fbpx

في بيت رسول الله – الدرس 5

شارك هذا الدرس مع أحبائك

الحلقة: 005 عنوان الحلقة: نوم رسول الله ﷺ أحبابي الأعزاء كلامنا اليوم عن نوم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام لكن قبل أن نبدأ، سؤال يسأله كثير من الناس ما السبب في تعلمنا لهذه التفاصيل الدقيقة من حياة نبينا عليه الصلاة والسلام وما الفائدة من ذلك لماذا نتعلم عن أكل النبي وشرب النبي ونوم النبي ومشية النبي عليه الصلاة والسلام. الجواب: الجواب أن هذا فيه فوائد كثيرة أولا: أحسن العادات عادات رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام فينبغي أن نعلم أولادنا ونعلم أنفسنا ما هي هذه العادات الحسنى حتى نتخلق بها ونتحلى بها. ثانيًا: النبي عليه الصلاة والسلام يعلمنا أشياء قد تخفى الحكمة علينا لكن في قلوبنا من محبتنا به عليه الصلاة والسلام ما يدفعنا لنقتدي به عرفنا الحكمة أو لم نعرف الحكمة فهو غالٍ عندنا وهو عظيم في قلوبنا وهو كبير في نفوسنا. وكذلك فإن النبي أُنزلت عليه الآية في القرءان الكريم:{وعزروه ونصروه} وعزروه يعني وعظموه فمن تعظيمنا للنبي عليه الصلاة والسلام أن نقتدي به في أحواله كلها فلذلك يسن للإنسان المسلم أن يتعلمَ سيرتَه الشريفة حتى يقتديَ به بهذه الأمور الفاضلة وأخيرًا أقول أتمنى أتمنى وأسأل الله إن قبض روحي وأنا نائم أن أكون قد نمت كما نام رسول الله ﷺ فهذه أحسن نومة. والآن ندخل في موضوعنا اليوم وهو كيف نام نبينا عليه الصلاة والسلام وأين نام ومتى نام كان من سيرة حبيبنا رسول الله ﷺ أنه إذا أوى إلى الفراش نفض الفراش لعله يكون شيء عليه كان ينفض الفراش بداخل إزاره وكان يقول بسم الله وكان ينام على جنبه الأيمن وكان يتوجه بصدره ووجهه إلى القبلة وكان يضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وما أجملها من نومة ما أجمل أن ترى رسول الله ﷺ ينام هذه النومة. وكان نبينا عليه الصلاة والسلام يذكر جملة من الأدعية قبل النوم وبعد النوم وإذا استيقظ أثناء النوم فقد ورد أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا انتبه من نومه في الليل شاصَ فمَه بالسواك يعني دلك أسنانه بالسواك وقال: لا إله إلا الله الواحد القهار ربّ السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار” وكان النبي عليه الصلاة والسلام يحب قيام الليل فكان ينام نومة تمكنه من الاستيقاظ فكانت هذه النومة ليس فيها من كامل الارتياح فقد ورد مثلًا عن رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام أنه كان ينام على شيء فيه خشونة عمل من صوف وكان قد ثُني له ثنتين ذات يوم ثُني هذا الفراش أربع مرات أي ثني أربع ثنيات ليكون أوطَأ للنبي عليه الصلاة والسلام أي أريح. الرسول عليه الصلاة والسلام بعد أن استيقظ قال: “ما فرشتمولي الليلة ما فرشتم الليلة” قالوا يا رسول الله هو فراشك ولكن ثنيناه أربعًا فقال عليه الصلاة والسلام:”لا ردوه كما كان” وذلك حتى لا يفوِّت على نفسه كمال قيام الليل. ومن سنة النبي عليه الصلاة والسلام أن ينام بعد العِشاء فيُستحب للإنسان أن لا يُطيل السهر بعد العشاء، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يصلي العشاء ويباشر في النوم إلا إذا كان هناك أمرُ خير كأن كان هناك ضيف أو أراد أن يُدخل السرور إلى زوجاته كما حصل ذات يوم مع السيدة عائشة الطيبة المباركة رضي الله عنها كانت قد أرادت أن تُسامِر رسول الله ﷺ والسَّمر هو الكلام في الليالي الطيبة رضي الله عنها فجاءت وحدَّثته بحديث مشهور يقال له حديث أم زرع، وفيه أن نسوة كن يشتكين أزواجهن كل امرأة تتكلم عن زوجها وكانت أم زرع مكرَّمة عند أبي زرع وهذا الحديث بطوله في خاتمته أن أبا زرع طلّق أم زرع، النبي عليه الصلاة والسلام حبيبي يا رسول الله استمع للسيدة عائشة واستمع لكل هذا الكلام ولما أنهت كلامها ما قال لها أطلت عليّ ضيعتِ لي وقتي كنت صرفت هذا الوقت في الصلاة كنت اشتغلت بأمر أهم بل قال : “كنت لك كأبي زرع لأم زرع إلا أن أبا زرع طلق وأنا لم أطلق”. هذا حبيبنا الرسول عليه الصلاة والسلام غيَّر عادته من النوم بعد العشاء لأجل إكرام الزوجة. وكان النبي عليه الصلاة والسلام يَقسم الليلَ أقسامًا والليل يبدأ من المغرب وينتهي بالفجر فكان النبي عليه الصلاة والسلام ينام نصف الليل الأول وأما النصف الثاني من الليل فكان يقسمه ثلاثةَ أقسام يقوم في الثلث الأول وفي الثلث الثاني وكان عليه الصلاة والسلام ينام في الثلث الأخير. وهنا ملاحظة رائعة: أن نبينا الصلاة والسلام كان إذا نام قُبيل الصبح قبل الصبح بقليل غيَّر شيئًا في النومة فكان لا يجعل يده اليمنى تحت خدّه بل كان يرفع ذراعه لأن هذه النومة تُهيِّئُه للقيام لصلاة الفجر، فكان النبي عليه الصلاة والسلام إذًا يقسم الليل كله ستة أقسام هذا تلخيص ينام في الأسداس الثلاثة الأولى يعني في النصف الأول وأما النصف الثاني من الليل فكان يقوم في السدس الرابع وفي السدس الخامس وكان ينام في السدس الأخير. والنبي عليه الصلاة والسلام ما كان يحب كثرة النوم. فقد أوصت أم سليمان النبي ولدها النبي سليمان تقول له: “يا سليمان لا تكثر النوم فإن من كثُر نومه جاء فقيرًا يوم القيامة” نسأل الله أن لا نكون من الفقراء في هذا اليوم. فالنبي عليه الصلاة والسلام “بورك لأمتي في بكورها” فكان يحب الاستيقاظ باكرًا وذلك لأن هذا فيه من البركة ما فيه وكان عليه الصلاة والسلام يحب الاستيقاظ باكرًا ويبدأ بشؤون الدعوة وبإرسال الرسل وبتهيئة الدعاة وبنشر الدين وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك من مهمات الأمور منذ الصباح الباكر. وكان عليه الصلاة ينام أحيانًا نومة خفيفة في النهار، فكان يقيل أي من القيلولة هذه القيلولة كانت تساعد النبي عليه الصلاة والسلام على قيام الليل. وكان نبينا عليه الصلاة والسلام ينام على فراش فيه من الزهد ما فيه فقد دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم إلى حجرة نبينا عليه الصلاة والسلام وكان نبينا عليه الصلاة والسلام قد نام على حصير وكان لا يلبس إلا الإزار، والإزار هو كما يلبس المحرم في الحج الثوب الأسفل فكان رسول الله ﷺ يلبس الإزار فدخل عمر بن الخطاب فشد رسول الله ﷺ إزاره وهذا فيه من كمال الستر ما فيه وقعد النبي عليه الصلاة والسلام وقد أثَّر الحصيرُ في جنبه الشريف وصار عمر بن الخطاب ينظر إلى فراش النبي ورأى أن النبي عنده شيء من الشعير بقدر صاع وعنده أشياء فيها من الزهد ما فيها من المبالغة فصار يبكي فقال رسول الله ﷺ: “ما يبكيك يا عمر” فقال أبكي لما أرى يا رسول الله أنت رسول الله وأنت حبيب الله وهذه خزانتك هذه غرفتك وقيصر ملك الروم وكسرى ملك الفرس في أنهارهما وثمارهما قال رسول الله: “يا عمر أما ترضى لنا الآخرة ولهم الدنيا” هذا حبيبنا رسول الله ﷺ ما كان يسعى في راحة الفراش وفي راحة الوسادة وفي راحة النوم بل كان يحب عليه الصلاة والسلام أن يُكثر من العبادة. وقد نام النبي ﷺ قبل أن يوتر يعني قبل أن يصليَ الوتر قالت يا رسول الله تنام قبل أن توتر فقال يا عائشة تنام عيني ولا ينام قلبي ومعنى ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام جعل الله قلبه يقظًا للخير وللعبادة ولذلك فإنه يسن لمن يعرف من نفسه أنه يستيقظ قبل الفجر أن يُؤخِّر الوتر لما بعد قيام الليل وأما من كان يظن من نفسه أنه إن نام لا يستيقظ إلا عند الفجر أو بعده فيوتر قبل النوم حتى لا يفوِّت على نفسه سُنة الوتر. وقد ورد عن نبينا عليه الصلاة والسلام أورادٌ كثيرة أن الإنسانَ إذا أصابه أرق ومعنى الأرق عدم النوم عجز عن النوم بسبب شيء مثلا فيقول:”اللهم غارت النجوم وهدأت العيون وأنت حيّ قيّوم لا تأخذك سنة ولا نوم يا حيّ يا قيّوم أهدِئ ليلي وأنِم عيني”. وكذلك ورد عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه إذا أوى إلى فراشه قال: “سبحانك اللهم ربي بك وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكتَ نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظُ به عبادك الصالحين”. وبذلك يكون الإنسان قد سأل الله تعالى قبل نومه أنه إن مات أسألك اللهم أن تغفرَ ذنبي. نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا الاتباع الكامل لنبينا عليه الصلاة والسلام في منامنا وفي سائر أحوالنا ومعاشنا.