fbpx

قالت – الحلقة: 3

شارك هذا الدرس مع أحبائك

قالت أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدًا تخيلوا معي… امرأة خمسينية يدخل عليها زوجها بعد أن كان غائبًا مختليًا في غار في جبل وهو يقول زمِّلوني زملوني….. هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، رجع إلى بيته بعد أن نزل عليه جبريل عليه السلام بالوحي… اقرأ باسم ربك الذي خلق…. تأثر صلى الله عليه وسلم بهيبة جبريل…. جاء إلى زوجته… التي كانت في بيتها تعتني بأولادها ويشغل بالها ما يشغله من أمور الدنيا… جاء فجأة يخبرها أنه نزل عليه ملك من السماء وأتاه بوحي…. كانت رضي الله عنها أول من أخبرها بذلك….ومن نزل به أمر أَطْلَعَ عليه من يثق بنصيحته رأيه… وقد وجد صلى الله عليه وسلم هذا في خديجة…. بعد سماع هذا الخبر العظيم… سارعت رضي الله عنها لقول كلمات لا تنساها الأمة…أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدًا… كلمات فيها تثبيت عجيب لسامعها، تلقت بها سيدتنا أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها هذا الخبر… وفق الله السيدة خديجة لما كان فيه فلاحها ونجاحها وسعادتها في الدنيا والآخرة، فاختارت فورًا نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه… قالت له أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا.. واستحضرت فورًا ما تطمئنُ به فؤادَه الشريف صلى الله عليه وسلم، فذكرت شيئًا مما رأته وعرفته وخَبِرَتْهُ من مكارم أخلاقه وكرم شمائله… فقد عاشت سنين طوالًا معه صلى الله عليه وسلم ترى محاسن أخلاقه وإحسانه إلى الأقارب وغيرهم، بالبدن وبالمال…. قالت إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ… ليس غريبًا أن السيدة عائشة سارعت إلى تصديقه…. فقد عرفت كما عرف غيرها أنه الصادق الأمين…. وقد كانت خديجة قبل ذلك بسنين طويلة، قبل زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم، سمعت من غلامها ميسرة، الذي رافق النبي في ذهابه إلى الشام للتجارة بمالها أنه رأى الغمامة تظل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه رأى عجائب تدل على أن هذا الرجل يكون له شأن… حين أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن على وجه الأرض كلِّها مسلم غيره… صَدَّقَتْهُ زوجته ونصرته بل كانت أول من ءامن به… كانت نعم السند له وهو يدعو كل الناس إلى ترك ما هم عليه من الباطل… كل الناس… أهله وأهلها وأقاربهم وجيرانهم وأهل بلدهم وغيرهم…. يقول لهم جميعًا إن ما هم عليه باطل، وإن عليهم تركَ كلِ ما عبد من دون الله وإفراد الله وحده بالعبادة، وأنه لا يستحق أحد العبادة إلا الله… وأنه لا خالق إلا الله…. لا يخلق النفع ولا الضُرُّ ولا الخير ولا الشر إلا الله… مضى صلى الله عليه وسلم يصدع بدعوته مؤيدًا من الله تعالى بالمعجزات الدالة على صدقه ونبوته… وخديجة معه…. ما نظرت خديجة إلى ما سيكون أثر هذه الدعوة مما قد تلاقيه من معارضة من كثير من الناس ورمي بالباطل ونَبْذٍ واتهامات بالزور… لم تقل هذا سيؤثر على بيتي وأولادي ومالي… لم تقل ما هذا الأمر الذي جاءني به الآن يعكِّر علينا … أخذت النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمها، ورقة بن نوفل، يخبره بما حصلت معه، وسمعته يقول للنبي صلى الله عليه وسلم إن قومه سيخرجونه من بلده، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أومخرجيَّ هم؟» قال ورقة: نعم لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي… سمعت هذه الكلمات التي دلتها على أن حالها وحال بيتها وأولادها سيتغير… بعد أن عاشت بسلام مع زوجها المحبوب من قومه الشريف الصادق الأمين جاء بهذا الأمر العظيم الذي “لم يأت رجلٌ بمثله إلا عُوْدِي”… وبقيت ثابتة… بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم الرسالة، دعا إلى الدين الحق دين الإسلام، دينه ودين جميع الأنبياء قبله، من سيدنا ءادم أول البشر إليه وهو خاتم الأنبياء، صلوات الله عليهم أجمعين… دعا، والسيدة خديجة تعينه بنفسها ومالها.. صبرت معه على البلاء، وتحملت معه الأعباء… وبقيت معه عندما اتفق المشركون على حصار المسلمين في شِعْبِ أبي طالب، ومكثت معه ثلاث سنين مع ضيق العيش والجوع والأذى…. كان لدعمها رضي الله عنها أثر كبير في الدعوة، بجزالة رأيها وقوة نفسها وثبات قلبها…. أثرٌ لم ينسه النبي صلى الله عليه وسلم وفضلٌ بقي يذكره حتى بعد موتها… فحين قالت له السيدة عائشة: “قد أبدلك الله خيرًا منها” قال: «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ”…. كانَ صلى الله عليه وسلم إذَا أُتي بهَدِيّة قال “اذْهَبُوا بها إلى بَيتِ فُلانَة فإنّها كانت صَديقَةَ خَدِيجَة.. إنّها كانَت تُحِبُّ خَديجَة…. وكان يكرم صاحبتها فيضع بين يديها الطعام.. فقالت له عائشة يَا رَسُولَ اللهِ لَا تَغْمُرْ يَدَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذِهِ كَانَتْ تَأْتِينَا أَيَّامَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ»… رضي الله عنها وجزاها عن الإسلام والمسلمين خيرا عظيما… ءامين اللهم ءامين