fbpx

الأربعون النووية – الدرس 44

شارك هذا الدرس مع أحبائك

قال الشيخ سمير القاضي حفظه الله: الحمد لله أحمد وأستعينه وأستهديه وأشكره وأصلي وأسلم على النبي محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. كلامنا اليوم على الحديث الأربعين من الأربعين النووية قال إسماعيل حلاق: الأربعون الشرح: يعني هذا الحديث الأربعون وهذا الحديث أصل في قصر الأمل في الدنيا قال إسماعيل حلاق: عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي الشرح: يعني وهو يكلمني وضع يده على منكبي أمسك بمنكبي وهذا حتى يتوجه قلب ابن عمر بالكلية للاستماع بما يلقيه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا يدل على أن لابن عمر منزلة عند النبي عليه الصلاة والسلام وفي الوقت نفسه هذا يجعل قلب ابن عمر متوجهًا توجهًا كليا للاستماع لما يلقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شيخي رحمه الله تعالى أحيانًا يفعل هذا معي فإذا فعل ذلك وجدت في قلبي توجهًا عجيبًا وتنبهًا كبيرًا لما يُلقي إلي ويقوله لي فكيف بالذي يضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على منكبه ثم يخاطبه. قال إسماعيل حلاق: فقال فكن في الدنيا كأنك غريب الشرح: لا تركن إلى الدنيا هذا معناه لا تركن إليها كأنك غريب قال إسماعيل حلاق: أو عابر سبيل الشرح: ثم أكد ذلك أكثر الغريب أحيانًا يقيم مدة قد تطول إقامته في الموضع في غير وطنه في الموضع الذي يمر به في مكان غربته أما عابر السبيل فلا تطول إقامته عابر السبيل يكون متهيئًا بأسباب الارتحال بأسباب الإكمال الطريق عابر السبيل همه المكان الذي يقصده لأنه في السفر مكثه حيث هو قليل فلا يُلقي بالا إلى الموضع الذي هو فيه لذلك بعدما قال له عليه الصلاة والسلام:” كن في الدنيا كأنك غريب” أتبع ذلك بقوله “أو عابر سبيل” مبالغة في ترك الركون إليها وفي ترك الاعتناء بها عابر السبيل يكون متهيئًا يتدارك ما فات يرد المظالم يطلب الاستحلال يحرض نفسه بالشوق على إكمال المسير في طريقه لا يكثر من مخالطة الناس يكون مستوحشًا منهم لا يكاد يعرف منهم أحد لا يستكثر بأحد منهم بمخالطة أحد منهم ذليل خائف هكذا يكون عابر السبيل لا ينفذ في سفره إلا بقوته على السفر وبخفته من الأثقال أما إذا كان كثير الأثقال يكون سيره بطيئًا وكثيرًا ما لا يصل إلى مقصده عابر السبيل يتخفف من الأثقال ولا يحمل معه إلا ما يحتاج إليه حتى يوصله إلى مقصده وكن أنت يا ابن عمر معنى كلام النبي عليه الصلاة والسلام كن أنت يا ابن عمر كذلك لا تأخذ من الدنيا ولا تبالي منها إلا بما تحتاج إليه ليبلغك المحل ليبلغك وقت وفاتك. قال الوزير ابن غبيرة رحمه الله في هذا الحديث ما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حض على التشبه بالغريب أليس قال:” كن في كأنك غريب أو عابر سبيل “إذا ما هي أحوال الغريب ينبغي أن يتشبه به المؤمن وهو في الدنيا إذا دخل بلدة لم ينافس أهلها في مجالسهم لا يجزع أن يرووه على خلاف عادتهم في الملبوس لا يدابرهم لا يخاصمهم لا يُلج في الخصومات مع الناس لأنه غريب لا يشاححهم لأنه غريب لأنه يفكر أن الوقت الذي يلبسه معهم أيام يسيرة فأحوال الغريب وعابر السبيل هذه مستحبة أن تكون للمؤمن في الدنيا لأن الدنيا ليست وطنًا له بل الدنيا تحبسه عن داره هي التي تحول بينه وبين الدار التي يستقر فيها لذلك هو لا يجزع من ذلها لا ينافس في عزها له شأن وللناس شأن آخر يعلم أنه يساق سوقًا يدأب في السير يجد في السير يساق سوقًا حثيثًا ولو كان في الظاهر مقيمًا لأن الموت متوجه إليه والدنيا تطوى وراءه وكل وقت مر عليه ليس براجع إليه وكل شىء يمضي من عمره لا يكر عليه أيامه ولياله مثل المراحل التي يسافر فيها المسافر ينتقل المسافر من مرحلة إلى مرحلة من مرحلة إلى مرحلة حتى يصل إلى منزله إلى موطنه وهكذا الإنسان في الدنيا ينتقل من حال إلى حال من وقت إلى وقت إلى أن يصل إلى وقت موته. المسافر يحتاج أن يتزود ما يكفيه للوصول إلى مقصده والإنسان في الدنيا يحتاج أن يتزود لأُخراه أن يبذل جهده في طلب الاخرة التي هي دار مقامه المسافر الذي هو عابر سبيل لا يشغل وقته بتزيين مقام إقامته الذي ينزل فيه ولا يمكث فيه إلا سويعات أو أيام معدودة إنما ينشغل بتزيين بيته الذي هو في وطنه وكذلك المؤمن ينبغي أن يكون شغله بناء آخرته لا بناء دنياه. قال إسماعيل حلاق: وكان ابن عمر يقول الشرح: يأخذ هذا من الحديث قال إسماعيل حلاق: إذا أمسيت الشرح: إذا دخلت في وقت المساء قال إسماعيل حلاق: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح الشرح: إذا صرت في أول الليل لا تنتظر الصباح قصر أملك هذا معناه لا تنتظر الصباح أن يطلع عليك. قال إسماعيل حلاق: وإذا أصبحت الشرح: إذا دخلت في الصباح وهو أول النهار قال إسماعيل حلاق: فلا تنتظر المساء الشرح: لا تنتظر المساء إنما ليكن الموت نُصب عينيك فتستعد له بالعمل الصالح ففي كلامه حض على تقصير الأمل يعني أعمال الليل لا تنتظر بها الصباح إعملها في الليل أعمال الصباح لا تؤجلها إلى المساء إعملها في الصباح لأنك إذا كنت في الليل قد لا تعيش إلى الصباح إذا كنت في النهار قد لا تعيش إلى الليل لا تحدث نفسك بتأخير أعمالك الصالحة بل كل شىء من الخير بادر فيه وأسرع إليه ولا تكن كحال أغلب الناس الذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:” لا يزال قلب ابن آدم شابًا في اثنين حبّ الدنيا وطول الأمل”. مهما طال العمر بالإنسان أغلب الناس هكذا يتعلقون بالدنيا ويحبونها ويطول أملهم يفكر غدًا أفعل بعد غد بعده هكذا هذا والموت يطلبه والله تبارك وتعالى يقول:{ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} من غيب عنه أجله الذي لا يعرف متى يموت جدير بأن يتوقعه وينتظره في كل آن فينبغي أن يستعد له خشية أن يهجم عليه في حال غفلة فيموت على غير الحال التي ترضي الله تبارك وتعالى. قال عبد الله بن عمر رأني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلح قُصًا ( القص هو بيت من قصب) فقال لي:”ماذا تفعل؟” فقلت يا رسول الله وهى ضعف فنصلحه فقال عليه الصلاة والسلام:”ما أرى الأمر إلا أقرب من ذلك”يعني قد تموت قبل أن تُنهي هذا إجعل همك إصلاح آخرتك لا إصلاح دنياك هذا والذي كان ينشغل به ابن عمر قُص من قصب قُص بيت صغير كوخ من قصب فكيف بالذي تشغله الدنيا ليل نهار ولا يلتفت إلا قليلا لأمر آخرته أو لا يلتفت بالمرة للإعداد لأمر آخرته الله يحفظنا. قال إسماعيل حلاق: وخذ من صحتك لمرضك الشرح: يقول ابن عمر خذ من صحتك لمرضك اجتهد في حال الصحة حتى تحصل الأعمال الصالحة التي أنت قادر عليها الآن فإنك إذا مرضت تعجز عنها فلا تعود بسبب المرض قادرًا عليها فتتندم ويفوتك الوقت تفوتك الفرصة هكذا ينبغي أن يأخذ الإنسان من صحته لمرضه إذا كان في حال الصحة يغتنم الوقت فيعمل الأعمال الصالحة. قال إسماعيل حلاق: ومن حياتك لموتك الشرح: ومن حياتك لموتك إجهد في فعل الصالحات أنت الآن حي المجال مفتوح أمامك لفعل الصالحات إجهد في هذا فإنك إذا مت خرجت من دار التكليف والعمل وأفضيت إلى ما قدمت فإذا كان ليس لك زاد فيا حسرة عليك ويا حسرة منك في تلك الحال قال علي رضي الله عنه:”ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الاخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة (كونوا من طلابها) ولا تكونوا من أبناء الدنيا اليوم عمل ولا حساب وغدًا حساب ولا عمل”. قال إسماعيل حلاق: رواه البخاري الشرح: الحديث رواه البخاري ورواه غيره وفي آخر رواه ابن ماجه وفي آخره زيادة “وعد نفسك من أهل القبور” ورواه الترمذي وزاد في قول ابن عمر “فإنّك لا تدري يا عبد الله ما اسمك غدًا”يعني أنت لا تدري على أي حال تكون غدًا ماذا يكون وصفك ماذا يكون رسمك هل أنت في الأحياء غدًا أو أنت في الأموات لذلك اغتنم وقتك الآن في طاعة الله الآن المجال مفتوح لك الباب مفتوح لك اغتنم الوقت في تحصيل العمل الصالح والتزود للآخرة قبل أن يُسد عليك ذلك. إذا هبت رياحك فاغتتمها فعقبى كل خافقة سكــــــــــــــــــــــــــون ولا تغفل عن الإحسان فيها فما تدري السكون متى يكــــــــــــون إذا ظفرت يداك فلا تقصر فإن الدهــــــــــــــــــــــــــــــــر عادته يخون والله تبارك وتعالى أعلم.