكون إكرامه لآمنة بنت وهب لو كانت حية ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار قبر هذه المباركة زار قبرها بعد أن استأذن ربّه استأذن ربّه فأذن الله له وكان معه صحابته أتخيل منظر هؤلاء الصحابة كيف كان حالهم وهم يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقدم نحو قبرها وبكى بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قبر آمنة وبكت معه صحابته ماذا كان في قلب الحبيب وماذا كان في باله لكنه كان يبكي وقال عليه الصلاة والسلام:"أستأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يؤذن لي". وما السبب إنما مُنع النبي صلى الله عليه وسلم من الإستغفار لأمه لأن النبي قدوة وكان صحابته يقلدونه في كل شىء كانوا إذا رأوه يفعل شيئًا فعلوا مثله وآمنة ليست كآبائهم وأمهاتهم آمنة مؤمنة آمنة آمنت بالله وإن لم تدرك مبعث النبي عليه الصلاة والسلام آمنة بركة طيبة صالحة لكن مُنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإستغفار لها حتى لا يستغفر صحابة رسول الله لآبائهم وأمهاتهم الذين ماتوا على الشرك قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ ءامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.
إلى كل من فقد أمّه لا تبخل عليها بالدعاءلا تبخل عليها بالزيارة أما اشتقت لها هل بخلت عليك بالعطف والحنان أما سهرت الليالي لأجل بكائك ألم تتعب في سبيل تربيتك ألم ترضعك وتطعمك وتسقيك ألم تفرح بك عند ولادتك ألم تملأ بيتها سعادة فرحًا وسرورًا أما كانت عينها تلمع بهجة عند رؤيتك صغيرًا تضحك أماكان قلبها يتفطر حزنًا على ألمك ومرضك وبكائك.
إنتبه إيّاك وقسوة القلب فليكن قلبك لين وليكن قلبك حنونًا تذكرها كل يوم وتذكر أباك أرسل لهما الهدايا واستغفر لهما ربّك واقرأ لهما القرءان وزر قبرهما وإن كانا حيين فبادر وأسرع إلى برهما وإيّاك والعقوق فإن العقوق ممحقة للبركة وإن البر مجلبة للبركة لمن يريد البركة في حياته لمن يريد التيسير والساعدة في حياته لمن يريد الخير في أيامه لمن يريد العون في ساعاته عليك ببرك لأبويك فإن المعلم القائد يقول:"الوالد أوسط أبواب الجنة".