دموع الحبيب
قراءة القرءان وحفظه
ربما سألنا هل مات أحد هل من ميت والجواب قلوبنا ماتت كم ختمة ختمت من القرءان حتى الساعة لم تختم بعد ألا تستحي أن تأتي يوم القيامة وقد قرأت كل هذه الكتب في عمرك ولم تقرأ مرة كتاب الله تعالى قد حفرت قبرها بيديها وقرأت فيه ست الآف مرة كتاب الله تعالى.
يا دمعة سالت من العين التي تُفدى بروحي كي تراها مُقلتي قد نلتِ من خد النبي نصيبًا ما يرجوه صب مبتغًا باللهفة من قال لا تبكي الرجال وسيدي خير الرجال بكى دموع الخشية والليل يشهد بالصلاة دموعه بلّت لشكر الله شعر اللحية.
ءاية أبكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فتخيلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرءان يقرأ القرءان في صلاته ويقرأ القرءان في جوف الليل ويحكي بعض الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يصلون خلفه وكانوا يعلمون قراءة النبي عليه الصلاة والسلام للقرءان من اضطراب اللحية أي إذا صلى سرًا.
قبل أن نتكلم عن الآية التي بكى عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلننظر إلى أحوالنا ولنعتبر يدخل الواحد منّا المدرسة صغيرًا يمكث فيها كل يوم ساعات بين تعلم وحفظ وقراءة ومراجعة ولعب وصحبة إلى ما هنالك السنة تتلوها السنة والسنة تتلوها السنة وكتاب يتلوه كتاب فكم من كتاب في تعليم اللغة قرأناه وكم من كتاب في تعلم العلوم قد قرأناه كتاب في التاريخ كتاب في الجغرافيا كتاب في الحساب كتاب وكتاب إلى أن نتخرج من المدرسة وقد قرأنا كثيرًا من الكتب ثم يدخل أحدنا الجامعة وتزداد قرأته للكتب كل بفنه هذا في الاقتصاد وذاك بالطب وهذا في الهندسة يقرأ ويقرأ ويحفظ ويدرس لأجل الدنيا وأما كتاب الله تعالى فهو في الخزانة أو المكتبة قل ما نمسكه وإذا سمعنا مقرئًا يقرأ القرءان لربما سألنا هل مات أحد هل من ميت والجواب قلوبنا ماتت تركنا كتاب الله وشُغلنا بالكتب بعشرات الكتب منذ صغرنا منذ طفولتنا ونحن ننتقل من كتاب إلى آخر من فن إلى آخر وتركنا كتاب الله متى سنفتح كتاب الله متى سنقرأ ءايات كتاب الله متى سنفكر متى سنعتبر أليس النبي حثنا على قراءة القرءان لماذا نربي شبابنا على كثير من الأشياء ولا نربيهم على تلاوة القرءان وحفظه ومدارسته صار قُراء القرءان في أيامنا ندرة قليلة فإذا حفظ أحدنا كتاب الله في هذا الزمن أُشير إليه بالبنان يُشار إليه بالأصابع صار من أندر النادر أن تجد فينا من يحفظ كتاب الله ما هذه الجفة يا أحباب ما هذه القسوة يا سادة هذا كتاب الله تبارك وتعالى الذي أخبر النّبيّ عليه الصلاة والسلام عن سورتين البقرة وآل عمران تأتيان يوم القيامة لتدافع عن حافظهما كيف بالقرءان كم ختمة ختمت من القرءان حتى الساعة لم تختم بعد ألا تستحي أن تأتي يوم القيامة وقد قرأت كل هذه الكتب في عمرك ولم تقرأ مرة كتاب الله تعالى ولا تقل لي لم أتعلم قراءة القرءان نعم لا تقرأ من غير تعلم ولكن هل تجده عذرًا مقبولا ما الذي يمنعك كل هذه السنين أن تتعلم كتاب الله أن تتعلم القراءة شُغلت بالدنيا شُغلت بالتجارة ألا تحب أن يكون في صحائف عملك أنك ختمت كتاب الله ولو مرة في العمر.
فهذه السيدة نفيسة قد حفرت قبرها بيديها وقرأت فيه ست ألآف مرة كتاب الله تبارك وتعالى ما أحلاه من قبر منور.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن مسعود يومًا يا ابن مسعود:"اقرأ عليّ القرءان وكانت قد جرت العادة أن يقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرءان لا أن يقرأوا هم عليه القرءان فقال عبد الله بن مسعود: يا رسول الله أقرأه عليك وعليك أُنزل هو أُنزل عليك لم ينزل علينا تعلمناه منك أُنزل عليك وعلمتنا القرءان أنت تقرأه لنا الآن أقرأه عليك وعليك أُنزل فقال:" يا ابن مسعود أُحب أن أسمعه من غيري". ما هو حالك وموقفك يا ابن مسعود وأنت تقرأ القرءان أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتفكر في معاني ما تقرأ يتدبر قراءتك ما هو شعور عبد الله بن مسعود قرأ شيئًا من سورة النساء إلى أن وصل إلى قوله تعالى:{ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا} قال عبد الله بن مسعود فالتفت فرأيت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان بالدمع {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا} فكيف كيف حالهم إذا جيء من كل أمة بشهيد وهو نبيها نبي كل أمة {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا} يشهد النبي عليه الصلاة والسلام أن النبي قد بلّغ أمته بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سماعه للقرءان.
وروي أنه ذات يوم رؤي باكيًا فُسئل عن سبب ذلك فتلا قوله تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ (190)} ألسنا من أولي الألباب ألسنا من أولي العقول ألسنا من أصحاب العقول ما لنا لا نتفكر ونعتبر ما لنا لا نتفكر في خلق السموات والأرض نعيش فيها كل يوم نعيش في الأرض كل يوم ولكن تفكرنا قليل آن الأوان لنغمض أعيننا ونشغل أذهاننا وأبداننا بشكر الله تعالى وطاعته.
نسأل الله تبارك وتعالى أن لا يميتنا إلا وقد قرأنا كتابه وحفظناه ونسأل الله تعالى أن يجعل القرءان ربيع قلوبنا ونورًا لأبصارنا وأبداننا وجوارحنا وقبورنا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.