fbpx

5 :مقصد الطالبين – الحلقة

شارك هذا الدرس مع أحبائك

مقصد الطالبين لله تعالى الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. وبعد، [26] س: هَلْ تحصلُ معصيةٌ كبيرةٌ من الولي؟ ج: الولي هو المؤمن المستقيم بطاعة الله أي الذي يؤدي الواجبات ويجتنب المحرمات ويكثر من نوافل الطاعات ولو نافلة واحدة هذا هو الولي الذي قال الله تعالى فيه:{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} هذا هو الولي المؤمن المستقيم بطاعة الله فهذا بعد أن يصير وليًّا لا ينقبل كافرًا لا ينقبل عدوًا لله هذا الولي يجوز أن تحصل منه معصية كبيرة ولكن يتوب منها قبل أن يموت قد تحصلُ من الولي معصية كبيرة قبل موتهِ بقليلٍ لكن لا يموت إلا وقد تابَ كطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنهما فإنهما خرجا على أميرِ المؤمنينَ علي رضي الله عنه بوقوفهِما مع الذينَ قاتلوهُ في البصرةِ فذكَّر عليٌّ كُلًّا منهما حديثًا، أمَّا الزبير فقال له: ألم يقُل لكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:”إنك لتقاتلَنَّه وأنت ظالمٌ له“. قال نسيتُ، فذهبَ منصرفًا عن قتالهِ ثم لحقهُ في طريقهِ رجلٌ من جيشِ عليّ فقتَلَهُ، فتابَ الزبير بتذكير علي له فلم يَمُتْ إلا تائبًا. وأما طلحةُ رضي الله عنه فقال له عليّ: ألم يَقُلْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:”مَن كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاهُ” أي من كنت ناصره فعلي ناصره فذهبَ منصرفًا فضربَهُ مروانُ بنُ الحَكَمِ فقتلَهُ. وهو أيضًا تابَ وندِمَ عند ذكرِ علي له هذا الحديث. فكلٌّ منهما ما ماتَ إلا تائبًا، وكِلاَ الحديثينِ صحيحٌ بل الحديث الثانِي متواترٌ فالمتواتر هو أعلى درجات الصحيح وهو حجة كالقرءان ما رواه جمع عن جمع يستحيل عادة تواطئهم على الكذب. [27] س: بيّن إثبات الإمام أبي الحسن الأشعري بعصيان طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم وماذا قال في مقاتلي علي من أهل وقعة الجمل ومن أهل صفين. ج: ذكرَ الإمامُ أبو الحسنِ الأشعري إمام أهل السنة والجماعة أن طلحةَ والزبيرَ مغفورٌ لهما لأجلِ البشارةِ التي بشَّرَهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بها مع ثمانيةٍ ءاخرين في مجلسٍ واحدٍ فهذا من الإمامِ أبي الحسنِ الأشعري إثباتٌ أنهما أَثِمَا. وكذلك قالَ في حق عائشةَ لأجلِ أنها مبشرةٌ أيضًا وكانت ندِمَتْ نَدمًا شديدًا مِن وقوفِها في المقاتلين لعلي حتى كانت لما تذكُر سَيرَها إلى البصرةِ ووقوفَها مع المقاتلين لعلي تبكي بكاءً شديدًا يبتلُّ من دموعِها خمارها، وهذا متواترٌ أيضًا. وقال في غيرهِما من مقاتلي علي من أهل وقعة الجمَلِ ومن أهل صفينَ الذين قاتلوا مع معاوية عليًّا:”مجوَّز غفرانه والعفو عنه” كما نقل ذلك الإمامُ أبو بكر بنُ فورك عن أبي الحسن الأشعري في كتابهِ مجرد مقالات الأشعري، وابن فورك تلميذ تلميذ أبي الحسن الأشعري وهو أبو الحسن الباهلي رضي الله عنهم. وما يظنُّ بعضُ الجهَلة من أنَّ الوليَّ لا يقعُ في معصيةٍ فهو جهلٌ فظيعٌ فهؤلاء الثلاثةُ طلحةُ والزبيرُ وعائشة رضي الله عنهم من أكابرِ الأولياءِ وبعض الناس قد يقول كل اجتهد فأخطأ وهذا الكلام غير صحيح إذ القاعدة الأصولية لا اجتهاد مع النص قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} وعلي من أولي الأمر فالخروج عليه معصية لا يجوز وقد ثبت في الحديث المتواتر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:”ويح عمار تقتله الفئة الباغية” أي يا حزني على عمار يا أسفي على عمار تقتله الفئة الباغية أي الظالمة وعمار كان مع سيدنا علي رضي الله عنهما. [28] س: اذكرْ قولَ إمامِ الحرمينِ الجويني في حكمِ من نَطَقَ بكلمةِ الردة الصريحة وأنه لا يؤول اللفظ الصريح في الكفر. ج: إذا إنسان تكلم بكلمة صريحة في الكفر لا يؤول له كالذي يقول والعياذ بالله أختك ربك أو يا ابن الله أو يا بنت الله هذا كفر صريح يخرج من الملة سواء قصد هذا الشخص الكفر أو لم يقصد لأن الله تعالى يقول: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} قالَ إمامُ الحرمين الجُوينيُّ: “اتفقَ الأصوليونَ على أنّ من نطقَ بكلمةِ الرّدةِ – أي الكفر – وزعَمَ أنّه أضمرَ توريةً (أي أنه أراد به معنًى بعيدًا عن المعنى المتبادر من الكلمة) كُفّرَ ظاهرًا وباطِنًا” وأقرّهم على ذلك، أي فلا ينفعهُ التأويلُ البعيدُ ولا يُقبل منه كالذي يقولُ:(يلعن رسول الله) ويقول قصدي برسولِ الله الصّواعق فهذا كفر صريح ولا يقبل منه هذا التأويل أي أنه أراد معنًا بعيدًا. [29] س: اذكر اسمَ فقيهٍ حنفيٍ عَدَّ أشياءَ كثيرةً من ألفاظِ الردة للتحذير. ج: لأن بعض الناس بسبب جهلهم وبعدهم عن علم الدين إذا سمعوك تحذر من ألفاظ الكفر تقول من قال كذا يكفر ومن قال كذا يكفر يقولون لك ما لك ولهذا وبعض جهلة العوام يقول أنت تذكرنا بألفاظ نحن لا نقولها التحذير من الكفر بالنص على ألفاظه واجب حتى لا يقع الناس فيه وهم لا يدرون كثير من الجهلة لا يعرفون أن هذا اللفظ ردة أن هذا اللفظ ردة فينطقون به ويظنون بأنفسهم أنهم مسلمون وفي الحقيقة هم وقعوا في الردة. عَدَّ كثيرٌ من الفُقَهاءِ كالفَقيهِ الحنفيّ بَدْرِ الرَّشيدِ وهو قريبٌ من القرنِ الثامِنِ الهجريّ أشْياءَ كثيرةً فينبغي الاطّلاعُ عليها فإنَّ منْ لم يعرفِ الشرَّ يَقَع فيهِ فليُحْذَرْ. [30] س: اذكر بعض الأحاديث الدالة على أهمية حفظ اللسان. ج: ثبتَ عنْ أحدِ الصحابةِ أنَّهُ أخَذَ لسَانَهُ وخاطبَه: “يا لِسَانُ قُلْ خيرًا تَغْنَمْ، واسْكُتْ عن شرّ تَسْلَم من قَبْلِ أن تَندمَ، إنّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: “أكثرُ خطايا ابنِ ءادَمَ منْ لسانِهِ”، رواه الطبراني بإسنادٍ صحيحٍ من حديث عبدِ الله بنِ مسعودٍ، ومِنْ هذه الخطايا الكفرُ والكبائرُ. وفي حديثٍ ءاخرَ للرسولِ صلى الله عليه وسلم: “إنّ العبدَ ليتكلّمُ بالكلِمَةِ ما يَتَبيَّنُ فيها (أي لا يرى بها بأسًا لا يراها ضارة) يهوي بِهَا في النَّارِ أَبْعَدَ مما بينَ المشْرِق والمَغْرِبِ” رواه البخاريُّ ومسلمٌ من حديثِ أبي هريرة. يعني أن الإنسان قد يتكلم بكلمة لا يرى بها ضررًا لا يراها معصية لا يراها ضارة ولكن هي في الحقيقة تكون كفرًا فتكون سببًا لهالكه وسببًا لنزوله إلى قعر جهنم مسافة سبعين خريفًا ولا يصل إلى قعر النّار إلا الكفار قال تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} فإذا هذه الكلمة التي قالها وهي كفر إن مات عليها يعني لم يرجع لم يتشهد قبل أن يموت سيخلد في نار جهنم مع سائر الكفار. ومعنى الحديث أن الإنسان قد يتكلم بكلمة لا يرى أن فيها ذنبًا ولا يراها ضارة له يستوجبُ بها النزولَ إلى قعر جهنم كما تدل على ذلك رواية الترمذي من غير فرق بين أن يكون منشرح البال أو غير منشرح. ما له تأثير هذا الأمر تكلم بكلمة الكفر بإرادة ليس مكرهًا خرج من الإسلام. [31] س: ما حكمُ من أتَى بإحدى أنواعِ الكفريات؟ ج: حكمُ من يأتي بإِحدى أنواع الكُفريّاتِ هو أن تَحْبَطَ أَعْمالُهُ الصالحةُ وحسنَاتُه جميعُهَا، فلا تُحسَبُ له ذرّةٌ من حَسَنَةٍ كانَ سَبَقَ لَهُ أن عَملهَا من صَدقةٍ أو حَجّ أو صيام أو صَلاةٍ ونَحْوِهَا إنَّما تُحسَبُ له الحسناتُ الجديدَةُ التي يقومُ بها بَعْدَ تَجديد إيمانِه قال تعالى {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} سورة المائدة . [32] س: ما حكمُ قولِ الكافرِ أستغفرُ الله قبلَ التشهد؟ ج: إذَا قالَ من وقع في كفر أستغفرُ الله قبلَ أنْ يُجَدّدَ إيْمانَه بقولِه أشْهدُ أن لا إلـه إلا الله وأشهدُ أن محمدًا رَسُولُ الله وهو على حالَتِهِ هَذِهِ فَلا يَزيدُهُ قولُه أستَغْفِرُ الله إلا إثْمًا وكُفْرًا لأنَّهُ يكذّبُ قولَ الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كَفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} سورة محمد ، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا *إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} سورة النساء. الله تعالى يقول خَالِدِينَ فِيهَا أي في جهنم أَبَدًا أي لا خروج لهم لا النار تفنى ولا الكفار الذين فيها يفنون: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ} الله يقول:{كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُ الكفار في النار بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ} فإذا الذي تلفظ بالكفر لا ينفعه أن يقول أستغفر لأن كلمة أستغفر الله معناها يا رب اغفر لي والله أخبر أنه لا يغفر للكافر طالما هو قائم على كفره فكيف يقول يا رب اغفر لي كيف يقول أستغفر الله يكون مكذبًا للقرءان ومن كذب القرءان كفر فإذا ماذا يفعل الكافر حتى يدخل في الإسلام يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمّدًا رسول الله. اذكر الحديث الدالة على أن الكافر لا يقول أستغفر الله حتى يُسلم روى ابن حبان عن عمران.