برنامج: في بيت رسول الله
عنوان الحلقة: مرض وفاة رسول الله ﷺ
يقول الله تعالى في القرآن الكريم، {إنك ميت وإنهم ميتون} ويقول الله تعالى: { كل نفس ذائقة الموت،} نعم ذاق رسول الله ﷺ طعم الموت، لكن قبل أن يفارق رسول الله ﷺ الدنيا مرض مرضا شديدا، أما عن مرض رسول الله ﷺ فيُحكى الكثير، فهذه السيدة عائشة تُعرف بعلمها في الطب حتى صارت طبيبة من كثرة ما كانت تفدُ العرب عند رسول الله ﷺ وتصف له الأدوية فكانت السيدة عائشة تحضر هذه الأدوية لرسول الله ﷺ حتى صارت طبيبة، وهذا عبد الله بن مسعود يقول: ” يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا توعك كما يوعك رجلان منا فقال النبي عليه الصلاة والسلام نعم فقال عبد الله بن مسعود “يا رسول الله ذلك أن لك أجرين، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ” نعم” ثم قال:” ما من مسلم تصيبه مصيبة مرض فما سواه إلا حط عنه من سيئاته كما تحط الشجرة أوراقها” البلاء المرض قد يكون خيرا للعبد، رسول الله ﷺ كان كثير الأمراض وهذا فيه من رفعة الدرجة لرسول الله ﷺ الشيء الكثير، في السَنة السابعة للهجرة وبعد غزوة خيبر أكل رسول الله ﷺ من شاة مسمومة سمتها امرأة يهودية وكان النبي ﷺ يأكل مع غيره من الصحابة، وهذه الشاة تكلمت نطقت أخبرت رسول الله ﷺ أنها مسمومة، ولكن كان النبي عليه الصلاة والسلام قد وضع شيئا من اللقمة في فمه فكان قد نزل إلى جوفه شيء من هذا السم وكان هذا السم سُم ساعة يعني كان السم يقتل لوقته، ثم النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن أُخبر أي أخبرته الشاة أنها مسمومة توفي أمامه ذلك الصحابي إلا أن الله تبارك وتعالى لم يقبض روح النبي عليه الصلاة والسلام فور أكله من الشاة المسمومة وإنما عاش رسول الله ﷺ بعد ذلك ثلاث سنوات. رسول الله ﷺ يشكو ألمه لعائشة، تقول عائشة: “جاء النبي ﷺ من زيارة البقيع يشكو ألما في رأسه وكانت السيدة عائشة تقول وارأساه فقال عليه الصلاة والسلام “بل أنا وارأساه، يقول النبي عليه الصلاة والسلام يا عائشة ما أزال أجد ألم ذلك السُم الذي أكلت بخيبر ويقول: “وهذا أوان انقطاع أبهَري” والأبهر هو عرق القلب، يعني أن النبي عليه الصلاة والسلام قد عرف بدُنوِّ أجله وأعلم السيدة عائشة رضي الله عنها بذلك، ذات يوم يُودّع رسول الله ﷺ معاذ بن جبل، معاذ بن جبل أعلمُ الصحابة بالحلال والحرام أفقه الصحابة، في السَنة التي مات فيها رسول الله ﷺ يُرسل فيها معاذ بن جبل إلى اليمن وكان النبي عليه الصلاة والسلام يودعه وهو يمشي ومعاذ كان راكبا، فصار النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ” يا معاذ لعلك لا تلقاني بعد عامك هذا لعلك أن تمر بقبري أو بمسجدي، فصار معاذ يبكي ويُفدّي رسول الله ﷺ نفديك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله، نفديك بأنفسنا وأموالنا يا حبيب الله، فقد شعر معاذ أن هذه لحظة فراقه وأن تلك اللحظة قد لا تتكرر فإنه قد لا يرى حبيبه ومعلّمه قد لا يرى نبيه قد لا يرى قائده قد لا يرى رسول الله ﷺ، فلما وجده رسول الله يبكي التفت رسول الله ﷺ نحو المدينة يقول له: “يا معاذ إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا” وكأنّ الرسول الله عليه الصلاة والسلام يقول يا معاذ إن بلغك خبر وفاتي وأنت مني بعيد فلا تظن بنفسك البعد إنما القريب مني من كان متقيا لله عز وجل فإن اتقيت الله فأنت مني قريب إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا” حبيبي يا رسول الله ما أحلى وقتك ما أحلى عبادتك ما أحلى معيشتك حتى في وداعك كنت معلّما، تخبر السيدة عائشة رضي الله عنها عن مرض وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، مرض رسول الله ﷺ مرضا شديدا فكان النبي عليه الصلاة والسلام قد قَضى نوبته الأخيرة وكان آخرها عند السيدة ميمونة فاستأذن نساءه أن يُبيت عند عائشة فأذنّ له، فذهب النبي ﷺ وبات عند السيدة عائشة فبات عندها أيامه الأخيرة ولياليه الأخيرة.
فكان النبي عليه الصلاة والسلام قد أمر أبا بكر أن يُصلي بالناس في أيامه الأخيرة، تُخبرنا السيدة عائشة رضي الله عنها عن بعض ما حصل في آخر أيام رسول الله ﷺ، وكان النبي عليه الصلاة والسلام قد أمر أبا بكر أن يُصلي بالناس في المسجد تقول السيدة عائشة “إن من نعم الله عليّ أن الله تعالى قبض نبيه في يومي وفي بيتي ورأسه بين سَحري ونحري وجمع الله تعالى ريقه وريقي” وذلك لما دخل أخوها عبد الرحمن وكان بيده سواك، وكان النبي ﷺ شديد المرض كان النبي عليه الصلاة والسلام بقربه ماء يأخذ من هذا الماء فيضعه على رأسه ويقول: ” لا إله إلا االله إن للموت لسكرات” وكان يقول: ” اللهم أعني على سكرات الموت” فنظرت السيدة عائشة إلى رسول الله ﷺ تقول يا رسول الله تريده أي السواك فأشار برأسه أن نعم فأعطته السواك فاشتد عليه كان صلبا فقالت يا رسول الله: “أُلينه لك” فأشار برأسه أن نعم فوضعته في فمها فلينت سواكه بريقها ثم أعطته رسول الله ﷺ، رسول الله ﷺ في تلك الليلة يسأل عائشة أصلّى الناس يا عائشة؟ يريد صلاة العشاء، تقول هم ينتظرونك يا رسول الله ثم يقوم النبي عليه الصلاة والسلام يغتسل ليصلي بالناس، وبعد اغتساله يُغمى عليه، ثم إذا أفاق رسول الله سأل عائشة قال أصلّى الناس يا عائشة؟ قالت هم ينتظرونك يا رسول الله، فيقوم النبي عليه الصلاة والسلام ويغتسل ثانية فإذا أراد الخروج أُغمي فإذا أفاق قال: “أصلى الناس يا عائشة”، قالت هم ينتظرونك يا رسول الله، تقول السيدة عائشة فقال النبي عليه الصلاة والسلام “مُروا أبا بكر فليصل بالناس”، تقول عائشة يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق القلب يبكي إذا وقف هذا الموقف، لو أمرت غيره فيقول عليه الصلاة والسلام “مُروا أبا بكر فليصل بالناس”خرج أبو بكر يصلي إماما بالمسلمين في صلاة ما كانوا يعلمون أنها آخر صلواتهم قبل وفاة رسول الله ﷺ، وجد رسول الله ﷺ من نفسه خِفة فاتكأ على رجلين وخرج إلى المسجد فصلى رسول الله ﷺ قاعدا وصلى خلفه أبو بكر قائما وصلى الناس خلف أبي بكر قياما، ولما فرغ من صلاته قام إلى المنبر جلس عليه وكلّم الناس، قال رسول الله ﷺ “إن عبدا خيّره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده”، فصار أبو بكر يبكي، صار الناس يقولون لِمَ يبكي هذا الشيخ؟، لم يفهم إلا أبو بكر قال نفديك يا رسول الله نفديك بآبائنا وأمهاتنا نفديك بأنفسنا وأموالنا، فقال عليه الصلاة والسلام “لا تبك يا أبا بكر” علم أبو بكر أن رسول الله ﷺ كان يودّع الأمة.