دموع الحبيب – فكيف بالليلة الأولى داخل القبر – الحلقة 13
شارك هذا الدرس مع أحبائك
دموع الحبيب
اسم المادة: شكر الله
الرقم: 0013
شكر الله
إذا غيّر الإنسان مضجعه ونام في بيت غير الذي يبيت فيه يقلقه الأمر فكيف بالليلة الأولى داخل القبر نحن الآن مع موعد لنتذكر ذنوبنا أتقى رجل وأزكى نفس وأحسن إنسان رسول الله غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومع ذلك كان يبكي وسئل ما يبكيك يا رسول الله.
يا دمعة سالت من العين التي تفدى بروحي كي تراها مُقلتي قد نلتِ من خد النبي نصيبًا ما يرجوه صب مبتغًا باللهفة من قال لا تبكي الرجال وسيدي خير الرجال بكى دموع الخشية والليل يشهد بالصلاة دموعه بلت لشكر الله شعر اللحية.
نحن الآن مع موعد لا لنحكي قصة بكى فيها رسول الله ولكن لنبكي فيها على أنفسنا اذهب إلى غرفتك وأطفئ النور وأغمض عينيك وتخيل معي تخيل معي نفسك في القبر وحيدًا وضعوا الناس عليك التراب وهم أهلك وانفضوا من حولك وانصرفوا تخيل نفسك أنت بين أربع جدران وسيأتي الملكان منكر ونكير يأتي السؤال منظرهما مخيف أسودان أزرقان عيونهما كقدور النحاس صوتهما كالرعد القاصف كيف ستكون الليلة الأولى في القبر إذا غيّر الإنسان مضجعه ونام في بيت غير الذي يبيت فيه يقلقه الأمر فكيف بالليلة الأولى داخل القبر تخيل نفسك وأنت تُسأل يوم القيامة أمام الخلائق أمام الناس أمام البشر أعطاك الله الصحة أعطاك الله العافية أعطاك القوة والنشاط أعطاك البدن والجوارح أعطاك الأعضاء الحواس أعطاك الذهن والعقل أعطاك الليل والنهار أعطاك الهدوء والراحة أعطاك وأنعم عليك فكيف استخدمت نعم الله هل استخدمت نعمته لتعصيه هل استخدمت ما أنعم به عليك ... به أذكي أنت أذكي أنا لأستخدم العيون التي أعطاني الله إيّاها لأعصي بها ربّي أو لأستخدم الجوارح التي خلقها الله فيّ وتفضل بها عليّ لأعصي الله بها أغمض عينيك تخيل أن رسول الل صلى الله عليه وسلم في داخل حجرتك يصلي ويصلي ويصلي ويصلي حتى تتورم قدماه من غير إضرار إنما تعب ويبكي يبكي حتى تبتلى لحيته ويبتلى حجره ويبتلى التراب من تحته ونحن لا نبكي أليس النبي عليه الصلاة والسلام أمر بعض الصحابة بالبكاءفقال:"ولتبك على خطيئتك".
نحن الآن مع موعد لنتذكر ذنوبنا وأخطائنا أغمض عينيك وتذكر القبائح التي اقترفتها قبل كيف تجرأت على معصية الله هو ربّ قادر هو ربّ عظيم هو ربّ قوي هو الله الجبار المنتقم ولكنه رحيم بنا إن كنّا لا نعذب الآن فلسنا لأنّا أتقياء ولكنّا رُحمنا برحمة الله إن كنّا الآن غير مفضوحين فوالله لا لأننا كاملون بل لأن الله تعالى ستر علينا ولم يفضحنا فلا ينبغي أن نغتر بستر الله لا ينبغي أن نغتر بعفو الله كيف تجرأت على معصية الله كيف تجرأت أن تُذنب وأن تستخدم نعم الله أهكذا يكون شك الله!
أتقى رجل وأزكى نفس وأحسن إنسان رسول الله غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومع ذلك كان يبكي فسئل ما يبكيك يا رسول الله ما يبكيك يا حبيب الله فقال عليه الصلاة والسلام:" أفلا أكون عبدًا شكورًا " تذكر أن كل جزء من أجزاء بدنك هو نعمة من الله عليك لا تشغلك نعمة الله عن شكر المنعم أغمض عينيك وتخيل معي تلك اللحظة لحظة الفراق أغمض عينيك وتخيل لو جاءك عزرائيل لو جاءك ملك الموت انتهت لحظات الدنيا وانتهت الأنفاس الدنيا مرت الساعات وأنقضت وحانت لحظة الفراق إما أن يقول: أبشر برحمة الله ورضوان يا حبيب الله وإما أبشر بسخط الله وعذابه يا عدو الله وعندها يبدأ العذاب إلى الأبد.
أحبتي نحن على موعد الآن لنتعلم شكر الله وشكر الله مراتب وأعلى الشكر وأوجبه علينا أن نعبد الله تبارك وتعالى أن نعرف ربّنا أن نعرف خالقنا لا يكون شاكرًا لله عزّ وجلّ من لا يعرف ربّه فإن العبادة لا تصح إلا بعد معرفة المعبود فكيف تعبد من لا تعرفه تعرف الله تبارك بمعرفة صفاته تعرف الله تبارك وتعالى بنعوت جلاله وعظمته تعرف الله تعالى بكمال قدرته تعرف الله تبارك وتعالى بأن تعلم أن خالق هذا الكون كان قبل الكون ولا يشبه الكون كان قبل الزمان وقبل المكان قبل الأرض وقبل السماء كان قبل هذه الدنيا أبدعها وأتقنها ولم يتغير فلا يوصف ربّنا بالتغير والتحول والتطور والتبدل ليس بدلا ليس جسمًا ليس لونًا وليس شكلا ليس متحركًا وليس ساكنًا لا يكون شاكرًا لله تعالى من ظن أن الله تبارك وتعالى هو كالإنسان كيف يكون شاكرًا من وصف الربّ الكامل القادر بصفة الإنسان الناقص العاجز فقد ورد في الحديث عن الله تبارك وتعالى :"شتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك وأما شتمه إيّاي فقوله أتخذ الله ولدًا". إيّاك وشتم الله فإذا وصفت الله تبارك بأوصاف البشر العاجزين الناقصين فقد شتمت الله عزّ وجلّ.
لا يكون شاكرًا لله تبارك وتعالى من ظن أن أفعالنا ليست بخلق الله بل هي بخلقنا فقد مدح الله تبارك وتعالى نفسه في القرءان وعظّم ذاته فقال:{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ} فإيّاك أن تظن أن أفعالنا معاصينا وطاعاتنا بخلقنا أو بخلق غير الله فكل شىء في هذه الدنيا بخلق الله والتزم ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لبعض بناته قائلا:" ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن" ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك كل شىء بقدر كل شىء بقدر حتى عجزنا وكيسنا ذكاءنا قوتنا وضعفنا التزمنا وتقصيرنا إمتثالنا وخطأنا حلونا ومرنا حسننا وقبيحنا كل ذلك بخلق الله تبارك وتعالى هكذا تكون شاكرًا لربّك.
تشكر ربّك عندما تؤمن بأنبيائه فإيّاك أن تفرق بين أنبيائه فتؤمن ببعض وتكفر ببعض آمن بهم جميعًا آمن بآدم وبنوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد لا نفرق بين أحد من رسله فكهلم قد بلغوا عن الربّ الواحد فإذا كان مرسلهم واحدًا فلا بد أن تكون ديانتهم واحدة وهي الإسلام العظيم.
وإن قصرت في شكر ربّك فنسبت إليه ما لا يليق أو كفرت بنبي من أنبيائه فبادر فورًا وأرجع إلى شكر الله تبارك وتعالى بأن تنطق بشهادة الحق بأن تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمّدًا رسول الله جعلها الله آخر كلامنا عند الموت.