fbpx

في بيت رسول الله – الدرس 10

شارك هذا الدرس مع أحبائك

برنامج: في بيت رسول الله الحلقة: 010 عنوان الحلقة: كلام رسول الله ﷺ يقول الله تعالى في القرءان الكريم: “وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى” مدح الله عز وجل كلام نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، مدح نطقه وما أحلاه من نطق، وما أحلاه من كلام، وما أحلاه من فصاحة، فقد كان سيدنا الرسول عليه الصلاة والسلام أفصح خلق الله، كلام جميل، كلام رزين، إذا تكلم خرج النور من ثناياه، وكان سيدنا الرسول عليه الصلاة والسلام يتكلم بكلام بين، فصل، مترسل، يفهمه سامعه ويحفظه، ولو أراد أن يعده العاد لعده، فيروى أن أبا هريرة رضي الله عنه وأرضاه بعد وفاة سيدنا وحبيبنا ورسولنا وقائدنا النبي محمد عليه الصلاة والسلام قعد أمام حجرة عائشة في المسجد وصار يسرد أحاديث رسول الله ﷺ وذلك لأن أبا هريرة هو أكثر من روى الأحاديث عن رسول الله ﷺ فصار يسرد الحديث تلو الحديث، الحديث تلو الحديث قال رسول الله، قال رسول الله، قال رسول الله، قال رسول الله، والناس يسمعون كلامه عن النبي عليه الصلاة والسلام وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها في حجرتها تسمع كلام أبي هريرة لكنها كانت في صلاتها فلما أنهت صلاتها كان أبو هريرة قد غادر، فكلمتهم السيدة عائشة رضي الله عنها وقالت: ما كان رسول الله ﷺ يسرد الكلام كسردكم هذا، إنما كان يبينه ويفصله بحيث يفهمه سامعه ويحفظه لو أراد حفظه. لكن كان لأبي هريرة مقصد حسن كما كان للسيدة عائشة رضي الله عنها مقصد حسن. هذا رسول الله ﷺ إذا أراد أن يتكلم ابتدأ كلامه بذكر الله تعالى فابتدأ الكلام بالبسملة، وما أحلى ذلك كلما أردت أن تتكلم ابتدئ كلامك بالبسملة وهذا يبعدك عن الكلام بما لا يرضي الله، لأنك لن تذكر البسملة في كلام محرم أو فيما لا يرضي الله عز وجل، فهذا رسول الله ﷺ كان طويل الأحزان، دائم الفكرة، قليل الكلام، كان إذا تكلم، تكلم بما يحتاج إليه، أوتي جوامع الكلم، ومعنى ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان عنده الكلمات التي هي من حيث الألفاظ قليلة، ولكن من حيث المعنى غزيرة كثيرة، فالرسول عليه الصلاة والسلام أوتي جوامع الكلم، يفهم كلامه الكل، يخاطب الناس على قدر عقولهم، وكان لا يذم طعامًا أو ذواقا، وهو ما يتذوق، وكان عليه الصلاة والسلام لا يغضب للدنيا ولكن إذا غضب لله كان ينتصر لغضبه، فلا يقف في وجهه أحد حتى يحق الحق، وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يتبسم لصحابته. ومن حديث النبي عليه الصلاة والسلام: عليكم بطول الصمت إلا من خير. ويقول: مادمت سالما ما سكت، فإن تكلمت كتب لك أو عليك. سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا خطب كأنه منذر جيش، لا يلتفت يمنة ولا يسرة حتى تحمر حدقته، كان عليه الصلاة والسلام إذا صافح أحدا ما كان يرد يده حتى يكون الآخر هو الراد أولا. كان عليه الصلاة والسلام إذا التفت، التفت معا أي التفت بكليته، فما كان يلتفت بوجهه فقط بل كان يلتفت بكل جسده وهذا فيه من إظهار الاهتمام ما فيه الكثير، فإن المستمع أو المتكلم إذا كان يتكلم مع سيدنا الرسول عليه الصلاة والسلام فالتفت له رسول الله بكليته انسر وفرح، سيدنا الرسول عليه الصلاة والسلام كان يبتسم لصحابته وكان يستمع حديثهم. وكان عليه الصلاة والسلام يبكي إذا اقتضى الأمر البكاء. روي أن رسول الله ﷺ قال يوما لعبد الله بن مسعود: اقرأ علي شيئا من القرءان، فقال هذا الرجل الصحابي: يا رسول الله أقرأه عليك وعليك أنزل؟ أنت علمتنا القرءان وأنزله جبريل عليك، وأنا أقرؤه عليك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أحب أن أسمعه من غيري. فقرأ سورة النساء حتى وصل إلى قوله تعالى:”فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا” فقال النبي عليه الصلاة والسلام: “حسبك”، أي توقف. قال عبد الله بن مسعود: فرفعت ناظري فرأيت عيني رسول الله ﷺ تذرفان بالدمع. نعم يتأثر، ومعنى هذه الآية، أن الأنبياء يوم القيامة يُسألون لإظهار شرفهم ولإظهار أنهم أدوا الأمانة، وبلغوا الأمم، ثم يقال لهم: من يشهد لكم أنكم بلغتم؟ فيقولون: محمد، فقال تعالى:”وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا” حبيبي رسول الله، وحبيبي كلامه ونطقه وفصاحته، أحب ضحكه وأحب تبسمه، أحب مزاحه وأحب جِده، أحب رسول الله كيف كان، رسول الله عليه الصلاة والسلام كان يمزح، ولكن ما كان يقول إلا الحق، وقد ورد من مزاح رسول الله ﷺ الشيء الكثير، فيروى مثلا عن رجل جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام يستحمله، أي يقول يارسول الله احملني، أي يطلب شيئا دابة يركبها حتى تحمله، فلما رءاه النبي عليه الصلاة والسلام منكسر الخاطر قال: نعم أحملك على ولد الناقة، ولكن لم يخطر في بال الرجل من ولد الناقة إلا ما كان فصيلا صغيرا، فقال: يا رسول الله وما يحمل ولد الناقة؟ أي هذا ولد الناقة صغير، هذا كيف يحملني؟ فقال عليه الصلاة والسلام: وهل يلد الإبل إلا النوق؟ أي أن الجمل الكبير هو ابن ناقة أيضا، إلا أن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يمازحه. وفي ذلك يروى أن رجلا لم يكن جميل الشكل، يقال له زاهر، وكان يسكن البادية، يأتي رسول الله ﷺ ببعض أغراض البادية، ويعطيه النبي عليه الصلاة والسلام بعض أغراض المدينة، فكان يقول: زاهر باديتنا ونحن حاضرون، أي الحضر أي المدينة، ذات يوم جاء النبي عليه الصلاة والسلام خلف ظهر زاهر واعتنقه، من غير أن يعرف زاهر من الذي اعتنقه من خلفه، وصار زاهر يقول: أفلتني من أنت؟ أفلتني، ثم لما عرف أنه رسول الله ﷺ جعل لا يألو أي لا يقصر أن يمسح ظهره بصدر رسول الله ﷺ، كيف تغير الحال! أراد أن يهرب أولا وبعد أن عرف أنه الرسول أراد أن يبقى بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام مضموما، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: من يشتري هذا العبد؟ يعني من هو في صورة العبد، فقال زاهر: إذن تجدني كاسدا يا رسول الله، الكاسد هو الذي لا يباع، نقول بضاعة كسدت، معناه فات أوان بيعها، لا تروج بعد ذلك لا تباع، قال إذن تجدني والله كاسدا يا رسول الله، قال عليه الصلاة والسلام: ولكن أنت عند الله غال، أنت عند الله لست بكاسد. سيدنا رسول الله ﷺ كان يكلم الناس على قدر عقولهم، وكان إذا تكلم تكلم بحسب ما يقتضيه المقام، فلكل مقام مقال، فرسول الله ﷺ هو أفصح الخلق، فكان إذا تكلم مع الناس يكلم الناس على قدر عقولهم، يكلمهم بما يفهمونه، فكان يكلم الناس بالشيء الذي لا يستصعب عليهم، وهو أفصح الخلق، فإذا خاطب الفصحاء خاطبهم بأعلى فصاحة، فمثلا يروى أن النبي عليه الصلاة والسلام لما كلم بعض الفصحاء قال لهم وهم همدان: إن لكم فراعها ووهاطها وعزازها، تأكلون علافها وترعون عفاءها، لنا من دفئهم وصرامهم ما سلموا بالميثاق والأمانة ولهم من الصدقة الثلب والناب والفصيل والفارض والداجن والكبش الحواري وعليهم فيها الصالغ والقارح. كما وكلم ءاخرين بهذه الفصاحة العالية، وبذلك يظهر، وإن كنا لم نفهم معاني هذه الكلمات إلا بالنظر في الشروح، يظهر لنا أن رسول الله ﷺ كان عنده من الفصاحة الشيء الكثير الكبير إلا أنه كان يحدث الناس على قدر عقولهم. نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا أن نحشر تحت لواء نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وأن نرزق رؤيته في اليقظة وفي المنام وأن نسمع منه حلو الكلام، إنه على ما نسأله قدير. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.