دموع الحبيب – رآه رسول الله مُقبلًا فبكى – الحلقة 9
شارك هذا الدرس مع أحبائك
دموع الحبيب صلى الله عليه وسلم
الشيخ أحمد حلمي
مصعب بن عمير
حبس وعُذب وضُرب وشُتم وأُهين فضاق عليه الأمر لكنه لم يتراجع يحفر في الأرض ويوضع المسلم حيًّا ويؤتى بالمنشار ويشق اثنتين لا يريد لرآية الإسلام أن تقع فهو الذي ترك الرفاهية هو الذي طلق الدنيا لأجل الإسلام هو الذي ترك المال وترك التنعم لأجل تلك القضية رفض أن تقع تلك الرآية ولو مزّقنا لو قطّعنا ولو قُتّلنا ولو مُثّل بنا لو جُرّحنا ولو ذُبحنا.
يا دمعة سالت من العين التي تُفدى بروحي كي تراها مُقلتي قد نلتِ من خد النبي نصيبًا ما يرجوه صب مبتغًا باللهفة من قال لا تبكي الرجال وسيدي خير الرجال بكى دموع الخشية والليل يشهد بالصلاة دموعه بلّت لشكر الله شعر اللحية.
رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا فبكى من هو هذا الصحابي الذي يروى أن النبي عليه الصلاة والسلام بكى عندما رآه قبل أن نصل إلى هذه الحادثة فلنتكلم عن منشئه هو رجل نشأ في مكة المكرمة وكان مدللا عند أبويه كان يتنعم بشتى أنواع النعيم يلبس أحسن الثياب بل روي أنه كان يلبس الحرير يأكل ألذ المأكولات ويشرب ألذ الشراب كان يضع أحسن العطر بشرته ناعمة جدًا وشعره حسن جدا كان يتقلب في أنواع النعيم وكان كريمًا ذا خلق حسن وذات يوم سمع بالإسلام فكان من أوائل من أسلم ولكنه أخفى إسلامه عن الناس حتى عن أبويه لم يعرف أحد بإسلامه لأنه يعرف أن أهله سيؤذونه أذًى شديدًا لا سيما أمه إلى أن رآه رجل يقال له عثمان بن طلحة رآه يصلي متخفيًا فنشر بين الناس أنه أسلم لما عرفت أُمه تبرأت منه صار يكلمها بلطف يا أماه هو الإسلام أن تشهدي أنْ لا إله إلا الله وأنّ محمّدًا فينا رسول الله ليس فيه ما يُعاب ليس فيه ما يُذم يا أُماه هو الإسلام إلى أن أُمه قالت له لست بأمك ومنعته من هذا الثراء وأخرجته من البيت هو مصعب بن عمير هذا الرجل الذي تبدل حاله من حال الرفاهية والثراء والثروة والتنعم إلى حال الفقر والزهد إلى الشدة إلى التعذيب مصعب بن عمير الذي كان ناعم البدن خشن جسده بسبب التعذيب حبس وعُذب وضُرب وشُتم وأُهين فضاق عليه الأمر لكنه لم يتراجع لم يتخل عن هذا الدين لم يتخل عن تلك القضية لم يتردد أصلا في ترك الإسلام إنه الإسلام يا سادة إنه الغالي والنفيس إنه الإسلام يا إخوان لو كان الأمر للوطن لما ترك رسول الله مكة ولو كان الأمر في القبيلة ما ترك رسول الله قريش ولو كان الأمر للون لما صاحب رسول الله بلالا وأُسامة ولو كان الأمر للغة فأخبروني عن سلمان ولكن الأمر لدين هو الغالي والنفيس. إخوة الدين يا أحباب هي أغلى من إخوة النسب لو كان الأمر للأهل والعائلة فأخبروني لما عادى رسول الله أبا لهب تبت يدا أبي لهب هو الإسلام يا سادة جاء خباب بن الأرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما كان تحت ظل الكعبة فقال يا رسول الله ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا يا رسول عُذبنا اشتد علينا العذاب ألا تستنصروا لنا يا رسول الله فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن كان قبلهم من الأمم يُحفر في الأرض ويوضع المسلم حيًّا ويؤتى بالمنشار ويوشق اثنتين وهو ثابت في الإسلام ويؤتى بمنشار الحديد وبأمشاط الحديد فيمشط اللحم عن العظم يفصل اللحم عن العظم وما يترك الإسلام إنه الإسلام يا سادة ثم أخبرهم النبي عليه الصلاة والسلام أن هذا الأمر سيتم وسيمشي الإنسان من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون أي اصبروا يا إخوان يُعلم النبيُ عليه الصلاة والسلام صحابته الصبر وقد حصل ذلك يا أحباب وهذا من دلائل النبوة قد انتشر الإسلام وعمّ صنعاء وحضرموت.
مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام لما آمن بعض أهل يثرب وأنتقلوا إلى يثرب وهي المدينة المنورة التي نورت بالحبيب محمد عليه الصلاة والسلام طلبوا معلمًا يعلمهم فأرسل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من لُقب في المدينة المنورة بالمقرئ يروى أنه أول من جمّع في المدينة أي أقام الجمعة هو مصعب عمير.
مصعب بن عمير الذي رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد في حالة صعبة ما هي الحالة التي كان عليها مصعب؟
مصعب حمل لواء المهاجرين في أحد مصعب أمسك بالرآية فقُطعت يمناه فأمسكها بيسراه فقطعت يسراه فأخذها بين عضاضيه رآية الإسلام تمسك بها مصعب تحامل عليها مصعب لا يريد لرآية الإسلام أن تقع فهو الذي ترك الرفاهية هو الذي طلق الدنيا لأجل الإسلام هو الذي ترك المال وترك التنعم لأجل تلك القضية رفض أن تقع تلك الرآية إلى أن قُتل مصعب فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد قُتل فلما أرادوا تكفينه ثيابه لم تكفه إذا سُتر رأسه ظهرت قدماه وإذا ستروا القدمين ظهر رأس مصعب هذا حال مصعب قال النبي عليه الصلاة والسلام: "استروا رأسه واجعلوا على قدميه الإذخر". نبات معروف.
هذا مصعب رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم مقبلا كما يروى وكان عليه من الثياب ما هو زهيد جدًا فقال عليه الصلاة:"أنظروا إلى هذا الرجل الذي نوره الله إني رأيته بين والديه يغذيانه بأطيب الطعام والشراب أُنظروا إلى الحال الذي عليه اليوم لأجل ماذا حبًّا بالله وحبًّا برسول الله".
إخواني هو الإسلام نبقى عليه إلى الممات ولو مزّقنا ولو قطّعنا ولو قتّلنا ولو مثّل بنا لو جُرّحنا لو ذُبحنا لا نملك أغلى منه لا نملك أغلى من الإسلام.
رحمة الله عليك يا مصعب أنت لنا نعم القدوة أنت لنا نعم القائد أنت لنا نعم من حمل الرآية عهدًا منّا يا مصعب عهدًا منّا عهدًا منّا أن ما جاهدت لأجله عهدًا منّا يا مصعب أمثالك وصل إلينا جزاكم الله عن الأمة خير الجزاء جزاكم الله عنّا وعن الإسلام خير الجزاء إلى الملتقى بإذن الله بجنة الله يا مصعب.