fbpx

29 :مقصد الطالبين – الحلقة

شارك هذا الدرس مع أحبائك

مقصد الطالبين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. أما بعد، لله تعالى تكلم عن الثوابِ. الثَّوابُ عِنْدَ أهْلِ الحَقّ ليسَ بحَقّ للطَّائِعينَ واجِبٍ على الله،هنا مسألة مهمة: الله تعالى لا يجب عليه شيء،الله تبارك وتعالى يثيب الطائعين فضلًا منه وكرمًا منه ويعذّب العصاة عدلًا منه، لا يجب عليه سبحانه وتعالى شيء لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن الله لو عذّب أهل أرضه وسمواته لعذبهم وهو غير ظالم لهم ” لأنهم ملكه سبحانه وتعالى، يعني الله لو عذّب كل العباد كل الملائكة كل البشر لا يكون ظالمًا لأنه يتصرف فيما هو ملك له والله لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون،الله لا آمر له ولا ناهيَ له هو سبحانه وتعالى الآمر الناهي الذي لا آمر له ولا ناهي له ولا يجوز الاعتراض عليه، بل من اعترض على الله صار كافرًا فنحن نقول وهذه عقيدة أهل الحقّ عقيدة أهل السنة والجماعة: المؤمن يدخل الجنة بفضل الله، الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أنه لا ينجو أحد من الناس بعمله إلا بفضل الله،قالوا ولا أنت يا رسول الله، قال: ولا أنا إلا أن يتغمدي الله برحمة منه وفضل “معناه دخول المؤمن إلى الجنة بفضل من الله ليس واجبًا على الله تبارك وتعالى لذلك جاء في القرآن الكريم:{وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} أورثتموها والإرث يكون بغير مقابل، أنت حين تشتري تقابل شيئًا بشيء، حين تستأجر تقابل هذه المنفعة بالأجرة أما الإرث بغير مقابل، يعني هذا بفضل من الله تبارك وتعالى وإنَّما هُو “أي الثواب” فَضْلٌ مِنهُ وهُو الجَزاءُ الذي يُجْزَى به المُؤْمِنُ مِمَّا يَسُرُّه في الآخِرَةِ، أما الكافر فليس له ثواب مهما أحسن في هذه الدنيا من إطعام فقراء وإشفاق على المساكين مثلًا والتصدق ونحو ذلك ليس له ثواب في الآخرة . تكلم عن العقاب. العِقَابُ لا يَجبُ علَى الله أيْضًا إيقَاعُه للعُصَاةِ، وإنَّما هوَ عدْلٌ مِنهُ، وهوَ ما يَسُوءُ العَبْدَ يَومَ القِيَامةِ. وهُوَ على قِسْمَينِ: أَكْبرَ وأصْغَرَ،: فالعِقَابُ الأكْبرُ هوَ دُخولُ النّارِ والعِقابُ الأصْغَرُ ما سِوى ذلكَ كأذَى حَرّ الشَّمْسِ يَوْمَ القِيامَةِ فَإنَّها تُسَلَّطُ علَى الكُفَّارِ فيَعرَقُونَ حتّى يَصِلَ عَرَقُ أحَدِهم إلى فِيهِ ولا يتَجَاوزُ عَرقُ هذَا الشَّخْصِ إلى شَخصٍ ءاخرَ بل يَقْتصرُ عليه حتّى يقُولَ الكافِرُ من شِدَّةِ ما يُقاسِي منها: رَبّ أرِحْني ولَو إلى النَّارِ، ويَكونُ المؤمنُونَ الأَتْقياءُ تلكَ السَّاعَةَ تحتَ ظِلّ العَرْشِ، وهذَا مَعنَى الحدِيثِ: «سَبْعةٌ يُظِلُّهمُ الله في ظِلّهِ» ، أي في ظِلّ عَرْشِه تكلمْ عن الصراطِ. الصّراطُ حَقٌّ، وهوَ جِسْرٌ عَريضٌ مَمدُودٌ علَى جَهنّمَ تَرِدُ عَليهِ الخلائِقُ، فمِنهُم مَن يَرِدُه ورُوْدَ دخُولٍ وهمُ الكفّارُ وبَعضُ عُصَاةِ المُسْلِمينَ، أي يَزِلُّونَ مِنهُ إلى جَهنَّمَ، ومنهُم من يَرِدُه ورُودَ مرُورٍ في هَوائِه، فمِن هؤلاءِ مَن يَمُرُّ كالبَرْقِ الخَاطِفِ، ومنهُم مَن يمُرُّ كطَرفَةِ عَيْنٍ، وهوَ مَحمُولٌ على ظَاهرِه بغَيرِ تأويلٍ، وأحَدُ طرَفَيْهِ في الأَرضِ المُبَدَّلَةِ والآخَرُ فيْما يَلي الجَنّةَ، وقَد وَردَ في صِفَتِهِ أنّه “دَحْضٌ مَزَلَّة“ ومعنى قوله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} ليس معناه أن الأنبياء والصالحين والشهداء والأطفال يدخلون جهنم لا. الورود ورودان: ورود عبور مرور، وورود دخول، الكفار يدخلون وبعض عصاة المسلمين يدخلون جهنم، أما الصالحون الأنبياء الأتقياء هؤلاء يمرون في هواء الصراط لايدخلون جهنم، جهنم تكون تحت، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} عن جهنم مبعدون عن جهنم، حتى في ليلة المعراج الرسول ما قال دخلت النار، قال: “دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء”، وقال: “واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء”. الأنبياء لايدخلون جهنم. ما معنى ما ورد في الصراط أنه أحد من السيف وأدق من الشعرة؟ ما وَردَ أنَّه أحَدُّ مِن السَّيفِ وأدَقُّ من الشَّعرَة كَما رَوى مُسلِمٌ عن أبِي سَعِيد الخُدْرِيّ:«بلَغنِي أنَّهُ أدَقُّ مِنَ الشَّعْرةِ وأَحدُّ منَ السَّيفِ» لم يرد مرفوعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولَيسَ المُرادُ ظَاهِرَهُ بلْ هو عَريضٌ وإنَّما المرادُ بذلِكَ أنَّ خَطَرَهُ عظِيمٌ، فإنَّ يُسْرَ الجَوازِ علَيه وعُسْرَهُ علَى قَدْرِ الطَّاعَاتِ والمعَاصِي ولا يَعْلَمُ حُدُودَ ذلِكَ إلا الله، فقد ورَدَ في الصَّحِيحِ أنَّهُ تَجرِي بِهم أعْمالُهم معناه أن أعمالَهم تصِيْرُ لهم قوّةَ السَّيْرِ. تكلم عن الحوض. الحَوضُ حَقٌّ، وهو مكانٌ أعَدَّ الله فيه شَرابًا لأَهْل الجنَّةِ يشْرَبُونَ مِنه قبلَ دخُولِ الجنّةِ وبَعدَ مُجاوزَةِ الصّرَاطِ، فَلِنبيّنا حوضٌ تردُهُ أمته فقط لا تردُه أمم غيرهِ طولُهُ مَسِيرَةُ شَهْرٍ وعَرضُهُ كَذَلِكَ، ءانِيَتُهُ كَعدَدِ نُجومِ السَّماءِ، شَرابُه أبيَضُ منَ اللَّبَنِ وأحْلَى من العسَلِ وأطْيَبُ منْ رِيحِ المِسْكِ الله يرزقنا شربة منه. وقد أعَدَّ الله لكلّ نبيٍّ حوضًا وأكبرُ الأحواضِ حوضُ نبيّنا محمّدٍ صلى الله عليه وسلم. تكلمْ عن الجنةِ وبعض ما جاء في وصفها. الجنَّةُ حَقٌّ فيَجِبُ الإيْمانُ بِها وأنَّها مَخلُوقةٌ الآنَ كَما يُفهَم ذَلكَ منَ القُرءانِ والحَديثِ الجنة الآن موجودة مخلوقة، قال تعالى:{أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} “ولايدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنة” كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنَّها مَخلُوقةٌ الآنَ كَما يُفهَم ذَلكَ منَ القُرءانِ والحَديثِ الصَّحيح وهي فَوقَ السَّماءِ السَابِعةِ ليسَت متّصِلةً بها، وسَقْفُها عَرشُ الرّحـمـنِ،أي أن عرش الرحمن فوق الجنة، وهذا العرش خلقه الله تعالى إظهارًا لقدرته ولم يتخذه مكانًا لذاته كما تقول المشبهة المجسمة الذين ما عرفوا الله فشبهوا الله بخلقه وهم يعتقدون أنهم صفوة الخلق صفوة البشر والعياذ بالله. وأهْلُها علَى صُورةِ أَبِيهم ءادمَ سِتّونَ ذِراعًا طُولا في سَبْعةِ أذرُعٍ عَرْضًا جمِيلُو الصُّورةِ، جُرْدٌ مُرْدٌ (يعني ليس على وجوههم شعر وليس على أجسامهم شعر إلا شعر الرأس والشعر الذي يكون على الأجفان هذه الأهداب التي تكون هنا وكذلك يكون لهم شعر الحاجبين، أما على الأجسام، اللحية ليس لهم، على الجسم ليس لهم شعر) هذا معنى جرد مرد، في عُمرِ ثَلاثةٍ وثَلاثِيْنَ عَامًا، خالِدُونَ فِيها لا يَخرجُونَ مِنها أبدًا وقد صحَّ الحديث بذلك. وقَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في وَصْفِها: “هِيَ ورَبّ الكَعْبةِ نُورٌ يتَلأْلأُ” الرسول يحلف بالله ليذكر هذا الأمر العظيم ليُؤكد هذا الأمر العظيم هِيَ ورَبّ الكَعْبةِ أي هي والله نُورٌ يتَلأْلأُ أنوار تتلألأ هكذا الجنة ما فيها ظلام فيها علامة يعرف منها أهل الجنة وقت الليل ووقت النهار لكن ما فيها ظلام بدون الشمس بدون القمر،الشمس والقمر يكوران يلفان يطمس نورهما ويلقيان في جهنم فالجنة أنوار متلألئة ورَيْحَانَةٌ تَهتَزُّ، فيها شجر يهتز والنيل من ثمار هذه الأشجار سهل على المؤمن تدنو منه الشجرة الثمرة فيأكل منها فيأخذ منها ويأكل، وقَصرٌ مَشِيدٌ قصور عالية بعض قصورها لبنة من ذهب ولبنة من فضة، ونَهرٌ مُطَّرِدٌ أنهار تمشي على وجه الأرض بدون أخاديد، وفَاكهةٌ كثيرةٌ نَضِيجَةٌ فيها مايشتهيه المؤمن، وزَوجةٌ حَسناءُ جَميلةٌ هناك لا تباغض بينهم ولا غيرة بينهم إنما هذه المرأة تكون راضية وهذه المرأة تكون راضية وهكذا، وحُلَلٌ كثيرةٌ في مُقَامٍ أبَديّ في حُبْرَةٍ ونَضْرَةٍ» رواهُ ابنُ حبانَ يكونون في سرور وسعة عيش لا تباغض بينهم على قلب رجل واحد الله يرزقنا الجنة تكلم عن النار. النَّارُ حَقٌّ، أي أمر محقق ثابت وهي موجودة الآن فَيَجِبُ الإيْمانُ بها وبأنَّها مَخلُوقَةٌ الآنَ، كَما يُفْهَم ذلِكَ منَ الآيَاتِ والأحادِيثِ الصّحيحةِ، وهيَ مَكانٌ أعَدَّهُ الله لِعَذابِ الكُفَّارِ الذي لا يَنْتَهي أبدًا عذاب الكفار لا ينتهي االله تبارك وتعالى أخبر أن الكفار خالدون في جهنم أبدًا عذابهم لا ينقطع ليس كما يقول ابن تيمية ومن تبعه من الجهال، ابن تيمية يقول جهنم تفنى ولا يبقى فيها أحد وهذا تكذيب للقرآن والحديث والإجماع ومن كذب القرآن فهو كافر وهيَ مَكانٌ أعَدَّهُ الله لِعَذابِ الكُفَّارِ الذي لا يَنْتَهي أبدًا وبَعْضِ عُصَاةِ المُسْلِمينَ، ومَكانُها تَحْتَ الأرْضِ السَّابعةِ مِن غَيرِ أن تَكُونَ مُتَّصِلةً بها. إذا جهنم تحت الأرض السابعة منفصلة عنها، والجنة فوق السموات السبع منفصلة عنها. ويَزِيْدُ الله في حَجْمِ الكَافِر في النّارِ لِيَزْدَادَ عَذَابًا حَتّى يكونَ ضِرْسُه كجبَلِ أُحُدٍ، وهوَ خَالِدٌ في النَّار أبدًا لا يَمُوتُ فِيْها ولا يَحْيا أي حَياةً فيها راحة، لَيْسَ لَهُم فِيها طَعامٌ إلا مِن ضَرِيْعٍ، وشَرابُهُم منَ الماءِ الحارّ المُتنَاهي الحرارةِ. ما الدليل على كون الجنة فوق السماء السابعة وجهنم تحت الأرض السابعة؟ أمَّا كَونُ الجَنَّةِ فَوقَ السَّماءِ السَّابعةِ فذَلِكَ ثابِتٌ فِيْمَا صَحَّ مِنَ الحديثِ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم «وفوقَه» يعني الفردوسَ «عرشُ الرحمـن» ، وأمّا كَونُ جهَنّمَ تَحْتَ الأَرْضِ السَّابعةِ فقَد قالَ أبو عبدِ الله الحاكمُ في المُسْتَدرَكِ: “إنَّ ذلكَ جاءَت فيهِ رِواياتٌ صَحيحةٌ” نسأل الله لنا ولكم الجنة بلا عذاب والله تعالى أعلم وأحكم هللوا وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفروا للمؤمنين والمؤمنات.